تستمر معاناة النازحين في قطاع غزة مع دخول الشتاء القارس، حيث يعيشون في ظروف غير إنسانية وسط نقص حاد في المساعدات.

وقفت إيمان خليل، إحدى النازحات، تحاول عبثًا إصلاح خيمتها الممزقة بعد أن عصفت بها الرياح العاتية، مستخدمة مشمعًا بلاستيكيًا لتحمي أطفالها من الأمطار الغزيرة، ولكن الرياح القاسية لم ترحمها، ولجأت إيمان إلى إشعال الحطب للتدفئة، في محاولة يائسة لحماية صغارها من البرد القاتل.

"الخيام تحولت إلى ثلاجات متنقلة"

يصف محمد البحيري، نازح آخر، الوضع قائلًا: "لم يعد هناك مكان جاف لنوم الأطفال، والمياه تسربت إلى داخل الخيام، مفسدة المفروشات والأغطية". 

يستمر البحيري في نزح المياه عن الخيمة لمدة ثلاث ساعات يوميًا، لكنه يعاني من نقص الغذاء والتدفئة، وهو ما أدى إلى تدهور الوضع الصحي للكثيرين، خاصة الأطفال وكبار السن. 

وأكد أن الطعام المتوفر يقتصر على المعلبات، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالأمراض مثل الفشل الكلوي والسرطان.

أقسى شتاء منذ سنوات

وصف عمر أبو طالب شتاء 2025 بأنه الأبرد على الإطلاق، حيث قال: "خيامنا على مقربة من البحر، والرياح تقتلعها بسهولة، فيما تنخفض درجات الحرارة ليلًا إلى مستويات صقيع، أصيب أطفالنا بالحمى والسعال في ظل غياب وسائل التدفئة". 

وأكدت روفيدة عبد الراضي أن الأمهات يشاهدن أطفالهن يعانون من البرد والجوع، بلا أدوية أو أغطية للتدفئة، في ظل صمت دولي مستمر منذ عامين.

الأونروا تحذر: الأطفال يموتون من البرد

في تصريح صادم، قال فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأونروا: "الأطفال في غزة يتجمدون حتى الموت بسبب نقص المأوى والطقس البارد"، وطالب بوقف فوري لإطلاق النار والسماح بتدفق الإمدادات الأساسية الضرورية، بما في ذلك تلك الخاصة بفصل الشتاء.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: نازحو غزة أزمة إنسانية الشتاء في غزة خيام النازحين نقص المساعدات الأونروا برد غزة شتاء 2025

إقرأ أيضاً:

نحن نعيش الموت: صحفي من غزة يروي مأساة التهجير واليأس

يقدم الصحفي رامي أبو جاموس في يومياته لـ"أوريان 21″ شهادة مؤثرة وعميقة عن المأساة المستمرة التي يعيشها سكان قطاع غزة.

فبعد أن اضطر إلى مغادرة منزله في مدينة غزة مع عائلته في أكتوبر/تشرين الأول 2023 تحت تهديد الجيش الإسرائيلي، تنقل أبو جاموس وعائلته قسرا بين رفح ودير البلح والنصيرات، ليجسدوا بذلك معاناة مئات الآلاف من النازحين داخل هذه "المنطقة البائسة والمكتظة".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لوجون أفريك: شعب الفلان بغرب أفريقيا عالق بين المسلحين والعسكريينlist 2 of 2إندبندنت: لماذا تأخرت حكومة ستارمر باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل؟end of list

تبرز شهادة أبو جاموس الجانب المأساوي في خطة التهجير القسري والدمار الشامل. فبالنسبة له، فإن العملية الإسرائيلية المسماة "عربات جدعون" لا تخفي هدفا غير معلن، بل تسعى علنا إلى "دفع جميع سكان غزة للتحرك نحو البحر، نحو الجنوب، نحو رفح، المدينة التي دمرهاجيش الاحتلال بالكامل تقريبا".

نحن نواجه أسدًا يمزقنا، ويقتلنا، ويذبحنا، ولكنه ليس وحيدا، فخلف هذا الأسد هناك نمور وفهود وتماسيح تدعمه

ويرى أبو جاموس أن الاسم الرمزي للعملية الإسرائيلية الجديدة مثير للاهتمام، قائلا "كما هو الحال دائمًا، هناك دلالة دينية، لكنها تشير أيضًا إلى التاريخ، فقد أطلق اليهود عام 1948 اسم "عملية جدعون" على الهجوم الذي شنته المليشيات اليهودية على قرية بيسان الفلسطينية الإستراتيجية، والتي تم تهجير سكانها باتجاه الأردن، وليس من قبيل المصادفة أن يختار الجيش الإسرائيلي هذا الاسم لعملية التهجير الجديدة"، وفقا للكاتب.

إعلان

ويلفت هنا إلى أن 90% من المساكن قد دمرت في رفح، مؤكدا أن الهدف هو ترحيل 2.3 مليون شخص إلى بلدان أجنبية. ويصف أبو جاموس ما يحدث بأنه "نكبة جديدة" تهدف إلى استكمال ما بدأ عام 1948، ليتم احتلال فلسطين كلها من قبل إسرائيل.

ويزداد المشهد قتامة مع إشارته إلى الاستخدام الإسرائيلي للمرجعيات الدينية لتبرير الدمار، فاستخدام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمصطلح "عماليق" في بداية الحرب كان إشارة إلى نص في التوراة يدعو إلى دمار كامل لا يستثني "رجالا ولا نساء ولا أطفالا ولا رضّعا ولا أجنة، فضلا عن الماشية والخيول والمساكن".

ويصف أبو جاموس هذا بأنه "أسوأ إرهاب دولة ممكن"، متسائلا: لماذا لا يطلق عليه اسم "الإرهاب اليهودي". كما يكشف عن خطة إسرائيل لتقسيم غزة إلى 5 أجزاء، مع "ممرات للتعذيب" حيث تتم تصفية النازحين ودفعهم جنوبا، مع استمرار "المجازر".

ويشير إلى أن ما بين 400 ألف و600 ألف شخص بقوا في الشمال محاصرين يتضورون جوعًا، "يأكلون التبن والعشب في الشارع، ويغلون الماء الملوث ليشربوه".

وفي خضم هذا اليأس، يبرز أبو جاموس صلابة سكان غزة ووصولهم إلى نقطة اللامبالاة بين الحياة والموت.

فرغم معرفتهم بقوة الجيش وقدرته على ارتكاب المجازر بحق من لا يطيع أوامر الإخلاء، فإن كثيرين قرروا البقاء.

ويضيف أبو جاموس بحسرة: "حياتهم أو موتهم، الأمر سيان بالنسبة لهم. هم منهكون جدا ليتنقلوا مرة أخرى".

ويضيف أن المنطقة التي تدعى "إنسانية" في المواصي تتعرض "للقصف يوميا تقريبا… ويستهدفون خيام النازحين، وتُقتل عائلات بأكملها".

ويوضح أننا "نواجه أسدًا يمزقنا، ويقتلنا، ويذبحنا، ولكنه ليس وحيدا، فخلف هذا الأسد هناك نمور وفهود وتماسيح تدعمه"، مبرزا أن الوضع يتطلب من الفلسطينيين في الوقت الحالي الحكمة أكثر مما يتطلب الشجاعة، إذ إن النجاح الحالي هو في تفادي تهجير أهل غزة عن أرضهم.

إعلان

ويختتم أبو جاموس شهادته بعبارة تختصر المأساة الوجودية: "نحن أحياء، نتنفس، لكننا نعيش الموت، ولن نغادر". ويعتقد أن العالم رغم إحجامه عن نطق كلمة "إبادة جماعية"، قد "فهم أننا نعيش إبادة جماعية".

مقالات مشابهة

  • مأساة مفجعة .. قصة طبيبة أطفال فقدت 9 أبناء تحت أنقاض منزلها في غزة
  • رحيل الفصول
  • العثور على جثة مواطن في الخيام قرب مدرسة المبرات
  • عدن تحت وطأة رطوبة خانقة وأزمة كهرباء مستمرة
  • الأردن.. ظاهرة الكلاب الضالة تتفاقم والتعقيم مكلف، والإفتاء: لا حرج في التخلص من الكلب العقور بقتله
  • نحن نعيش الموت: صحفي من غزة يروي مأساة التهجير واليأس
  • وسط معاناة السكان.. مديونية تقارب ٥٠ مليار ريال تُهدد خدمات المياه في عدن
  • شبوة تعجز أمام زحف المهاجرين غير الشرعيين.. أزمة تتفاقم والسلطات في مأزق
  • ستارمر يقترح تعديل بدلات الوقود لصالح المتقاعدين
  • أصوات من غزة.. مأساة النزوح المتكرر وصعوبة التنقل