الجزيرة:
2025-05-27@20:57:55 GMT

اللسان الأروي.. قصة لغة تجمع بين العربية والتاميلية

تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT

اللسان الأروي.. قصة لغة تجمع بين العربية والتاميلية

وسط آلاف الكتب التي تحتضنها مكتبة جامعة جنوب شرقي سريلانكا، يبرز قسم خاص يضم مئات الكتب المكتوبة باللسان الأروي، الذي يمثل مزيجا فريدا يجمع بين الكلمات التاميلية والكتابة بالحروف العربية، مما يعكس عمق التمازج الثقافي بين العرب والتاميل.

هذا التمازج يعود إلى فترة ما قبل الإسلام، عندما أقام العرب علاقات تجارية وطيدة مع سريلانكا وجنوب الهند، حيث كانت اللغة التاميلية تهيمن على المشهد التجاري، ومع انتشار الإسلام، زاد النفوذ التجاري للعرب وبدأ الدين يشق طريقه تدريجيا بين السكان الأصليين، مما مهّد لنشوء تأثير ثقافي أعمق.

في هذا السياق، نشأ اللسان الأروي في القرن الثامن نتيجة للتفاعل التجاري والثقافي بين العرب والتاميل، ومع ذلك، وفقا للدكتورة موتو خديجة، المحاضرة الزائرة في كلية معسكر الرحمن العربية في الهند، بدأت هذه اللغة في التراجع منذ أوائل القرن الـ20، ولم يعد يجيدها إلا قلة.

جذور

رغم انتشار المسلمين الناطقين بالتاميلية في دول عدة مثل ولاية تاميل نادو في جنوب الهند، وسريلانكا، وماليزيا، وسنغافورة، فإنه وفقا لمحمد مزاهر، أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة جنوب شرق سريلانكا، تعود جذور اللسان الأروي إلى ولاية تاميل نادو في جنوب الهند، وبعد ذلك، "ساهم مسلمو سريلانكا، إلى جانب مسلمي جنوب الهند، في إثراء أدب هذه اللغة وتطويره"، حسب قوله.

إعلان

في تفسيره لهذه الظاهرة، يوضح مزاهر للجزيرة نت أن هناك 3 أسباب رئيسية وراء نشأة اللسان الأروي وانتشاره:

أولا: عندما وصل العرب إلى جنوب الهند وسريلانكا بحثا عن التوابل، بدؤوا بتسجيل أسماء التوابل بالحروف العربية مع الحفاظ على الكلمات التاميلية الأصلية، مثل كلمة "القرنفل"، مما خلق لغة جديدة تجمع بين اللغتين. ثانيا: في أثناء الاحتلال البريطاني، أصدر العلماء المسلمون فتاوى ضد تعلم اللغة الإنجليزية لحماية الهوية الإسلامية ومنع التنصير، وهذا التوجه ساعد في انتشار اللسان الأروي ليكون وسيلة للتواصل بين المسلمين بعيدا عن التأثيرات الاستعمارية. ثالثا: كان هناك رأي بين العلماء المسلمين في المنطقة بأن المواد الإسلامية يجب أن تُكتب بالحروف العربية، وهذا التوجه ساعد في انتشار اللسان الأروي ليكون وسيلة لتوثيق المعرفة الإسلامية والنصوص الدينية في تلك المناطق. كتب إسلامية وعلمية

خديجة، التي تنحدر من مدينة كايالباتينام في الهند، اكتشفت شغفها باللسان الأروي من خلال قصص رواها لها والداها عن أجدادها الذين كانوا يكتبون رسائلهم إلى أقاربهم بهذه اللغة، ومع شغفها بالتصوف، أضاف هذا الأمر بعدا آخر لاهتمامها، فعندما اكتشفت وجود عديد من الكتب الصوفية مكتوبة باللسان الأروي، انطلقت في رحلة بحث معمقة لاستكشاف هذه اللغة وتاريخها الغني.

وفي السياق نفسه، تذكر خديجة للجزيرة نت بعضا من أبرز الكتب الدينية التي كُتبت باللسان الأروي في الهند، مثل "رسول مالي" لشام شهاب الدين، و"أحسن المواعظ" لمابلاي ليبي عالم، و"فتح المجيد" لنوح عبد القادر، إذ تشهد هذه الكتب على عمق التداخل الثقافي والديني.

كما يذكر مزاهر للجزيرة نت أن الشيخ مصطفى من سريلانكا كتب أول تفسير قرآني باللسان الأروي بعنوان "فتح الرحمن في ترجمة تفسير القرآن" عام 1873، ونُشر التفسير الثاني "فتوحات الرحمانية في تفسير كلام الربانية"، الذي كتبه باليام حبيب محمد عالم من الهند عام 1878.

زاهر: التعليم الرسمي الذي قدّم منذ أواخر القرن الـ19 باللغة التاميلية قد سهل وصول الناس إلى مصادر في مختلف المجالات بتلك اللغة، مما تسبب في تراجع اللسان الأروي (شترستوك)

وفي سياق آخر، يضيف مزاهر للجزيرة نت أن "اللسان الأروي لم يقتصر على تدوين المواد الإسلامية فقط، بل شمل أيضا الكتب الأدبية والعلمية والطبية، وعلى سبيل المثال، كتب كاساواتاي -عالم من سريلانكا في القرن الـ19- عن الطب القديم، كما شهد اللسان الأروي في القرن الـ19 ترجمة أول رواية تاميلية من الفارسية بعنوان (مدينة النحاس)، التي ترجمها مابلاي ليبي عالم في الهند."

إعلان

مؤخرا، حصل مزاهر على كتاب نادر مكتوب باللسان الأروي يتناول موضوع الأبراج، لكن اللافت أن الكتاب لم يحمل اسم مؤلفه، وهو أمر شائع بين عديد من كتب اللسان الأروي التي فُقدت أغلفتها على مر السنين قبل أن يُعاد اكتشافها مؤخرا، مما يضفي عليها هالة من الغموض التاريخي.

تراجع

يتفق كل من مزاهر وخديجة على أن غياب مرافق الطباعة للسان الأروي، مقابل توفرها للغة التاميلية في أوائل القرن الـ20، أسهم في زيادة نشر الكتب باللغة التاميلية وبالحروف التاميلية، وهذا كان أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى تراجع اللسان الأروي في سريلانكا والهند.

وفي السياق السريلانكي، قال مزاهر للجزيرة نت إن "إنشاء الكليات الإسلامية العربية في سريلانكا منذ أواخر القرن الـ19، وسفر الطلاب إلى الجامعات العربية مثل الأزهر، ساهم في تعزيز تعلم اللغة العربية، وهذا ساعد في تراجع استخدام اللسان الأروي لصالح المصادر العربية المباشرة".

والتعليم الرسمي الذي قدّم منذ أواخر القرن الـ19 باللغة التاميلية سهّل وصول الناس إلى مصادر في مختلف المجالات بتلك اللغة، وهذا يعد من الأسباب الأخرى التي ساهمت في تراجع اللسان الأروي، حسب مزاهر.

الإحياء والحفظ

في إطار جهود الحفاظ على اللسان الأروي، تقول خديجة إنه رغم المحاولات العديدة التي جرت في القرن الماضي لإحياء اللغة والحفاظ عليها، لم تكن تلك الجهود كافية، ولكنها، مع ذلك، تبدي تفاؤلا بما تشهده من محاولات جديدة. وفي السياق، يشير مزاهر إلى أن أحد أبرز التطورات هو تقديم لوحة مفاتيح للسان الأروي في الهند، بهدف تعزيز استخدامها.

أما في سريلانكا، فتم إدراج فصول عن هذه اللغة في المنهج المدرسي الحكومي، ضمن خطوات عملية للحفاظ على التراث الغني للسان الأروي، كما تم تضمينها في منهج كلية اللغة العربية والدراسات الإسلامية في جامعة جنوب شرق سريلانكا.

إعلان

ووفقا لما ذكره مزاهر، فقد قام الطلاب والأساتذة في هذه الجامعة بعديد من الأبحاث المتعلقة باللسان الأروي، وهم يستعدون لتنظيم مؤتمر متخصص حول هذه اللغة، وإضافة إلى الجهود الأكاديمية، تسعى الجامعة للحفاظ على التراث الثقافي للغة من خلال حفظ نسخ من الكتب التي كتبت باللسان الأروي منذ قرون في مكتبتها، لتكون مرجعا قيما للأجيال المقبلة.

وفي ما يتعلق بالجهود الأخرى لإحياء اللسان الأروي، أشار مزاهر إلى أن الكليات العربية الإسلامية في سريلانكا، التي تتبع في الغالب الطرق الصوفية، بدأت مؤخرا بتدريس اللسان الأروي لطلابها، بجانب إعادة نشر الكتب التي كُتبت بها في الماضي.

وفي الهند، أكدت خديجة للجزيرة نت أن عديدا من المؤتمرات وورش العمل تُعقد بشكل دوري بهدف إحياء اللسان الأروي والمحافظة عليه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی سریلانکا القرن الـ19 جنوب الهند هذه اللغة فی القرن فی الهند

إقرأ أيضاً:

تكريم خريجات قسم اللغة الإنجليزية في صنعاء

الثورة نت/..

نظّم مركز الشباب للتدريب والتنمية بوزارة الشباب والرياضة، اليوم، حفلًا تكريميًا لخريجات قسم اللغة الإنجليزية، لإتمامهن برنامج الدبلوم المتقدِّم في اللغة الإنجليزية، الذي استمر ثلاث سنوات.

وفي التكريم، أكَّد مدير المركز الدكتور علي المعنَّقي، أهمية تأهيل الكوادر الشابَّة في مختلف التخصصات .. مشيرًا إلى أن المركز يولي اهتمامًا كبيرًا بتنمية قدرات الشباب من الجنسين، وتأهيلهم في مجالات الحاسوب، واللغات، والمهارات التطبيقية، بما يتواءم مع احتياجات الشباب ومتطلبات سوق العمل.

وأشاد بجهود الطالبات خلال فترة دراستهن، معتبرًا أن هذا الإنجاز يُجسِّد ثمرة الجدِّ والاجتهاد والمثابرة .. لافتا إلى حرص القيادتين الثورية والسياسية على دعم مسيرة البناء العلمي والمعرفي، من خلال توفير فرص التعليم والتدريب في مختلف المجالات لتمكين الشباب من الإسهام الفاعل في عملية التنمية الوطنية.

تخلل التكريم ، بحضور عضو اللجنة الفنيَّة للأنشطة والدورات عزيز القاسم، ومسؤول التدريب بمركز الشباب زكريا فردان، والمشرف الأكاديمي مالك الشرعبي- عرضًا لفيلم وثائقي باللغة الإنجليزية من إعداد وتنفيذ الطالبات، تناول معاناة أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، وسلًّط الضوء على الموقف اليمني المشرِّف تجاه قضية الأمَّة المركزية الأولى، والتجاهل المخزي من قِبل الأنظمة العربية والإسلامية والدولية.

وعكس الفيلم وعي الطالبات بقضايا الأمة والقضايا الإنسانية، وتفاعلهن معها من منظور شبابي وإبداعي.

وفي ختام الحفل، جرى تكريم الخريجات وتوزيع الشهادات التقديرية عليهن.

حضر حفل التكريم مسؤولتا الكنترول وفاء غليس والجرافيكس عُلا الشطبي، وسكرتيرة المركز عاتقة عاطف، وعضوتا اللجنة المالية افتخار عيضة وسالي الأغبري.

مقالات مشابهة

  • اللغة والسيادة.. العربية مفتاح النهضة وصوت الهوية
  • مكة تجمع حاج سوري بشقيقته وعائلتها بعد 15 عاما من الفراق.. فيديو
  • تكريم خريجات قسم اللغة الإنجليزية في صنعاء
  • جامعة صحار تطلق برنامج اللغة العربية لغير الناطقين بها
  • طلاب الصف السادس الابتدائي بالدقهلية يؤدوا امتحان مادتي اللغة العربية والدين
  • نماذج امتحانات اللغة العربية للثانوية العامة 2025
  • طلاب الصف الأول الثانوي يؤدوا اليوم امتحان امتحان اللغة العربية في الدقهلية
  • جدول تطعيمات الأطفال منذ الولادة وحتى 18 شهرًا.. تعرف على التفاصيل الكاملة
  • باكستان تحذر الهند: أي مغامرة خاطئة ستواجه برد أقسى
  • أمير الشرقية يستقبل الأطباء الفائزين بميداليات في معرض جنيف الدولي للاختراعات