لجريدة عمان:
2025-07-31@05:23:44 GMT

عمق السياسة الخارجية العمانية وجوهرها

تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT

عمق السياسة الخارجية العمانية وجوهرها

ليس من الصعب فهم السياسة الخارجية العمانية، لكن، أيضا، ليس من السهل تمثلها بالكامل في نموذج آخر لدولة أخرى؛ فالأمر معقد جدا لأنه مرتبط بسياق تاريخي وبثقافة المجتمع العماني وبنيته المعرفية التي تشكلت عبر أزمنة مختلفة وفي ظروف تاريخية كان لها سياقاتها الخاصة والعامة، وأيضا مرتبط بالموقع الجغرافي لسلطنة عمان خاصة وأن هذا الأخير هو العامل الأساسي في بناء مسار السياسات الخارجية لأي دولة.

وتؤثر العوامل السابقة على الثابت في السياسة الخارجية العمانية أو المتغير؛ لأن المتغير هنا لا يمكن قراءته دون مرجعية ثقافية وتاريخية وجغرافية فهو مرتبط بمحددات لا تخرج عن مبادئ المجتمع العماني وقيمه ومصالحه وموقعه الجغرافي.. وهامش المتغير في السياسة العمانية هامش محدود مرتبط بتطور العالم من حولنا أو تغيره وتبدل توجهاته.. وفي ذلك ميزة المرونة التي تتمتع بها السياسة العمانية القادرة على استيعاب المتغيرات من حولها وبناء تصورات حولها انطلاقا من القيم والمبادئ الثابتة للمجتمع العماني.

لكن الثابت اليوم لدى الجميع أن السياسة الخارجية العمانية سياسة حكيمة ومتزنة، ومع تجربة الأحداث أثبتت هذه السياسة نجاحها وقدرتها على قراءة الأحداث بشكل دقيق. ومن أهم الركائز التي تقوم عليها السياسة العمانية ركيزة المصداقية فهي صادقة مع الجميع وبعيدة عن الأجندات ذات التوجهات الأيديولوجية أو المصالح التي تبنى على ضياع أو خراب مجتمعات أخرى، وهذا ما بات راسخا في الصورة الذهنية التي شكلها العالم عن سلطنة عُمان خلال العقود الماضية، وهي مستمرة اليوم وهي مصدر قوة ناعمة لسلطنة عُمان، وتعول عليها الدبلوماسية العمانية كثيرا في بناء علاقاتها مع العالم من حولنا سواء كانت العلاقات سياسية أو اقتصادية أو ثقافية.

ومن المهم في سياق محاولة فهم السياسة العمانية قراءة مكانة الجغرافيا في بناء أركان هذه السياسة، فالجغرافيا أحد أهم محددات بناء السياسات؛ لأن الجغرافيا ثابتة لا تتغير رغم أنها أيضا، عامل ديناميكي يتأثر بالمتغيرات العالمية.

لذلك لا بد أن تُقرأ السياسة الخارجية العمانية، وتحدد الأدوار الاستراتيجية التي تقف عليها من منطلق الموقع الجغرافي لعُمان: الحدود الدولية والمواني الواقعة عند ملتقى التجارة العالمية وكذلك إشرافها على مضيق هرمز وقربها وبعدها من المواقع الجغرافية التي تصنع أحداث المنطقة. وعلى مر التاريخ كان الموقع الجغرافي عاملًا مهمًا في سلطنة عُمان وأسهم بشكل كبير في كل التطورات والنقلات التي شهدتها، وعندما توظف سلطنة عُمان هذا العامل التوظيف الصحيح وتديره بذكاء فهو ينعكس على استقرارها ورخائها.

وسبقت الإشارة أعلاه أن الموقع الجغرافي يتمتع بالديناميكية والتغير تبعا لتحولات العالم من حولنا فإن الموقع الجغرافي العماني يشهد خلال السنوات الأخيرة تغيرات من نوع جديد ليس من السهل التحكم بها وهي التغيرات المناخية التي تؤثر على سلطنة عُمان بشكل واضح جدا، ورغم اعتقاد البعض أن هذا العامل بعيد عن تأثيره في بناء السياسات الخارجية للدول إلا أنه مؤثر بشكل عميق في بناء التحالفات ودعم المبادرات التي ما كان يمكن أن تكون أساسية قبل عقد واحد من الزمن فيما هي اليوم ذاهبة إلى الصدارة.

والتفوق والنجاح يكمن في إدارة واستيعاب وفهم كل هذه المحددات وغيرها الكثير لبناء سياسة خارجية يصفها العالم أجمع بالحكيمة والمتزنة والإنسانية.. وهنا يكمن التعقيد ولكن أيضا يكمن العمق الذي لا تستطيع رؤيته إلا سلطنة عُمان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السیاسة الخارجیة العمانیة السیاسة العمانیة الموقع الجغرافی فی بناء

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية: صمت العالم أمام هذه الجرائم، وعلى رأسها المجازر وسياسة التجويع الممنهج، يمثل تجسيدًا مؤلمًا لفشل النظام الدولي

ألقى وزير الخارجية والهجرة كلمة مؤثرة خلال مشاركته في المؤتمر رفيع المستوى للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، والذي انعقد بمدينة نيويورك في 28 يوليو 2025، بمشاركة واسعة من ممثلي الدول والمنظمات الدولية والإقليمية.

في كلمته، استعرض الوزير الأوضاع المأساوية التي يعيشها الأطفال الفلسطينيون، مؤكدًا أن استمرار قتل الأطفال الأبرياء يوميًا بات شهادة دامغة على عجز المجتمع الدولي عن تحقيق العدالة إنهاء لغة القوة.

 وشدد على أن صمت العالم أمام هذه الجرائم، وعلى رأسها المجازر وسياسة التجويع الممنهج، يمثل تجسيدًا مؤلمًا لفشل النظام الدولي في واحدة من أكثر المراحل قتامة في التاريخ البشري.

ودعا الوزير إلى أن يكون هذا الاجتماع الدولي منطلقًا لتوحيد المواقف الإنسانية تجاه الكارثة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. وأكد أن تجاوز هذه المرحلة لا يتم إلا عبر العمل الجماعي على معالجة جذور الأزمة، وفي مقدمتها إحياء حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الصراع وترسيخ الأمن الإقليمي.

وشدد الوزير في كلمته على أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي وفرضه واقعًا ديموغرافيًا جديدًا لا يؤدي إلا إلى المزيد من القتل والدمار، وينسف فرص السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.

وفي سياق متصل، أبرز الوزير أهمية الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، واصفًا إياه بأنه ليس مجرد تحرك رمزي، بل خطوة فعالة لمواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية عبر سياسات الضم والتهجير. وقال إن حقوق الشعب الفلسطيني غير قابلة للتصرف، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية تجاه تقرير المصير.

وأشاد الوزير بقرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاعتراف بدولة فلسطين، داعيًا باقي الدول التي لم تعترف بعد إلى اتخاذ خطوات مماثلة. كما شدد على ضرورة دعم عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، باعتبار ذلك خطوة حاسمة في سبيل تحقيق السلام القائم على الشرعية الدولية.

طباعة شارك وزير الخارجية غزة الأمم المتحدة فلسطين

مقالات مشابهة

  • “بي بي سي”: قرار ستارمر الاعتراف بدولة فلسطينية يعد تغيّراً في السياسة البريطانية
  • هل تشهد السياسة التركية في ليبيا تحولا استراتيجيا جديدا؟
  • لؤلؤتي الفضية يجسد الحرفة العمانية برؤية فنية حديثة
  • تنسيق الجامعات 2025.. ما أهم قواعد التوزيع الجغرافي وتسجيل الرغبات؟
  • كاتب إسرائيلي: السياسة تجاه غزة انهارت والحرب عالقة
  • أكاذيب الكيان الصهيوني التي لا تنتهي
  • وزير الخارجية: صمت العالم أمام هذه الجرائم، وعلى رأسها المجازر وسياسة التجويع الممنهج، يمثل تجسيدًا مؤلمًا لفشل النظام الدولي
  • تعرف على الفئات المستثناة من التوزيع الجغرافي عند تسجيل ‏الرغبات
  • ترامب: أنقذت العالم من 6 حروب.. وسأقلل مهلة الـ 50 يوما التي منحتها لبوتين
  • قواعد التوزيع الجغرافي في تنسيق الجامعات 2025 والفئة المستثناة