أبعاد ودلالات أول زيارة لوزير الخارجية السوري إلى تركيا بعد سقوط الأسد
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
أنقرة– تستقبل العاصمة أنقرة، اليوم الأربعاء، وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول رفيع من الإدارة السورية الجديدة إلى تركيا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.
وتأتي زيارة الشيباني لأنقرة في سياق جولة دبلوماسية مكثفة أجراها في عدد من الدول العربية، شملت السعودية والإمارات وقطر والأردن.
وفي ظل هذا الحراك الدبلوماسي المتسارع، يرى مراقبون أن زيارة الشيباني لأنقرة تبرز كإشارة ذات دلالات عميقة على رغبة الطرفين في صياغة مرحلة جديدة للعلاقات بينهما، بما يعكس التغيرات الكبرى التي تشهدها المنطقة ومستقبل التعاون الإقليمي.
وكانت الخارجية التركية، قد أكدت -مساء أمس الثلاثاء- أن وفدا رفيع المستوى من الإدارة الجديدة في سوريا يترأسه وزير الخارجية سيزور البلاد، وأن وزير الخارجية هاكان فيدان ووزير الدفاع يشار غولر ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، سيعقدون اجتماعا مع نظرائهم السوريين خلال الزيارة.
ووفقا لما أوردته وسائل إعلام تركية، يضم الوفد السوري إلى جانب الشيباني وزيرَ الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب، ومن المتوقع أن يلتقي الوفد بالرئيس التركي رجب أردوغان ومسؤولين أتراك آخرين.
إعلانوكانت تركيا في طليعة الدول التي بادرت بالتواصل مع القيادة الجديدة في دمشق، بعد دعمها لفصائل المعارضة السورية في عملية "ردع العدوان" التي تمكنت خلالها من الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.
إذ زار دمشق رئيسُ جهاز الاستخبارات التركي في 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعقبه وزير الخارجية في 22 من الشهر ذاته، وأعلنا دعمهما للإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرع، في إشارة لحرص أنقرة على بناء جسور التعاون في مرحلة ما بعد الأسد.
وتواصل الوفود التركية زياراتها إلى دمشق بشكل مكثف للمساهمة في دعم الوضع الجديد في هذا البلد، حيث أبدت أنقرة استعدادها لدعم الإدارة السورية في مختلف المجالات، وشمل هذا قطاعات حيوية مثل الطاقة والنقل والتعليم والصحة والأمن والتجارة، إلى جانب مساعدة سوريا على استجماع قواها المؤسسية، وتمكين الدولة من أداء مهامها الأساسية بالمرحلة المقبلة.
ملفات التباحثبحسب تقارير إعلامية تركية، من المتوقع أن تتصدر الملفات الأمنية جدول أعمال النقاش بين الشيباني ونظيره التركي، خاصة التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وملف الوجود العسكري التركي بالأراضي السورية، الذي يشكل أحد أبرز القضايا الحساسة بين البلدين.
وإلى جانب القضايا الأمنية، يُرجّح أن يشمل النقاش أيضا ملف العقوبات الدولية المفروضة على دمشق، حيث تأمل الإدارة السورية الحصول على دعم تركي لتخفيف هذه العقوبات، إضافة إلى بحث التعاون في مجال الطاقة.
كما تسعى أنقرة، التي تمتلك خبرات واسعة في إعادة الإعمار، إلى لعب دور رئيسي في تأهيل البنية التحتية السورية، بما يشمل المطارات والطرق والمواصلات والمرافق الخدمية، تمهيداً لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وإلى جانب ذلك، يأتي ملف اللاجئين السوريين، الذين تستضيف تركيا نحو 3 ملايين منهم، من الأولويات المشتركة التي من المتوقع أن تحظى بنقاش واسع، لاسيما مع سعي سوريا لإعادة بناء مدنها وقراها لتسهيل عودتهم.
إعلانكما تركز الإدارة السورية على توحيد الفصائل المسلحة ضمن قيادة عسكرية موحدة، مع احتمال تلقي الدعم التركي في تدريب وتأهيل الجيش الوطني السوري الجديد.
وتأتي هذه المباحثات في سياق تحضيرات لزيارة مرتقبة للرئيس التركي إلى دمشق، والتي قد تمثل خطوة فارقة في إعادة تشكيل العلاقات الثنائية وترسيخ التعاون بين الجانبين في المرحلة المقبلة.
تحول إستراتيجييرى الباحث المتخصص في الشؤون التركية محمود علوش أن زيارة وزير الخارجية السوري إلى أنقرة تعكس الأهمية التي توليها الإدارة السورية للعلاقة مع تركيا، واصفا الأخيرة بأنها صديق وداعم قوي للسوريين.
وأشار علوش -في حديث للجزيرة نت- إلى أن تركيا كانت من أوائل الدول التي احتضنت الإدارة الجديدة في سوريا، وأرسلت وفودا رسمية إلى دمشق وقدّمتها للعالم، مما يعكس خصوصية العلاقة بين الجانبين، موضحا أن توقيت الزيارة، الذي جاء بعد جولة الشيباني بعدد من الدول العربية، يبرز سعي دمشق لإقامة شراكات متعددة مع الفاعلين الإقليميين وتنويع علاقاتها.
وأكد الباحث أن السوريين ينظرون إلى أدوار تركيا والعالم العربي باعتبارها تكاملية، مما يعزز الاستقرار ويضمن نجاح التحول في سوريا.
وبيّن المحلل السياسي أن هناك 3 أولويات مشتركة بين أنقرة ودمشق في هذه المرحلة تُشكل الإطار العام للعلاقة بين الطرفين في المرحلة المقبلة، وهي:
إنجاح عملية التحول السياسي في سوريا. الحفاظ على وحدة الأراضي السورية. معالجة ملف الوحدات الكردية بما يحقق المصالح الأمنية لتركيا ويضمن وحدة الدولة السورية.وأضاف علوش أن الوضع الجديد في سوريا يعيد تشكيل العلاقات مع تركيا بشكل مختلف عن العقود الماضية، لافتا إلى أن هذا التحول يفتح الباب أمام بناء شراكات إستراتيجية متعددة الأوجه. واعتبر أن استقرار سوريا يمثل مصلحة أمن قومي لتركيا التي تسعى جاهدة لتحقيق هذا الاستقرار وإنجاح عملية التحول السياسي.
إعلانوشدد على وجود مجالات إستراتيجية قد تشهد زخما في العلاقات الثنائية، مثل إعادة الإعمار وإعادة بناء مؤسسات الدولة، حيث تمتلك تركيا خبرة كبيرة في هذين المجالين. كما أوضح أن تمكين الدولة السورية من استعادة السيطرة على كافة أراضيها، بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة الوحدات الكردية، يُعد أولوية حيوية لتركيا.
مرحلة حساسةمن جانبه، يرى المحلل السياسي مراد تورال أن العلاقة بين سوريا وتركيا تمر بمرحلة مؤقتة وحساسة، تتسم بالكثير من المخاطر المحتملة، مؤكدا أن هذه المرحلة تتطلب إدارة دقيقة وتنسيقا فعالا لتجنب الصراعات وضمان تحقيق الاستقرار المطلوب.
وأوضح تورال -في حديث للجزيرة نت- أن العلاقات الثنائية بين دمشق وأنقرة تُبنى من الصفر، مشددا على أهمية توفير الأدوات المناسبة لتسييرها بشكل فعّال.
ولفت إلى أن تركيا تعمل على بناء علاقة متينة مع الإدارة السورية، مع التركيز على منع "أي وجود للمنظمات الإرهابية على الأراضي السورية، وعلى رأسها حزب العمال الكردستاني" الذي تعتبره تهديدا مباشرا لأمنها القومي.
وأضاف تورال أن مستقبل العلاقة بين أنقرة ودمشق يعتمد على قدرة الطرفين على معالجة القضايا العالقة بحكمة، مشددا على أهمية وجود إرادة سياسية قوية لبناء شراكة إستراتيجية طويلة الأمد تسهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الإدارة السوریة وزیر الخارجیة فی سوریا إلى جانب إلى أن
إقرأ أيضاً:
أنقرة تؤكد دعمها للحكومة السورية وتحذر من محاولات جرّ البلاد للفوضى
أكد مجلس الأمن القومي التركي، أمس الأربعاء، استمرار دعم أنقرة للحكومة السورية في جهودها الرامية إلى الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها واستقرارها، مشدداً على أن إحباط المحاولات الانفصالية والتدخلات الخارجية في الشأن السوري يظل أولوية قصوى لدى تركيا.
جاء ذلك في البيان الختامي لاجتماع المجلس الذي ترأسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في العاصمة أنقرة، وفق ما أعلنت رئاسة دائرة الاتصال بالرئاسة التركية.
وأشار البيان إلى أن الاجتماع ناقش بإسهاب تطورات المشهد السوري، في ظل المستجدات الإقليمية، مع التأكيد على أن حماية السيادة السورية ومنع جرّ البلاد مجدداً إلى دوامة من العنف والفوضى تمثل خطوطاً حمراء لأنقرة.
تحذير من الانزلاق نحو الفوضى
وشدد البيان على ضرورة التصدي للأنشطة الهدّامة والهجمات وعمليات الاحتلال التي تهدد كيان الدولة السورية، مؤكداً أن تركيا ستواصل موقفها الحازم في مواجهة كل من يسعى لتقسيم البلاد أو فرض واقع جديد يخالف الإرادة الشعبية السورية.
وفي الشأن الإقليمي، تناول الاجتماع التبعات السياسية والعسكرية للتصعيد الناتج عن الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران، وسط تحذير من خطر انزلاق المنطقة نحو مواجهات أوسع.
ودعا المجلس المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته إزاء الممارسات الإسرائيلية، محمّلاً تل أبيب مسؤولية تصعيد التوتر الإقليمي نتيجة سياساتها العدوانية، التي شملت استهداف أراضي فلسطين ولبنان وسوريا واليمن، وصولاً إلى إيران.
وأكد المجلس أن الجرائم الإسرائيلية في غزة تمثل "إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية"، داعياً إلى تحرك دولي عاجل لكبح جماح الاحتلال ووقف المجازر المتواصلة.
الحرب الروسية الأوكرانية ومكافحة الإرهاب
وعلى صعيد الملف الأوكراني، عبّر البيان عن قلق تركيا من مؤشرات تصعيد جديدة في الحرب الروسية الأوكرانية، مجدداً استعداد أنقرة للعب دور فاعل في جهود الوساطة وتحقيق سلام دائم في المنطقة.
كما استعرض الاجتماع التقدم في هدف "تركيا خالية من الإرهاب"، مشيراً إلى خطوات مستقبلية لتعزيز الأمن الداخلي، حيث شدد المجلس على أن إزالة "قيود الإرهاب" التي فُرضت على البلاد ستُسهم في تعزيز الوحدة الوطنية وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة بوتيرة أسرع وأكثر استقراراً.
استئصال بقايا تنظيم غولن
وفي هذا السياق، ناقش الاجتماع المرحلة التي بلغتها تركيا في محاربة تنظيم "غولن" المصنّف إرهابياً، والذي تتهمه أنقرة بالوقوف خلف محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز/يوليو 2016.
وجدد المجلس تأكيده على العزم الراسخ لتطهير البلاد من بقايا "شبكة الخيانة"، واستئصالها من مؤسسات الدولة بشكل نهائي.