سودانايل:
2025-08-01@01:36:22 GMT

اليسار السوداني بين التشظي ورهانات المستقبل

تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT

زهير عثمان

اليسار السوداني، كتيار فكري وسياسي، لعب دورًا محوريًا في تشكيل الوعي السياسي والاجتماعي في السودان منذ منتصف القرن العشرين. ورغم إسهاماته الكبيرة، فإن تشظيه وتحولاته تعكس صراعات داخلية وخارجية مرتبطة بالواقع السوداني المعقد. لفهم هذه الظاهرة، يتعين التعمق في جذور اليسار السوداني، ديناميكيات تطوره، وتأثير السياقات المحلية والعالمية عليه.


منطلقات الماركسية السودانية
اليسار السوداني بدأ بنهج ماركسي كلاسيكي مستلهَم من الأدبيات الأممية، حيث سعى إلى تفسير التناقضات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد. تبنى الماركسيون السودانيون رؤى مستمدة من الأدبيات اللينينية، مع محاولات لتكييفها مع السياق السوداني، الذي يتميز بتنوع إثني وثقافي واسع. لكن، وبمرور الوقت، برزت تحديات كبرى تمثلت في غياب القدرة على تحقيق التوافق بين النظرية والممارسة، خاصة في ظل تدخلات الأنظمة الحاكمة وقمعها.

الانشقاقات والتحولات
شهد اليسار السوداني عدة انشقاقات كانت في جوهرها تعبيرًا عن خلافات أيديولوجية وتنظيمية. من أبرزها انشقاق مجموعة حق، التي جاءت كرد فعل على الجمود الأيديولوجي داخل الحزب الشيوعي السوداني. حركة حق، بمحاولتها إعادة قراءة الماركسية، عكست توجهًا جديدًا يميل إلى تخفيف النزعة الأيديولوجية لصالح مقاربات أكثر واقعية.

هذا الانقسام لم يكن ظاهرة منعزلة، بل يعبر عن جدلية الصراع داخل تيارات اليسار عالميًا، حيث تأثرت الحركات اليسارية في السودان بتراجع الماركسية التقليدية عالميًا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وصعود النيوليبرالية كأيديولوجيا مهيمنة.

مقاربات جديدة للماركسية
في أواخر حياته الفكرية، أبدى ماركس اهتمامًا بتنوع سبل التطور التاريخي، متخليًا عن التصور الآلي للتاريخ الذي كان حاضرًا في البيان الشيوعي. هذا التحول، الذي التقطه مفكرون عالميون، انعكس في محاولات قادة يساريين كنهرو وسنغور وماو تسي تونغ لتكييف الماركسية مع واقع بلدانهم.

بالنسبة للسودان، فإن هذا التوجه يفتح آفاقًا لإعادة قراءة الماركسية بما يتناسب مع التحديات السودانية، مثل التعدد الثقافي، والنظام القبلي، والتركيبة الاقتصادية الريفية. هذه القراءة قد تسهم في تطوير رؤية يسارية حديثة تنطلق من الواقع السوداني بدلًا من استنساخ نماذج خارجية.

اليسار بين الهوية الوطنية والعولمة
أحد التحديات الكبرى التي تواجه اليسار السوداني اليوم هو التوفيق بين الهوية الوطنية ومتطلبات العولمة. فبينما تسعى التيارات اليسارية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية داخل السودان، تجد نفسها مضطرة للتعامل مع أنماط اقتصادية وسياسية عابرة للحدود. هذا التحدي يستدعي إعادة صياغة المفاهيم التقليدية لليسار بما يضمن الحفاظ على الخصوصية السودانية مع الانفتاح على القضايا العالمية.

رهانات المستقبل
في ظل التحولات الراهنة، يحتاج اليسار السوداني إلى مواجهة عدة أسئلة جوهرية: كيف يمكنه استعادة دوره كقوة فاعلة في الحراك السياسي؟ ما هي الأدوات التي يحتاجها لتجاوز الانقسامات الداخلية؟ وهل يستطيع بناء مشروع سياسي يجمع بين الطموح الوطني والتحديات الكونية؟

الإجابة على هذه الأسئلة تتطلب تجاوز الخطاب النخبوي والانفتاح على قضايا الجماهير. كما تتطلب تبني رؤية شاملة ترتكز على العدالة الاجتماعية، والمساواة، واحترام التنوع الثقافي. هذه الرؤية لن تتحقق إلا من خلال تجديد الفكر اليساري السوداني وتطوير أساليب عمله.

اليسار السوداني يقف اليوم على مفترق طرق، حيث تتقاطع فيه التحديات الداخلية والخارجية. وبينما يمثل التشظي عائقًا، فإنه أيضًا فرصة لإعادة بناء المشروع اليساري على أسس جديدة. هذا المشروع يحتاج إلى قراءة نقدية للتاريخ، واستلهام الدروس، مع الانفتاح على المستقبل بروح تقدمية تتجاوز الأيديولوجيات الجامدة.

اليسار السوداني، إذا استطاع تجاوز أزماته الراهنة، يمكن أن يكون قوة تغيير حقيقية تساهم في بناء سودان جديد قائم على العدالة والمساواة والحرية.

[email protected]

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الیسار السودانی

إقرأ أيضاً:

وصول الرحلات الطوعية للأسر السودانية لمحطة قطارات ميناء السد بأسوان

استقبلت محطة قطارات ميناء السد العالى شرق نحو 940  سودانيا بالرحلة الثانية، ضمن الرحلات الطوعية للأسر السودانية لموطنهم دولة السودان الشقيقة . 

وشهدت محطة قطارات ميناء السد العالي شرق بمدينة أسوان تكثيفات لتأمين الأسر السودانية المتوافدة للعودة إلى موطنهم مرة أخرى. 

كما شهدت محطة قطارات سكة حديد السد العالي تنسيقًا وجهودًا كبيرة ومكثفة للقيادات التابعة للهيئة السكة الحديد لسهيل حركة وصول المواطنين السودانيين للعودة لبلادهم مرة أخرى. 

الأشقاء السودانيينأسوان في 24 ساعة.. تكريم متفوقي الثانوية الأزهرية.. ومتابعة للتأمين الشاملتعرف على مواقيت الصلاة في أسوان.. اليوم

ومن المقرر بعد وصولهم إلى محطة ميناء السد العالى شرق بمدينة أسوان، أن يستقلوا الأتوبيسات ويتوجهوا فى طريق مدينة أبوسمبل جنوب المحافظة، حيث تسير رحلتهم نحو أكثر من 300 كيلومتر حتى وصولهم إلى ميناء قسطل البرى. 

وتستغرق رحلة الأشقاء السودانيين من محطة ميناء السد العالى شرق بمدينة أسوان حتى ميناء قسطل البري نحو 5 ساعات . 

فيما تابع اللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان من داخل مركز سيطرة الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة تقديم التسهيلات للأخوة الأشقاء السودانيين أثناء وصولهم الساعة الواحدة صباحاً إلى محطة ميناء السد العالى شرق عبر رحلة القطار التى كانت تقلهم بإجمالى 940 سودانيا من محطة السكك الحديدية بالقاهرة .

وأكد المحافظ بأنه تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى ، والذى لا يألوا جهداً فى تسخير كافة الإمكانيات لتقديم التيسيرات المختلفة لأهلنا من دولة السودان الشقيقة .

وأشار الدكتور إسماعيل كمال إلى أن هذا ما تم تنفيذه من خلال توفير نحو 18 أتوبيس لنقل الأخوة السودانيين الراغبين طواعية فى العودة لبلادهم عقب وصولهم لمحطة السد العالى التى قاموا بمغادرتها الساعة الثالثة صباحاً ، ليصلوا إلى مدينة أبو سمبل السياحية الساعة السابعة صباحاً ، وتم إنهاء إجراءات عبورهم وعودتهم إلى بلادهم عبر ميناء قسطل البرى على الفور .

طباعة شارك أسوان محافظة اسوان اخبار محافظة اسوان

مقالات مشابهة

  • بادي ووفد الشركة السودانية للموارد المعدنية يتفقدون العائدين بمحافظة باو
  • “كاف” يعتمد الأندية السودانية المشاركة في البطولات الأفريقية
  • “الديمقراطية” تدين المجزرة الصهيونية البشعة في منطقة السودانية
  • عناوين الصحف السودانية الخميس 31 يوليو 2025
  • عاجل | المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: الاحتلال ارتكب مجزرة دموية في السودانية شمال القطاع خلفت 51 شهيدا و648 مصابا
  • هل تنجح تشكيلة الحكومة السودانية بالتعامل مع الملفات الساخنة؟
  • عناوين الصحف السودانية اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025
  • تحركات الرباعية ربما تضع الحكومة السودانية بين خيارين لا ثالث لهما
  • عناوين الصحف السودانية اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025
  • وصول الرحلات الطوعية للأسر السودانية لمحطة قطارات ميناء السد بأسوان