لم تقتصر الكلمة على رصد الأحداث، بل قدمت قراءة معمقة لأبعاد الصراع وتداعياته على مستقبل المقاومة الفلسطينية. فقد قدم قائد الثورة، في كلمته التي ألقاها الخميس الماضي، قراءة تحليلية لخلفيات اتفاق إطلاق النار في غزة ومعطياته، وتطرق إلى تطلعات مستقبل المقاومة بقيادة حركتي حماس والجهاد، والكتائب والسرايا في القطاع،

حيث أكد السيد القائد على ثبات المقاتلين الفلسطينيين في غزة، من كتائب القسام وسرايا القدس وبقية الفصائل، الذين صمدوا وقاتلوا في ظروف بالغة الصعوبة وبإمكانات محدودة، في مواجهة الحشد العسكري الإسرائيلي الهائل الذي هدف إلى القضاء عليهم وإبادتهم واستئصالهم وإنهاء المقاومة نهائيًا.

وصف السيد القائد حجم الهجوم الإسرائيلي بأنه كان ضخمًا، حيث شمل مئات الآلاف من الجنود، وعددًا كبيرًا من الدبابات، وعمليات عدوانية لتدمير كل شيء في قطاع غزة، وقصفًا همجيًا شاملًا.

ومع ذلك، فشل العدو الإسرائيلي رغم إمكاناته الهائلة، والدعم الأمريكي المباشر على مستوى النشاط الاستخباراتي والرصد الجوي، الذي كان يهدف إلى توفير كل المعلومات اللازمة لإنهاء المقاومة والقضاء على المجاهدين.

أشار السيد القائد إلى أن المقاومة نشأت أصلًا في ظل حصار طويل، وبإمكانات محدودة جدًا. ورغم استخدام العدو لكل التكتيكات المتاحة، وبمشاركة أمريكية لتحقيق هذا الهدف، إلا أنه فشل.

ويعزو السيد القائد هذا الفشل إلى قوة الإيمان والإرادة والاستبسال والاستعداد العالي للتضحية، والعمل الفدائي البطولي من جانب المجاهدين الفلسطينيين، الذين جاهدوا بكل قيم التفاني وقوة الإرادة والتصميم الإيماني، وتكيفوا مع مختلف الظروف العسكرية، وأبدعوا في تكتيكهم القتالي.

نتيجة لذلك، كلما اعتمد العدو الإسرائيلي، بدعم أمريكي، على تكتيك أو خطة عسكرية معينة، مدروسة ومدعومة بكل الإمكانات القتالية والتدميرية، كان يفشل في نهاية المطاف.

وقد كرر عمليات الاجتياح في شمال القطاع وغيره، وأعلن السيطرة، ثم سرعان ما كان يواجه العدو بعمليات تفتك بضباطه وجنوده، وتدمر آلياته، وتلحق به الخسائر المباشرة.


وصف السيد القائد المشاهد البطولية والفدائية للمجاهدين في غزة بأنها كانت عظيمة ومذهلة ومؤثرة حتى على معنويات الأعداء، وأصابتهم بالإحباط. فبعد كل الدمار والخراب والقتل واستخدام كل الوسائل والتكتيكات، يفشل العدو، وتستمر العمليات الجهادية بل وتتصاعد بإبداع وتنويع في التكتيك، واستخدام للوسائل المتاحة، رغم الإمكانات البسيطة جدًا.

واستمرت العمليات، من القصف الصاروخي إلى ما يُسمى بغلاف غزة، إلى العمليات الكثيرة من المسافة صفر، في الاشتباك المباشر مع جنود العدو وضباطه.

يرى السيد القائد أن هذا المشهد درس كبير جدًا، وله أهمية كبيرة في مستوى ما تحقق من نتيجة مهمة جدًا، لأن الفشل الإسرائيلي يُقاس بمعيارين: الأول: حجم إمكانات العدو والشراكة الأمريكية الكاملة في العدوان، والثاني: الظروف الصعبة التي يعيشها المقاتلون في غزة، والإمكانات البسيطة، والحصار الشديد.

كما أشاد السيد القائد بثبات المجتمع الفلسطيني في غزة، الذي يُباد بشكل يومي، ويواجه مجازر جماعية متكررة، واستخدامًا لكل وسائل الإبادة والترهيب، وتدميرًا شاملًا لمقومات الحياة. ومع ذلك، يظهر صمودًا وثباتًا وتماسكًا منقطع النظير، ويتمسك بخيار المقاومة، ويثبت على أرضه ووطنه، رغم الإبادة والتجويع وانعدام الخدمات الصحية وشظف العيش.


وثمّن السيد القائد الثبات في الموقف السياسي لحركة حماس، ورفضها للشروط المذلة التي يسعى بها العدو للسيطرة على غزة وفرض الاستسلام، رغم الضغوط الكثيرة من الأمريكي والعالم الغربي والأنظمة العربية والوضع الميداني.

وأوضح السيد القائد أن الأمريكي اتجه إلى خيار الاتفاق بعد الإخفاق والفشل الكبير الذي بات واضحًا أنه لا أفق له، ما أوجد حالة إحباط ويأس لدى الإسرائيليين أنفسهم. فالعدوان بحجمه وهمجيته وإجرامه والشراكة الأمريكية الكاملة فيه لم يحقق أهدافه المعلنة، كاستعادة الأسرى بالقوة وإنهاء المقاومة في غزة.

اعترافات إسرائيلية

وكان العديد من الصهاينة قد اعترفوا بالفشل في استعادة الأسرى بالقوة، ما أدى إلى تزايد الإحباط واليأس لدى الصهاينة . أعلن من يُدعى بوزير “الأمن القومي” الإسرائيلي إيتمار بن غفير أنّه سيستقيل من “حكومة” العدو إذا تمّ تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

بن غفير علّق على صفقة تبادل الأسرى، مؤكداً أنّها “تعني هزيمة إسرائيل”، بحيث “تتضمن نهاية الحرب، على الرغم من أنّ حماس لم تُهزم”. وقال: “عندما نشاهد احتفالات الفرح لأنصار حماس في غزة والضفة الغربية، ندرك من هو الطرف الذي استسلم”.

وأعلن بن غفير أن حزب “القوة اليهودية”، برئاسته، “لا يُسقِط نتنياهو ولا يعمل مع اليسار”، إلا أنّه “لا يستطيع أن يكون جزءاً من سلطة تصادق على صفقة تشكّل جائزةً كبيرةً لحماس، ويمكن أن تُنزل بإسرائيل 7 أكتوبر أخرى”.

سنبني غزة من جديد
و أكد عضو المكتب السياسي لحماس ورئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، أن “إسرائيل” فشلت في تحقيق أهدافها، مشيراً إلى أن القطاع الآن أمام مرحلة البناء وإعادة الإعمار. وأضاف الحية في كلمة متلفزة، عقب الإعلان عن التوصل لاتفاق وقف النار بين حماس والكيان الإسرائيلي، “أننا قادرون بمساعدة الإخوة والأشقاء والمحبين والمتضامنين أن نبني غزة من جديد”.

وأكد أن عملية طوفان الأقصى، شكّلت منعطفاً مهماً في تاريخ القضية الفلسطينية، مضيفاً: “ستستمر آثار هذه المعركة ولن تتوقف بانتهاء هذه الحرب”.

وأشار الحية إلى أن “ما قام به الاحتلال الإسرائيلي وداعموه من حرب إبادة وحشية ومعاداة للإنسانية على مدى 467 يوماً سيبقى محفوراً في ذاكرة شعبنا والعالم، كأبشع إبادة جماعية في العصر الحديث”.

ولفت إلى أن “ما قامت به كتائب القسام الجناح العسكري لحماس أصاب كيان العدو في مقتل، وسيبقى في سجل التاريخ”. وتابع: “فصول حرب الإبادة ستبقى وصمة عار على جبين الإنسانية والعالم الصامت المتخاذل، ولن ينسى شعبنا كل من شارك في حرب الإبادة. ونؤكد أن كل هؤلاء سيلقون جزاء ما قدموا وفعلوا ولو وبعد حين”.

وأردف بالقول: “لقد حاول الاحتلال منذ بَدء العدوان تحقيق العديد من الأهداف، أعلن بعضها وأخفى البعض الآخر، فقال صراحة إنه يسعى لإنهاء المقاومة والقضاء على حماس، واستعادة الأسرى بالقوة العسكرية، وتغيير وجه المنطقة، فيما كان هدفه المبطن، تصفية القضية وتدمير القطاع والانتقام من أهله وتهجيرهم، والقضاء على إرادة شعبنا بالحرية، وتدمير كل معاني الأمل”.

لا جديد تحت الشمس

الشواهد تؤكد أن العدو الإسرائيلي مني بهزيمة نكراء، فلا هو استعاد أسراه بالقوة العسكرية ولم يتمكن من القضاء على حركات المقاومة الفلسطينية التي واصلت التنكيل بالعدو حتى اللحظة الأخيرة بالاتفاق. في المقابل خرجت المقاومة الفلسطينية منتصرة من هذه الجولة، حيث صمدت في وجه العدوان، وأجبرت الكيان على وقف إطلاق النار بشروطها.

ما يسمى بمعهد دراسات “الأمن القومي” الإسرائيلي، أكد أنّه “تم استنزاف الجيش الإسرائيلي في مهام لم يكن لها تأثير على شروط إنهاء الحرب”، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة والذي دخل حيّز التنفيذ الأحد 19 كانون الثاني.

وشدد المعهد، على أنّ “اتفاق وقف إطلاق النار يعني أن إسرائيل لن تدمر حماس لأنها لم تكن قادرة على ذلك”، مضيفًا “إصرار إسرائيل على مواصلة الحرب كان لأسباب سياسية أو بسبب قصر النظر”

وأوضح أنّ الحقيقة الأساسية أن حركة حماس ستتعافى أكثر وقيادتها المستقبلية ستغادر السجون”، مشيرًا إلى أنّ قرارات من يسمى برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو و”حكومته” والمؤسسة الأمنية “كانت على حساب حياة الجنود والأسرى إن الاتفاق على إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار، الذي أصبح في مراحل التنفيذ، يشكل محطة مهمة بالنسبة للفلسطينيين، سواء حماس أو الجمهور الفلسطيني”.

وأشار المعهد إلى أن حماس يكفيها أنها حافظت على بقائها قوةً حاكمة وعسكرية في قطاع غزة بعد خمسة عشر شهراً من الحرب ضد أقوى جيش في الشرق الأوسط” حسب زعم المعهد الذي أكد أن هذا بحد ذاته يشكل النصر. فقد نجحت حماس في الحفاظ على أهم أصولها الاستراتيجية، وهو الحفاظ على السيطرة على قطاع غزة، كخطوة نحو تحقيق هدفها المنشود المتمثل في السيطرة على النظام الفلسطيني بأكمله.

وأضاف “كما أن الاتفاق يبث روح النضال المتجددة في حماس وقيادتها”، فقد صرح القيادي البارز في حماس خليل الحية بأن “اتفاق وقف إطلاق النار هو نتيجة لصمود شعبنا لأكثر من 15 شهراً، وأن النضال سيستمر لأجيال ولن يتوقف”.

مؤكدا “وهكذا، لا جديد تحت الشمس فيما يتصل بحماس. فالمنظمة تواصل التركيز على إعادة بناء نفسها والحفاظ على قبضتها القوية على غزة وسكانها، وتواصل بإصرار كفاحها ضد إسرائيل حتى تحقيق الهدف النهائي، حتى ولو تأخر”.

 

الخاتمة:

الجولة الأخيرة من المواجهة مع العدو الإسرائيلي ليست سوى مرحلة من مراحل الصراع، لأننا أمام عدو يغتصب أرض فلسطين، ما يعني أن المعركة لن تنتهي معه إلا بتحرير كل أرض فلسطين، وهو ما أكده السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي بأننا سنتجه لبناء قدراتنا العسكرية بشكل أكبر وأكثر فاعلية، كما أننا سنتحضر للجولة المقبلة مع العدو، مؤكدا أن اليمن سيكون جزء من أي معركة مقبلة مع العدو ويسعى لإعداد ما يمكنه من قوة للتنكيل بالعدو الصهيوني.

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: اتفاق وقف إطلاق النار العدو الإسرائیلی السید القائد فی قطاع غزة فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

حماس تحيي الذكرى الأولى لاغتيال إسماعيل هنية

في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إسماعيل هنية، أصدرت الحركة بيانًا أكدت فيه أن "عامًا مضى على رحيل شهيد فلسطين والأمة، القائد الكبير الذي اغتالته يد الغدر الصهيونية في طهران فجر الثلاثاء 31 يوليو 2024، في جريمة غادرة لن تنسى".

وشددت الحركة في بيانها على أن سياسة الاغتيال التي ينتهجها الاحتلال "لم تزده إلا تجذرًا في المقاومة، وإصرارًا على مواصلة النضال حتى التحرير ودحر الاحتلال عن الأرض والمقدسات".

محطة مفصلية

وأشادت الحركة بسيرة القائد الراحل، مؤكدة أن مسيرته كانت "حافلة بالعمل والنضال في ميادين المقاومة والسياسة والدبلوماسية، منذ انخراطه في صفوف الحركة عقب الانتفاضة الأولى عام 1987، مرورًا برئاسته للحكومة الفلسطينية، وحتى قيادته للمكتب السياسي لحماس".

واعتبرت حماس أن استشهاد هنية، الذي دفن في العاصمة القطرية الدوحة، شكل "محطة مفصلية تؤكد أن قادة المقاومة في قلب المعركة، يقدمون أبناءهم شهداء كما فعل القائد أبو العبد الذي ودع عددًا من أبنائه وأحفاده قبل أن يختم حياته بالشهادة".

ودعت الحركة إلى اعتبار الثالث من أغسطس من كل عام يومًا وطنيًا وعالميًا لنصرة غزة والقدس والأقصى والأسرى، مطالبة الأحرار حول العالم بجعل هذه المناسبة "محطة نضالية ضد الاحتلال، وحراكًا شعبيًا مناهضًا لحرب الإبادة والتجويع بحق أهل غزة".

واختتمت الحركة بيانها بالتأكيد على "مواصلة درب الشهداء، والدفاع عن الثوابت، والسعي لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس"، مكررة شعارها: "وإنه لجهاد... نصر أو استشهاد".

تفاصيل الاغتيال

ففي صباح الأربعاء 31 يوليو 2024، أعلن الحرس الثوري الإيراني اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، إثر غارة إسرائيلية استهدفته في مقر إقامته بطهران، عقب مشاركته في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.

وأكدت حماس في بيان رسمي استشهاد هنية، ناعية "القائد المجاهد إلى الشعب الفلسطيني، والأمة العربية والإسلامية، وكل أحرار العالم"، واصفة الهجوم بأنه "غارة صهيونية غادرة".

وشهدت العاصمة الإيرانية، في اليوم التالي، مراسم تشييع رسمية وشعبية بحضور المرشد علي خامنئي، قبل أن ينقل جثمان هنية إلى العاصمة القطرية الدوحة. 

وأقيمت عليه صلاة الجنازة بعد صلاة الجمعة 2 أغسطس في جامع محمد بن عبد الوهاب، بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ووالده الأمير الوالد، إلى جانب وفود رسمية من تركيا، وقيادات فلسطينية، ومنظمات إسلامية، وجموع غفيرة من المشيعين. ووري الثرى في مقبرة الإمام المؤسس بمدينة لوسيل شمال الدوحة.

فشل العملية

وفي تطور لافت، كشفت "القناة 12" الإسرائيلية في تقرير نشرته لاحقًا أن العملية كانت قاب قوسين من الفشل، بعد أن غادر هنية غرفته – التي تم تفخيخها – بسبب عطل مفاجئ في نظام التكييف. 

وأضاف التقرير أن موظفين إيرانيين تدخلوا لإصلاح الخلل قبل عودة هنية إلى الغرفة، مشيرًا إلى أن الغارة التي أودت بحياته نفذت لاحقًا في الموقع ذاته، الذي يتبع لأحد بيوت الضيافة التابعة للحرس الثوري الإيراني.

هذه التفاصيل الجديدة تسلط الضوء على الثغرات الأمنية التي استغلها الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ واحدة من أخطر عمليات الاغتيال التي طالت قيادة "حماس" في السنوات الأخيرة.

طباعة شارك هنية اغتيال حماس إسماعيل هنية غزة القدس

مقالات مشابهة

  • “الرشق”: ترمب يكرّر أكاذيب الكيان الصهيوني وتحقيق أمريكي يفنّد مزاعم سرقة المساعدات
  • اللقاء المشترك يؤيد مضامين خطاب السيد القائد ويدعو للمشاركة الواسعة في مسيرات الغد
  • اللقاء المشترك يعلن تاييده لمضامين خطاب السيد القائد
  • معلومات تكشف أخطر استثمار أمريكي _ صهيوني يدار داخل هذه الدول العربية (تفاصيل)
  • السيد القائد يوجه اقوى تحذير لادوات اسرائيل في الداخل
  • من الوقود إلى التعاون الاستخباراتي والاقتصادي ، هذا ما قدمته دول عربية للعدو الإسرائيلي (تفاصيل خطيرة)
  • عاجل : مؤامرة صهيونية جديدة لإبادة أبناء غزة بمشاركة أمريكية غربية وهذا ما كشفه السيد القائد
  • السيد القائد: هدنة غزة خلفت ضحايا باكثر من 4 الاف وانزال المساعدات خداع
  • حماس تحيي الذكرى الأولى لاغتيال إسماعيل هنية
  • الشيخ نعيم قاسم: السلاح شأن لبناني ومن يطالب بتسليمه يخدم المشروع الإسرائيلي