مبادرة البعثة الأممية في ليبيا.. كيف تنجح في ظل التناحر والانقسام والمراوغة؟
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
يمر المشهد السياسي في ليبيا بحالة من الجمود جراء تعنت الأطراف المتنفذة ورفضها تقديم أية تنازلات من أجل الدفع نحو عملية انتخابية تجدد الشرعية والدماء في مؤسسات الدولة.
ورغم تشدق الجميع بالانتخابات إلا أنهم جميعا ضدها ويقاومون من أجل ألا تحدث لتأكدهم أنها لو تمت بشفافية ونزاهة ستزيحهم عنوة عن كراسييهم، لذا لن يوافقوا عليها أو يسمحوا بها إلا إذا ضمنوا البقاء والاستمرار.
وفي محاولة لكسر هذا الجمود طرحت المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة، ستيفاني خوري مبادرة جديدة خلال إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي في ديسمبر الماضي رأت خلالها ضرورة حل أزمة القوانين الانتخابية الخلافية وتشكيل حكومة توافقية على أن تلتزم أي حكومة جديدة قد تنبثق عن مفاوضات ليبية- ليبية التزاما صارما بالمبادئ والضمانات والأهداف والآجال الزمنية للوصول إلى الانتخابات كشرط لشرعيتها والاعتراف بها دوليا.
ولاقت المبادرة الأممية ترحيبا دوليا ودعما من الدول الكبرى ومن الفاعليين الدوليين والإقليميين في الملف الليبي لكن في المقابل لاقت صمتا ومراوغة وتشكيكا من الأطراف المحلية خاصة مجلسي النواب والدولة كونهما اعتبرا الخطوة محاولة لإزاحتهما من المشهد القابعين عليه منذ سنوات، لذا حاولا معا اتخاذ خطوات استباقية للتشويش على مبادرة خوري أو إرباكها.
لكن البعثة الأممية، التي رفضت المشاركة في اجتماع ليبي ضم أعضاء من مجلسي النواب والدولة في دولة المغرب، أصرت على الاستمرار في مبادرتها وأعلنت رسميا عن عناصرها الستة المتمثلة في: تشكيل لجنة استشارية، وتوحيد الحكومة، وإطلاق حوار شامل، والإصلاحات الاقتصادية، وتوحيد المؤسسات الأمنية، والمصالحة الوطنية، مؤكدة أن اللجنة الاستشارية سيوكل إليها معالجة كل القضايا التي تعيق إجراء الانتخابات، وفي مقدمتها القضايا المختلف بشأنها سياسيا في القوانين الانتخابية.
وفي محاولة للكشف عن طبيعة وآليات عمل اللجنة أوضحت البعثة أن اللجنة الفنية ستكون من مهامها وضع معايير وضمانات تؤطر عمل الحكومة القادمة، مشددة أن اللجنة لن تكون بديلا عن المؤسسات الحالية، كما أنها ستكون استشارية، وليست جسما لاتخاذ القرار، ما يمنحها مساحة كبيرة في وضع المقترحات والتصورات والخيارات الممكنة لحل الإشكاليات القائمة، وفق بيان البعثة الأممية.
ومن المؤكد أن هذه المبادرة الجديدة ستصطدم بحالة الجمود السياسي من ناحية وتعنت الأطراف المحلية الرافضة لإزاحتها من ناحية أخرى، لذا حتى تنجح هذه المبادرة وتدفع نحو تسوية سياسية مستدامة لابد لها من استراتيجيات قوية يحميها موقف دولي داعم سلاحه العقوبات في وجه أي معرقل.
ورغم أن المبادرة لازال ينقصها الكثير من التوضيحات خاصة ما يتعلق بمعايير اختيار اللجنة والمدد الزمنية لإنجاز مهامها وعلاقة مجلسي النواب والدولة بهذه اللجنة ومن يملك ترشيح عناصر الحكومة القادمة وآلية اختيارها وضمان المجتمع الدولي ممثلا في البعثة للقبول بهذه الحكومة وإجبار الحكومتين على تسليم السلطة دون تعنت أو رفض.
لكن في المجمل هي خطوة جيدة لتحريك مياة راكدة أزكمت رائحتها أنوف المواطن ومحاولة لكسر حالة الجمود السياسي التي طالت، ويتوقف نجاح وجدية هذه الخطى على عدة أمور منها ما هو محلي ومنها ما هو دولي وأممي.
محليا: تحتاج هذه المبادرة إلى حاضنة قوية من مؤسسات لها قبول ومصداقية وتأثير وفاعلية، وكذلك قبول من أطراف الصراع ومؤسسات الأمر الواقع وأخيرا ضغطا شعبيا وتحشيدا من قبل البعثة للشارع الليبي للضغط على هذه الأطراف من أجل تقديم التناولان وإبداء مرونة للمضي قدما في تنفيذ المبادرة.
دوليا: تحتاج الخطوة دعما حقيقيا على الأرض وليس مجرد بيانات، دعما يترجم على هيئة تهديد بعقوبات وتنفيذ عقوبات بالفعل على الأطراف المحلية المتعنتة وإجبارها على المضي قدما نحو تسوية سياسية مستدامة وتعديل القوانين الانتخابية وإنهاء حالة الانقسام والصراع ثم الانتقال إلى مرحلة التجهيز لعملية انتخابية شفافة وليست انتخابات مخطط لها ومضمونة نتائجها، ووجود القوى الدولية الفاعلة كمراقب لكل هذه الخطوات.
وإن لم تتوافر الأدوات الدولية وسياسة “العصا والجزرة” عبر يد مجلس الأمن والأمم المتحدة ستنجح الأطراف المحلية في المراوغة والتنصل من أي توافقات أو حلول تدفع نحو تسوية سياسية مستدامة وعملية انتخابية قريبا ستكتب فيها نهاية هذه الوجوه، لكن مع تفعيل الدور الدولي في ردع هذه الأطراف المتعنتة ستنجح المبادرة وتتبعها خطوات انتخابية تنعش المشهد الليبي وينجح المواطن في اختيار من يمثله مستفيدا من التجارب المريرة التي مر بها طيلة العشر سنوات الأخيرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
“*” باحث سياسي في العلاقات الدولية وشؤون المغرب العربي.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: الأطراف المحلیة
إقرأ أيضاً:
فتح باب التسجيل في مبادرة دعم البحث والابتكار بدبي
دبي: «الخليج»
أعلنت مؤسسة دبي للمستقبل فتح باب التسجيل في الدورة الثانية لمبادرة دعم وتمويل البحث والتطوير والابتكار في دبي، أمام مختلف الجامعات والمؤسسات البحثية بالإمارة، لتقديم مقترحات لمشاريع بحثية وعلمية نوعية وواعدة لدعم مسيرة النمو على المستويات التكنولوجية والاقتصادية والمجتمعية والابتكارية بالتعاون مع الجامعات والمعاهد المحلية والدولية وتماشياً مع الأولويات والاستراتيجيات الوطنية والمستقبلية لإمارة دبي.
وتركز هذه الدورة على مجالين رئيسيين هما مدن المستقبل، والصحة وعلوم الحياة، ويتضمن كل منهما 4 قطاعات تركز على استخدام أحدث التقنيات المتقدمة، حيث يدعم المجال الأول الأبحاث المتخصصة في حلول التنقل الذكي، والجيل القادم من البيئات المبنية والبنية التحتية، فيما يستهدف المجال الثاني 4 قطاعات هي الاكتشافات البيولوجية وعلوم النظم، والصحة السريرية والتطبيقية، والابتكار والهندسة الصحية، والتصنيع الحيوي والبيولوجيا التركيبية.
وتهدف المبادرة إلى تشجيع توظيف الأبحاث لأحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا المستقبل في مجالات الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، وإنترنت الأشياء، والتوائم الرقمية، والحوسبة المتقدمة والكمية، والمواد المتقدمة والهندسة النانوية، والأمن السيبراني، والبلوك تشين، وأنظمة الحفاظ على الخصوصية، وتقنيات الواقع المعزز والافتراضي، وغيرها.
وسيتم تقييم المشاركات حسب مجموعة من المعايير تشمل صلتها بمجالات البحث والتطوير والابتكار ذات الأولوية في دبي، والشراكات المستقبلية المحتملة، ودورها في بناء القدرات، والابتكار في منهجيتها ونتائجها، وتأثيرها المتوقع في مختلف القطاعات الاستراتيجية، والميزانية الإجمالية.
وتتاح المشاركة في المبادرة التي تم إطلاقها ضمن «برنامج دبي للبحث والتطوير والابتكار»، حتى 13 يونيو الجاري عبر الموقع الإلكتروني: (www.dubairdi.ae)، وسيتم اختيار مجموعة من المتقدمين لإرسال مقترحاتهم الكاملة لاختيار أفضلها للحصول على الدعم التمويلي، على أن تكون مدة مشروع البحثي بين عام و3 أعوام.
وشهدت المرحلة الأولى من المبادرة توفير الدعم التمويلي ل 24 مشروعاً بحثياً من 13 جامعة ومؤسسة بحثية تم اختيارها من بين 374 مشروعاً مبتكراً قدمتها 41 جامعة ومؤسسة بحثية، واستفاد 219 باحثاً من مختلف المستويات من المبادرة في هذه المرحلة.