قال الرئيس التونسي الأسبق، محمد منصف المرزوقي، إنّ: "الثورة السورية ثورة حقيقية، نجحت في إسقاط نظام من أكثر الأنظمة العربية تسلطية ودموية"، الأربعاء، وذلك خلال ندوة أقامها المركز المغاربي للبحوث والتنمية في العاصمة البريطانية، لندن، وحضرها عدّة شخصيات العربية من صحفيين وأكاديميين.

واعتبر المرزوقي، أنّ الذين راهنوا على محاولة إعادة تأهيل نظام بشار الأسد قبل عام، لم يدركوا حجم التآكل والاهتراء الذي وصل إليه نظام الأسد.

مردفا أنّ: "الثورة السوري بقدر ضخامة الإنجاز بإسقاط النظام إلا أنها لا يجب أن تغفل عن التحديات والمخاطر التي تحدق بها، إقليميا ودوليا".

وفي السياق نفسه، عبّر المرزوقي عن مخاوفه من أن يسقط المشهد السوري في ثنائية الصراع الإسلامي العلماني، مؤكدا الحاجة لتجاوز هذه الثنائية المدمرة، التي يعاني منها الاجتماع السياسي العربي، داعيا لاعتبار الديمقراطية المظلة التي توحّد السوريين بجميع مكوناتهم واتجاهاتهم.

إلى ذلك، أكّد المرزوقي أنّ: "تجربة العديد من الدول العربية واجهت مأزقا حقيقيا بسبب الوقوع في فخ ثناية العلماني- الإسلامي"، مشدّدا على دعمه للثورة السورية باعتبارها تجربة تتعلق بها آمال المنطقة، وهي بالتالي تجربة يجب أن تنجح، حتى تبقي أمل الشعوب العربية في المنطقة في التحرر من الاستبداد والدكتاتورية متوقدا. 

كذلك، حذّر المرزوقي ممّن وصفهم بـ"الذئاب التي تتربّص بالثورة السورية، من أجل إرباكها واحتوائها"، فيما رفض "تقديم دروس للسوريين". غير أنه قال إنه سيكون جاهزا للتفاعل وطرح خلاصة تجربته التونسية، إن تمت استشارته أو طلب منه السوريون ذلك بشكل رسمي.

وحذّر المرزوقي من أن قوى التغيير والإصلاح في المنطقة تحتاج التوقف عند ظاهرة تراجع زخم فكرة الديمقراطية، من أجل التفكير العميق في سبل تجاوز هذه الأزمة. مشيرا إلى أن الديمقراطية تواجه أزمة حقيقية في العالم، وأن هناك من الغربيين اليوم من يرى أن العالم يتجه إلى ما بعد الديمقراطية. 


وأبرز المرزوقي أن الديمقراطية اليوم حتى في الغرب نفسه تم الاستيلاء عليها من قبل المال الفاسد والأوليقارشيا والتيارات الشعبوية التي ترذّل الديمقراطية بل وتسفهها. مردفا أن الديمقراطية الأمريكية كيف أصبحت مختطفة من قبل قوى المال، من ترامب إلى جل مساعديه في إدارة البيت الأبيض الجديدة على غرار إيلون ماسك إلى جيف بيزوس.

وفي سياق متصل، دعا المرزوقي القوى العربية لاجتراح تجربة جديدة تأخذ بعين الاعتبار الأزمة الخطيرة التي تواجهها الديمقراطية في العالم. مؤكدا في الوقت نفسه أنه خلال تجربة توليه الرئاسة في تونس، قد رفع تحدي كيف يجمع بين السلطة أداة لإدارة البلاد وتسييرها، وبين عدم انزلاقه نحو الاستبداد والتسلّط.

واعتبر أنه غادر منصبه ولم يسجن صحفيا، ورفض أي ممارسات للتعذيب تحت أي طائلة، كما سلّم السلطة بطريقة ديمقراطية سلمية. موضحا أنه بقدر ما يدافع عن حق الإسلاميين في العمل السياسي، بقدر ما يرى نفسه كصديق لهم أن ينتقدهم عندما يرتكبون أخطاء.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية حقوق وحريات التونسي المرزوقي الثورة السورية تونس الثورة السورية المرزوقي المزيد في سياسة حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ر المرزوقی

إقرأ أيضاً:

العراق بين الجمهوريين والديمقراطيين: استعادة الديمقراطية لا الاعتذار عنها

بقلم : محسن عصفور الشمري ..

تُثبت فلسفة التاريخ حقيقة يصعب إنكارها: من لا يقرأ التاريخ يظل تابعًا، يُقاد إلى حيث يشاء الآخرون. ورغم أن التاريخ لا يُعاد، فإن تصحيح مساراته ممكن وضروري وملحّ.

في زيارته الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية (13 أيار 2025)، أدلى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بتصريحات لافتة بشأن العراق، ضمن نقده المستمر لسياسات خلفائه من الحزب الديمقراطي، لا سيما أوباما وبايدن، في الشرق الأوسط. ورغم أن تصريحاته حملت قدرًا من الصواب السياسي، فإنها جاءت متأخرة. فالمطلوب اليوم ليس فقط تشخيص الأخطاء، بل السعي الجاد لاستعادة المسار الديمقراطي الذي بدأ مع إدارة جورج بوش الابن، قبل أن ينحرف بشكل خطير خلال حقبة أوباما.

ورغم التحفظات الكبيرة على طريقة التدخل الأميركي في العراق عام 2003، فقد تبنّت إدارة بوش الابن مشروعًا معلنًا لبناء عراق ديمقراطي تعددي، قام على صياغة دستور جديد، وتنظيم انتخابات، ودعم مبدأ التداول السلمي للسلطة. صحيح أن التطبيق كان هشًا، وأن البنية الداخلية للدولة العراقية كانت منهكة، لكن تلك المرحلة مثّلت فرصة تاريخية لصياغة نظام سياسي مختلف عما كان عليه الحال في ظل الجمهوريات العسكرية التي حكمت منذ 1958 وحتى 2003.

التحوّل الحاسم وقع مع إدارة الرئيس أوباما، حين انسحبت القوات الأميركية من العراق دون توفير أي ضمانات لحماية التجربة الديمقراطية الوليدة. لم يكن الخطر محصورًا في الفراغ الأمني، بل تجلى في انزلاق المنظومة السياسية إلى الاستبداد المقنّن عبر مؤسسات الدولة نفسها. ويُعد قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم 55 لسنة 2010 نموذجًا فاضحًا لذلك الانحراف؛ إذ فسّر مفهوم “الكتلة الأكبر” في البرلمان بطريقة أجهضت نتائج الانتخابات، ومنحت القوى المهيمنة أداة شرعية لاحتكار السلطة والتحكم بمصير البلاد.

أدى ذلك القرار إلى نقل الديمقراطية من صناديق الاقتراع إلى غرف الصفقات المغلقة. وبدأت ممارسات الإقصاء تتسيد المشهد، وتعمّقت المحاصصة السياسية، وتكرّست طبقة حاكمة عاجزة عن الإصلاح، ومنفصلة عن تطلعات الشعب.

وفي هذا السياق، فإن تصريحات ترامب حول العراق تُعبّر عن وعي جزئي بمشكلة حقيقية، لكنها تفتقر إلى تصور عملي شامل لاستعادة التوازن. ليس كافيًا انتقاد أوباما، أو الإقرار بأخطاء الماضي؛ المطلوب اليوم هو دعم مشروع سياسي عراقي وطني يعيد للديمقراطية معناها ومؤسساتها. وهذا ما يزال ممكنًا، سواء في ظل احتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض، أو عبر مراجعة جدّية للعلاقة العراقية الأميركية، من منطلق شراكة لا وصاية.

ولتحقيق ذلك، لا بد من خارطة طريق وطنية واضحة تشمل:
1. مراجعة الدستور العراقي وإغلاق الثغرات التي فتحت المجال للتلاعب.
2. تفكيك نظام المحاصصة السياسية الذي أصبح حاجزًا أمام الإصلاح.
3. ضمان استقلال القضاء كركيزة لاستعادة الثقة بالمؤسسات.
4. تمكين المواطن من مساءلة السلطة وفق أدوات قانونية ودستورية فعّالة.

إن الديمقراطية لا تُبنى بالنيات أو الشعارات، بل بمؤسسات راسخة وضمانات دستورية حقيقية. والعراق لا يحتاج إلى وصاية خارجية، بل إلى شراكة عادلة تحترم سيادته وتطلعات شعبه في الحرية والعدالة والكرامة.

ولا يمكن الحديث عن فشل التجربة العراقية دون الاعتراف بمسؤولية الشركاء المحليين الذين تسلموا السلطة بعد عام 2003. فالكثير منهم أظهروا قصورًا ذاتيًا واضحًا، وافتقارًا للرؤية، فيما اندمج آخرون في أجندات إقليمية مناهضة لمفهوم الدولة الوطنية العراقية. وفي المقابل، جرى تجاهل وإقصاء آلاف الكفاءات العراقية في المهجر، التي كان يمكن أن تُسهم في بناء نموذج سياسي مختلف وأكثر تماسكًا.

استعادة المسار الديمقراطي ليست ترفًا سياسيًا، بل شرط لبقاء الدولة ومنع تفككها. والمسؤولية مشتركة بين الداخل والخارج، بين النخبة والمجتمع، وبين الذاكرة والتطلعات.

محسن الشمري

مقالات مشابهة

  • رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع يستقبل في قصر الشعب وفداً من رجال الأعمال والمستثمرين من دولة الكويت الشقيقة برئاسة السيد بدر ناصر الخرافي لمناقشة المشاريع الاستثمارية في مجالات البنية التحتية والاتصالات
  • الجيش الوطني والفيدرالية الديمقراطية
  • مجمع الملك سلمان يحتفل بتخريج الدفعة الثانية من طلاب مركز “أبجد” لتعليم اللغة العربية
  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يحتفل بتخريج الدفعة الثانية من طلاب مركز (أبجد)
  • جوجل تكشف عن تصميم ثوري جديد لأندرويد 16 و”وير أو إس 6″ بميزات ذكية
  • عبدالله أشاد بالتغطية الصحية المجانية لذوي الاحتياجات الخاصة
  • العراق بين الجمهوريين والديمقراطيين: استعادة الديمقراطية لا الاعتذار عنها
  • بدء كلمة رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع.
  • سيلقي رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع اليوم كلمة يخاطب بها الشعب السوري الساعة العاشرة مساءً
  • تركي آل الشيخ أشاد به.. البنّا يطرح أغنية جديدة