دراسة ثورية حول بروتينات الإنسان تغير المعرفة البشرية
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
من المقرر أن تنطلق في المملكة المتحدة هذا الشهر أكبر دراسة على الإطلاق تركز على البروتينات المنتشرة في جسم الإنسان، وهي خطوة قد تُحدث ثورة في مجال اكتشاف الأمراض وتفتح آفاقًا جديدة للتشخيص المبكر.
يهدف المشروع، الذي يحمل اسم "UK Biobank Pharma Proteomics"، إلى استكشاف التفاعل المعقد بين الجينات وأسلوب الحياة والبيئة وكيفية تأثيرها على تطور الأمراض.
ووفقًا للباحثين، قد يؤدي هذا المشروع إلى ابتكار اختبارات دم بسيطة يمكنها تشخيص أمراض مثل السرطان والخرف قبل سنوات من التشخيص التقليدي، مما يساهم في اكتشاف الأمراض بشكل أسرع وأكثر دقة.
دراسة البروتينات: نافذة جديدة على تطور الأمراض
علم البروتينات، الذي يركز على دراسة البروتينات وتحليل دورها في الأمراض، أصبح محط اهتمام الباحثين نظرًا لتأثيره الكبير في فهم كيفية تسبب هذه البروتينات في الأمراض. يعد هذا المشروع امتدادًا لبرنامج تجريبي سابق نشر بيانات حول حوالي 3000 بروتين في عينات دم من 54000 مشارك في بنك المملكة المتحدة الحيوي.
وقد تمكن الباحثون بالفعل من تحديد البروتينات المرتفعة لدى المرضى الذين يصابون بالخرف قبل عقد من الزمن من تشخيصهم، وكذلك قبل سبع سنوات من تشخيص بعض أنواع السرطان.
الاستفادة من البيانات في مكافحة الأمراض
قال البروفيسور السير روري كولينز، الباحث الرئيسي والرئيس التنفيذي لبنك المملكة المتحدة الحيوي، إن البيانات التي سيتم جمعها ستمكن العلماء من استكشاف كيف تؤثر العوامل البيئية والجينية على تطور الأمراض، مما يسمح بتحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض قبل وقوعها. وأضاف أن هذه الاكتشافات قد تساعد في إيجاد طرق للوقاية من الأمراض قبل تطورها.
مشروع موسع لتسريع البحث الطبي
يهدف المشروع الموسع، الذي يدعمه اتحاد يضم 14 شركة أدوية، إلى قياس ما يصل إلى 5400 بروتين في عينات دم لـ 600,000 شخص. وتشمل العينات التي سيتم تحليلها تلك التي تم جمعها منذ 15 إلى 20 عامًا من 500,000 مشارك في البنك الحيوي، بما في ذلك عينات تم جمعها من 100,000 متطوع بعد 10 إلى 15 عامًا.
البروفيسورة نعومي ألين، كبيرة العلماء في البنك الحيوي، أوضحت أن هذه البيانات ستمنح الباحثين رؤية أعمق حول تأثير التغيرات في مستويات البروتين على تطور الأمراض المختلفة مع تقدم العمر. وأضافت أن هذه الدراسات ستساهم في تسريع البحث في أسباب الأمراض وتطوير علاجات جديدة.
اختبارات دم مبكرة لتشخيص السرطان والخرف
تظهر البيانات الأولية من التجارب أن مستويات بروتينات معينة ترتفع في الجسم لدى الأشخاص الذين سيصابون بأنواع متعددة من السرطان حتى سبع سنوات قبل التشخيص السريري. وبالنسبة للخرف، فقد أظهرت البيانات أن هذه المستويات ترتفع لمدة تصل إلى عشر سنوات قبل التشخيص. ويشير الباحثون إلى أن هذه النتائج قد تمهد الطريق لتطوير اختبارات دم بسيطة يمكن أن تكشف عن الأمراض في مراحل مبكرة، مما يسهم في تحسين العلاج والوقاية.
توسيع نطاق البحث لتشخيص الأمراض المناعية
البروفيسورة ألين أشارت أيضًا إلى أن البيانات التجريبية أظهرت وجود مستويات مرتفعة من البروتينات في الأشخاص المصابين بأمراض المناعة الذاتية مثل التصلب المتعدد ومرض كرون. ويفتح هذا المجال لإمكانية استخدام اختبارات دم بسيطة لتحسين تشخيص هذه الأمراض بشكل أكثر دقة.
فرص جديدة للأدوية وإعادة استخدامها
كما كشفت البيانات عن إمكانيات جديدة لإعادة استخدام بعض الأدوية الحالية لعلاج أمراض أخرى. على سبيل المثال، بعض البروتينات المرتبطة بالأمراض النفسية مثل الفصام والاكتئاب قد تكون هدفًا محتملًا لبعض الأدوية التي تعالج هذه الحالات. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الأبحاث أن بعض أدوية العلاج الكيميائي المستخدمة في علاج أنواع معينة من السرطان قد تكون فعالة أيضًا في علاج أنواع أخرى.
تمويل استثماري ودعم الشركات الكبرى
يُتوقع أن تسهم مجموعة من الشركات الكبرى مثل جونسون آند جونسون وأسترازينيكا وفايزر، بالإضافة إلى جلاكسو سميث كلاين، في دعم المشروع بملايين الجنيهات الاسترلينية. ستسهم هذه الاستثمارات في تمويل قياس مستويات البروتين في 300,000 عينة دم، ومن المتوقع أن يتم جمع هذه البيانات على مدار 12 شهرًا.
آفاق المستقبل: تحول في مجال الرعاية الصحية
من المتوقع أن تتيح هذه البيانات الفرصة لتحولات كبيرة في كيفية إجراء تطوير الأدوية وتقديم الرعاية الصحية. الدكتور كريس ويلان، رئيس مشروع البروتينات الدوائية في شركة جونسون آند جونسون، أعرب عن تفاؤله بشأن هذا المشروع قائلاً: "نأمل أن يحصل هذا المشروع على التمويل اللازم لإجراء كافة الاختبارات المخطط لها، ونحن واثقون من أننا سنتمكن من تحقيق ذلك."
بحلول عام 2027، من المتوقع أن تكون مجموعة البيانات كاملة ومتوفر للباحثين عبر منصة تحليل أبحاث البنك الحيوي في المملكة المتحدة، مما سيسهم في تغيير مشهد الرعاية الصحية وتطوير الأدوية في السنوات القادمة.
وتعد الدراسة واحدة من المشاريع الطبية الرائدة التي قد تشكل نقلة نوعية في اكتشاف الأمراض وتشخيصها، ما يمهد الطريق لعصر جديد في الطب الوقائي والعلاج المبكر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بروتينات المملكة المتحدة ا نافذة جديدة بحلول عام 2027 الرئيس التنفيذي البروتينات المملكة المتحدة الاختبارات على تطور الأمراض المملکة المتحدة هذا المشروع اختبارات دم أن هذه
إقرأ أيضاً:
«تريندز هاب».. أنموذج معرفي يعزّز مكانة البحث العلمي
هزاع أبوالريش (أبوظبي)
يُمثل البحث العلمي حجر الزاوية في تقدم الأمم وازدهارها، فهو القوة الدافعة للابتكار، وصناعة المعرفة، ورسم مسارات المستقبل والرؤى الثقافية، في عالم تتسارع فيه وتيرة التغيرات والتحديات، ومن خلال ذلك تبرز أهمية المؤسسات الفكرية ومراكز الأبحاث كركائز أساسية لصناعة القرار المستنير، وتوفير الحلول للمشكلات المعقدة.
وفي هذا السياق، تأتي الجائزة التي أطلقها مركز تريندز للبحوث والاستشارات، تحت عنوان «تريندز هاب للبحث العلمي»، كنموذج علمي ومعرفي وثقافي رائد لدعم التميز في البحث، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي الذي أصبح محركاً رئيسياً للتطور البشري.
ويؤكد الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، أن تخصيص الجائزة للذكاء الاصطناعي، يعكس إدراكاً عميقاً لدوره كعنصر محوري في التطور والتقدم، فالبحوث المتخصّصة في هذا المجال يمكنها أن تسهم بشكل كبير في تطوير خوارزميات أكثر دقة وسرعة، وتعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الضخمة، ودعم التعلم الذاتي، وتحسين قدرات التفاعل بين الإنسان والآلة.
ولفت الدكتور العلي إلى أن القدرة على استشراف المستقبل والتأثير إيجابياً على اتجاهاته، تتطلب فهماً عميقاً وشاملاً لأبعاد القضايا المطروحة على الساحة الجيوسياسية والاقتصادية والمعرفية، وهنا يكمن الدور الجوهري للبحث العلمي الرصين، الذي لا يكتفي بالتحليل والنقد، بل يمتدّ إلى تقديم رؤى استباقية وتوصيات عملية، فالبحث العلمي هو منجم الأفكار الجديدة، وحاضنة الابتكارات، والركيزة التي تُبنى عليها السياسات الفعّالة لتحقيق التنمية المستدامة والرخاء والاستقرار.
وتابع: «تكمن أهمية البحث العلمي في قدرته على تحديد الفرص والتحديات، ومن خلال التحليل المنهجي للبيانات والظواهر، يمكن للبحث العلمي أن يكشف عن الفرص الكامنة والتحديات المحتملة في مختلف القطاعات، وكذلك توفير إجابات علمية وموضوعية، بدلاً من الاعتماد على التخمينات، إذ يقدم البحث العلمي أدلة وبراهين تساعد في فهم أعمق للقضايا، كما أنه يدعم صناعة القرار، حيث يزوّد البحث العلمي صانعي السياسات بالمعلومات والتحليلات اللازمة، لاتخاذ قرارات مستنيرة ورشيدة، ومن جهة تشكيل الوعي المجتمعي، فإنه يسهم البحث العلمي في تثقيف الرأي العام وتوعية الشعوب بأبعاد القضايا المختلفة على الصعيدين الداخلي والخارجي، أما فيما يتعلق ببناء مستقبل قائم على المعرفة، فإن البحث العلمي يؤسّس لبناء اقتصادات ومجتمعات تعتمد على الابتكار والمعرفة كركائز أساسية للنمو».
ويوضح الدكتور العلي بقوله: «سعت جائزة (تريندز هاب للبحث العلمي) في دورتها الأولى، إلى الاستثمار في البحث العلمي وتطويره، ودعم المعرفة، مما يعكس مدى اهتمام (تريندز) بتعزيز الثقافة البحثية ودورها الفاعل في الدفع نحو إنجازات علمية تتجاوز حدود التقليدية، وإدراكاً للدور المتزايد للذكاء الاصطناعي كقوة محورية في التطور، وخصّص المركز النسخة الثانية من الجائزة لبحوث الذكاء الاصطناعي، حيث إن هذه المبادرة ليست مجرد تكريم، بل استثمار استراتيجي في مستقبل البحث العلمي والابتكار».
وأضاف: «تتمحور أهداف الجائزة حول محاور أساسية عدة، منها: دعم التميز العلمي وتعزيز الابتكار بتشجيع الباحثين على تقديم أبحاث متخصّصة ومبتكرة، تسهم في دفع عجلة التطور في مجال الذكاء الاصطناعي، وتمكين الباحثين وخلق بيئة تنافسية بتوفير منصة للباحثين على المستويين الإقليمي والعالمي لعرض أبحاثهم، وتحفيز التنافس الإيجابي، الذي يرتقي بجودة المخرجات العلمية، وإحداث حراك علمي بنَّاء عبر بناء جسور التعاون بين الباحثين والأكاديميين والمؤسسات العلمية لتبادل المعرفة والخبرات، وتشجيع العمل المشترك في تطوير تطبيقات عملية للذكاء الاصطناعي، وأيضاً معالجة التحديات الأخلاقية والاجتماعية بالتركيز على البحوث التي تتناول قضايا الأمان، والخصوصية، والمسؤولية الاجتماعية المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتقديم حلول مبتكرة لهذه التحديات، وكذلك تقديم حلول عملية لمشكلات حقيقية بتوجيه البحث نحو تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تسهم في تحسين جودة الحياة في مجالات حيوية مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والصناعة، والاقتصاد، وكفاءة الطاقة، بالإضافة إلى استشراف المخاطر والتصدي لها، وبشكل خاص، كما تولي الجائزة اهتماماً بالبحوث التي ترصد وتتبع أنماط استغلال الجماعات الإرهابية للذكاء الاصطناعي، بهدف وضع آليات وسياسات استباقية لمكافحة هذه الظاهرة والحد من تأثيراتها السلبية».
يقول فهد المهري، رئيس قطاع «تريندز - دبي»: «الجائزة ستواصل استقبال طلبات الترشح في نسختها الثانية حتى 30 يونيو 2025، وسيتم الإعلان عن الفائزين بالمراكز الثلاثة الأولى في التاسع من سبتمبر 2025، الذي يوافق الذكرى السنوية لتأسيس مركز تريندز للبحوث والاستشارات، مشيراً إلى أن الجائزة تهدف إلى بناء جسور التعاون بين الباحثين والأكاديميين والمؤسسات العلمية لتبادل المعرفة والخبرات، إضافة إلى التعاون في تطوير تطبيقات عملية للذكاء الاصطناعي».