في مشهد صادم للجميع يعكس حاله من التراجع الأخلاقي والسلوكي، شهدت إحدى المدارس المرموقة حادثة اعتداء طالبة علي زميلتها داخل الحرم المدرسي، حادثة ليست مجرد فعل عدواني بين مراهقات، بل صرخة مدوية تنذرنا بانهيار القيم والتربية، في مشهد يرجعنا إلي زمن مضي، حين كانت الدراما تجسد معاني الضمير كما رأيناها في شخصية ( أبله حكمت ) الرمز الحي للمعلم والمربي فنعود إلي عمل من أعظم الأعمال الدرامية وهو (ضمير أبلة حكمت) نري كيف كانت المدارس معابد للتربية قبل أن تكون مؤسسات تعليمية، وكيف كان المربي نموذجاً يحتذي به، فكان الضمير هو الأساس، وكانت القيم راسخة في كل تفاصيل حياتنا اليومية.

أما اليوم نجد جيل كامل يربي علي يد الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث العنف والتنمر والتفاخر باتت هي المشاهد والقيم التي نترك أبنائنا يشاهدونها بدون أي وعي أو رقابه أو غرس في نفوسهم المبادئ والقيم النبيلة والنخوة والشهامة التي تساعدهم علي بناء أنفسهم وأوطانهم وتجعلهم قدوة صالحة لأبنائهم في المستقبل.

وقد تشرفت بحديثي مع الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، ناقشت معه قضية العنف المتزايد والانحدار الأخلاقي الذي أصبح مقلق في مجتمعنا الآن، فسلط الدكتور أحمد كريمة، الضوء علي مجموعة من الأسباب التي تقف خلف هذه الظاهرة مؤكداً أن غياب التربية السليمة هو الجذر الأساسي كما أوضح الدكتور أحمد كريمة، أن الأسرة هي الركيزة الأولي في بناء الأخلاق، ومع انشغال الآباء والأمهات بتحديات الحياة اليومية وإهمالهم زرع القيم والتقاليد في نفوس الأبناء، أصبح الجيل الجديد ضحية فراغ أخلاقي كبير، كما أكد أن غياب القدوة الصالحة داخل نفوس الأبناء وانبهارهم بمنصات التواصل الاجتماعي والتقاليد والتربية من خلال الهواتف التي أصبحت متاحه لهم في كل وقت وحين بدون رقابه من الآباء والأمهات.

وأكد من خلال حديثه علي عدة عوامل هامة جدا:

أولًا: ضرورة العدالة الاجتماعية وأن يشعر جميع المواطنين أنهم تحت القانون وليس أحد فوق القانون.

ثانيًا: ضرورة تكامل جميع الأدوار جنبا إلي جنب لمعالجة التربية دون إغفال دور عن الآخر، وإبراز دور المؤسسات الدعوية للمسلمين، ودور المؤسسات الرعوية لأهل الكتاب، ودور المؤسسات التعليمية في نشر مكارم الأخلاق.

ثالثًا: ضرورة تنشئة الأبناء علي وجود قدوة حسنة تعلمهم مكارم الأخلاق كما كان في الجيل السابق.

رابعًا: ضرورة لم شمل الأسرة مرة أخرى واجتماعهم مع بعض علي مائدة واحدة والمشاركة الوجدانية مع الأبناء، التي أصبحت متلاشية الأن للآسف في كثير من الأسر.

وأجمل ما ختم به حديثه معي أنه أقترح علي مؤسسات الدولة إنشاء المركز القومي لمكارم الأخلاق.

فوجود مثل هذه الحوادث داخل مجتمعنا الآن يعد ناقوساً خطر يدعونا للاستفاقة قبل فوات الأوان، لأننا ببساطة لا يمكن أن نلوم جيلاً بأكمله قبل أن نحاسب أنفسنا أولاً، نحن بحاجة إلي ثورة تربوية تعيد بناء الإنسان من الداخل أولًا، تضع الأخلاق قبل التعليم، والضمير قبل التفوق، علينا ان نتذكر أن الأجيال لا تصنع بالصدفة، بل تبني برؤية ووعي وجهد مشترك، فتربية الأبناء ليست خيارًا، بل أمانة عظيمة سنسأل عنها جميعًا، كل كلمة ننطقها، كل تصرف نقوم به، كل قيمة نغرسها، كل قدوة نقدمها لهم تشكل جزء من شخصياتهم ومستقبلهم، فإن أهملنا هذه الأمانة، سنكون قد أسهمنا في بناء جيل بلا خلق، يفتقد الرحمة والمسئولية، فلنتأكد أن أبنائنا هم انعكاسا نزرعه بداخلهم، وأننا يوماً ما سنقف أمام الله عز وجل لنحاسب عليهم.

التربية ليست عبئاً بل هي رسالة عظيمة خالدة تصنع بها أجيالاً تنهض بالأمم أو تسقطها.

اقرأ أيضاً25 يناير عيد الشرطة المصرية

الطفل والرياضة

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: جامعة الأزهر الدكتور أحمد كريمة أبلة حكمت

إقرأ أيضاً:

النيابة تحيل متهم لمحكمة الاقتصادية لتعديه على القيم الأسرية.. وصدور حكم بحبسه سنة

إلحاقًا ببيانها السابق بشأن التحقيقات الجارية حول قيام متهم بنشر مقاطع مرئية عبر مواقع التواصل الاجتماعي تضمَّنت محتوى خادشًا للحياء العام، وسردًا لوقائع مختلقة تتعلق بعلاقات جنسية غير مشروعة بين المحارم، على نحو يُخِل بالآداب العامة ويُهدد القيم المجتمعية الراسخة، فقد أمرت النيابة العامة بإحالته إلى محكمة الجنح الاقتصادية لمعاقبته عما نُسب إليه من ارتكاب جريمة التعدي على القيم الأسرية للمجتمع المصري، من خلال نشر مقاطع مصورة عبر حسابات إلكترونية أنشأها خصيصًا على مواقع التواصل الاجتماعي، احتوت على محتوى مناف للآداب العامة، ومخالف للتقاليد والقيم المصرية، وتضمَّنت أخبارًا كاذبة بسوء نية من شأنها تكدير الأمن والسلم العام.

وكانت نيابة الشؤون الاقتصادية وغسل الأموال بالإسكندرية قد باشرت التحقيقات، وانتدبت قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية لإجراء التحريات الفنية اللازمة، التي كشفت عن استخدام المتهم لتلك الحسابات الإلكترونية في ارتكاب الواقعة.

وفحصت النيابة العامة الهواتف المضبوطة بحوزة المتهم، وطالعت الحسابات المثبَّتة عليها، فرصدت المقاطع المصورة محل التحقيق، واستجوبت المتهم، فأقر بارتكابه الواقعة بغرض تحقيق نسب مشاهدة مرتفعة تدر عليه أرباحًا مالية، وقد ثبت تحصُّله على تلك الأرباح بالفعل وتصرفه فيها لاحقًا.

وعليه، أُحيل المتهم إلى المحكمة المختصة، ونُسِخت صورة من الأوراق لما نُسب إليه من ارتكاب جريمة غسل الأموال المتحصلة من تلك الوقائع.

وقضت المحكمة، بجلسة 26 يوليو 2025 بحبس المتهم سنة مع الشغل والنفاذ، وتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه، ومصادرة المضبوطات.

وبشأن واقعة غسل الأموال، فقد باشرت النيابة العامة التحقيقات فيها، وأصدر السيد المستشار النائب العام قرارًا بمنع المتهم وزوجته مؤقتًا من التصرف في أموالهما، بناءً على ما أسفرت عنه التحريات من صحة الواقعة. وقد أقر المتهم خلال استجوابه بتحصُّله على تلك الأموال من جريمته الأصلية وتصرفه فيها، وأمرت النيابة العامة بحبسه احتياطيًا على ذمة التحقيقات.

وإذ تُؤكد النيابة العامة استمرارها في رصد هذه الجرائم، فإنها تشدد على أنها لن تتهاون في اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة بحق كل من يعتدي على قيم المجتمع، أو يتحصل على أموال من مصادر غير مشروعة.

 



مقالات مشابهة

  • بالصور: ليلى أحمد، طفلة غزة التي تقاوم الجوع وتكتب حكاية صمود
  • حين يتحوّل الحنان إلى سلاح نفسي صامت.. كيف تؤذي الأم النرجسية أبناءها؟
  • القضية الفلسطينية في ضمير ووجدان السيد القائد!!
  • التضليل الإعلامي .. حرب على القيم والهوية والأمن والاستقرار
  • الجامع الأزهر يناقش «حقوق الأبناء» في ملتقاه الفقهي: تكريم الإنسان يبدأ من الطفولة
  • "العز الإسلامي" يتعاون مع "فتية للصغار" لتثقيف الأطفال عن القيم العُمانية
  • د. نزار قبيلات يكتب: فلسفة القيم
  • النيابة العامة: إحالة متهم للمحاكمة لتعديه على القيم الأسرية للمجتمع
  • النيابة تحيل متهم لمحكمة الاقتصادية لتعديه على القيم الأسرية.. وصدور حكم بحبسه سنة
  • مسؤول سوري: حكمت الهجري يطالب بمنطقة حكم ذاتي ومعبر مع الأردن