ابتكار أم تهور؟ باكستاني يقود سيارته من الخلف بلوحة مفاتيح
تاريخ النشر: 31st, January 2025 GMT
في واقعة غريبة ومثيرة للدهشة، تمكن شاب باكستاني من إعادة تعريف مفهوم القيادة، بعد أن نجح في تحويل سيارته للعمل بلوحة مفاتيح كمبيوتر بدلاً من عجلة القيادة التقليدية.
الشاب إحسان ظفر عباسي، من مدينة أبوت آباد الباكستانية، نشر عبر حسابه على إنستغرام مقطع فيديو يظهر فيه وهو يجلس في المقعد الخلفي لسيارته، بينما يتحكم في قيادتها باستخدام لوحة مفاتيح يحملها بين يديه.
الفيديو، الذي تجاوز 66 مليون مشاهدة حتى الآن، أظهر عباسي وهو يقود السيارة بكل سلاسة داخل شوارع المدينة، في تجربة وصفها البعض بأنها مبتكرة وجريئة، بينما اعتبرها آخرون تصرفاً متهوراً قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على الطريق.
عرض هذا المنشور على Instagramتمت مشاركة منشور بواسطة ????????Ehsan zafar Abbasi???????? (@ehsanzafarabbasi)
تفاصيل الابتكارهذا الشاب، الذي ينحدر من قرية باغ النائية في منطقة أبوت آباد، يُعرف بشغفه الكبير في تفكيك الأجهزة الإلكترونية، وهو ما قاده إلى تنفيذ بعض الإصلاحات المبتكرة، وإن كانت في بعض الأحيان غير ناجحة.
مؤخراً، لفت عباسي أنظار سكان حيه بعد أن قام بتعديل سيارة عائلته لتبدو وكأنها ذاتية القيادة، حيث ظهر في مقطع الفيديو وهو يتحكم في السيارة عن بعد، بينما كان مقعد السائق فارغاً ومسند الرأس مفككاً، ما جعلها تبدو وكأنها تتحرك من تلقاء نفسها، الأمر الذي أثار دهشة المارة وجعلهم يتساءلون عن كيفية عملها.
وأثار الفيديو تفاعلاً واسعاً، حيث انقسمت الآراء بين من يرى في هذه الفكرة إبداعاً تقنياً يستحق التطوير، وبين من حذر من خطورتها على السلامة المرورية، خاصة أن القيادة التقليدية تعتمد على ردود فعل سريعة ودقة في التحكم، وهو ما قد لا توفره لوحة المفاتيح بنفس الكفاءة.
وفي تصريحات إعلامية، كشف إحسان ظفر عباسي أن تحويل سيارته إلى هذه التقنية استغرق منه 7 أشهر من العمل، وكلفه حوالي 1000 دولار.
وأوضح أنه استخدم برمجيات خاصة وأجهزة تحكم متطورة، مما سمح له بالتفاعل مع السيارة إلكترونياً، دون الحاجة إلى عجلة القيادة التقليدية.
وأضاف عباسي أنه استلهم هذه الفكرة لأول مرة أثناء لعبه ألعاب الفيديو في طفولته، حيث تساءل: "إذا كان بالإمكان قيادة السيارات في الألعاب باستخدام لوحة مفاتيح، فلماذا لا يمكن تطبيق ذلك في الواقع؟".
وأضاف أن طفولته في قريته كانت مليئة بالتحديات، حيث كان الحصول على الكهرباء أمراً نادراً، لذلك كان يشعر بفرحة غامرة عندما تعمل الكهرباء، فيسارع مع أصدقائه للجلوس أمام الكمبيوتر ولعب ألعاب مثل GTA: Vice City وNeed for Speed، ما ولّد لديه شغفاً عميقاً بالتكنولوجيا.
مع ضعف خدمات الإنترنت في قريته، اعتمد عباسي على تجاربه الخاصة لفهم الإلكترونيات والميكانيكيات، فقام بتحويل غرفة صغيرة تحت سلالم منزله إلى مختبر يجري فيه تجاربه، مستفيداً من دعم أفراد عائلته الذين يزودونه بأجهزة إلكترونية قديمة من الأسواق المستعملة.
وقال عباسي: "لقد قمت بتفكيك العديد من الهواتف المحمولة، الأجهزة اللوحية، الطابعات، الماسحات الضوئية، أجهزة الكمبيوتر، أجهزة العرض، وحتى عصارات الفواكه، محاولاً فهم آلية عملها وإعادة استخدامها في ابتكارات جديدة".
وبعد سبعة أشهر من العمل المتواصل، تمكن عباسي من إتقان مشروعه الفريد، لكنه لا ينوي التوقف عند هذا الحد، إذ يطمح إلى إضافة تقنيات متقدمة، مثل أجهزة استشعار وتقنيات حديثة، لتسهيل استخدام السيارات للأشخاص ذوي الإعاقة، مما يمنحهم القدرة على القيادة بشكل مستقل.
ورغم عبقريته الفريدة، يواجه عباسي تحديات كبيرة في تحقيق أحلامه، إذ يقول إنه يحلم بتأسيس شركة سيارات عالمية في باكستان، على غرار شركة تسلا، كما يطمح إلى الدراسة في إحدى أرقى الجامعات العالمية مثل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من الإعجاب الذي حظي به اختراعه بالقيادة عبر لوحة المفاتيح، إلا أن هذه الفكرة قد تواجه عقبات قانونية، حيث من المحتمل أن تعتبر السلطات المرورية الباكستانية هذه التعديلات غير قانونية، نظراً لمتطلبات السلامة. ومع ذلك، يبدو أن عباسي يطمح إلى تطوير فكرته وإيجاد طرق أكثر أماناً لتطبيقها مستقبلاً.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية باكستان غرائب لوحة مفاتیح
إقرأ أيضاً:
هكذا لبنان.. مثل لوحة إيفان الرهيب
"إيفان الرهيب" هذه اللوحة التي رسمها الفنان الروسي إيليا ريبين، وهي تُجسد إيفان الرهيب، أمير موسكو، مُمسكا ابنه المقتول باكيا، بلوعة وحزن، بعد أن قام بقتله.. هكذا لبنان، يبكي على من قتله.
تاريخيا، كان لبنان ومعه مصر والعراق، دولا تُعرف أنها معاقل أساسية في الثقل الثقافي العربي، إذ مقولة "القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ"، لم تكن من محض فراغ أو سرديات خيالية ليس لها محل من الواقع، فقد شهدت هذه المدن، مع غيرها من المدن العربية، تأسيس وازدهار الصحف والمجلات ودور النشر ومراكز الأبحاث ونوادي السينما والمسرح والموسيقى، فضلا عن التنظيمات والأحزاب التي ملأت المنطقة بالفكر والعمل السياسي.
الآن، تبخر كل هذا. لكن، التبخر الذي حدث في لبنان يختلف عن العراق الذي شهد حصارا ومن ثم حربا لم يتعاف منهما إلى الآن. أما مصر، فهي كما كانت رائدة في مجالات كثيرة، إلَّا أن سُلطوية السيسي الممتدة منذ 11 عاما قد قضت على كثير من العمل الفكري والسياسي والإبداعي، عبر القمع المباشر لتلك الفضاءات وتمثلاتها.
أما لبنان، فبدون التعرض لحصار أو قمع سُلطوي مباشر، تلاشى منه الفضاء الثقافي والسياسي والفكري، بعدما كان مليئا بكل تمثلاته، إذ شهد لبنان منذ أوائل القرن العشرين، ولا سيما بعد عام 48، تصاعدا كبيرا في الساحة الفكرية والثقافية، ما أدى إلى تأسيس التنظيمات والأحزاب، ونشاطية العمل السياسي والعسكري، فضلا عن عشرات الصحف العريقة ودور النشر. كل هذه الفضاءات، وغيرها، كانت ترعاها نخبة عربية، وليست لبنانية فقط، بل كانت نخبة من أفضل الشخصيات في التاريخ العربي الحديث.
كان لبنان عبر تاريخ حكمه اللامركزي مسرحا لاستقطاب واستقرار كثير من مفكري وصحفيين وأدباء العرب، بل وحتى شخصيات عالمية أممية جاءت لتشارك في الكفاح المسلح من أجل تحرّر فلسطين، وغير ذلك من تمثلات ثقافية وسياسية وفكرية. لكن، من بعد اتفاق الطائف عام 1989 تغيّرت الحالة. فماذا حدث؟ ولماذا أفلس لبنان من المفكرين والمناضلين، والآن يكتفي بالرثاء والبكاء على ضحاياه؟
إن المجتمع اللبناني، كما شخصَّه المفكر اللبناني سمير خلف، انتقل من ساحة الحرب إلى ساحة اللعب، وهنا الحرب ليس بمعناها العسكري فحسب، فمنذ اتفاق الطائف، وارتماء الحكومة اللبنانية وطوائفها، بلا أي استثناء، في أحضان النيوليبرالية بقيادة رفيق الحريري، دخلت عصرا استهلاكيا، حاصرَ المُجتمع وتاريخه، وسلَّع كل شيء فيه. وكانت أهم هذه السلع هو التاريخ الثقافي والسياسي اللبناني. إذ يعيش لبنان ضمن حفلة استهلاكية للتاريخ والعمل الفكري السياسي والعسكري، وأصبحت شخصيات كثيرة هي محل تقديس، مع بكاء ورثاء، لا محل نقاش ونقد وإعادة صناعة شخصيات مثلها.
أتذكر، مع أصدقائي المصريين مازحا، حين وصلت إلى بيروت (المدينة الذي أحبّها، والتي أمّنت خوفي من سجون السيسي) من القاهرة، متصوّرا أني بعدما سكنتُ في شارع الحمرا أني سأنزل على المقاهي، فأجدُ من هم أمثال محمد الماغوط ومحمود درويش، حيث كانوا يجلسون على المقاهي لكتابة الشعر والمقالات، أو حتى حين أتمشى في شارع بلِس، بجوار الجامعة الأمريكية، سأعُيد ذات النقاشات التي دارت بين جورج حبش ووديع حداد. لكني وجدت صورا، وإكسسوارات، وحفلات تُدفع لها التذاكر. كل شيء قابل للبيع، بل الشيء المُغلَّف ثقافيا هو الأكثر جاذبية ورواجا للبيع.
فيما بعد، اعتدنا المزاح حين كنَّا نرى مفكرا مثل فواز طرابلسي، فنبتسم ونقول: إنه آخر رجال اليسار العربي، آخر الرجال المُحترمين، حيث له تاريخ سياسي وفكري، بل ومواقف مُشرفة، يتخذها أي إنسان مُتحرر، أو يدَّعي التحرر، فلا يؤيد أنظمة الدكتاتورية العربية، وأبرزهم سفاح العصر-ومعه نتنياهو- الرئيس السوري الهارب بشار الأسد، وأيضا حين نذكر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أو الحزب الشيوعي، نقول عن صديق لنا إنه آخر عضو فيها. نقارن، ونضحك على ما وصلت إليه الحالة الفكرية والتنظيمية من إفلاس.
كثير من اللبنانيين حوّلوا التاريخ الثقافي والفني والسياسي إلى سلعة تُباع، في المكتبات والبارات والمسارح وغير ذلك. مؤخرا، مع الاحتفاء والرثاء الكبير، والحزين، الذي ناله زياد رحباني بعد وفاته، وهو فنان قدير ومبدع، تجد "تيشرتات" مطبوعة بصورته للبيع، وبوسترات وكؤوسا عليها مقولاته. هذه الأقوال، والتي هي بمثابة مبادئ مُختصرة، لم تتحول إلى شعارات فحسب، بل شعارات للبيع. وهذه ظاهرة ليست مُقتصرة على لبنان فقط، لكن، برأيي ومن خلال المعايشة، بارزة هناك مقارنة بأي مكان آخر..
أيضا، من آفات استعادة التاريخ اللبناني وشخصياته، أنها استعادة من أجل التباهي، وانتماء من أجل التمايز، لا من أجل طرح فعّال ونقديّ حقيقي للتاريخ ورموزه وتنظيماته، أو من أجل العمل على تطوير ما تركوه من فكر وعمل وفن، بل ما يحدث هو التعاطي بـ"الاستسهال"، أي تبني السرديات "السهلة" بلا أي نقاش، بل تبنٍ من أجل الارتماء سريعا في أحضان أي خندق، والانتماء، دون اختلاف أو نقد أو دعوة للمراجعة، بل انتماء بلا أدنى تفكير، انتماء للراحة، فما أسهل أن نتحدث عن شعارات التحرر والمقاومة والنصر دون أي تكلفة سندفعها، حتى لو كانت هذه التكلفة هي تكلفة من الوقت، أي قراءة كتاب ومن ثم إعادة التفكير في التاريخ والحاضر.
بعدما توفى الفنان اللبناني القدير زياد رحباني، انتشرت له مقاطع فيديو كثيرة، فلا خلاف على فنّه العظيم، ومُوسيقاه وكلماته، وأغنياته ومسرحياته. لكن كان ضمن هذه المقاطع حديثه عن السياسة، وهي رؤى عفوية بلا سياق منهجي أو حديث يتبنى دلائل. ولن أذكر هنا حديثه السياسي عن النظام السوري المجرم والبائد، لكن، مثلا، ضمن أحاديثه، كان حبّه وتأييده لزعيم الاتحاد السوفييتي السابق ستالين.
بتفكير بديهي، هذا يتناقض تماما مع قضية فلسطين، التي يؤمن زياد وجمهوره من ذات الطابع السياسي بتحرّرها، فهناك حقيقة تاريخية تقول: إن الاتحاد السوفييتي بقيادة ستالين هو أول من اعترف بدولة إسرائيل، بعد ثلاثة أيام فقط من تأسيسها، هذا فضلا عن إمداده عصابات بن غوريون بالسلاح الذي ساعدها في تأسيس الدولة، بعد قتل وتهجير الفلسطينيين في نكبة 48.
هناك أمثلة لا تُعد، لكن ما هو مثير أن الجماعة، أي الجمهور، تقتل الثقافة والفنون والسياسة حين لا تأخذها بعين الاعتبار، أي بعين تقرأها جيدا وتناقش وتقارنها وتُفككها وتنتقدها، بل، والأهم، تبني عليها عملا فكريا وتنظيما سياسيا. إن ترديد المقولات والشعارات، حتى وإن كان ترديدا رثائيا وبكائيا، يقتل الثقافة، فأنت تبكي على الشيء الذي تغتاله دون وعي، فما يهمُّ مهدي عامل أو حسين مروة أو فواز طرابلسي وزياد رحباني وغيرهم من تاريخ لبنان الفكري والسياسي والفني، والتاريخ العربي أيضا، هو أن تفهم تجربتهم، وتناقشها وتطورها، بل وتكمل ما تركوه، وتنجح فيما فشلوا هم في تحقيقه، لا أن تُحول كلماتهم إلى مطبوعات تُلبَس وشعارات تُرفع، في فضاء نيوليبرالي، يشجع الرقص على حبّات الكلمنتينا، والإبادة أيضا.
إعادة ترديد الشعارات والمقولات، وتقديس الناس في غير مَحلهم، مرض فكري كبير، فَالفنان هو فنان، وفيلسوف في الفن لا في التحليل السياسي وقراءة التاريخ. وهذه هي إشكالية الثقافة في عمومها، وعلاقتها بالسياسة والأخلاق. فمن بعد 7 أكتوبر، وجدنا فلاسفة ذوي شأن عالمي مثل جيجك وهابرماس وإيفا إيلوز، يؤيدون إسرائيل في قتل أطفال غزة، ويبررون لها. فهل نسامح مُحبيهم وجمهورهم في تبنّي نفس خطابهم، بما أنهم فلاسفة، أو ننتقد ما يقولونه ونسمّي ما تبنّوه بشكل واضح تأييدا للقتل، حتى يتراجعوا ويعتذروا حيال ازدواجيتهِم الأخلاقية؟