سواليف:
2025-07-05@11:24:35 GMT

إضاءة الزوايا المعتمة

تاريخ النشر: 26th, January 2025 GMT

#إضاءة_الزوايا_المعتمة

د. #هاشم_غرايبه

طوال قرن انصرم، أشبعنا العلمانيون العرب لحد التخمة، بمقولاتهم التي تظهر الأوروبيين بغاية الرقي، وانهم يتحلون بالأخلاق الحميدة، فلا يكذبون ولايظلمون، وبأنهم منظمون بطبيعتهم ويحترمون القانون بقناعتهم.
وحقيقة هنالك قدر ما من الصحة في ذلك، لكن بالمقابل إغفال مقصود لكثير من الرذائل والصفات القبيحة الغالبةعلى طباعهم، التي تزيد كثيرا عن المتوسط العام لما يتصف به غيرهم من شعوب العالم.


كان الهدف من وراء ذلك التجميل المبالغ فيه أمران: أولهما الدعوة لاتباع منهج العلمانية على اعتبار أنه الذي انتج كل تلك الفضائل، وأنه هو الذي حقق لهم التقدم الباهر.
وثانيهما الصد عن منهج الله بتحميله وزر ما نحن فيه من تخلف، وتبرئة الغرب من التسلط والنهب والإفساد والإفقار الذي فرضه المستعمرون علينا.
الموضوعية تفترض قول الحقيقة بلا تركيزعلى جانب والتعتيم على آخر، لكني استميح القارئ العذر هنا، لأنني سأسلط الضوء على الجانب المظلم فقط الذي أغفله علمانيونا قصدا، لأنهم يعانون من حَوَلٍ فكري، فلا يرون في تاريخنا المشرق إلا المراحل المؤسفة النادرة، مثل موقعة صفين والجمل وكربلاء.
أنا أدّعي أن الأوروبيين قساة القلوب بطبعهم، وربما أن ما جعلهم كذلك هي ظروف بيئتهم، وتزاحمهم، وغياب الوازع العقدي، وخلو قيمهم من صيغ التراحم والتكافل المجتمعي، وإضافة إلى ذلك فهم منشئو النظام الرأسمالي الحر، الذي يتيح التصارع لأجل تحقيق المكسب، ويعتبر افتراس القوي للضعيف معيار النجاح.
وخير ما يكشف حقيقة قيمهم وروح تراثهم الثقافي… أفلام الغرب الأمريكي (الكاوبوي).
لإثبات ادعائي أقدم الأدلة التالية:
1 – كانت التسلية الممتعة عند الرومان حلبة الموت (الكولسيوم) فتحضر الأسرة بكاملها لمشاهدة الأسود المفترسة التي يتم تجويعها ثم إطلاقها على الأسرى رجالا ونساء وأطفالا فتلتهمهم، أو مشاهدة المبارزات بين العبيد حتى الموت، والإسبان الى اليوم يستمتعون بمصارعة الثيران التي تنتهي بقتلها.
2 – بدأت الحروب الطاحنة بينهم منذ فجر التاريخ، وأذكر منها كأمثلة: ففي الحروب القائمة على أساس الخلاف المذهبي قامت أكثر من عشرين حربا أطولها كانت حرب الثمانين عاما في الأراضي المنخفضة وسط أوروبا، لكن أشهرها حرب الثلاثين عاما بين مناصري الكاثوليكية وعلى رأسهم فرنسا ومناصري البروتستانتية وعلى رأسهم ألمانيا وتسببت بهلاك أحد عشر مليونا، وفقدت ألمانيا ثلث سكانها فجعلوا تعدد الزوجات إجباريا.
وفي الحروب الأهلية كانت هنالك أكثر من أربعين حربا منذ القرن الخامس عشر وحتى التاسع عشر، وفي القرن العشرين، لم يحل التقدم والعلمنة والديمقراطية دون نشوبها، بل كانت أشد ضراوة، فذهب ضحية الحرب الإسبانية عشرات الملايين، والحرب البلشفية في روسيا سبعة ملايين ما عدا عشرات الملايين الذين أعدمهم ستالين فيما بعد.
أما الحروب بين الدول والقوميات الأوروبية فهي الأعنف بين كل الأمم، وأبرزها كانت حروب نابليون وقتل أكثر من ستة ملايين، وفي حرب السنوات السبع بين بريطانيا وفرنسا قتل ما يزيد عن الأربعة عشر مليونا.
في الحرب العالمية الأولى التي بدأت بين النمسا وصربيا قتل ما يزيد عن العشرين مليون إنسان، وفي الحرب العالمية الثانية قتل نحو خمسة وثمانين مليونا عدا عن الدمار الهائل لكل شيء.
3 – خارج قارتهم كانوا أكثر توحشا، فقد اجتاحوا كافة أرجاء العالم القديم: في أفريقيا سلبوها خيراتها واستعبدوا أهلها ولم يتركوها إلا متخلفة جائعة، وفي آسيا نهبوا وقتلوا وعاثوا الفساد في كل بقعة وصلوها، بعكس ادعائهم أنهم جاءوا لنشر الحضارة والتقدم.
كما احتلوا ثلاث قارات جديدة هي الأمريكتين واوستراليا، فاستباحوها وأبادوا سكانها الأصليين، ومحوا ثقافتهم ولغتهم وحضاراتهم العريقة.
4 – ولا يتسع المجال لذكر كل شرورهم في حروبهم الحديثة ضد المسلمين في البوسنة والشيشان وافغانستان والعراق وباقي الأقطار العربية.
لكن أبشع جرائمهم كان أنهم رغم تشدقهم بقيم التحضر والديمقراطية وحقوق الإنسان، فقد احتلوا فلسطين وشردوا أهلها، والى اليوم يرفضون إعادتهم الى أرضهم أو إحقاق حقهم الإنساني الأولي بالعيش في أمان وكرامة.
بالمقابل فمتبعو منهج الله خاضوا حروبا مع بعضهم ومع غيرهم خلال الفترة نفسها، فكم قتلوا أودمروا!؟.
ودخلوا أقطارا كثيرة لكنهم لم يفسدوا ولم ينهبوا، والدليل أن شعوبها اختاروا البقاء على منهج الله بعد انهزام الدولة الإسلامية، لكنهم بعد خروج المستعمرين الأوروبيين، عادوا الى ثقافتهم ولغتهم الأصلية.

مقالات ذات صلة وراء الحدث 2025/01/25

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

تحصين الجامعات اليمنية في زمن الحروب السيبرانية

أ.د. خالد الحسيني

في المنظور الإسلامي، حماية المؤسسات العلمية من الاعتداءات ليست مجرد تدبير إداري، بل واجب شرعي يدخل في صيانة الضروريات الخمس، وعلى رأسها “حفظ العقل” و”حفظ الدين”، وهو ما لا يتحقق إلا بصيانة أدوات المعرفة الحديثة، وعلى رأسها الأنظمة الرقمية التي أصبحت قلب العملية التعليمية. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: 71]

والأخذ بالحذر في زماننا يشمل إعداد مؤسساتنا العلمية لتحصينها من الاختراق، والعبث، والتخريب، كما نحصّنها فكريًا ومنهجيًا.

في ظل الحرب السيبرانية الموازية التي رافقت النزاع الأخير، أظهرت المعركة الرقمية جانبًا خطيرًا من الحروب الحديثة، حيث أصبحت المؤسسات التعليمية ومراكز الأبحاث في مرمى الاستهداف، ليس من أجل تدميرها جسديًا، بل لضرب بنيتها المعلوماتية، وسرقة بياناتها، وزعزعة استقرارها المعرفي.

ورغم أن المواجهة التي جرت مؤخرا حدثت خارج اليمن، إلا أن الدروس المستفادة منها تمسّنا بشكل مباشر، لا سيما ونحن نعيش ظروفًا مشابهة في الهشاشة الأمنية، ضعف البنية التحتية، وغياب سياسات واضحة لحماية المؤسسات العلمية من الهجمات السيبرانية.

ما تعرّضت له مؤسسات التعليم في بعض الدول خلال الحرب السيبرانية الأخيرة، يُنبئنا نحن في اليمن بما قد يحدث إذا ما استمرت جامعاتنا مكشوفة إلكترونيًا.

ليس المطلوب أن نحاكي سباق التسلّح السيبراني، بل أن نُدرك أن المعركة اليوم لا تُخاض فقط بالبندقية، بل بالخادم Server، وكلمة المرور Password، وجدار الحماية Firewall، فلنحمي جامعاتنا، نحمي عقولنا. ولنبنِ قدراتنا الرقمية كما نبني مختبراتنا، لأن العلم إذا لم يُصن رقميًا، لن يُثمر واقعيًا.

الجامعات اليمنية مكشوفة سيبرانيًا

– تفتقر معظم الجامعات اليمنية الحكومية والأهلية على حد سواء إلى أنظمة رقمية مؤمّنة أو فرق متخصصة في الحماية السيبرانية. وغالبًا ما تُدار البيانات الأكاديمية (الطلاب، النتائج، الأبحاث، الشهادات) من خلال أدوات بدائية، بعضها معرّض للاختراق أو الفقدان، سواء بسبب عدم الحماية أو ضعف التخزين.

– في ظل هذا الوضع، فإن أي نزاع أو تدخل خارجي يمكنه بسهولة أن يشلّ العملية التعليمية أو يُخرّب البنية التحتية لمؤسسة تعليمية كاملة من خلال الاستهدافات السيبرانية لمنصات وجامعات رئيسية.

الدرس السيبراني لليمن: المعرفة بحاجة لحماية إلكترونية

الحرب السيبرانية التي جرت مؤخرا لم تكن نزاعًا رقميًا فحسب، بل كشفت أن المعرفة باتت ساحة معركة، وأن من لا يمتلك أدوات الحماية الرقمية، قد يفقد أمنه التربوي والسيادي.

في اليمن، نحن أمام مسؤولية وطنية عاجلة تتمثل في:

– وضع سياسة وطنية لحماية البيانات التعليمية، ضمن استراتيجية شاملة للأمن السيبراني.

– إنشاء وحدات للأمن المعلوماتي داخل الجامعات اليمنية، مزودة بالكفاءات الفنية والتجهيزات المناسبة.

– تدريب الموظفين الأكاديميين والإداريين على كيفية التعامل مع الهجمات الإلكترونية أو الحوادث الرقمية.

– دمج مساقات ومقررات عن الأمن السيبراني ضمن برامج الحاسوب ونظم المعلومات والهندسة.

– بناء بنية تحتية رقمية مؤمنة للمنصات التعليمية الحكومية والخاصة.

 

* أستاذ هندسة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT

 

 

مقالات مشابهة

  • هند الضاوى: ترامب تاجر مش عايز يحارب حد
  • إمام الحرم: الالتجاء إلى الله منهج المسلم حين حلول الفتن
  • وزير الخارجية: توجت جهودنا برفع العقوبات ورفع علم سوريا في مقر الأمم المتحدة، سوريا التي نراها اليوم تشبه الشعب السوري، والرمزية السورية اليوم أكثر انفتاحاً ترمز إلى الإنسان السوري وثقافته وأرضه
  • أحداث مأساوية وأزمات عالمية.. من الحروب إلى الكوارث الطبيعية
  • الحرب تلتهم الأرواح!
  • في زمن الحروب والتقلبات.. خبير اقتصادي يكشف خارطة الاستثمار الآمن
  • تحصين الجامعات اليمنية في زمن الحروب السيبرانية
  • تقديم منهج دراسي متكامل في الموسيقى الغربية والعربية
  • ٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
  • إضاءة على أحدث إصدارات دور النشر السورية