في ليبيا.. حضر التصالح الاجتماعي وغابت المصالحة السياسية
تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT
رغم إجماع السياسيين الليبيين على أهمية المصالحة الوطنية، لكنهم لم يصلوا حتى الآن إلى صيغة توافقية، في حين أشار خبراء إلى أن البلاد لا تحتاج إلى مصالحة مجتمعية، لأن الخلاف سياسي أكثر منه خلاف اجتماعي.
وأقر مجلس النواب الليبي بتاريخ السابع من يناير/كانون الثاني الجاري، خلال جلسة برئاسة رئيس المجلس عقيلة صالح بمدينة بنغازي شرق ليبيا بالأغلبية، مشروع قانون المصالحة الوطنية بعد استيفاء مناقشة ومداولة مواده، الأمر الذي رفضه المجلس الرئاسي الليبي واعتبره "تسييسا".
ودعا المجلس الرئاسي إلى الالتزام بالاتفاق السياسي الليبي (لعام 2021)، بوصفه أساسا شرعيا لتنظيم عمل المؤسسات السياسية وتنسيق اختصاصاتها لتجنب النزاعات وفرض الأمر الواقع.
وأكد أن إنجاح مشروع المصالحة الوطنية يتطلب تعاون الأطراف كافة لإرساء العدالة والسلم الأهلي.
وفي التاسع من سبتمبر/أيلول 2021، أعلن المجلس الرئاسي الليبي إطلاقه مشروع المصالحة الوطنية الشاملة، وهي المهمة التي كلفه بها ملتقى الحوار السياسي الذي رعته الأمم المتحدة بين أطراف النزاع الليبي في جنيف في يناير/كانون الثاني 2021، والذي انبثق عنه "الرئاسي" في الخامس من فبراير/شباط 2021، إلى جانب حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
إعلانمن جانبه، اعتبر علي السويح، عضو مجلس الدولة الليبي، أن المصالحة الوطنية من أهم القضايا في الشأن الليبي الآن، وأنها جزء لا يتجزأ للحل السياسي بين كل الأطراف.
وأضاف السويح -في تصريحات لوكالة الأناضول- أنه في ليبيا "ليست هناك مشكلة بين طرفين واضحين بأتم معنى الكلمة، بل بين عدة أطراف، والليبيون يريدون مصالحة مبنية على قاعدة سليمة وفق قوانين يتفق عليها الجميع".
تفرّد بعض الأطرافوحول إقرار البرلمان مصالحة، قال السويح "المشكلة أن بعض الأطراف تحاول التفرد بملف المصالحة وتحاول استثمارها".
وأضاف أن ملف المصالحة يحتاج إلى اتصالات وحوارات بين الأطراف المختلفين في الشأن الليبي وما ترتب عليه من مشاكل نريد وضع حل لها.
وأشار إلى أن الحل ليس بيد مجلس النواب ولا المجلس الرئاسي فقط أو المجلس الأعلى للدولة، موضحا أن "هذا شأن ليبي عام، ومشكلة المصالحة مشكلة عامة في ليبيا يجب الانفتاح والتعاون بين هذه الأجسام مجتمعة.. الجميع بما فيها الأجسام التنفيذية وكذلك الأطراف ذات العلاقة".
وحول غياب آلية تجميعية لحوار يشترك فيه الجميع، قال السويح "الذي حصل في العمل السياسي والتجاذبات انعكس حتى على ملف المصالحة الذي من المفروض ألا يحصل له ذلك، لأنه يلبي مصلحة عامة ويلبي طلبات المتضررين ويجمع شمل ليبيا، ولكن كل الصراعات تم إقحامها في كل الملفات وهذه أكبر مشكلة تواجه ليبيا".
قابل للتعديلوردا على الاتهامات بـ"التسرع والتسييس" في إطلاق هذا القانون، قال عضو مجلس النواب الليبي خليفة الدغاري إن "هذا القانون ليس نهائيا، وإذا كانت هناك تعديلات مطلوبة أو ملاحظات يمكن تعديله".
وحول إمكانية الاستجابة لأي طلب تعديل، أضاف الدغاري أن "قانون المصالحة الوطنية هو من القوانين التوافقية بين كل الأطراف على صيغة القانون مهما كانت الجهة التي تبنته".
إعلانوأضاف "ليبيا تحتاج إلى مصالحة سياسية ولا تحتاج إلى مصالحة مجتمعية، الموضوع هو خلاف سياسي أكثر منه خلاف اجتماعي".
ووفق الدغاري فإن "الليبيين متصالحون بطبيعة المجتمع الليبي الذي يعتمد العرف، عكس أي بلد عربي آخر، ونحن نأخذ دائما بالعرف الذي لا يقل قيمة عن القانون، والمجتمع الليبي بطبيعته متصالح".
بدوره، قال الباحث في العلاقات الدولية بشير الجويني إن ما حصل ويحصل في ليبيا، في آخر 10 سنوات، هو أن المصالحة الوطنية في جزء كبير منها بقيت أسيرة التجاذبات، البعض منها داخلي وبعضها خارجي ولم يتم تنزيل مسألة المصالحة وتمليكها لأطراف النزاع.
ووفق الجويني، هناك خصوصية في ليبيا، وهي أنه ليست هناك مشاكل أصيلة بين مكونات الشعب الليبي، وقضية الشرق والغرب وقضية الفدرالية وغيرها من المسائل التي أثيرت في السنوات الأخيرة هي مسائل موجودة تعايش معها الليبيون قبل 2011 ويمكن أن يتعايشوا معها شرط ألا يتم توظيف المسألة بشكل سياسي.
وأضاف الجويني أن في تاريخ ليبيا وفي ماضيها أشياء مشرفة تدل على أن الليبيين قادرون على حل خلافاتهم بأشكال تراعي البيئة المحلية وتراعي التقاليد المحلية وتضمن أن المصالحة تكون مصالحة مستدامة ولا تكون مصالحة ذات بعد سياسي أو تكون مصالحة مرحلية أو ظرفية.
وتستمر جهود أممية ومحلية لإيصال ليبيا إلى انتخابات تحل أزمة صراع بين حكومتين: إحداهما حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة ومقرها طرابلس (غرب) وتدير كامل غرب البلاد، ومعترف بها من الأمم المتحدة.
والحكومة الأخرى عينها مجلس النواب مطلع 2022 برئاسة أسامة حماد ومقرها بنغازي، وتدير منها كامل شرق البلاد ومعظم مدن الجنوب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المصالحة الوطنیة المجلس الرئاسی مجلس النواب فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
القصة الكاملة.. التصالح يسدل الستار على أزمة طبيب قنا
بعد ساعات من التداول عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، وداخل أروقة قسم الشرطة ونيابة قوص الجزئية بقنا، أسدل الستار على واقعة طبيب الجراحة العامة بمدينة قوص، بالتصالح وإخلاء السبيل من سراى النيابة، بعد تنازل أسرة المريضة عن البلاغ المقدم ضد الطبيب.
وقفة عيد الأضحى المباركتفاصيل الأزمة، بدأت يوم وقفة عيد الأضحى المبارك، عندما توجهت أسرة مريضة مسنة إلى عيادة خاصة لطبيب جراحة عامة، مع حالة من الفوضى والعشوائية، رصدها الفيديو المتداول على مواقع التواصل الاجتماعى، لتوقيع الكشف على مريضتهم، مع إصرار من الطبيب على رفض الكشف لسوء تعامل ذويها مع سكرتير العيادة.
الأمور تفاقمت مع إصرار أهل المريضة على إجبار الطبيب توقيع الكشف الطبي لتدهور حالتها الصحية واستنادهم إلى تحويل طبيب باطنة، وفى المقابل إصرار الطبيب على الرفض، رداً على ما حدث من ذوى المريضة من تجاوزات و"سب" له وللسكرتير وإحداث حالة من الفوضى والتصوير دون إذن.
تهتك في المرارةالأزمة تصاعدت عقب وفاة المريضة المسنة، نظراً لعامل السن وتدهور حالتها الصحية وإصابتها بتهتك في المرارة وفقاً لتقرير المستشفى، وتصاعدت حدة التوتر أكثر، عقب نشر وتداول مقطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعى، لتتحول الواقعة إلى قضية رأى عام، تباينت خلالها أراء المواطنين، ما بين متعاطف مع الحالة وآخرين مع الطبيب، وفريق آخر يلقى اللوم على الطرفين.
تحولها إلى قضية رأى عام، دفع أجهزة الأمن للتحفظ على الطبيب ومباشرة التحقيقات لعدة ساعات في الواقعة، وإحالة الطبيب لنيابة قوص الجزئية، والتي انتهت فيها الزمة، بتنازل ابن المريضة المتوفاة، والتصالح بين الطرفين، مع تقديم الطبيب واجب العزاء لأسرة المتوفاة.
النقابة العامة للأطباءالنقابة العامة للأطباء، كانت على تواصل دائم مع نقابة أطباء قنا الفرعية، لمتابعة مجريات الأحداث، ودعم ومؤازرة الطبيب بفريق قانونى، لمساندته في التحقيقات التي لم تستغرق سوى ساعات، حتى أسدل الستار على الأزمة بالتنازل والتصالح، فضلاً عن توجه فريق من النقابة بقيادة الدكتور محمد الديب، نقيب أطباء قنا، والدكتور محمود عويس، عضو مجلس نقابة أطباء قنا، وطارق سرور، المستشار القانوني لنقابة أطباء قنا الفرعية، ولفيف من أطباء الجراحة بقنا.
كما أصدرت نقابة أطباء قنا الفرعية، بياناً ثمنت فيه دور النقابة العامة للأطباء، في مساندتها لطبيب الجراحة العامة بقنا، خلال الأزمة الأخيرة مع أسرة مريضة بمركز قوص، والتي انتهت بالتصالح بين الطرفين، مع تقديمها خالص العزاء لأسرة المريضة المتوفاة.
وأشار بيان نقابة أطباء قنا الفرعية، إلى أن ما حدث بين الطبيب وأسرة المريضة المتوفاة، سوء تفاهم انتهى بالتصالح والتراضى بين الطرفين، آملين ألا تتكرر مثل هذه المواقف التي لا تعبر عن رسالة الأطباء ودورهم الإنسانى في التعامل مع المرضى، كما أنها لا تعبر عن الشعب القنائى المعروف بالقيم النبيلة.
وأكد بيان نقابة أطباء قنا الفرعية، بأن هذا التصالح يأتى تتويجًا لحرص النقابة على حقوق أعضائها وكرامتهم، مع التأكيد على سيادة القانون وأهمية الحفاظ على العلاقة الإيجابية بين الأطباء والمواطنين، حيث تم التصالح وإنهاء القضية بعد مفاوضات بناءة شارك فيها أطراف عديدة، وتم خلالها استعراض كافة وجهات النظر للوصول إلى حل يرضي الجميع ويحقق المصلحة العامة.