سارة حواس: 20 شاعراً أميركياً «ولاؤهم للروح»
تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT
صدر مؤخراً عن بيت الحكمة للثقافة، كتابٌ جديد للدكتورة سارة حامد حوَّاس، مدرس اللغويات التطبيقية بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة القاهرة، تحت عنوان «ولاؤهم للروح.. عشرون شاعراً أميركياً حازوا جائزة بوليتزر»، يقع الكتاب في أربعمائة صفحة من القطع المتوسط، متضمناً مختارات شعرية، مع استعراض لسيرة كل شاعر، حرَّر الكتاب وقدَّمه الشَّاعر أحمد الشَّهاوي.
وقالت د. سارة حواس: «لا أُقْبِلُ على ترجمة قصائد من دُون قراءة كل ما يخصُّ الشَّاعر من خلفياتٍ اجتماعيةٍ وثقافيةٍ، لأفقهَ ما بين السُّطور وأقرأ ما يهمُّه، وما كان يشغله وما هدفه من كتابة الشعر، وما دوافعه الحقيقية لها. كل هذه الأشياء تُسهِّلُ عليَّ بوصفي مُترجمةً فهم قصائده بشكل أفضل وأوضح، حتَّى أنها تجعلني أتوحَّد مع أفكاره ومشاعره، وأندمجُ أكثر مع ما يشغله، وذلك يجعلني أيضاً أُجيدُ فكَّ شفرات كل شاعرٍ عندما يكتُبُ كلماتٍ أو سُطوراً أو حتى قصيدة كاملة بشكلٍ غير مباشرٍ، ف أنا أُؤمنُ أنَّ القصيدة كالخزانةِ التي نملؤُها بالأشياءِ الثمينةِ لنقتنيها، والإنسان يُشبهُ دومًا ما يحبُّ، وأيضاً من يحب، وكيف لنا أن نعرفَ ما بداخل تلك الخزانة، من دُون أن نتعرَّفَ بالشَّاعر ونفهمه ونتقرَّب منه، حتى يفتحَ لنا خزانته، ونرى ما بداخلها من جواهرَ وكنوزٍ خاصة به، ظل يجمعها طوال حياته؟ يتفقُ معي البعض أويختلفُ معي البعض الآخر، ولكن ذلك ما أُؤمنُ به وأتبنَّاه في ترجمة الشِّعر».
رُوح جديدة للنص
وأكدت حواس أنها لا تبحثُ عن الاختلافِ في ترجمةِ الشِّعر بقدر ما تبحثُ عن صنع رُوحٍ جديدةٍ للنص الشِّعري، رُوحٌ تجعل للنصِّ معنى وشكلاً جديداً قريباً من المعنى بقدر الإمكان ومن دُون خيانةٍ للنصِّ الأصلي، وبعيداً كل البعد عن التقليديةِ واستخدام المفردات القديمة التي تجعلُ شاعراً أميركياً في العصر الحديث، يبدو كأنه المتنبي أو البحتري، أبعد عن النقل الحرفي والإضافات الزائدة بإفراطٍ، فكلاهما خيانةٌ كبرى في حقِّ النصِّ الأصلي، أحبُ أن أنقلَ رسالة الشَّاعر كما هي من دُون زيادةٍ أو نقصانٍ، لا أُؤلف تشبيهاً لم يذكره شاعرٌ ولا أُنْقِصُ تشبيهاً ذكره».
وأضافت: «اخترتُ عشرين شاعراً أميركياً مُتحقِّقاً، وهم: بول مولدون وچون أشبري وبيتر بالاكيان وچريكو براون وچون بيريمان وجاري سنايدر وتشارلز رايت ويوسف كومنياكا وأرشيبالد ماكليش وويليام كارلوس ويليامز وتيد كوزر وچورچ أيكن ومارك ستراند وويليام ستانلي مروين وويليام موريس ميريديث چونيور وريتشارد ويلبر وريتشارد إيبرهارت وروبرت هاس، وأخيراً ولأول مرَّة في تاريخ الشِّعْر في العالم، يفوز أب وابنه چيمس رايت الأب وفرانز رايت الابن بجائزةٍ كبيرةٍ هي بوليتزر، ومن ثم جعلت الشَّاعرين يختمان كتابي، لأنني اتبعتُ ترتيباً زمنياً من الأقدم إلى الأحدث.
وهؤلاء الشُّعراء جميعاً نالوا من الشُّهرة الكثير، وجميعهم حازوا أكبر الجوائز الأدبية الأميركية مثل: جائزة بولينجن وجائزة الكتاب الوطني وجائزة ماك آرثر جينيس، التي نالها الشَّاعر جريكو براون في 2024، صاحبُ الشكل الشعري الجديد دوبلكس Duplex، والذي ترجمتُ له ثلاث قصائد وكتبت عن سيرته الشعرية وعن كشْفِهِ لشكلٍ شعريٍّ جديدٍ، كما أنه أصغرُ فائزٍ بجائزة بوليتزر، حيثُ نالها في عام 2020 وهو في الرابعة والأربعين من عمره. وهناك أيضاً زمالة الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم وزمالة أكاديمية الشعراء الأمريكيين وزمالة جوجنهايم، وغيرها الكثير من الجوائز الأدبية الكبرى في الولايات المتحدة الأميركية.
أكثر من عينين
من جانبه ذكر الشاعر أحمد الشهاوي في مقدمته للكتاب إلى أنه «عندما تترجمُ سارة حوَّاس ترى العالم بأكثر من عينين، على الرغم من وعيها اللافت بأنَّ صُعُوبة الترجمة ومشقَّتها تتبدَّى ظاهرةً في ترجمة الشِّعْر، ولذا فهي تنصتُ إلى المُكوِّنات والقيم الشِّعرية داخل النصِّ الشِّعْري، فلا استسهالَ في عملها، بل يرى المتلقِّي لترجماتها جدِّيةً وصرامةً وبحثًا دؤوبًا فيما وراء النصُوص والمحسُوسات من معانٍ تعبيريةً وقيمٍ جماليةٍ، مُستلهمة ما تفيضُ به النفوس، وما ما يعتملُ في القلوب من مشاعر ووجدانيات. ولعل جهد الدكتورة سارة حامد حوَّاس الأساسي فيما أنجزت من ترجماتٍ شعريةٍ من الإنجليزية إلى العربية، ومن العربية إلى الإنجليزية قد تركَّز في تطويعِ اللغة لتقبُّل المعاني الأجنبية قبولاً لا يظهرُ فيه شذوذٌ أو التواء، وجهدها الآخر في اندماجها مع من تترجمُ له، فتحسُّ بروحه، وترى بعينيه، وتنطقُ بلسان تعبيره، وتكُونُ في حال تطابقٍ حدّ الاتحاد، وأظنُّها الدرجة العليا في الترجمةِ، أو ما يمكنُ تسميته النقل الإبداعي».
وأضاف الشهاوي: «القصيدةَ المُترْجَمةَ عند سارة حامد حوَّاس تصيرُ نصاً موازياً للقصيدة الأصلية، فالمترجم العارف من وجهة نظري يرتفع فوق النصِّ الذي يترجمه، بعدما يصبحُ متمكناً من كل مفاصله.
وإلى جانب إدراكها المعنى وظلاله والنصوص الغائبة الكامنة في النصِّ، فإنها تُحاولُ طَوال الوقت نقلَ الجو العام للنصِّ الشِّعري، مُستقرئةً المعاني الكامنة، مستنكهةً الخيارات الدلالية، ولا تغفلُ الفروقَ الإيقاعيةَ في اللغتين المُترجَم منها والمُترجَم إليها».
وذكر الشهاوي أن «سارة حوَّاس قد ذهبت بوصفها مُتخصِّصةً في اللغوياتِ الإنجليزيةِ نحو أعقد المُنتجات اللغوية وهو ترجمةُ الشِّعْرِ، وذلك ما مثَّلَ تحديًّا أمامها، لكنَّها تسلَّحتْ بشِعريَّتها، وشُعورها، وحِسِّها، وحدْسها، ولُغتها العربيةِ الصافيةِ والدَّالة، ودراستها الأكاديمية كونها أستاذاً أكاديمياً، فلم تقف حائرةً لتبحثَ عن دلالةِ صُورةٍ شعريةٍ أو إيقاعٍ بين اللغتين الإنجليزيةِ والعربيةِ أو بين العربيةِ والإنجليزيةِ، بل وفَّقتْ بين المبنى والمعنى، ولم تقطع أيَّ رباطٍ بينَ الصَّوت والمعنى».
وأكد الشهاوي «أنَّ الجهدَ الذي تبذلهُ سارة حوَّاس في سياقِ مشرُوعها لترجمة الشِّعر، من شأنه أن يُسهمَ في تطويرِ القصيدةِ العربيةِ، ويعرِّفُ أهلَ الشِّعْر بنماذج مُختارةٍ لأبرزِ الشُّعراء، حيثُ اختارت شُعراء مُهمِّين لهم تجاربُهم ومشروعاتُهم الشِّعْريةُ، فعملها ينعكسُ بالضرورة إيجابًا على الحركةِ الشعريةِ، خُصُوصًا أنَّها تترجمُ ما لا يراهُ أحدٌ في متْنِ النصِّ، وذلك هو جوهرُ الشِّعر». أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أميركا الشعر الأعمال الشعرية جائزة بوليتزر جوائز بوليتزر بوليتزر بيت الحكمة فی ترجمة من د ون
إقرأ أيضاً:
اليوم.. نظر دعوى هدير عبد الرازق على نص «القيم الأسرية» في جرائم تقنية المعلومات
تنظر الدائرة الأولى للحقوق والحريات بمحكمة القضاء الإداري، الدعوى رقم 12217/80 ق، والمقامة من هدير عبد الرازق عبر محاميها الدكتور هاني سامح، طلبًا لوقف تنفيذ ثم إلغاء ما وصفته بالامتناع عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعليق تطبيق عبارة «الاعتداء على أي من المبادئ أو القيم الأسرية» الواردة في قانون جرائم تقنية المعلومات.
وتذهب الدعوى إلى أن نص قيم الأسرة صيغت بعبارات عامة وفضفاضة ومبهمة تُتيح تفسيرات واسعة توجَّه لخدمة رؤى اجتماعية أو دينية متشددة، وتسمح - وفق العريضة - بإحياء «تفتيش أخلاقي» يتعارض مع البيئة الثقافية المصرية التي مثّلها لعقود الإعلام الرسمي بماسبيرو وقطاعات الإبداع.
وتؤكد العريضة أن إدانة هدير استندت إلى هذا النص البهم المخالف للدستور والذي لا يحدد الركن المادي للجريمة بشكل منضبط، ما يجعله مخالفًا لمبدأ الشرعية واليقين الجنائي المنصوص عليه في المادة (95) من الدستور المصري التي تقرر أنه «لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص واضح ومحدد».
كما أضافت الدعوى وفق سامح أن النص محل الطعن يؤثر على حرية الإبداع وحرية التعبير، بالمخالفة للمادة (67) من الدستور التي تحظر العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر والعلانية الفنية إلا في حالات محددة. كما استندت الدعوى إلى مبدأ النفاذ المباشر للنصوص الدستورية المتعلقة بالحقوق والحريات، واعتبارها المرجعية العليا التي يتعين أن تُقدَّم على أي نص تشريعي مقيد لها واستشهدت بشروح لأستاذ القانون الراحل أحمد فتحي سرور.
وترى هدير أن استمرار العمل بالنص بصيغته الحالية يخلق مناخًا من عدم اليقين لدى المستخدمين وصناع المحتوى على المنصات الرقمية، ويؤثر على الاقتصاد الإبداعي المتنامي في مصر. وطالبت بوقف تنفيذ القرار السلبي لحين اتخاذ إجراءات تشريعية أو تنفيذية لتعليق تطبيق النص أو إعادة صياغته.
كما تشير العريضة إلى أن النص العقابي بصيغته الحالية أتاح - في التطبيق العملي - تغوّل أنماط من التشدد الديني والاجتماعي الوافد على الهوية المصرية، وهي أنماط هجينة وصفتها بـ«الأفغو- إيرانية»، لكونها مزيجًا من ثقافات الغلو الطالبانية في أفغانستان، والنزعات العقائدية المتشددة في إيران الثيوقراطية. وترى الدعوى أن هذه المنظومات الوافدة تمثل قطيعة تامة مع الإرث الحضاري والفني المصري و تراث ماسبيرو والفنون، وأن تمكينها من التحكم بمعايير التجريم تحت لافتة «القيم الأسرية» يعصف باليقين القانوني ويحوّل النصوص العقابية إلى أدوات لاستيراد هذه القيم المتطرفة التي لا تمتّ للمجتمع المصري ولا لتقاليده الحداثية بصلة.
ومن المقرر نظر الدعوى بشقها العاجل خلال 13 ديسمبر، في ضوء ما وصفته المذكرة بـ«الضرورة المُلحّة لحماية الحقوق الدستورية وضمان سلامة تطبيق النصوص العقابية».
اقرأ أيضاًمصرع أم وطفليها وإصابة آخرين في انهيار منزل بالطوب اللبن بقرية الدير جنوب الأقصر
بعد قليل.. استكمال محاكمة 87 متهمًا في قضية «داعش مدينة نصر»
بعد قليل.. استكمال محاكمة 65 متهمًا في قضية الهيكل الإداري للإخوان