إسرائيل تُخرج أرنب التمديد لضرب هدنة الـ60
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
كتب طوني عطية في" نداء الوطن": على قاعدة "يوم بالزايد أو بالناقص"، يرى مراقبون أن تجديد الاحتلال الإسرائيلي لبعض المواقع والبلدات الحدودية، لن يُهدّد ركيزة الاتفاق الموّقع بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، والمُلحق بورقة الضمانات الأميركية. هذا يعني أن الرجوع إلى آتون ما قبل 26 تشرين الثاني تاريخ إعلان وقف إطلاق النار، يصطدم بموانع إيجابية عديدة، أبرزها، إرادة الأطراف المعنيّة أي بيروت وتلّ أبيب بعدم العودة إلى الحرب من جهّة، وإصرار الراعي الأميركي خصوصاً بعد تسلّم دونالد ترامب مقاليد حكمه، على إرساء الاستقرار في المنطقة وإخماد حرائقها.
في المقابل، يرى مراقبون أنّ "طبش" ميزان القوّة الميداني والعسكري لصالح إسرائيل، يحول دون قدرة "الحزب" على أي مغامرة جديدة مهما كان حجمها أو مواجهة مفتوحة في المدى المنظور. والمؤشّر في هذا الإطار، هو أنّ البيان الصادر عن "حزب الله"، حمّل الدولة اللبنانية من دون ذكر "المقاومة الإسلامية"، مسؤولية التعامل مع اليوم التالي، حيث قال بالحرف إنّ "أي تجاوز لمهلة الـ 60 يوماً يُعتبر تجاوزاً فاضحاً للاتفاق وإمعاناً في التعدي على السيادة اللبنانية ودخول الاحتلال فصلاً جديداً يستوجب التعاطي معه من قبل الدولة بكل الوسائل والأساليب التي كفلتها المواثيق الدولية بفصولها كافة لاستعادة الأرض وانتزاعها من براثن الاحتلال".
بالتوازي، تحدّثت وسائل إعلام عبرية عن أنّ الجيش الإسرائيلي يستعد اعتباراً من يوم الأحد لإطلاق نار "رمزي" من قبل "حزب الله" باتجاه جبل دوف (الطرف الغربي لجبل الشيخ)، رداً على بقاء قواته في القطاع الشرقي.
دبلوماسية الدولة ولا بندقية "المقاومة"
وعمّا إذا كان عدم الانسحاب الإسرائيلي غداً، يُشكّل "إحراجاً" لعهد الرئيس جوزاف عون أو للفريق المناهض لـ "محور الممانعة"، تعتبر أوساط مطلعة:
أولاً، إن جنوب لبنان قبل فتح معركة الإسناد من قبل "حزب الله" لم تكن أراضيه محتلّة، حيث كان التركيز على استكمال الترسيم البرّي بعد الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، لذا من استجلب العدوان الإسرائيلي وساهم في أكبر تهجيرٍ شهده الجنوب بتاريخ الحروب اللبنانية - الإسرائيلية، هو من يتحمّل تبعاته المعنوية والأخلاقية والسياسيّة". وأضافت: "كم كنّا نتمنّى سماع كلمة اعتذار من قيادات "حزب الله"، أقلّه تجاه اللبنانيين عموماً والجنوبيين خصوصاً". في هذا السياق، تمنّت تلك الأوساط واستناداً إلى مقولة "إعرف عدوّك" واستطراداً "تعلّم منه"، لو أنّ بعض القيادات السياسية التابعة لـ "الحزب" قدّمت استقالتها أسوة برئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي وبعض مساعديه.
ثانياً، إنّ المسار الدبلوماسي لتحرير ما تبقّى من أراض محتلّة، أفضل بكثير من الوسائل الحربية أو العسكرية، التي لم تجلب إلى اللبنانيين والجنوبيين سوى الويلات و4 آلاف و69 ضحية و16 ألفاً و670 جريحاً، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.
ثالثاً، إن اعتماد "الحزب" سياسة التذاكي والالتفاف على الـ 1701 والقرارات الدولية ذات الصلة، وبنود اتفاق الهدنة وورقة الضمانات الأميركية، التي حدّدت بشكل واضح القوى الشرعية اللبنانية المولجة بحماية لبنان، ومحاولاته تهريب الأسلحة لا سيما بعد إعلان وقف إطلاق النار وقبل سقوط نظام الأسد، تُساهم في إعطاء ذرائع مجّانية للاحتلال الإسرائيلي.
رابعاً، توقّفت المصادر عند مسألة مهمّة ألا وهي، أن "حزب الله" لم يُسلّم وفق معلوماتها، خرائط مخازن أسلحته وأنفاقه وبنيته العسكرية للقوى الشرعية اللبنانية لتسهيل مهمّتها، بل يحاول التملّص من التزاماته كما فعل بعد حرب تمّوز أسوة بإسرائيل. لكن هذه المرّة، المسألة مختلفة، في ظلّ التحوّلات الكبرى التي شهدتها المنطقة، ووضع لبنان في عين الاهتمام الدولي والعربي.
خامساً، تشير المعطيات الميدانية إلى أنّ الجيش اللبناني انتشر في مناطق عديدة مثل رأس الناقورة، علما الشعب، طيرحرفا، مجدل الزون، الصالحاني، مثلّث القوزح – عيتا الشعب – رامية، دبل، عين إبل، رميش وبنت جبيل. وباشر بفتح الطرقات وإزالة الركام من الشوارع الرئيسية في بلدتي الجبّين وشحين، وذلك بمؤازرة من قوات "اليونيفيل". وكان الجيش قد عزّز وحداته العسكرية عقب وقف إطلاق النار بـ 1500 جنديّ وارتفع عديده حتى الأيام الأخيرة إلى حوالى 6000 عسكريّ من أصل 10 آلاف المنصوص عنها في الاتفاق. وتجدر الإشارة إلى أنّ الجيش اللبناني طلب من الأهالي عدم العودة إلا عندما يصدر إذناً بذلك، وبعد استكمال وحداته الهندسية واللوجستية من تنظيف الميدان.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
رأي.. عمر حرقوص يكتب: القوة الأممية في لبنان بين اعتداءات الأهالي والرفض الإسرائيلي
هذا المقال بقلم الصحفي والكاتب اللبناني عمر حرقوص*، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
يبدو أن ملف قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل" يقترب من الإنهاء بعد 47 عاماً من انطلاق عملها، بحسب ما نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن مصادر أميركية، مشيرة إلى أن واشنطن تدرس إنهاء دعمها للقوة الأممية، فيما أشارت صحيفة "جيروزاليم بوست" إلى قرار أميركي بالتصويت ضد تمديد تفويض قوات "اليونيفيل"، مضيفة أن إسرائيل والولايات المتحدة اتفقتا على ضرورة وقف عملياتها.
قصة "اليونيفيل" بدأت إثر الاجتياح الإسرائيلي الأول لجنوب لبنان عام 1978 حين قرر مجلس الأمن الدولي نشر قوة سلام تفصل بين الجيش الإسرائيلي وبين فصائل فلسطينية ولبنانية، على أن يؤدي هذا الانتشار إلى انسحاب إسرائيلي وعودة الوضع إلى ما كان عليه قبل الاجتياح بظل اتفاقية الهدنة الموقعة عام 1948.
ولكن الحرب الأهلية والصراعات الإقليمية والدولية على الأراضي اللبنانية مددت عمل هذه القوة وجعلت منها طوال سنوات مطلباً لبنانياً شعبياً ورسمياً، بحجة منع ضم مناطق من جنوب البلاد إلى إسرائيل، فيما عانت هذه القوة طوال العقود الأربعة من هجمات لقوى لبنانية أدت إلى مقتل العديد من جنودها، ولم يكن وجود "اليونيفيل" مقبولاً لدى "حزب الله" فهو يتهم عناصرها دوماً بأنهم جواسيس، بينما تتهم إسرائيل الجنود الأمميين بالتقاعس عن تأدية مهامهم والتغافل عن قيام الميليشيات بحفر أنفاق ونقل أسلحة وبناء قواعد في مناطق تنفيذ القرار الأممي.
في السنوات الأخيرة، وتحت مُسمى "الأهالي" أدى أعضاء من حزب الله أو مناصريه دور قطع الطرق على القوة الدولية لمنعها من استكمال مهامها، وصولاً إلى قتل عناصرها بالرصاص مثلما حصل في منطقة العاقبية جنوب مدينة صيدا، أو بالعبوات الناسفة مثلما وقع قرب بلدة الخيام الحدودية، ليتعرض الجنود الأمميون إلى ضغط متواصل بين "مطرقة حزب الله وسندان الاتهامات الإسرائيلية".
الحديث عن إنهاء دور القوة الأممية يجري بظل تكثف الغارات والضربات الإسرائيلية مستهدفة عناصر من "حزب الله" بالإضافة إلى قصف قواعد عسكرية في الجنوب وتدمير أبنية في الضاحية الجنوبية لبيروت بتهمة وجود معامل لإنتاج الطائرات المسيرة التي أصبح استخدامها بديلاً عن الصواريخ في الحروب الحديثة.
الدولة اللبنانية ومنذ انتخاب جوزاف عون رئيساً للبلاد أعلنت مراراً نيتها بسط سلطتها على كامل البلاد ومنع وجود السلاح غير الشرعي. إلا أن هذا الموقف لم يدم طويلاً، حيث تراجعت الرئاسة عن الحديث الصريح بشأن السلاح، مع بدء تحرك المفاوضات الأمريكية–الإيرانية، ليتحول هذا الموقف إلى "حوار" مع مسؤولين من "الحزب" وتعيين أحد أبرز المقربين من "حزب الله" مستشاراً للرئاسة اللبنانية.
ويُفسّر مراقبون هذا التراجع على أنه مناورة سياسية تهدف إلى تجنب استفزاز "الحزب" في هذه المرحلة، حيث يظن بعض السياسيين أن إيران ستستعيد نفوذها في لبنان كجزء من صفقة أوسع قد تشمل تنازلات في الملف النووي مقابل نفوذ سياسي إقليمي أكبر.
في المقابل، تعرّض رئيس الحكومة نواف سلام لهجوم شديد من قبل إعلام "حزب الله" ومسؤوليه، بعد مطالبته بحصر السلاح بيد الدولة. وبلغ الهجوم حد اتهامه بالتعامل مع إسرائيل، وهو أسلوب اعتاد الحزب استخدامه لتخوين خصومه، خاصة عندما تُطرح مسألة سلاحه كعقبة أمام قيام الدولة.
بالتوازي مع التصعيد العسكري، تشير تقارير إعلامية إلى أن "حزب الله" يحاول إعادة تنظيم قدراته التسليحية عبر مشاريع لإنتاج أسلحة متقدمة، مستفيداً من الهدوء النسبي في الداخل وانشغال القوى الإقليمية والدولية بملفات أخرى. ويُعد هذا التوجه محاولة لإظهار القوة من جديد بعد الضربات الإسرائيلية، ولتخويف خصومه الداخليين الذين يرفعون الصوت ضد هيمنته.
يُظهر الوضع اللبناني الراهن تعقيداً شديداً وتداخلاً للأزمات، حيث تتضافر العوامل الداخلية والخارجية لتجعل من حل أزمة سلاح "حزب الله" وبسط سلطة الدولة أمراً بالغ الصعوبة. بينما يُحاصر الداخل اللبناني بين عجز الدولة عن فرض سلطتها، وتحوّل "السلاح" إلى أداة محتملة في لعبة التوازنات الرئاسية. وفي ظل هذا الوضع، يبقى السلام هشاً، ومعرضاً للانفجار في أي لحظة ما لم يتم التوصل إلى تفاهم شامل يعيد للدولة سيطرتها ولمؤسساتها استقلالها عن التغيرات الدولية والإقليمية.
*عمر حرقوص، صحفي، رئيس تحرير في قناة "الحرة" في دبي قبل إغلاقها، عمل في قناة "العربية" وتلفزيون "المستقبل" اللبناني، وفي عدة صحف ومواقع ودور نشر.
إسرائيللبنانحزب اللهرأينشر الثلاثاء، 10 يونيو / حزيران 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.