هل ستجلس إيران إلى طاولة المفاوضات مع ترامب؟
تاريخ النشر: 25th, January 2025 GMT
خلال العامين الماضيين، كانت إيران تحضّر لإحتماليّة عودة ترامب إلى السلطة في الولايات المتّحدة الأولى بشكل جدّي. المواجهة الأولى مع إدارة ترامب انتهت بهزيمة مُذلّة لإيران، فالرجل دفعها إلى حافة الإفلاس التام مالياً، وشدد الخناق على أذرعها، وقام باغتيال أعظم قائد لديها، وحرمها من إمكانية الرد. لكن الأدهى من كل ذلك أنّه وبخلاف الرؤساء الأمريكيين السابقين، لم يكن بإمكان إيران تقدير موقف ترامب أو توقّع خطوته التالية وقد حرمها ذلك من إمكانية التحضير لخطوات مضادة أو المناورة.
الولاية الأولى لترامب أعطت الإيرانيين تصوّراً غير تقليدي عن الرجل، الأمر الذي كان يتطلب التحضير بشكل مختلف لولاية ثانية محتملة له. ومن أجل ذلك، قامت إيران بأوسع عملية دعم لأذرعها في المنطقة في عهد بايدن مستفيدة من الانفتاح الذي أبداه الرئيس الديمقراطي ورفع العقوبات عنها وعن أذرعها والانخراط معه في مفاوضات متقطّعة معها.
الولاية الأولى لترامب أعطت الإيرانيين تصوّراً غير تقليدي عن الرجل، الأمر الذي كان يتطلب التحضير بشكل مختلف لولاية ثانية محتملة له. ومن أجل ذلك، قامت إيران بأوسع عملية دعم لأذرعها في المنطقة في عهد بايدن مستفيدة من الانفتاح الذي أبداه الرئيس الديمقراطي ورفع العقوبات عنها وعن أذرعها والانخراط معه في مفاوضات متقطّعة معها. عمدت إيران بعد ذلك إلى الترويج لمفهوم وحدة الساحات، أي ربط ساحات الأذرع ببعضها البعض بحيث يزيد ذلك من قدرة الجميع الكليّة، كما أنّه يشتت العدو ويحرمه من إمكانية الرد الأحادي. علاوة على ذلك، وبعد سنوات طويلة من التهديد بإمكانية اغلاق مضيق هرمز، بتحضير الحوثيين لإستهداف باب المندب على البحر الأحمر على اعتبار أنّه أقل حساسية عن مضيق هرمز ولكنّه يوصل نفس الرسالة.
لقد كانت غاية طهران تقوم على فرضية أنّه في حال فوز إدارة بايدن، فإنّ إيران ستكون في وضع افضل إقليمياً للتفاوض على الاتفاق النووي، وفي حال فوز ترامب فانّ إيران ستكون في وضع أفضل هذه المرّة لمواجهة أي تصعيد مشابه لما جرى في ولاية ترامب الأولى. عندما شنّت حماس عملية 7 أكتوبر في 2023، استغلت إيران الحدث لإختبار ما تحضّرت له خلال الفترة التي سبقتها. شهدنا عمليات على مختلف الجبهات فيما وصف بـ"وحدة الساحات"، وشهدنا استخداماً لأسلحة إيرانية ومسيّرات، والأهم أنّ الحوثي حظي بالفرصة المطلوبة لإختبار أمكانية وتداعيات عرقلة الملاحة في باب المندب.
ومع مرور الأشهر الأولى، بدا أنّ استراتيجية إيران تذهب في الإتجاه الصحيح، وأنّها جاهزة لسيناريو ترامب أيضاً، لكن سرعان ما وقعت في خطأ في الحسابات أدى إلى سلسلة من التداعيات المدمّرة. حصل هذا عندما قررت إسرائيل قلب الطاولة على إيران وعدم الإلتزام بقواعد اللعبة التي كان الإيراني وأذرعه يعتقدون أن تل أبيب ستلتزم بها، وهو نفس الخطأ الذي وقع فيه هذا المحور أيضا في عام 2006.
بدأ الأمر بسلسلة من الاغتيالات في عدد من البلدان بما في ذلك اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، داخل حصل من حصون الحرس الثوري في طاهران وخلال فترة تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، ومن ثم عمليات استخباراتية وهجمات غير متوقعة (كعملية البيجر ضد حزب الله في لبنان، وضرب الحوثي في اليمن). انتهت هذه المرحلة بتوجيه ضربات إلى طهران وأذرعها بشكل أدى إلى صدمة حيث لا يزال الجانب الإيراني يجهل إلى حد كبير كيف حصلت هذه التطورات غير المتوقعة دفعة واحدة.
هذا الوضع يستلزم بحث إيران عن وقت مستقطع ومحاولات تهدئة وتخفيف التصعيد من أجل كسب الوقت اللازم لفهم ما جرى ومحاولة ترميم استراتيجية إيران الإقليمية التي بدا أنها انهارت بعد عقود من التخطيط والاستثمار والتنفيذ. الحاجة المُلحّة للوقت المستقطع هذا دفع حزب الله إلى اتفاق مُذل مع إسرائيل وقد ترافق مع تصريحات لمسؤولين إيرانيين ينتمون إلى مؤسسات مختلفة. منهم من أخذ يمدح بالأمريكيين مشيرا إلى أنّه لا مشكلة حقيقية مع الجانب الأمريكي.
في حقيقة الأمر إن كان هناك عرض جيد، سيأخذونه على الأرجح، لكن تركيزهم سيكون بالدرجة الأولى على كسب الوقت ومحاولة تمرير السنوات الأربع القادمة دون أن يتحولوا إلى ساحة لحرب محتملة. ومن المسؤولين الإيرانيين من أخذ يركّز في تصريحاته على أن إيران لا تريد الحروب في المنطقة ولاسيما مع إسرائيل، ومنهم من دعا إلى إيجاد قواسم مشتركة مع الجانب الأمريكي للبناء عليها إقليميا كما حصل سابقا في العراق، وحتى أنّ شخصية مثل لاريجاني المقرّب من المرشد الأعلى قال أنّه لا مشكلة في التفاوض مع الإدارة الأمريكية على اتفاق. في المقابل، بدا أنّ ترامب لا يريد من نتنياهو أن يجرّه إلى حيث لا يريد هذه المرّة، لكنّه يريد أن يستغل اندفاع اسرائيل وكذلك ضعف إيران للتوصل إلى اتفاق جديد مع الإيرانيين.
التعبير عن هذه الرغبة علاوة على الظروف الراهنة تشير إلى أنّ إمكانية أن يذهب الطرفان باتجاه التفاوض، لكن بدوافع مختلفة. وهنا يبرز السؤال هل يريد الإيرانيون اتفاقا حقيقيا؟ في حقيقة الأمر إن كان هناك عرض جيد، سيأخذونه على الأرجح، لكن تركيزهم سيكون بالدرجة الأولى على كسب الوقت ومحاولة تمرير السنوات الأربع القادمة دون أن يتحولوا إلى ساحة لحرب محتملة. سيساعدهم ذلك كما ذكرنا سابقا في التقاط أنفاسهم وبناء استراتيجيتهم، أو هكذا يعتقد الإيرانيون. المشكلة ستحصل إذا ما قرر الإسرائيليون وضع ترامب في موقف صعب، أو إذا أدرك الأخير أنّ الإيرانيين يماطلون فقط من اجل كسب الوقت. وعلى أي حال، لن ننتظر كثيراً لنرى في أي إتّجاه ستسير الأمور فيما بعد.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إيران التطورات إيران سياسة رأي تطورات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة کسب الوقت
إقرأ أيضاً:
بين المحكمة والصين.. ترامب محاصر في معركته التجارية الكبرى
أكد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن المحادثات التجارية بين بلاده والصين "متعثرة قليلا"، رغم التوصل قبل أسابيع إلى اتفاق مبدئي خفّف من حدة الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وفي تصريحات أدلى بها لشبكة فوكس نيوز أمس الخميس، أوضح بيسنت أن "وتيرة التقدم بطيئة"، لكنه عبّر عن أمله في إجراء المزيد من المناقشات خلال الأسابيع المقبلة، مضيفا: "أعتقد أننا سنجري في مرحلة ما مكالمة هاتفية بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ".
وأشار بيسنت إلى أن تعقيد المفاوضات واتساع نطاقها يتطلب تدخلا مباشرا من القادة، قائلا: "العلاقة بينهما قوية، وأنا واثق أن الصينيين سيعودون إلى طاولة المفاوضات عندما يوضح الرئيس ترامب توجهاته".
هدنة مؤقتة وخفض للرسوموفي وقت سابق من شهر مايو/أيار، توصلت واشنطن وبكين إلى اتفاق هدنة لمدة 90 يوما، شمل خفض الرسوم الجمركية المتبادلة بشكل مؤقت. فوافقت الولايات المتحدة على خفض الرسوم المفروضة على الواردات الصينية من 145% إلى 30%، بينما خفضت الصين بدورها الرسوم على البضائع الأميركية من 125% إلى 10%.
الاتفاق جرى التوصل إليه عقب محادثات رفيعة المستوى في جنيف، واعتُبر حينها خطوة نحو تهدئة التوترات المتصاعدة منذ سنوات بسبب سياسات ترامب التجارية، التي تستخدم الرسوم الجمركية كأداة ضغط في المفاوضات لتقليل العجز التجاري الأميركي وتعزيز الصناعة المحلية.
تشهد الجبهة الداخلية للسياسة التجارية الأميركية بدورها اضطرابا. فقد أصدرت محكمة التجارة الدولية في الولايات المتحدة حكما بأن الرئيس ترامب تجاوز صلاحياته القانونية في فرض الرسوم، وهو ما شكّل ضربة مؤقتة لإستراتيجيته التجارية. لكن البيت الأبيض استأنف الحكم، وتم تعليق القرار بانتظار رأي المحكمة العليا، حيث كتب ترامب على منصته تروث سوشيال: "آمل أن تلغي المحكمة العليا هذا القرار الرهيب والخطير على البلاد، بسرعة وحسم".
إعلانوأعادت محكمة استئناف اتحادية أميركية فرض الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها ترامب، وذلك بعد يوم من حكم محكمة تجارية بوقف تنفيذها بأثر فوري قائلة إن ترامب تجاوز سلطته بإصدار هذه الرسوم.
وقالت بي بي سي إن هذا القرار قد يدفع بعض الدول إلى التريث في إبرام صفقات تجارية جديدة مع واشنطن، في ظل الغموض القانوني المحيط بسلطة الرئيس في هذا المجال.
التكنولوجيا والمعادن النادرة تدخل على الخطوبموازاة التوتر التجاري، تتصاعد أيضا التوترات بشأن التكنولوجيا والمعادن النادرة. إذ أعلنت الخارجية الصينية أنها ملتزمة بالحفاظ على استقرار سلاسل التوريد العالمية، لكنها في الوقت ذاته مستعدة لتعزيز الحوار حول ضوابط تصدير المعادن الأرضية النادرة، وهي معادن حيوية لتكنولوجيا المستقبل.
ووفقا لما نقلته وكالة رويترز، أكدت بكين أن القيود التي تفرضها على صادرات هذه المعادن "تتوافق مع الممارسات الدولية"، وذلك ردا على ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز بأن واشنطن قررت تعليق بعض مبيعات التكنولوجيا الحساسة إلى الصين كرد فعل على القيود الصينية الأخيرة.
خلاصة المشهدورغم الخطوات الرمزية الأخيرة لتخفيف التوتر، فإن السياق العام يوحي بتراجع الزخم في المفاوضات. إذ إن خفض الرسوم الجمركية كان بمثابة وقف مؤقت لإطلاق النار، لكن القضايا الجوهرية المتعلقة بالتكنولوجيا، والقيود القانونية، وتنافس النفوذ الصناعي لا تزال قائمة.
وفي حين تستعد وفود جديدة من دول مثل اليابان للانخراط في محادثات تجارية منفصلة مع واشنطن، تظل العلاقة الأميركية الصينية محكومة بموازين دقيقة، وقد تتطلب تدخلا مباشرا من قادة البلدين لتفادي العودة إلى التصعيد، حسب ما قاله بيسنت لرويترز وفوكس نيوز.