كانت الأشهر الـ12 الماضية، حافلة بالأحداث والتطورات بالنسبة لمجال الذكاء الاصطناعي، فقد شهد العام الماضي، إطلاق عدد من المُنتجات والأدوات الناجحة التي حققت طفرات هائلة في جميع المجالات.

وعلى الرغم من ذلك، لم تكن الأمور دائماً سلسة، فمن برامج المحادثة الآلية التي تقدم نصائح غير قانونية إلى نتائج البحث المشبوهة، نستعرض أكبر إخفاقات الذكاء الاصطناعي في 2024، وفقاً لما نشره موقع "MIT Technology Review".



انتشار فيروسي فوضوي

مع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي (Gen- Ai)، وانتشاره في كل ركن من أركان الإنترنت عبر النصوص والصور ومقاطع الفيديو وأنواع أخرى من المواد المولدة اصطناعياً، والتي لا تستغرق سوى بضع ثوانٍ حتى يتمكن النموذج الذي تختاره من إخراج نتيجة بمجرد إدخال مطالبة، فقد أصبحت هذه النماذج طريقة سريعة وسهلة لإنتاج المحتوى على نطاق واسع.

"الخرف الرقمي".. نتائج تقلب الموازين حول قدرات الذكاء الاصطناعي - موقع 24في الوقت الذي يتحدث فيه خبراء التكنولوجيا وصناعها عن القدرات الهائلة لنماذج الذكاء الاصطناعي، لا سيما برامج الدردشة الآلية وإمكانية إحلالها محل الأطباء البشريين في القريب العاجل، أظهرت دراسة حديثة اتجاهاً مُخالفاً كلياً حولها، وضعفاً إدراكياً مشابهاً لأعراض "الخرف المُبكر/ الشيخوخة" لدى ...

ورغم الإتاحة وانتشار الوسائط على نطاق واسع، إلا أن جودتها كانت "رديئة"، ما خلق حالة من فوضى الذكاء الاصطناعي.

تحريف توقعاتنا للأحداث الحقيقية

تميز العام الماضي، بتسرب تأثيرات صور الذكاء الاصطناعي السريالية إلى حياتنا الحقيقية، ومنها تجربة ويلي للشوكولاته - وهي حدث غامر غير رسمي مستوحى من رواية "تشارلي ومصنع الشوكولاته" لروالد دال.

غمر الحادث عناوين الأخبار في جميع أنحاء العالم في فبراير (شباط)، بعد أن أعطت مواد التسويق التي أُنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي للزوار الانطباع بأنها ستكون أعظم بكثير من المستودع المزخرف بشكل بسيط الذي أنشأه منتجوها.

التلاعب بالنوايا..اتهام الذكاء الاصطناعي بالتلاعب - موقع 24وفقًا للباحثين في جامعة كامبريدج، يمكن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي للتلاعب بالجمهور عبر الإنترنت لحملهم على اتخاذ القرارات، بدءاً من ما يجب شراؤه إلى من يجب التصويت له.

وبالمثل، اصطفّ مئات الأشخاص في شوارع دبلن لحضور عرض "هالوين" لم يكن موجوداً، إذ استخدم موقع ويب، مقره باكستان، الذكاء الاصطناعي، لإنشاء قائمة بالأحداث في المدينة، التي تمّت مشاركتها على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل 31 أكتوبر (تشرين الأول)، وهو عيد "الهالوين".

كلا الحدثين السابقين يوضحان كيف يمكن للثقة العامة بالمواد التي أُنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي عبر الإنترنت، أن تعود إلى مطاردتنا والتأثير علينا.

صور مُزيفة

لمنع المستخدمين من إنشاء محتوى عنيف وصريح وغير قانوني وأنواع أخرى من الوسائط الضارة، وضعت مولدات الصور بالذكاء الاصطناعي، قواعد "حواجز" تملي ما يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي فعله وما لا يمكنها فعله، بجانب دورها في حماية الملكية الفكرية.

خاص 24.. كيف يُمكن الاحتيال على النجوم عبر الذكاء الاصطناعي؟ - موقع 24حالة من الجدل، أثارها تسجيل صوتي "مُفبرك" منسوب إلى الفنان اللبناني راغب علامة والإماراتي عبدالله بالخير، على منصات التواصل الاجتماعي، بسبب ما قيل إنه مساس بحسن نصرالله، وإهانة برموز سياسيين.

إلا أن مساعد "غروك Grok"، الذي صنعته شركة الذكاء الاصطناعي التابعة لإيلون ماسك "xAI"، تتعمد تجاهل كل هذه المبادئ تقريباً بما يتماشى مع رفض ماسك ما يسميه "الذكاء الاصطناعي المتيقظ".

في هذا السياق، انتشرت صور مزيفة جنسية صريحة للفنانة تايلور سويفت على الإنترنت، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وقد خدع أفراد مسجلون في "تلغرام" برنامج إنشاء الصور "AI Designer" من "مايكروسوفت" لإنشاء صور فاضحة؛ مما يوضح كيف يمكن التحايل على الحواجز الأمنية حتى عندما تكون موجودة.

من الوكلاء إلى الهلوسات.. هكذا تطور الذكاء الاصطناعي في 2024 - موقع 24شهد عام 2024 تطورات بارزة في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة في نماذج اللغة التي أصبحت أكثر دقة وكفاءة؛ فمن النماذج الصغيرة ذات القدرات المذهلة إلى معالجة الهلوسات وصولاً إلى ظهور وكلاء الذكاء الاصطناعي، يبرز هذا العام بوصفه نقطة تحول كبيرة في هذا المجال.

فرض هذا الأمر تحدي كبير، وهو عجزنا على محاربة المواد الإباحية المزيفة، في حين أن أدوات وضع العلامات المائية وتسميم البيانات يمكن أن تساعد، إلا أنها ستحتاج إلى تبنيها على نطاق أوسع بكثير لإحداث فرق.

برامج الدردشة

باتت شركات التكنولوجيا تتسابق لتبني أدوات توليدية لتوفير الوقت والمال، وتعظيم الكفاءة في الوقت الحالي، والمشكلة هي أن برامج الدردشة الآلية تخترع أشياء، ولا يمكن الاعتماد عليها لتزويدنا دائماً بمعلومات دقيقة.
كمثال على ذلك، فقد اكتشفت الخطوط الجوية الكندية أن نصائح برنامج الدردشة الآلية الخاص بها، قد خدع أحد العملاء باتباع سياسة استرداد الأموال في حالات الحزن التي لم تكن موجودة.

لجميع التطبيقات.. خطوات منع الذكاء الاصطناعي من استخدام بياناتك - موقع 24مع تزايد انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح الاعتماد عليها آخذاً في التزايد أيضاً، إذ باتت عنصراً رئيسياً في الدراسة والعمل وغيرها من مجالات الحياة المختلفة، لكن الشيء الذي يجب أخذه في الحسبان عند التعامل مع هذه الأدوات هو أنهم يستخدمون المدخلات البشرية لمواصلة تدريب نماذجهم الأساسية.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أيّدت محكمة المطالبات الصغيرة الكندية الشكوى القانونية للعميل، رغم تأكيد شركة الطيران أن برنامج الدردشة الآلية كياناً قانونياً منفصلاً مسؤولاً عن أفعاله الخاصة.

أدوات فاشلة

رغم الأدوات الهائلة التي ظهرت في ظل هذا التطور التكنولوجي إلا هناك برامج أثبتت فشلها وانتكاستها، ومنها أداة شركة "Humane" التي سعت للترويج إلى "Ai Pin"، وهو كمبيوتر يمكن ارتداؤه، ولكنه فشل في تعزيز المبيعات الضعيفة حتى بعد خفض سعره.

ميزة جديدة بالذكاء الاصطناعي تثير مخاوف مستخدمي آبل - موقع 24أثارت شركة آبل جدلًا واسعاً بعد إطلاقها ميزة جديدة في تطبيق الصور تُعرف باسم "البحث البصري المُحسّن" "Enhanced Visual Search".

كما لاقى "Rabbit R1" - وهو جهاز مساعد شخصي قائم على "جي بي تي" مصيراً مماثلاً، بعد سلسلة من المراجعات النقدية والتقارير التي تفيد بأنه بطيء ومليء بالأخطاء.

بحث خاطئ

ونظراً لأن أنظمة الذكاء الاصطناعي لا يمكنها معرفة الفرق بين قصة إخبارية صحيحة فعلياً ومنشور لنكتة على "Reddit"، فقد تسابق المستخدمون للعثور على أغرب الاستجابات التي يمكن أن تولّدها ميزة AI Overviews من "غوغل" القائمة على الذكاء الاصطناعي.

"أرجوك توقف".. رجل يتوسل إلى الذكاء الاصطناعي بعد مقاطع مزعجة - موقع 24نشر أحد المؤثرين مقطع فيديو يتوسل فيه للذكاء الاصطناعي ومستخدميه، التوقف عن تشكيل مقاطع لحيوانات تتحول من أو إلى طعام.

كما أدت ميزة جديدة في "آيفون"، تقوم على تجميع إشعارات التطبيقات معاً وتُنشئ ملخصات لمحتوياتها، إلى ظهور عنوان إخباري زائف على قناة "بي بي سي نيوز"، حيث ذكر الملخص كذباً أن لويجي مانجيوني، الذي اتُّهم بقتل الرئيس التنفيذي لشركة التأمين الصحي برايان تومسون، قد أطلق النار على نفسه.

الخطر هنا أن هذه الملخصات يمكنها نشر معلومات مضللة وتقويض الثقة في المؤسسات الإخبارية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الذكاء الاصطناعي الذكاء الاصطناعي التوليدي غوغل غوغل الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا الذکاء الاصطناعی الدردشة الآلیة على نطاق

إقرأ أيضاً:

مستقبل مراكز مصادر التعلّم في ظل الذكاء الاصطناعي

 

 

خميس بن سعيد بن سالم الحربي

k.s.s.alharbi@moe.om

 

في إحدى المرات استوقفتني عبارة وردت في كتاب يتحدَّث عن مكتبات المُستقبل "انظر جيدًا قبل عبور الشارع ثم انطلق"، ورغم بساطتها، إلّا أنني أراها تجسد جوهر المرحلة التي نعيشها اليوم في مراكز مصادر التعلّم؛ فقبل أن نعبر نحو المُستقبل، علينا أن نتأمل واقعنا بصدق، ثم نخطط بحكمة، لننطلق بثقة في عالم يتغير بسرعة غير مسبوقة في ظل ثورة الذكاء الاصطناعي.

لقد شهد العالم تحولات جذرية في مفهوم المكتبات ومراكز مصادر التعلّم؛ فلم تعد هذه المراكز مجرد أماكن لتخزين الكتب، بل أصبحت فضاءات معرفية رقمية، ومنصات للتعلم الذاتي، والتفكير النقدي، والإبداع، وبناء مهارات المستقبل، ومع ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT وغيرها، أصبح الوصول إلى المعلومة أسرع من أي وقت مضى؛ مما يفرض على هذه المراكز إعادة ابتكار دورها، بدلًا من التمسك بنموذجها التقليدي، كما يخشى البعض أن تصبح مراكز مصادر التعلّم كيانًا قديمًا مع تراجع استخدام المصادر الورقية وازدياد الاعتماد على المصادر الرقمية، وهذا الخوف وإن كان مشروعًا قد يدفع صناع القرار إلى التقليل من أهمية هذه المراكز، مما قد يؤدي إلى تراجع مستوى الدعم، وضعف توفير الكوادر المتخصصة، وتقليص الاستثمارات في تطويرها ومع ذلك، فإنَّ الخطر الحقيقي لا يكمن في التكنولوجيا ذاتها، بل في الجمود وعدم القدرة على التكيف معها.

من وجهة نظري.. فإنَّ المستقبل لن يُطيح بمراكز مصادر التعلم؛ بل سيُعيد تشكيلها، فلن يبقى أخصائي مصادر التعلم مجرد مسؤول عن الكتب والأجهزة؛ بل سيصبح واضعًا لسياسات استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وحارسًا لأخلاقيات المعلومات، ومحفزًا على الابتكار، وموجهًا للطلبة في مواجهة الانتحال والابتزاز الإلكتروني، وشريكًا في بناء عقلية رقمية ناقدة وواعية.

كما إنَّ الدور القادم لأخصائي مصادر التعلم هو دور قيادي، وتربوي، وثقافي، وليس تقنيًا فحسب؛ فالمعرفة اليوم متاحة للجميع، لكن القدرة على التمييز بين الموثوق والمضلل، وبين الإبداع والنسخ، وبين التفاعل والتشتت، هي المهارة الحقيقية التي ينبغي أن نغرسها في الأجيال.

تُظهر العديد من الدراسات أنَّ وجود برامج مكتبية قوية تدار من قبل أمناء مؤهلين يسهم في رفع معدلات القراءة والكتابة والنجاح الأكاديمي وفي المقابل، تكشف بيانات عامي 2021-2022 في الولايات المتحدة أن 35% من المناطق التعليمية لا يوجد فيها أمين مكتبة مدرسي، وأن 35% أخرى تعتمد على أمين بدوام جزئي فقط، مما يؤثر سلبًا على أكثر من 12 مليون طالب، حيث إن هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل هي رسالة تحذيرية واضحة حين نتجاهل مراكز مصادر التعلم، فإننا ندفع الثمن تربويًا وثقافيًا.

الحقيقة أننا أمام مفترق طرق: إما أن نعيد تشكيل مراكز مصادر التعلم لتصبح بيئات رقمية مبتكرة تقود التغيير، وإما أن نتركها تتراجع حتى تتحول إلى مساحة مهجورة لا قيمة لها في العملية التعليمية ولا يتفاعل معها أحد، كما إن الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا؛ بل فرصة لبناء جيل باحث، ناقد، مبدع، يمتلك أخلاقيات رقمية، ويستخدم التقنية بوعي ومسؤولية.

** مشرف مصادر التعلم بالتربية والتعليم

 

مقالات مشابهة

  • العلماء يفقدون الثقة بالذكاء الاصطناعي رغم تزايد استخدامه
  • مستقبل مراكز مصادر التعلّم في ظل الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي.. من الإبداع إلى الخداع
  • تقرير عالمي يكشف ما الذي يسيطر على مشاعر الأردنيين
  • «هاكاثون» لتطوير الذكاء الاصطناعي في طب العيون
  • وزير الاتصالات: الذكاء الاصطناعي أداة للتعليم والمعلم يظل البوصلة التي توجه المستقبل
  • 7 فرص لغرف الأخبار في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي.. ما الذي يريده الجمهور؟
  • دراسة: معظم الناس يواجهون صعوبة في التفريق بين الأصوات البشرية وتلك التي يولدها الذكاء الاصطناعي
  • كيف يمكن أن تتفوق الصين في سباق الذكاء الاصطناعي؟
  • إطلاق أول ماجستير مهني في الذكاء الاصطناعي بالرعاية الصحية في جامعة الجلالة