ترامب يعلن عن استثمار 500 مليار دولار بالبنية التحتية للذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثلاثاء عن استثمار القطاع الخاص ما يصل إلى 500 مليار دولار لتمويل البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.
وبحسب عدة تقارير تخطط "أوبن إيه آي" و"سوفت بنك" و"أوراكل" لمشروع مشترك مقره تكساس يسمى "ستارغيت"، وتعهدت بأن تستثمر فيه 100 مليار دولار في البداية ثم ما يصل إلى 500 مليار على مدى السنوات الأربع المقبلة.
انضم رئيس سوفت بنك التنفيذي ماسايوشي سون ونظيراه في أوبن إيهآي سام ألتمان وفي أوراكل لاري إليسون إلى ترامب في البيت الأبيض لإطلاق المشروع.
يأتي الإعلان في ثاني أيام ترامب في منصبه بعد التراجع عن الأمر التنفيذي الذي أصدره سلفه جو بايدن بشأن الذكاء الاصطناعي، وكان يهدف إلى تقليل المخاطر التي يفرضها على المستهلكين والعمال والأمن القومي.
ويتطلب الذكاء الاصطناعي قوة حوسبة هائلة، مما يزيد الطلب على مراكز البيانات المتخصصة التي تمكن شركات التكنولوجيا من ربط آلاف الرقائق معا في مجموعات.
وقال ترامب "يتعين عليهم إنتاج الكثير من الكهرباء، وسنجعل من الممكن لهم إنجاز هذا الإنتاج بسهولة بالغة في مصانعهم الخاصة إذا أرادوا".
وقالت شركة نورث أمريكان إلكتريك ريليابل كوربوريشن في ديسمبر/كانون الأول إنه مع ارتفاع استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة من مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي وكهربة المباني ووسائل النقل، فإن نحو نصف البلاد معرض لخطر متزايد من نقص إمدادات الطاقة في العقد المقبل.
إعلان وعود 2016 تتحقق في 2024ووعد ترامب عندما كان مرشحا في 2016 بتقديم مشروع قانون للبنية التحتية قيمته تريليون دولار إلى الكونغرس لكنه لم يفعل.
وتحدث عن الموضوع كثيرا خلال ولايته الرئاسية الأولى من 2017 إلى2021، لكنه لم يقدم أي استثمار كبير، وأصبح "أسبوع البنية التحتية" مثار تندر.
وقفزت أسهم "أوراكل" 7% مع ورود أنباء أولية عن المشروع في وقت سابق من اليوم. كما ارتفعت أسهم "إنفيديا" و"أرم هولدينجز" و"ديل".
ولم يتضح بعد ما إذا كان الإعلان تحديثا لمشروع سبق الحديث عنه. ففي مارس/آذار 2024، أفاد موقع "ذي إنفورميشن" الإخباري المتخصص في التكنولوجيا، أن "أوبن إيه آي" و"مايكروسوفت" تعملان على خطط لمشروع مركز بيانات كلفته 100 مليار دولار والذي من المقرر أن يشمل حاسوبا فائقا يعمل بالذكاء الاصطناعي يسمى أيضا ستارغيت، ومن المقرر إطلاقه في 2028.
وارتفع الاستثمار في الذكاء الاصطناعي منذ أن أطلقت "أوبن إيه آي" تطبيق "شات جي بي تي" في 2022، إذ تسعى الشركات في مختلف القطاعات إلى دمج تلك التقنية في منتجاتها وخدماتها.
ويأتي مشروع ترامب الجديد في الوقت الذي تكافح فيه شركات التكنولوجيا الكبرى لتلبية نهم متطلبات حوسبة الذكاء الاصطناعي وأيضا تأمين الطاقة الكهربائية اللازمة لتطوير هذه التكنولوجيا الجديدة.
وقال ترامب إن مشروع "ستارغيت" سيقوم بإنشاء البنية التحتية المادية والافتراضية لتشغيل الجيل القادم المتقدم من الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك بناء "مراكز بيانات ضخمة".
وتتقدم تكساس بسرعة كبيرة لتحتل مكان ولاية كاليفورنيا بالنسبة للاستثمارات الكبيرة في مجال التكنولوجيا في الولايات المتحدة.
وسلط لاري إليسون رئيس أوراكل في تصريحات مقتضبة في البيت الأبيض الضوء على الابتكارات الواعدة للذكاء الاصطناعي في مجال الطب، مثل "الكشف المبكر عن السرطان من خلال فحص الدم".
إعلانويأتي الإعلان عن مشروع ستارغيت بعد يوم من إلغاء ترامب أمرا تنفيذيا أصدره سلفه جو بايدن وينص على فرض تدابير للإشراف على الشركات التي تطور برامج الذكاء الاصطناعي.
ويترك إلغاء هذا الأمر الاثنين، الولايات المتحدة بلا أي اجراءات رسمية للحكومة الفدرالية للحد من مخاطر هذه التكنولوجيا، خاصة بالنسبة للخصوصية ومنع انتهاكات الحقوق المدنية، على الرغم من سعي بعض الولايات لاتخاذ تدابير خاصة بها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الذکاء الاصطناعی ملیار دولار أوبن إیه آی
إقرأ أيضاً:
هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟
منذ آلاف السنين، لم يكن النمو الاقتصادي العالمي سوى زحف بطيء يُلاحظ بالكاد. فحتى عام 1700، لم يتجاوز متوسط نمو الناتج العالمي نسبة 0.1% سنويًا، أي ما يعني أن الاقتصاد كان يحتاج نحو ألف عام ليتضاعف، لكن الثورة الصناعية غيّرت ذلك المسار، وتوالت القفزات في معدلات النمو حتى بلغ متوسطه 2.8% في القرن العشرين.
واليوم، يقف العالم أمام وعود جديدة -وربما مخيفة- بانفجار اقتصادي يفوق كل ما عرفه التاريخ، مدفوعًا بما يُعرف بالذكاء الاصطناعي العام، وفقًا لتقرير موسّع نشرته مجلة إيكونوميست.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إسبانيا تعلّق شراء صواريخ إسرائيلية بـ327 مليون دولارlist 2 of 2الذكاء الاصطناعي لتحديد قيمة للعقارات في تركياend of list نمو سنوي يصل إلى 30%؟وفقًا لمتفائلين من أمثال سام ألتمان، المدير التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"، فإن الذكاء الاصطناعي قادر في المستقبل القريب على أداء معظم المهام المكتبية بكفاءة أعلى من البشر.
هؤلاء يرون أن النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي العالمي قد يقفز إلى ما بين 20% و30%، وهي نسب غير مسبوقة تاريخيًا، لكنها من وجهة نظرهم ليست أكثر جنونًا من فكرة "النمو الاقتصادي" التي كانت نفسها مرفوضة في معظم تاريخ البشرية.
ومع تسارع تطور نماذج الذكاء الاصطناعي، لم يعد التهديد الأكبر يكمن فقط في إحلالها مكان العاملين، بل في احتمال أن تقود انفجارًا إنتاجيًا شاملًا، يبدّل ليس فقط سوق العمل، بل أسواق السلع والخدمات والأصول المالية أيضًا.
من نمو السكان إلى نمو الأفكار.. والآن نمو الآلاتويعتمد جوهر نظرية النمو الكلاسيكية على زيادة السكان، التي كانت تسمح بإنتاج أكبر، لكن دون تحسن جوهري في مستوى المعيشة. ومع الثورة الصناعية، تغير هذا النمط، حيث أظهرت الأفكار -لا الأجساد- أنها قادرة على توليد الثروة، وفق ما أوضحه الاقتصادي مالتوس ثم دحضه الواقع لاحقًا.
وبحسب ما نقله التقرير عن "أنسون هو" من مركز "إيبوخ إيه آي"، فإن الذكاء الاصطناعي العام قد يحقق قفزة شبيهة، حيث لا تعود الإنتاجية مرتبطة بزيادة السكان، بل بسرعة تحسين التقنية ذاتها. فحين تصبح الآلات قادرة على تطوير نفسها ومضاعفة قدراتها، فإن النمو يصبح نظريًا غير محدود.
لكن بعض الباحثين -مثل فيليب تراميل وأنتون كورينيك -يشيرون إلى أن أتمتة الإنتاج وحدها لا تكفي لإحداث نمو متسارع ما لم تُستخدم لتسريع الابتكار ذاته، وهو ما قد يُحقق عبر مختبرات ذكاء اصطناعي مؤتمتة بالكامل بحلول 2027، وفقًا لتوقعات "إيه آي فيوتشرز بروجكت".
إعلان الانفجار الاستثماري ومفارقة الفائدة المرتفعةوإذا صدقت هذه النماذج، فإن العالم سيشهد طلبًا هائلًا على رأس المال للاستثمار في الطاقة، ومراكز البيانات، والبنية التحتية. فمشروع "ستارغيت" من أوبن إيه آي الذي يُقدّر بـ500 مليار دولار، قد يُعتبر مجرد بداية.
ووفقًا لنموذج "إيبوك إيه آي"، فإن الاستثمار الأمثل في الذكاء الاصطناعي لعام 2025 وحده يجب أن يبلغ 25 تريليون دولار.
لكن هذه الوتيرة ستؤدي أيضًا إلى ارتفاع كبير في أسعار الفائدة الحقيقية. فمع توقع ارتفاع الدخول المستقبلية، قد يفضّل الأفراد الإنفاق بدل الادخار، مما يتطلب رفع العوائد على الادخار لجذب الأموال مجددًا. وهذا ما أشار إليه الاقتصادي فرانك رامزي منذ أوائل القرن العشرين، وأكدته النماذج الحديثة التي حللها التقرير.
وفي ظل هذه الديناميكيات، تبقى الآثار على أسعار الأصول غير محسومة. فرغم النمو السريع في أرباح الشركات، فإن ارتفاع أسعار الفائدة قد يقلل من القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية، مما يخلق صراعًا بين عاملَي النمو والعائد.
أين يقف العامل البشري في كل ذلك؟لكن ماذا عن العمال؟ وهنا، يبرز التحدي الحقيقي، فالذكاء الاصطناعي قد يجعل من التوظيف البشري خيارًا ثانويًا، إذ تضعف الحاجة للعمالة إذا باتت الآلة أرخص وأكثر كفاءة. ومع تقدم التقنية، تنخفض كلفة تشغيل الذكاء الاصطناعي، مما يُضعف الحد الأعلى للأجور التي يمكن دفعها للبشر.
وبحسب دراسة ويليام نوردهاوس الحائز جائزة نوبل، فإن جميع العوائد ستتجه في النهاية إلى مالكي رأس المال، وليس إلى العمال. لذا، فإن من لا يمتلك أصولًا رأسمالية -شركات، أرضا، بيانات، بنية تحتية- سيكون في وضع هش، اقتصاديًا.
رغم ذلك، لا يعني هذا أن الجميع سيخسر. إذ من الممكن أن تنشأ "أمراض باومول المعكوسة" -وهي ظاهرة اقتصادية تشير إلى ارتفاع أجور الأعمال التي يصعب أتمتتها، رغم بطء نمو إنتاجيتها-، حيث ترتفع أجور الأعمال التي يصعب أتمتتها، مثل التعليم، الطهي، ورعاية الأطفال، فقط لأنها تتطلب تفاعلًا بشريًا لا يمكن تعويضه بالكامل.
لكن بالمقابل، فإن أي شخص ينتقل من وظيفة مكتبية تقليدية إلى قطاع يدوي مكثف بالعمل قد يجد أن قوته الشرائية تنخفض، رغم ارتفاع أجره، لأن كلفة هذه الخدمات سترتفع أكثر من أسعار السلع المؤتمتة بالكامل.
هل يتحرك العالم فعلًا نحو "التفرّد الاقتصادي"؟"التفرّد" -أو لحظة التحول حين تصبح المعلومات تُنتج المعلومات بلا قيود مادية- يبقى مفهومًا جدليًا، لكنه، بحسب نوردهاوس، يمثل الحد النظري النهائي لمسار الذكاء الاصطناعي.
وبعض الاقتصاديين يرون هذا المفهوم دليلا على أن النماذج نفسها ستثبت خطأها، لأن اللانهاية في النمو مستحيلة نظريًا. لكن الوصول إلى مجرد نمو بنسبة 20% سنويًا، وفقًا لإيبوك إيه آي، سيكون حدثًا مفصليًا غير مسبوق في تاريخ البشرية.
مع ذلك، تشير المجلة إلى أن الأسواق لم تُسعّر بعد هذا السيناريو بالكامل. فعلى الرغم من تقييمات التكنولوجيا المرتفعة، فإن عوائد السندات تنخفض غالبًا عقب الإعلان عن نماذج ذكاء اصطناعي جديدة، كما وجدت دراسة لباحثين من معهد ماساتشوستس. بكلمات أوضح: وادي السيليكون لم يُقنع العالم بعد.
إعلان ماذا على الأفراد فعله إذا وقع الانفجار؟التوصية التي تتكرر في جميع النماذج بسيطة، امتلك رأس المال. ومع ذلك، يبقى من الصعب تحديد أي نوع من الأصول هو الأفضل. الأسهم؟ الأراضي؟ النقد؟ كلها تواجه مفارقات في ظل مزيج من الفائدة المرتفعة، والتضخم المحتمل، والانفجار الاستثماري.
وفي ختام التقرير، تستحضر إيكونوميست قول روبرت لوكاس، أحد أبرز منظّري النمو: "بمجرد أن تبدأ في التفكير في آثار النمو على الرفاه البشري، يصعب التفكير في أي شيء آخر". ومع الذكاء الاصطناعي العام، تضاعف هذا الشعور، وازداد إلحاحه.