في العيد التاسع والستين لاستقلال المؤسسات السودانية من قبضة المستعمر البريطاني، وللمفارقة، يأتي علينا هذا العيد والدولة السودانية تخوض حربًا ضروسًا لتحقيق استقلالها من تبعية المشروع الإماراتي الذي يستهدف الهوية والثروات الوطنية.حرب قدّر فيها الله سبحانه وتعالى أن تنتصر فيها الإرادة والإمكانات الوطنية المحدودة على الإمكانات البترولية المهولة، التوحد على التقسيم الجهوي والإثني والطبقي، التلاحم على التفكيك، والعقيدة على الارتزاق.

حرب امتيازات خاضتها مليشيا آل دقلو الإرهابية، مسنودة بغطاء سياسي هلامي تستمد ألقها من أطراف ثقيلة إقليميًا ودوليًا، ضد إرادة الشعب السوداني وجيش شموخه زهاء المئة عام.نحتفي ونفاخر بالمؤسسة العسكرية السودانية جيشًا وأمنًا وشرطةً وقوةً مشتركة من أطراف السلام، والمستنفرين طواعية، والمقاومة الشعبية، بتعبيدهم لطريق الاستقلال الحقيقي ورصفهم لدروب النضال استكمالًا لما قام به الآباء المؤسسون للجمهورية السودانية الحديثة. فالاحتفاء هنا بعظمة وتاريخ نضالات المؤسسة العسكرية عبر التاريخ، وما أشبه نضالات الماضي بالحاضر.فما فعله الملازم أول علي عبد اللطيف في شوارع الخرطوم عام 1925 كرره أبطال الجيش في انحيازهم للشعب عام 2019، وكرره الشهيد بإذن الله النقيب محمد صديق عام 2024 في محور الجيلي.وما فعله عبد الفضيل ألماظ عام 1925 في شوارع الخرطوم يشابه ما قام به أبطال الجيش في شوارع وأزقة بحري الحبيبة، وهم يطهرون أرضها ضمن كتائب الجيش.وهناك آلاف الأمثلة لأبطال القوات المسلحة الذين يثبتون يومًا بعد يوم أن هذه الأمة السودانية العريقة حاضرها يجسد ماضيها، بل يفوقه رونقًا وطيبًا وعبقًا. ومستقبلها بإذن الله أخضر، بدون لصوص ومرتزقة أسرة دقلو.تأتي ذكرى الاستقلال المجيد هذا العام وشعبنا يشهد بشائر النصر القريب في كل المحاور، على تلك الطرق التي شقها الأبطال بالعرق والدم، حيث سطروا فيها أروع الملاحم والبطولات. ليلتقي الأبطال بعد الرباط في الحصار، ويعيدوا إلى الأذهان قول: “التقى جيل البطولات بجيل التضحيات.”مساحة ضمت بعض الكرام الذين مضوا شهداء أتقياء، لنسترجع معًا: “التقى كل شهيد قهر الظلم ومات بشهيد لم يذل، يبذر في الأرض بذور الذكريات.”ليردد الشعب العظيم وجيشه معًا: “أبداً ما هنت يا سوداننا يوماً علينا.”ونلتقي بعد هذه المحنة سوياً لنردد: “فرحة نابعة من كل قلب يا بلادي.”الاحتفاء الحقيقي بالقوات المسلحة السودانية يكمن في دورها العظيم وتضحيات أبنائها الأجلاء لتحقيق الاستقلال وفرض السيادة التامة دفاعًا عن الأرض والعرض، وفي كونها ذات تاريخ عريق حافل بالإنجازات ونماذج الفداء والتضحية، وغني بالشواهد والمواقف التي تثبت قدرتها على مواجهة التحديات الماثلة. وذلك من خلال الاستفادة من خبرات منسوبيها السابقين أصحاب التجارب الثرية، وليس فقط احتفاءً بمرور سبعين عامًا على تعيين قائدها العام.فالجيش السوداني، وفقًا للتعريف الغربي الحديث للجيوش، يقترب من مئويته الأولى بعد بضعة شهور. أما وفقًا للتعريف التقليدي والقديم للجيوش، فإن تاريخ الجيش السوداني يعود إلى ما قبل اكتشاف الأمريكتين ورحلات فاسكو دا غاما وصمويل بيكر بحوالي قرنين من الزمان. لذا، فإن تاريخ الجيش السوداني بشكله التقليدي القديم ربما يوازي تاريخ أقدم الجيوش في العالم.لقد حاول المؤرخون أن يستبدلوا الحقيقة التاريخية المتعلقة بدور القوات المسلحة في الاستقلال بأدوار هامشية وبتفسيرات تاريخية مختزلة حول تكوينها وإنشائها، ولكن التاريخ الحقيقي يكشف عن أدوارها المتعاظمة. بداية بالشكل الحديث بجمعية اللواء الأبيض بقيادة طلبة المدرسة الحربية ومن ثم نضالات ضباط القوات المسلحة وسودنة الوحدات (قيادة سودانية)، ومن ثم المشاركة في الحرب العالمية الثانية إلى جانب جيوش كبيرة بعد أن وقعت قيادة قوة دفاع السودان اتفاقًا مع الجانب البريطاني يضمن تحقيق الاستقلال التام نظير وقوفها بجانب الحلفاء في الحرب.وجاءت خطوة سودنة القوات المسلحة في 14 أغسطس 1954 بتعيين أول قائد عام للجيش السوداني بمسماه الحالي، الفريق أحمد محمد حمد الجعلي، الذي تولى قيادة الجيش بكافة وحداته وفروعه. ومن هنا أصبح الاستقلال مسألة وقت ليس إلا، وتم الإعلان عنه من داخل البرلمان في 19 ديسمبر 1955، ليُرفع العلم السوداني في 1 يناير 1956.القوات المسلحة شريك أصيل في تحقيق الاستقلال وإنفاذه، وهي صاحبة القدح المعلى والدور البارز في جلاء المستعمر.مئة عام من الفداء.مئة عام من النضال.مئة عام من الصمود.إعلام القوات المسلحة إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: القوات المسلحة

إقرأ أيضاً:

تحرير الخرطوم.. هل اقتربت نهاية الميليشيات؟.. باحث يوضح

قال الباحث والخبير في العلاقات الدولية، ياسين الحمد، إن الجيش السوداني أعلن مؤخرًا عن اكتمال استعادة ولاية الخرطوم وتطهيرها من أي وجود لعناصر قوات الدعم السريع في أعقاب سيطرته على القصر الجمهوري بالعاصمة أواخر مارس الماضي، مضيفا أنه جاء في بيان مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية أن قوات الجيش بكل مكوناتها تواصل أداء واجبها في قتال قوات الدعم السريع وأعوانها وداعميها من قوى الشر المحلية والإقليمية والدولية، مشيرًا إلى أن الجيش يحقق الانتصارات يوما بعد الآخر.

استعادة الخرطوم.. والجيش يعلن تطهير العاصمة بالكامل

وأضاف الحمد، أن القوات المسلحة والقوات الحليفة لها تتقدم بخطى ثابتة في ولاية كردفان محققة انتصارات بعد فترة طويلة من الانتكاسات وخسارة بعض الولايات والمدن الاستراتيجية لصالح قوات الدعم السريع، التي كانت تسيطر على العاصمة منذ الأيام الأولى للحرب، بل وتقدمت نحو شرق البلاد قبل تنفيذ الجيش لعدة هجمات ناجحة ساهمت في قلب المعطيات واستعادة المبادرة.

تقدم نحو كردفان ودارفور.. وقلب موازين المعركة

وتابع الحمد، أنه خلال لقاء مع الفريق أول بخيت سليمان كوكو بخيت، قائد أول الجبهة الأولى للضباط الميدانيين في الجيش الشعبي والحركة الشعبية لتحرير السودان - جناح مالك عقار، أكد على اقتراب التحرير الكامل وعودة سيادة الدولة على جميع ولايات السودان، حيث قال: "كل القوات سوف تتجه إلى تحرير مدينة الفولة عاصمة ولاية غرب كردفان ثم غربا لتحرير كل مدن دارفور مثل الضعين ونيالا وزالنجي وكبكابية والجنينة والفاشر وسوف تكون مدينة الفاشر مركزا للعمليات العسكرية الحربية الاستراتيجية في دارفور".

جدول زمني لعودة الحكومة إلى الخرطوم

وأكمل الحمد: "الفريق بخيت قدّر الفترة اللازمة لعودة الحكومة السودانية إلى مقراتها في الخرطوم بقرابة الشهرين، وذكر أيضا أن القوات المسلحة والقوات المشتركة وقوات المقاومة الشعبية المسلحة الآن تم حشدها في دارفور للهجوم على المدن المحتلة وتحريرها بالكامل بالعمليات العسكرية الحربية الاستراتيجية العليا.. معلقا على الأوضاع في الفاشر الإستراتيجية في ظل الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على المدينة منذ مدة طويلة، أكد الفريق أول أن الدعم الأجنبي لميليشيا الدعم السريع القادم من كل من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وإحدى بعض الدول العربية بالمال والسلاح النوعي، هو الذي أطال أمد الحرب لأكثر من عامين".

حصار الفاشر ودعم خارجي للميليشيات

واستطرد الحمد: "الفريق بخيت أشار إلى أن المهنية والخبرة العسكرية وفن الحرب والتكتيك القتالي الاستراتيجي العالي للجيش السوداني تغلب على كل هذه التحديات بكفاءة قتالية متمرسة منقطعة النظير.. وأنه فيما يخص الهجمات بالمسيرات التي تعرضت لها بورتسودان مؤخرا، قال تعرضت مدينة بورتسودان مؤخرًا لهجمات بطائرات مسيرة، بمشاركة دول مثل أمريكا وإسرائيل وأوكرانيا وإحدى بعض الدول العربية، حيث استخدمت طائرات متطورة، ويبدو أن هذه الميليشيات حصلت على دعم خارجي وتقنيات لم تكن تملكها سابقًا، وهذا يشير إلى وجود تدريب متخصص".

ونوّه إلى أن الأهداف من الهجمات شملت تدمير منشآت استراتيجية مثل المطار والميناء وخزانات الوقود والمياه، وقطع طرق الإمداد العسكري والمدني، بهدف السيطرة على المدينة والقضاء على الحكومة السيادية، مؤكدا على أن التدخل الخارجي والهجمات النوعية مثل التي حدثت في بورتسودان ليست بجديدة، حيث تعرضت عدة مناطق طوال الشهور الماضية إلى هجمات، منها سد مروي وعطبرة وأمدرمان وكسلا وكوستي وكنانة، وهذا ما أثار الشكوك حول تواجد المرتزقة والخبراء الأجانب ضمن صفوف الدعم السريع.

وأكد الحمد أن الفريق أول بخيت أرجع سبب تعدد الهجمات الأخيرة إلى الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة، وإلى مؤامرة عالمية، بدعم من خبراء أوكرانيين وكولومبيين وبعض إحدى الدول العربية، حيث قال: "كان هناك كميات كبيرة من الأسلحة، خصوصًا الأمريكية، هذا يعني أن هناك هجمات متعددة من دول مختلفة دعمت الميليشيات".

وأشار إلى أن الفريق أول بخيت سليمان علق على فرص استئناف المفاوضات مع "الدعم السريع" نافيًا وجود أي بوادر للعودة إلى طاولة المفاوضات في الوقت الحالي، واتهم الميليشيات بإفشال جميع الاتفاقيات السابقة، حيث أكد أنهم اخترقوا بنود اتفاقية جدة رغم صدق القوات المسلحة في التنفيذ، وبأنهم قاموا كذلك باستغلال الهدن التي تم التوقيع عليها في جدة وأدخلت السلاح عبر سبل غير شرعية وأبدعت في فنون الجريمة المنظمة.

أما بخصوص الكيانات السياسية السودانية، والمبادرات التي تقدمها لوقف الحرب، وجه بخيت لها انتقادات شديدة اللهجة، وأكد أن " تنسيقية صمود ومن قبلها تقدم وقوى الحرية والتغيير، كلها واجهات للميليشيات وللقوى الأجنبية ولا علاقة لها بالشعب السوداني، وهي غير واثقة في نفسها حتى، والدليل على ذلك تعدد الأسماء لكي تجد موطئ قدم، ولكننا ضيقنا عليهم الخناق وقد نبذهم الشعب بأكمله.

وأكد أن الفريق بخيت أشار إلى أننا لا ننظر إلى تنسيقية صمود بقيادة عبد الله حمدوك كقوة سياسية مستقلة تمثل مصالح الشعب السوداني، بل هي قوة مبتذلة لا رؤية لها تعمل بمصالحها الشخصية وتحمل أوراقًا ثبوتية أجنبية تعمل لصالح دولها، وبالتالي هي قوة صفرية لا تأثير لها في الأوساط السودانية وستفشل في تنفيذ مصالحها لأنها تخدم مشروعًا مستوردا دفعت فيه أمريكا وإحدى بعض الدول العربية مليارات الدولارات من أجل تأسيس دولة ترضي طموح الأمريكان والغرب.

طباعة شارك الجيش السوداني الخرطوم القصر الجمهوري بالعاصمة القوات المسلحة السودانية الدعم السريع

مقالات مشابهة

  • تحرير الخرطوم.. هل اقتربت نهاية الميليشيات؟.. باحث يوضح
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة: إيماناً بأن الجندية تمثل رسالةً سامية ومسؤوليةً وطنية كبرى، ولأن تصرفات أي عامل في القوات المسلحة تنعكس بالضرورة على الجيش بأكمله، كان من الضروري إعداد لائحة تتضمن الواجبات والمحظورات التي ترسم قواعد السلوك والانض
  • الجيش السوداني يُنقذ 71 طفلاً من قبضة الدعم السريع
  • الجيش السوداني يحرر 71 طفلا من “الدعم السريع”
  • الجيش السوداني يحرر 71 طفلًا زجّت بهم قوات الدعم السريع في القتال
  • بعثة حج القوات المسلحة الأردنية 50 تصل إلى المدينة المنورة
  • معركة الفجر.. قوات الجيش تحبط هجوماً حوثياً مزدوجاً وتنتقل للهجوم في الضالع
  • بيان مهم للقوات المسلحة في الـ 50 : 10 مساءً
  • السوداني يوجه بإيقاف تنقلات وتنسيب جميع منتسبي القوات المسلحة بسبب الانتخابات المقبلة
  • أمانة عمان تطلق فعاليات مهرجان الاستقلال الثقافي الوطني الأول