تحليل شامل لمبادرات وقف الحرب في السودان ومواقف الأجنحة السياسية
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
الصراع في السودان لا ينفصل عن تعقيدات السياسة الداخلية وتنافس القوى المختلفة على السلطة والنفوذ. منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، ظهرت العديد من المبادرات التي تهدف إلى إنهاء النزاع وتحقيق الاستقرار السياسي. ورغم تعدد الأطراف السياسية واختلاف رؤاها، فإن الانتقال الديمقراطي ظل القضية المحورية لجميع المبادرات.
تحليل المواقف والتسلسل التاريخي للمبادرات
ومع بداية النزاع في أبريل 2023، سعى الاتحاد الإفريقي والإيقاد إلى احتواء الأزمة من خلال مبادرة تضمنت وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية، مع إطلاق حوار شامل يجمع كافة الأطراف السودانية. هذه الجهود مثلت الخطوة الأولى في محاولة لتهدئة الأوضاع، لكنها اصطدمت بغياب أدوات ضغط فعالة على الأرض، مما قلل من تأثيرها.
في مرحلة لاحقة، تدخلت الرباعية الدولية المكونة من السعودية والإمارات والولايات المتحدة والمملكة المتحدة بمبادرة تضمنت مفاوضات جدة التي ركزت على التهدئة وفرض وقف إطلاق نار مؤقت، مع دعم مسار سياسي يهدف إلى إصلاح الجيش السوداني. ورغم قوة الدعم السياسي والمالي الذي تتمتع به هذه الدول، إلا أن المبادرة واجهت صعوبات بسبب تعقيدات المصالح الإقليمية والدولية.
على الصعيد المحلي، أطلقت قوى الحرية والتغيير مبادرة تستهدف استعادة الحكم المدني من خلال تشكيل حكومة انتقالية تمثل الشعب السوداني. هذه المبادرة ركزت على توحيد الجيش وخروج العسكر من السياسة، لكنها ظلت محدودة التأثير بسبب غياب القوة التنفيذية والميدانية. في الوقت ذاته، ظهرت مبادرات لجان المقاومة التي دعت إلى حوار سوداني-سوداني شامل مع التركيز على العدالة الانتقالية واستعادة الحكم المدني. ورغم أن هذه المبادرات تتمتع بمصداقية شعبية كبيرة، إلا أنها تعاني من ضعف الدعم الرسمي وغياب الهيكلية التنظيمية القوية.
في السياق ذاته، ظهرت مبادرات من القوى الداعمة للجيش التي دعت إلى حسم النزاع عسكريًا أو التوصل إلى تسوية سياسية تضمن استمرار الجيش كفاعل رئيسي في السلطة. على النقيض، ركزت القوى الداعمة للدعم السريع على شرعنة وجوده كجزء من المنظومة الأمنية السودانية مع ضمانات لقيادته السياسية. ومع ذلك، واجهت هذه المواقف صعوبة في القبول الشعبي والسياسي نتيجة الانتهاكات المرتبطة بالصراع.
مع تصاعد الأوضاع، بدأ التباين بين مواقف الأجنحة السياسية يتضح بشكل أكبر. قوى الحرية والتغيير ظلت مصرة على استعادة الحكم المدني كشرط أساسي لأي تسوية سياسية، بينما لجان المقاومة دعت إلى إنهاء الحرب وبدء عملية سياسية شاملة تمثل جميع السودانيين. الجيش السوداني رأى نفسه الضامن الوحيد لوحدة السودان واستقراره ودعا إلى إنهاء الدعم السريع كقوة مستقلة، في حين سعت قوات الدعم السريع إلى الاعتراف بشرعيتها كجزء من المشهد السياسي والأمني. أما القوى الإسلامية، فقد تحركت بناءً على براغماتية سياسية، مما جعلها طرفًا غير موثوق به لدى غالبية القوى المدنية.
على المدى القصير، تبدو المبادرات الدولية مثل الرباعية واتفاق جدة أكثر قدرة على تحقيق وقف إطلاق النار بسبب قدرتها على فرض ضغوط سياسية ودبلوماسية. ومع ذلك، فإن المبادرات المحلية التي تركز على حل شامل مثل مبادرة الحرية والتغيير ولجان المقاومة توفر رؤية واقعية لإنهاء الأزمات البنيوية في السودان على المدى الطويل، لكنها تحتاج إلى دعم دولي وإقليمي قوي.
نحو حل شامل
إن حل الأزمة السودانية لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تضافر الجهود المحلية والدولية لتحقيق سلام مستدام. المطلوب هو إطار شامل يركز على وقف فوري لإطلاق النار، معالجة الكارثة الإنسانية، بدء حوار شامل يشمل جميع القوى السودانية، وإعادة بناء المؤسسات المدنية والعسكرية بما يضمن التحول الديمقراطي. ورغم صعوبة الواقع، فإن الإرادة الشعبية تبقى العامل الحاسم في تحقيق هذا التحول. أي مبادرة لا تأخذ في الحسبان تطلعات السودانيين بالحرية والسلام والعدالة ستظل مجرد محاولة فاشلة في مسار مليء بالتعقيدات.[
[email protected]
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
حاكم دارفور يحدد خطوات لإنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة
حاكم دارفور مني أركو مناوي وضع “إعادة زمام الأمور إلى أهل السودان عبر رفع يد الإمارات تمامًا” على رأس مطلوبات إنهاء الحرب.
بورتسودان: التغيير
قال حاكم إقليم دارفور، رئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي، إنه لإنهاء الحرب في البلاد، وإعادة بناء الدولة على أسس سليمة، هناك سبع خطوات يجب اتباعها والالتزام بها، مع فتح الباب للحوار مع كل من كانت لهم مصالح مشتركة مع السودان.
وتطاول أمد الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ ابريل 2023م، ما دفع حركات دارفور التي كانت التزمت الحياد في البداية إلى الاصطفاف مع أحد الطرفين، واختار مناوي رفقة بعض الحركات الانحياز لجانب الجيش.
الإمارات والدعم السريعوقال مناوي في كلمة وجهها للشعب السوداني- تزامناً مع وقفات لدعم الجيش في عدد من الولايات اليوم السبت- إنه من أجل إنهاء الحرب التي وصفها بـ”الظالمة التي فرضت علينا”، يجب الالتزام أولاً بـ”إعادة زمام الأمور إلى أهل السودان، عبر رفع يد الإمارات تمامًا، وإنهاء تواجدها في أرضنا، أجوائنا، وبحرنا”، وثانياً طرد عناصر الدعم السريع من المناطق السكنية، المدارس، المستشفيات، والمرافق العامة، وإخلاء الطرق الرئيسية المؤدية إلى المدن والأسواق ورياض الأطفال، حتى تعود الحياة إلى طبيعتها”- حسب تعبيره.
وأشار إلى أن الأمر الثالث هو “إعادة تسليم المعابر الدولية والحدود والمطارات إلى السلطة الشرعية، لمنع أي خرق أو انتهاك لسيادة السودان”، والرابع “إطلاق سراح جميع المختطفين، وإعادة فتح سجون الدعم السريع أمام الصليب الأحمر الدولي، لضمان حقوق المعتقلين”.
ومضى مناوي إلى القول إن الأمر الخامس هو “فض الارتباط بكل المرتزقة الذين جلبتهم دول العالم، سواء من الخارج أو من الداخل”، والسادس “جمع المقاتلين السودانيين في أماكن محددة من أجل ترتيب إجراءات الهدنة وتوفير الفرصة للسلام”، والأمر السابع “محاسبة كل من ارتكبوا جرائم الإبادة الجماعية، وفي مقدمتهم قادة الدعم السريع (تأسيس)، وكل من كان لهم يد في تدمير السودان”- حسب وصفه.
الاحترام المتبادلوقال مناوي مخاطباً السودانيين: “أيها الشعب، بهذه الخطوات نعيد بناء دولتنا على أسس متينة، ونفتح الباب للحوار مع كل من كانت لهم مصالح مشتركة مع السودان، في بيئة من الاحترام المتبادل، حيث لا مجال لاستغلال إرادتنا”.
وذكر مناوي في خطابه للسودانيين: “لقد فرضت عليكم قوى الشر معركة لا ناقة لكم فيها ولا جمل، فكنتم أنتم المدافعون عن كرامتكم، أرضكم، وتاريخكم، بكل شجاعة وعزيمة”.
وأضاف: “أيها الشعب السوداني العظيم، أنتم اليوم في صدارة العالم الثالث في تعريف الديمقراطية وإدارة التعدد والتنوع، وفي معركة إنسانية كبيرة عكست كل القيم الإنسانية”.
وتابع مناوي: “لقد أصبحتم أساتذة في مجالكم، قادة في شتى الميادين، من أطباء إلى تجار، من مفكرين إلى كتاب، وأبناء شعبكم من صنعوا أمجاد الأمم”.
الوسومإعادة بناء الدولة إنهاء الحرب الإمارات الجيش السوداني الحرب السودان المعتقلات حركة جيش تحرير السودان قوات الدعم السريع مني أركو مناوي