أطلق البنك المركزي المصري خلال الأشهر الماضية خدمة "آبل باي" للمدفوعات بالتعاون مع مجموعة من البنوك المختارة، وذلك ضمن مجموعة من الخطوات الثابتة التي يتخذها المركزي المصري في اعتناق التقنيات المالية بمختلف أنواعها، أملا في اللحاق بركب التطور التقني في الدول المجاورة والحد من تداول الأوراق المالية بين المواطنين.

ورغم أن دعم "آبل باي" جاء متأخرا، فإن القطاع المصرفي المصري كان يخطو خطوات ثابتة السنوات الماضية من أجل التحول كاملا إلى المدفوعات الرقمية، وذلك عبر إطلاق مجموعة من الخدمات المتنوعة الملائمة لفئات الشعب كافة، تشجيعا لهم على اعتناق التقنيات المالية بجميع أنواعها، ولكن، هل تنجح هذه المساعي في فرض التحول الرقمي على الشعب المصري؟

خطوات تدريجية ولكن ثابتة

شهد القطاع المصرفي في آخر 10 سنوات مجموعة من الخطوات التي تبدو بدائية رغم أنها تدفع بالمنظومة أكملها إلى الأمام، إذ يسرت هذه الخطوات اختراق عديد من الطبقات في المجتمع المصري وتقديم مفهوم المدفوعات الرقمية، وهو الأمر الذي كان غائبا عن شريحة كبيرة من المواطنين حتى عام 2016، وذلك وفق تصريح طارق محفوظ مدير "فيزا مصر" آنذاك في لقائه مع موقع "اليوم السابع".

وأوضح محفوظ أن شركة "فيزا مصر" تتخذ خطوات حثيثة بالتعاون مع البنك المركزي المصري والبنك الأهلي المصري وبنك مصر، من أجل تحويل منظومة الرواتب الحكومية إلى منظومة رقمية، وذلك بعد أن كان موظفو الحكومة المصرية في مختلف القطاعات يعتمدون على آليات صرف الرواتب اليدوية، وقد بلغ عدد موظفي الحكومة آنذاك أكثر من 5.8 ملايين موظف، وفق تقرير موقع "المصري اليوم".

إعلان

تكللت هذه المساعي بالنجاح بعد عدة أعوام، إذ أصبحت بطاقات الرواتب هي الطريقة المعتمدة في جميع الهيئات الحكومية، ومع هذا النجاح، بدأت الخطوة التالية من أجل الانتقال إلى مدفوعات رقمية بالكامل من قبل المواطنين في مختلف القطاعات الحكومية، لتدخل منظومة التحصيل الرقمي حيز التنفيذ عام 2019 تزامنا مع طرح شبكة المدفوعات المحلية المصرية "ميزة" التي يسهل إصدار البطاقات الخاصة بها من مختلف البنوك.

وبحلول عام 2024، أسفرت هذه الخطوات عن تقديم أكثر من 48 مليون مواطن مصري إلى المنظومة البنكية الرقمية من أصل 67 مليون مواطن في سن الرشد، وذلك بعد أن كان امتلاك الحسابات البنكية حكرا على طبقة بعينها من المواطنين المصريين، فضلا عن ذلك، نشر البنك المركزي أكثر من 8 آلاف نقطة بيع رقمية في الفترة من يوليو/تموز 2021 وحتى يونيو/حزيران 2024، وفق بيان البنك المركزي المصري الصادر في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ورغم هذا الانتشار الواسع، فإن الرقعة الجغرافية الواسعة للمدن المصرية تجعل من الصعب نشر ثقافة المدفوعات الرقمية والبنكية في جميع أركانها، ليواجه أبناء الأقاليم صعوبات في استخدام هذه المنظومة بشكل يماثل الاستخدام في العاصمة أو المدن الرئيسية.

الرقعة الجغرافية الواسعة للمدن المصرية تجعل من الصعب نشر ثقافة المدفوعات الرقمية والبنكية في جميع أركانها (غيتي) اللحاق بالركب

كان الهدف الرئيسي وراء مبادرة الشمول المالي والتحول الرقمي للمدفوعات الحكومية هو ترسيخ مفهوم المدفوعات الرقمية بدلا من الورقية ونشر هذه الثقافة بين مختلف فئات المجتمع، وبعدها، حان الوقت للحاق بركب التطور المالي في دول الجوار والعالم.

وقد بدأت هذه الرحلة مع إطلاق "تيلدا" (Telda)، وهو أول بنك رقمي مصري في عام 2021، لتلحق به مجموعة من الشركات الأخرى مثل "فوري" و"كليفر" وغيرها من البنوك الرقمية الأخرى، ورغم أن إطلاق هذه البنوك جاء بتعاون مع بنوك مصرية معتادة مثل "القاهرة" و"مصر" وغيرهما، فإن انتشارها كان محدودا بين أبناء "الجيل زد"، وهو جزء من إستراتيجية الاستهداف الخاصة بكل شركة.

إعلان

تهدف البنوك الرقمية لتسهيل فكرة فتح الحسابات البنكية والحصول على بطاقات المدفوعات بشكل يسير من دون الحاجة إلى الذهاب لفرع بنك أو غيره من الأمور، وهو ما استطاعت تحقيقه بنجاح كبير السنوات الماضية.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أطلق المركزي المصري خدمات "آبل باي" مع توقعات بإطلاق خدمات "سامسونغ باي" و"غوغل باي" في يناير/كانون الثاني الجاري، لتقترب بذلك منظومة المدفوعات المصرية من سباق التقنية المالية العالمية.

وتزامنا مع هذا التحول المالي التقني، ظهرت مجموعة من تطبيقات المدفوعات الآجلة المتنوعة، بدءا من "فاليو" و"حالا" التي جمعت 157 مليون دولار على شكل تمويلات متنوعة في يوليو/تموز الماضي، وتعد في الوقت الحالي تطبيقات المدفوعات اللاحقة الخيار الأول للباحثين عن تمويلات استهلاكية، وذلك بفضل سهولة الاشتراك فيها والاستفادة من خدماتها المختلفة.

وتجدر الإشارة إلى تطبيق "إنستاباي" الذي أطلقته شركة تتبع البنك المركزي المصري، وذلك من أجل تيسير المعاملات المالية بين الأفراد وتحويل الأموال واستقبالها، وقد تمكّن التطبيق عام 2024 -وفق بيان المركزي المصري- من إتمام 1.5 مليار معاملة بقيمة تتخطى 2.9 تريليون جنيه مصري بين أكثر من 12 مليون عميل.

هل تنجح حلول المدفوعات الرقمية؟

أصبح من الواضح أن الشركات المصرية -فضلا عن الحكومة المصرية- تحاول جاهدة فرض التحول الرقمي على مواطني الدولة واستخدام المعاملات الرقمية بدل الورقية، ولكن يظل السؤال الحقيقي هنا، هل تنجح هذه المساعي؟ أم أن للشارع رأيا آخر.

وفق بيان موقع "ستاتيستا" (Statista)، فإن 72% من إجمالي العمليات المالية في نقاط البيع المختلفة تتم عبر المعاملات الورقية مع كون النسبة الباقية منقسمة بين عدد كبير من آليات الدفع المختلفة، وهو ما يعكس مفهوما راسخا لدى شريحة واسعة من الشارع المصري تفضل استخدام الأوراق المالية.

ورغم هذه المحاولات الواسعة من الشركات والبنوك والحكومة المصرية، فإن منظومة المدفوعات الرقمية المتنوعة تواجه مجموعة من التحديات في عديد من الأوقات، وذلك في عدد المعاملات التي يتم تعليقها أو إيقافها لأخطاء تقنية، وهو الأمر الذي يثير ريبة ومخاوف الشارع المصري.

إعلان

ولكن من المتوقع أن ينخفض معدل الراغبين في استخدام الأوراق المالية خلال السنوات القادمة مع بزوغ أبناء "الجيل زد" إلى مقدمة القوة الشرائية فضلا عن أبناء الجيل "ألفا" أيضا الذين أصبح غالبيتهم الآن مؤهلين لامتلاك حسابات بنكية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات البنک المرکزی المصری المدفوعات الرقمیة مجموعة من هل تنجح آبل بای أکثر من من أجل

إقرأ أيضاً:

مياه الإسكندرية تنجح في تجديد شهادة TSM لمحطة المنشية 2

أعلن المهندس أحمد جابر، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب، عن نجاح محطة المنشية (2) في تجديد شهادة الإدارة الفنية المستدامة (TSM) للمرة الخامسة على التوالي دون تسجيل أي ملاحظات، وهو ما يعكس الالتزام الراسخ بتطبيق أعلى معايير الجودة والتشغيل الآمن في منظومة إنتاج وتوزيع مياه الشرب، في إنجاز جديد يُضاف إلى سجل النجاحات المتتالية لشركة مياه الشرب بالإسكندرية.

وقد أشادت لجنة التفتيش بالشركة القابضة بمدي جاهزية المحطة وإتمام اجراءات التشغيل القياسى والسعة القياسية، واجراءات السلامة والصحة المهنية والمظهر العام للمحطة، كما أشادوا بمدى تكاتف وتعاون القطاعات والعاملين بها للظهور بالمستوى اللائق.

وفي كلمته، قال المهندس أحمد جابر: “إن نجاح محطة المنشية (2) في تجديد شهادة TSM دون أي ملاحظات يُعد دليلاً قاطعًا على كفاءة منظومة العمل داخل الشركة، وعلى رأسها فرق التشغيل والصيانة والمعامل، وأن هذا الإنجاز هو ثمرة التخطيط الجيد، والالتزام بالمعايير الدولية، والمتابعة الدقيقة من كافة الإدارات المعنية، ونحن نعتبر هذا النجاح ليس نهاية المطاف، بل نقطة انطلاق لمزيد من التطوير والتحسين المستمر في كافة مواقع العمل.”

“وأتوجه بالشكر والتقدير لكل من ساهم في تحقيق هذا الإنجاز، بدءًا من فرق العمل بالمحطة، ومرورًا بالقطاعات الفنية والإدارية، وصولًا إلى كل يدٍ تعمل بإخلاص من أجل تقديم خدمة متميزة وآمنة للمواطن السكندري، وأؤكد أن الشركة ستواصل دعمها الكامل لكل محطة إنتاج ومركز خدمة، بما يضمن استدامة جودة الأداء وتحقيق رضا المواطنين.”

تجدر الإشارة إلى أن شهادة TSM ترتكز على خمسة محاور رئيسية هي: الموارد البشرية والسلامة والصحة المهنية والتشغيل القياسى الصيانة القياسية وضبط جودة المعامل

وتُمنح من قبل الإدارة العامة للتفتيش الفني بالشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، بدعم من وزارة التعاون الدولي الألماني (GIZ)، لضمان استدامة الإجراءات الفنية ورفع كفاءة التشغيل وجودة الخدمات المقدمة.

وفي هذا السياق، أشاد المهندس جويدة علي سليمان، رئيس قطاع إنتاج وتوزيع المنطقة الجنوبية، بالدور الحيوي لكل من:

 الدكتورة لمياء مصطفى رئيس قطاع المعامل والمهندس إبراهيم حنفي مدير عام شؤون TSM إضافة إلى جهود جميع العاملين بالمحطة، مؤكدًا أن العمل الجماعي والتعاون المثمر كانا ركيزتين أساسيتين لهذا الإنجاز.

يُذكر أن محطة المنشية (2) تعمل بطاقة تصميمية تبلغ 240 ألف متر مكعب يوميًا، وتخدم عددًا من المناطق الحيوية تشمل: أجزاء من حي شرق والعامرية ومركز ومدينة برج العرب وجزء من محطة البحيرة وهي تلتزم بتقديم مياه شرب نقية وآمنة وفقًا لأعلى المعايير العالمية.

طباعة شارك الإسكندرية محطة مياه الشرب شهادة الايزو اعتماد محطة المنشية

مقالات مشابهة

  • في المركزي المصري.. الريال السعودي تحت 13 جنيها لأول مرة منذ أكتوبر 2024
  • جهاز تنمية المشروعات: التحول الرقمي يسهل التمويل ويعزز الشمول المالي
  • البطاطس المصرية تغزو أوروبا.. خبير بالبحوث الزراعية: التسهيلات الأوروبية خطوة استراتيجية تعكس ثقة متزايدة في المنتج الزراعي المصري
  • المركزي والمالية يتفقان على أتمتة المرتبات وتحقيق التحول الرقمي
  • «المركزي المصري» يبيع أذون خزانة بقيمة 57.97 مليار جنيه «اليوم»
  • نفى مساعي صالح التوريث لنجله.. القربي: صالح كان يتوقع مصيره على يد الحوثيين
  • اتفاق بين المصرف المركزي ووزارة المالية على أتمتة «مرتبات القطاع العام»
  • معظمها لم تنجح.. العمل تتحرك لمحاسبة مشاريع القروض المخالفة
  • مياه الإسكندرية تنجح في تجديد شهادة TSM لمحطة المنشية 2
  • إنطباعات خارجية قاتمة عن التجاوب اللبناني مع مساعي براك وحديث عن أيلول ساخن