تعتبر الشائعات من أخطر الوسائل التى تستهدف تدمير المجتمعات، بعد أن شهدت تطورًا كبيرًا نتيجة لتطور الوسائل المستخدمة فى التواصل داخل المجتمع، وأصبحت أحد أشكال الحرب النفسية التى تستخدم للتأثير على الروح المعنوية وإحداث أضرار بالمجتمعات. وترجع الخطورة الأكبر للشائعات فى سرعة تداولها وانتشارها.
الشائعات جمع إشاعة، والإشاعة عبارة عن معلومة أو فكرة أو خبر، ليس لها مصدر موثوق، يتم الترويج لها ونقلها وإذاعتها فى صورة شفهية أو مكتوبة أو مصورة عبر مصادر متعددة، من أبرزها مواقع التواصل الاجتماعى والفضائيات والصحف المجندة بهدف التأثير على الرأى العام لتحقيق أهداف شخصيتة، سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، كما تهدف الشائعات إلى خلق جو من الارتباك والانهزامية والتمييز والاستسلام واستقلال الموقف لإثارة الشكوك حول كل شىء، وهى من أهل الوسائل المؤدية إلى الفتنة والوقيعة بين الناس.
وقد حرم الإسلام نشر الشائعات وترويجها وتوعد فاعل ذلك بالعقاب الأليم فى الدنيا والآخرة؛ فقال الله تعالى: «إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة فى الذين آمنوا لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة». لذلك كان ترديد ونشر الشائعات بين الناس محرم شرعًا، ولا يجوز بأى حال من الأحوال لأنه يضر بالمجتمعات، ومصالح الأمة، وحصن الإسلام أتابعه على أن يستبينوا ويتثبتوا من صدق أى معلومة قد تأتيهم حتى لا ينساقوا خلفها، بما قد يضرهم ولا ينفعهم، حيث قال الله تعالى «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين»، لأن الإنسان إذا تسرع ولم يتثبت فقد يعتدى على غيره بناء على الخبر الذى سمعه من فاسق، وقد يكرهه، وقد يتحدث فيه فى المجالس، فيصبح بعد أن يتبين أن خبر الفاسق كذب نادمًا على ما جرى منه. وقال ابن العربى: من ثبت فسقه بطل قوله فى الأخبار إجماعًا، لأن الخبر أمانة، والفسق قرينة تبطلها، فأما فى الإنسان على نفسه فلا يبطل إجماعًا.. لا خلاف فى أنه يصبح أن يكون رسولاً عن غيره فى قول يبلغه، أو شىء يوصله، أو إذن يعلمه، إذا لم يخرج عن حق المرسل والمبلغ. فإن تبلغ به حق لغيرهما لم يقبل قوله.
حول الفسق فإن جماعة الإخوان تحاول عبر تكثيف نشر الشائعات والأخبار الزائفة التى يروجها المنتمون لها من إعلاميين مأجورين وقنوات مغرضة وأصحاب الفتاوى الضالة، الهروب للأمام والتغطية على أزماتها وخلافاتها وصراعاتها الداخلية، وفشلها فى تحقيق أهدافها بعد أن لفظها المصريون وأسقطوا حكم المرشد ولم يمكنوه من تحقيق حلم تنظيم الإخوان فى حكم مصر 500 سنة وتحويلها إلى إمارة إسلامية!
وخصصت جماعة الإخوان لجانًا مهمتها متابعة الأحداث وخلق الأكاذيب واجتزاء «فيديوهات» وتصريحات» تدعم افتراءتهم، تولد الشائعة عند الإخوان بصناعة الأكذوبة نفسها ثم اختبار التوقيت لنشرها، ثم الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعى بجانب قنواتهم التى يتم بثها من الخارج للترويج لتلك الأكاذيب!
الإخوان لديهم القدرة على خلق الأكذوبة وترديدها طوال الوقت، والأكذوبة لكى تستمر وتعيش يلزمها رجل موثوق به يروجها لدى الناس، لهذا تصنع الأكاذيب الإخوانية فى لجان مخصصة لتوجيه الرأى وتنزل للصف الإخوانى على أنها حقائق ومن الصف الإخوانى إلى دوائر الاتصال الذين هم فى الغالب من يتواصلون مع الإخوان وهؤلاء يستلمون الأكذوبة على أنها حقيقة ويبدأ الترويج لها. هذه الأكاذيب يتلقفها الناس لأسباب مختلفة منهم من يحب الغرائب، ومنهم من ينبهر بالأرقام، ومنهم من يريد أن يكذب الحكومة فقط، والأكذوبة لا تقف عند حد ولا تبقى على حجمها بل تزيد والأرقام تتغير والأشخاص تتبدل.
إن هذف الإخوان من نشر الشائعات هو تكوين ضباب كثيف حول الحقائق، ويقف الإنسان البسيط الذى تستهدفه الشائعات أمام حقائق غير متأكد منها!
هذا هو دأب الإخوان فى نزييف الحقائق وتخويف الناس عن طريق نشر الشائعات على مدار 10 سنوات من الأكاذيب والضلال والفسق والنفاق فى محاولة منها لضرب استقرار المجتمع، بعد فشلها فى نشر العنف والفوضى داخل البلاد.
الدولة الصرية متنبهة تمامًا لكل ما تحاول جماعة الشر أن تروج له لتحقيق خطط فى الوقيعة بين الشعب والدولة كل الأجهزة تقوم بدورها فى تفنيد الشائعات أو تصحيح المعلومات التى تروجها كتائب الذباب الإلكترونى.
الشائعات جريمة ضد أمن المجتمع وصاحبها آثم فى حق نفسه ودينه ومجتمعه ساعيًا إلى الاضطراب والفوضى مطلوب من الجميع ومن كل أفراد المجتمع مواجهة الشائعات كل فى اختصاصه، يجب التصدى للفاسقين والكذابين والخونة والمنافقين ولا تمكنهم من تحقيق أهدافهم التى تتفق مع صفاتهم، الإخوان كاذبون ولو صدقوا!!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الوسائل الروح المعنوية
إقرأ أيضاً:
جيل زد... هل يكسر ثنائية الإخوان والدولة العميقة؟
منذ ثورة يوليو 1952، شكّل المشهد السياسي المصري ثنائية جامدة: من جهة، دولة عميقة تدير مصر بخطاب قُطْرِي، ومن جهة مقابلة، جماعة الإخوان المسلمين التي تمثّل بديلا أيديولوجيا ذا جذور اجتماعية واسعة. وبين هذين القطبين، ظلّ المجال السياسي شبه مغلق أمام بدائل حقيقية أخرى. وقد عاشت مصر صراعات مماثلة قبل هذه الثنائية بين الملكية والأحزاب. لكن ما يميز ثنائية الحاضر هو تحولها إلى صراع وجودي، لا سياسي فحسب.
ومع ظهور جيل زد (المولودين بين منتصف التسعينيات ومنتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين)، قد نكون أمام إمكانية لإعادة تعريف اللعبة السياسية. فهذا الجيل لا يكتفي برفض الثنائية التقليدية، بل يتمتع بأدوات جديدة وموارد مستقلة وخيال سياسي لا ينحصر في صراع "الحكم أو المعارضة"، بل يتمحور حول مفاهيم كالكرامة والحرية الفردية والقدرة على الإنتاج خارج الهياكل الرسمية.
خصائص جيل زد
نشأ هذا الجيل في عالم رقمي مفتوح، حيث تتشكل الهويات عبر المنصات أكثر من المؤسسات التقليدية. لم يُغذَّ على خطابات أحادية، بل على محتوى عالمي يعرض في لحظة واحدة تيارات متناقضة. ومن هنا، ينشأ ميله الطبيعي نحو اللامؤسساتية ورفض الأيديولوجيات المطلقة. لكنه ليس كتلة متجانسة؛ فهو يضم الكثير من الشرائح الاجتماعية، أبرزها: الطبقة المتوسطة من: أبناء الأسر العلمانية الذين يحلمون بمجتمع منفتح، وأبناء الأسر الإسلامية الذين نشأوا في ظل قمع أمني شرس بعد 2013، ووجدوا في الهجرة والمجال الرقمي مخرجا.
الممر الخلفي للحرية والاستقلال
لأول مرة في التاريخ المصري الحديث، يظهر جيل لا يحتاج إلى إذن من الدولة أو دعم من جماعة لبناء مصدر دخل. فعبر منصات العمل الحر والعملات الرقمية، يستطيع أفراده تحقيق دخل يفوق مرتبات الجهاز البيروقراطي. وهنا تبرز مفارقة مهمة: جزء كبير من المبدعين الرقميين المصريين الناجحين في الخارج هم من خلفيات استُهدفت بعد 2013، وكثير منهم أو من عائلاتهم وُجّهت لهم تهم أو مُنعوا من السفر، مما دفعهم إلى الهجرة حيث بنوا مشاريع رقمية ناجحة.
هذا لا يعني أنهم يروّجون لخطاب الجماعة اليوم، بل على العكس، كثيرون تجاوزوا الخطاب الأيديولوجي إلى العمل المهني المحايد. لكنهم، في الوقت ذاته، لا يرون في الدولة العميقة شريكا ممكنا. وهكذا، قد يشكّلون -ربما من غير قصد- ذراعا رقمية غير رسمية لتيار مُهمّش تحوّل من التنظيم المركزي إلى شبكة عابرة للحدود، تعتمد على الاقتصاد الرقمي وسردية الهوية الضحية.
ولا تزال هذه الظاهرة في طورها المبكر، إلا أنها تنمو بسرعة. فمبدعون مصريون شباب يكسبون آلاف الدولارات شهريا من محتوى رقمي موجّه للجمهور العربي والعالمي، وبدأ بعضهم يعيد استثمار عوائده في مبادرات كالبودكاست السياسية أو المنصات التعليمية. الفارق الجوهري هو نقطة الانطلاق: بينما ينظر البعض إلى الدولة العميقة كجهاز يجب إصلاحه، ينظر آخرون إليها كعدو يجب تجاوزه.
وفي هذا السياق، يمثل هذا التحوّل نقلة نوعية. فلم يعد المنفى مجرد ملاذ، بل منصة للإنتاج السياسي والثقافي. فالشاب في إسطنبول أو لندن او أي عاصمة أخرى؛ قد يؤثر في الرأي العام المصري أكثر من صحفي يعمل تحت الرقابة في قلب القاهرة. وهنا ربما تفقد الدولة العميقة سيطرتها ليس فقط على الاقتصاد، بل على سردية الهوية القُطْرِية. فالمحتوى الرقمي -حتى لو كان محايدا ظاهريا- يحمل في طياته رواية مضادة عن القمع والبحث عن الكرامة، وقد تُعيد تشكيل وعي جيل كامل.
الجيل الذي خرج من سيطرة يوليو 1952
قد يرى منتقدو هذا الجيل أن انغماسه في الفردية وابتعاده عن العمل الحزبي المباشر يجعله عاجزا عن صنع تغيير حقيقي، لكن هذه النظرة تخطئ فهم طبيعة القوة في العصر الرقمي. فجيل زد يمارس السياسة عبر إعادة تعريف العلاقة بين الفرد والسلطة، والمحتوى الذي ينتجه والاقتصاد الذي يبنيه خارج المنظومة هما أداتان لهدم الهيمنة التقليدية، والأهم أن استقلاليته المالية -التي لم تتوفر لأي جيل سابق منذ يوليو 1952- تغير قواعد اللعبة جذريا.
وهنا سؤال يطرح نفسه: هل يستطيع جيل زد تغيير المعادلة؟
الجواب ليس بسيطا، فرغم التشابه مع تجارب الجيل الرقمي في إيران والصين، تظل للظاهرة خصوصيتها المصرية بسبب عمق الصراع التاريخي. فجيل زد لا يمثل كيانا موحدا، بل فضاء تنافسيا بين رؤى ليبرالية فردية وأخرى إسلامية وأخرى قُطْرِية إصلاحية. وتشير إحصاءات المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر" إلى أن 13-14 في المئة من المصريين خريجي الجامعات يعملون في الاقتصاد الرقمي، بنسبة نمو سنوية قد تصل إلى 21 في المئة.
الخطر الحقيقي قد لا يتمثّل في فشل هذا الجيل في كسر الثنائية، بل في إعادة إنتاجها بأشكال جديدة: كصراع بين "دولة رقمية" موازية ودولة عميقة تقليدية، أو كانقسام داخل الجيل نفسه بين من يرون في الإخوان "ضحايا" ومن يرونهم "جزءا من المشكلة".
ورغم أن جيل زد لم يقدّم بعد برنامجا سياسيا منظما، لكنه يمتلك ما قد يكون أكثر أهمية: استقلالية مالية ووعيا رقميا وشبكات عابرة للحدود. لكن هذه الأدوات لا تضمن بديلا ثالثا، فكلما زاد قمع الدولة العميقة، زاد انحياز جزء من هذا الجيل ضدها، وقد ينتهي به المطاف إلى الالتحاق عاطفيا بتيار الإخوان، ليس حبا في مشروعهم بل كرها في مشروع الدولة العميقة.
لذلك، فإن مصير الثنائية رهن ليس فقط بقدرة الجيل على الابتكار، بل برغبة الدولة العميقة في التخلي عن المنطق الصفري. فطالما ظلت ترى أي خروج عن الولاء المطلق خيانة، فإنها تدفع المزيد من أبنائه إلى الهامش ثم إلى المعسكر المقابل.
ربما لن يكسر جيل زد الثنائية من خلال ثورة أو انتخابات، بل من خلال الاختفاء التدريجي من منظومتها، وبناء عوالم موازية لا تسأل عن إذنها.
والسؤال الأهم ليس: هل سيكسرها؟ بل: من سيُشكّل ما بعد كسرها؟