2025.. بين النزاهة ومحاربة شوائب الفساد
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
حمود بن علي الطوقي
أتمنى كما يتمنى كل مُواطن غيور ونحن نستقبل عام 2025، أن يكون عاما بدون شوائب الفساد. هذه الأمنية التي كررتها منذ عام 2015، حيث كتبت على مدار هذه السنوات مقالات عن أنماط وأشكال الفساد. وكان الأمل دائمًا أن يُصبح القضاء على الفساد واقعًا ملموسًا، وأن نرى مجتمعاتنا تسير بخطى ثابتة نحو النزاهة والشفافية، حيث تُبنى الثقة وتُرسى قواعد العدالة.
في الحقيقة لم أكن أنوي الكتابة عن الفساد مُجددًا، فهذه القضية تُثار باستمرار من قبل المواطن الغيور الذي يرفض أي شكل من أشكال الفساد بأنواعه ومُسمياته.
لكن ما دفعني للعودة إلى هذا الموضوع هو مقطع شاهدته في منصات التواصل الاجتماعي للدكتور سيف الهادي، الذي تحدَّث فيه عن آفة الفساد بكل وضوح واستشهد الدكتور في محاضرته بقصة بطلها وافد، قال هذا العامل الوافد متحدياً إنِّه يستطيع إنهاء أي مُعاملة حكومية مُقابل مبلغ مالي يُدفع كرشوة. استوقفني هذا التحدي ورأيت أنَّه لا بُد من الكتابة من جديد عن هذه الظاهرة بهدف التوعية وتوجيه الرسالة برفض المجتمع الفساد وأنواعه وأشكاله.
بالطبع، لا يمكن اعتبار هذا التصرف قاعدة عامة، فهو يُمثل حالة شاذة، لكن وجود مثل هذه الحالات يُؤكد أن هناك ضعفاء نفوس في بعض الدوائر الحكومية الخدمية ما زالوا يمارسون ويقبلون هذا النوع من الفساد. هؤلاء لا يضرون أنفسهم فقط؛ بل يُسيئون إلى المؤسسات التي يمثلونها، ويُضعفون ثقة المواطن بالنظام ككل.
إنَّ محاربة الفساد ليست مسؤولية سهلة، لكنها ضرورة مُلحة وعلى الجميع العمل من أجل ذلك فالإصلاح يبدأ من القمة، ومن قبل المسؤولين الذين يعملون في القطاعات الخدمية المؤثرة في حياة الناس فيجب على هؤلاء أن يكونوا قدوة في النزاهة، فغياب الشفافية في القمة يُشجع على الانحراف في القاعدة. لهذا من الضروري ونحن نعيش عصر الحكومة الإلكترونية أن يكون الاعتماد على التكنولوجيا والأنظمة الرقمية في المعاملات الحكومية حتى تتحقق العدالة وهذا التوجه يمكن أن يقضي على كثير من الثغرات التي تُستخدم للتلاعب، ويُعزز من العدالة والشفافية.
ملف الفساد مزعج وهذا الملف لا يعني فقط التعاملات الحكومية وحدها، بل محاربة الفساد مسؤولية جماعية.
المواطن هو خط الدفاع الأول في هذه المعركة، بوعيه ورفضه لأي مُمارسات خارجة عن القانون. كذلك، تحتاج المؤسسات إلى بيئة تشجع على المساءلة والمحاسبة دون أي استثناءات.
اليوم، ونحن نستقبل عام 2025، يجب أن نضع في الاعتبار أن نعمل معًا لتحويل الأمنيات إلى واقع. وأن نقر بأن الفساد ليس مجرد مشكلة اقتصادية، بل هو عائق كبير أمام التنمية والتطور فالقضاء عليه يتطلب إرادة جماعية، وخطوات عملية تُنفذ بصدق وحزم.
ونحن نستقبل هذا العام الجديد يتفاءل دعونا نضع خطة بأن نعمل كلنا وكل حسب موقعه إلى أن يكون هذا العام خالياً من الفساد ونعيد فيه بناء الثقة ونرسي فيه أسس النزاهة التي نتطلع إليها جميعًا. عام 2025 يجب أن يكون البداية الحقيقية، لا مجرد أمنية جديدة تضاف إلى قائمة الأمنيات.
فهل يا ترى نستطيع معًا محاربة الفساد وننعم بحياة بعيدة عن شوائب الفساد؟!
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: أن یکون
إقرأ أيضاً:
مقتدى الصدر: قررتُ الانسحاب لأنني لم أعد أحتمل التعايش مع الفساد
أعلن زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر أنه قرر الابتعاد عن العمل السياسي والانخراط في الشأن العام، مبررا قراره بعدم قدرته على “العيش وسط نتن الطائفية وجور الفساد”، على حد تعبيره.
ووصف الصدر، في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي في منصة "إكس"، السنوات الماضية بأنها كانت مليئة بـ "السم والجرح"، مشيرا إلى أنه دخل غمار السياسة “رغبة في الإصلاح”، لكنه وجد نفسه وسط “تيار فساد جارف وتناعم مع لقمة أدسم”، بحسب وصفه.
وأضاف أن من لا يهتم بالشريعة والعقيدة وسيرة النبي، ولا يكترث برأي المرجعية، ولا يخضع لمطالب الشعب، "فلا يكشف اللثام عن الفساد، ولا يميط الأذى عن الناس"، مؤكدًا أن مشاركته السياسية لم تكن بحثا عن سلطة، بل بدافع التكليف الشرعي والأخلاقي، وأنه رفض "التحالف مع الأنداد سرا وجهرا".
وشدد الصدر على أنه "لن يرضى بحكم محمد ولا غيره إذا كان ظالما أو فاسدا"، موجها انتقادات حادة للمليشيات، ولمن أسماهم بـ"الذين لا يهيبون القوات الأمنية وسلاحها".
وأكد في ختام بيانه أن مشروعه في الإصلاح مستمر، لكنه لن يعود إلا إذا شعر أن الشعب يطلبه "بصدق"، قائلاً: "سأبقى طالباً لرضا الله.. ولو طلبوا لي الرضا".
pic.twitter.com/DLriksQlML — مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) July 9, 2025
وتأتي تغريدة الصدر في وقت يشهد فيه العراق حراكا سياسيا متسارعا استعدادا للانتخابات المقبلة، وسط تصاعد للانقسامات بين القوى الشيعية، وتزايد الغضب الشعبي من الفساد والانفلات الأمني.
ولم يوضح الصدر ما إذا كان قراره نهائيا بالاعتزال السياسي، أو أنه مجرد موقف احتجاجي على مسار العملية السياسية الحالية، إلا أن لهجته العاطفية والحادة توحي بوجود أزمة ثقة متفاقمة بينه وبين الأطراف المتنفذة في الحكم.