الحكومة أعلنت موتها.. مصير مبادرة السلام الكينية حول جنوب السودان
تاريخ النشر: 13th, August 2025 GMT
جوبا- تفاجأت الأوساط السياسية في جنوب السودان بتصريحات الجنرال كوال منيانيق جووك، رئيس الوفد الحكومي المفاوض، والتي أعلن فيها "موت" مبادرة السلام الكينية بين الحكومة والجماعات الرافضة لاتفاق السلام المنشط الموقع سنة 2018.
وجاء هذا الإعلان من دون مقدمات أو مؤشرات على تعثرها، رغم انتهاء الجولة الأخيرة قبل عدة شهور باتفاق على مواصلة الحوار، الأمر الذي أثار حالة من الصدمة في المشهد السياسي المعقد والمتشابك في البلاد.
وقال جووك في تصريحات إعلامية بجوبا "مبادرة تومايني انتهت ولا توجد قضية حقيقية لدى المعارضة، كما لا يمكن استبدال اتفاق السلام الحالي بهذه المبادرة التي تمثل فقط 10% من محتواه، فالوثيقة المقترحة كانت بمثابة انقلاب يرمي إلى تولي السلطة".
وأُطلقت مبادرة تومايني، التي تعني "الأمل" باللغة السواحلية، في مايو/أيار من العام الماضي بالعاصمة الكينية نيروبي، برعاية الرئيس وليام روتو، كمسار تفاوضي بين حكومة جوبا و"تحالف حركات المعارضة في جنوب السودان" الذي يضم عدة تيارات رفضت اتفاق السلام المُنشط الموقّع عام 2018 لإنهاء الحرب الأهلية.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، توصلت الأطراف إلى توقيع 8 بروتوكولات تناولت قضايا محورية مثل وقف إطلاق النار، والترتيبات الأمنية، والعدالة، والإصلاحات الاقتصادية، في محاولة لفتح الطريق أمام تسوية سياسية شاملة.
ويشارك في مفاوضات نيروبي للسلام عدد من الجماعات المسلحة والكيانات السياسية المعارضة في جوبا، أبرزها الحركة الشعبية بزعامة الأمين العام السابق للحزب الحاكم باقان أموم أوكيج، والجبهة المتحدة لجنوب السودان بقيادة رئيس أركان الجيش الأسبق بول ملونق أوان.
كما تشارك حركة جيش شعب جنوب السودان بقيادة الجنرال ستيفن بواي رولنيانغ، وحركة "التحالف الوطني للتغيير-المجلس الثوري المركزي" بقيادة الجنرال ماريو لاكو توماس. وتعترض هذه الجماعات على اتفاق السلام المنشط الذي تم بموجبه تكوين الحكومة الانتقالية في جنوب السودان، "لعدم تناوله الأسباب الجذرية للأزمة في البلاد".
إعلانوتشمل أبرز القضايا التي تناقشها مبادرة تومايني التالي:
حل النزاع حول الأراضي والموارد التي تعد من أبرز جذور الصراعات في جنوب السودان. إصلاح هياكل الحكم لضمان مشاركة عادلة وشاملة لجميع المكونات السياسية والعرقية. دمج القوات المسلحة بشكل متوازن يحقق الأمن والاستقرار من دون هيمنة طرف على آخر. تحقيق العدالة والمساءلة عن الانتهاكات المرتكبة خلال فترة النزاع. تنفيذ إصلاحات اقتصادية واجتماعية تقلل من الفقر وتوزع الموارد بشكل عادل. حماية حقوق الأقليات والفئات المهمشة لضمان تمثيلها في العملية السياسية. تأجيلوفي فبراير/شباط الماضي، تم تأجيل مباحثات تومايني بين الحكومة الانتقالية والجماعات الرافضة، لإتاحة الفرصة للأطراف لإجراء المزيد من المشاورات تمهيدا للعودة إلى التوقيع واستئناف التفاوض حول القضايا الخلافية، والتي كان من أبرزها اعتراض المعارضة على اعتماد اتفاق السلام المنشط كمرجعية، والإصرار على بدء عملية تفاوض جديدة.
ولا تزال هذه الجماعات موجودة في نيروبي بانتظار وصول الوفد الحكومي لاستئناف مفاوضات مبادرة تومايني، إلا أن إعلان الوفد بشكل مفاجئ عن موت المبادرة في تصريحات إعلامية أثار صدمة وغضبا، خاصة بعد عدم إبلاغ الحكومة الكينية الراعية للمفاوضات.
هذا التطور زاد من تعقيد جهود السلام في جنوب السودان وألقى بظلال من الشك على جدية الحكومة في الحوار. وتبقى الجماعات المعارضة معلقة بين انتظار استئناف التفاوض ومحاولة الحفاظ على أمل السلام رغم الصعوبات.
وفي أول رد فعل لها على تصريحات رئيس الوفد كوال منيانغ جووك، اتهمت هذه الجماعات المعارضة إدارة الرئيس سلفاكير ميارديت بالسعي لتقويض جهود السلام، معتبرة أن إعلان جووك عن موت المبادرة كان جزءا من خطة ممنهجة لإنهاء العملية برمتها.
وقال لوال داو، الأمين العام للجبهة المتحدة والمتحدث باسم تحالف المعارضة للجزيرة نت: "إذا كانت الحكومة قد قتلت مبادرة تومايني للسلام، فلا خيارات أخرى لدينا لإنقاذها، لكننا سنستخدم الوسائل المتاحة لنا لتحقيق السلام في جنوب السودان، كما نرفض ادعاءات الحكومة بأن مطالبنا مبالغ فيها، والقضية الحقيقية هي الفساد المنهجي وفشلها".
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي إدوارد كورنيليو أن تصريحات الجنرال جووك تعكس أزمة ثقة متفاقمة بين الحكومة والجماعات الرافضة، لكنها لا تعني بالضرورة نهاية مبادرة تومايني التي رغم تعثرها، لا تزال تحظى بدعم شعبي ومدني واسع، وتُعد فرصة نادرة لإدماج القوى غير الموقعة على اتفاق 2018.
وأضاف للجزيرة نت "هناك احتمال لتصعيد الوضع إذا استمرت الحكومة في تجاهل مطالب المعارضة، لكن إعادة إحياء المبادرة ممكنة عبر ضغوط إقليمية ودولية وتقديم تنازلات حقيقية، كما أن السياق السياسي بين جوبا ونيروبي قد يؤثر، لكنه ليس العامل الحاسم، فمستقبل السلام يتوقف على الإرادة السياسية لا على التصريحات وحدها".
من ناحيته، يقول القيادي في الجبهة المتحدة المنضوية تحت مبادرة تومايني، أتيك لوال، إن تصريحات رئيس وفد الحكومة المفاوض كانت مفاجئة، خاصة أن الحكومة غادرت إلى جوبا للتشاور حول تمديد الفترة الانتقالية، إلا أنها لم تشر في تفاصيل هذا التمديد إلى عملية التفاوض الجارية مع المعارضة، كما أن نظام جوبا لم يُخطر الإقليم أو الوساطة الكينية بذلك الأمر.
إعلانوأضاف للجزيرة نت "يجب على الإقليم أن ينتبه إلى أن النظام في جوبا هو السبب في عدم الاستقرار ولا يحترم المبادرات، خاصة أن الرئيس كير هو من طلب من نظيره الكيني التوسط. وعلى المعارضة أن تُخطر الإقليم بأن النظام في جوبا هو المسؤول عن فشل السلام. أما المعارضة، فلديها عدة خيارات يمكنها اتخاذها بعد أن أثبتت الحكومة عدم جديتها في تحقيق السلام في جنوب السودان".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات فی جنوب السودان اتفاق السلام
إقرأ أيضاً:
المعارضة الفنزويلية ماتشادو تحصل على جائزة نوبل للسلام.. والبيت الأبيض يعلّق
فازت المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو بجائزة نوبل للسلام اليوم الجمعة.
وقالت لجنة نوبل النرويجية في بيان إنها فازت "بفضل عملها الدؤوب في تعزيز الحقوق الديمقراطية لشعب فنزويلا ونضالها من أجل تحقيق انتقال عادل وسلمي من الدكتاتورية إلى الديمقراطية".
BREAKING NEWS
The Norwegian Nobel Committee has decided to award the 2025 #NobelPeacePrize to Maria Corina Machado for her tireless work promoting democratic rights for the people of Venezuela and for her struggle to achieve a just and peaceful transition from dictatorship to… pic.twitter.com/Zgth8KNJk9 — The Nobel Prize (@NobelPrize) October 10, 2025
من جانبه، علق البيت الأبيض على عدم منح الجائزة للرئيس دونالد ترامب، بأن الرئيس سيواصل إبرام اتفاقات السلام.
وتابع متحدث باسم البيت الأبيض، بأن لجنة نوبل أثبتت أنها تعطي الأولوية للسياسة على حساب السلام.
هل يستحقها ترامب؟
يرى أصحاب الخبرة في جائزة نوبل أن فوز ترامب مستبعد للغاية، وأرجعوا هذا إلى بذله ما يعتبرونه جهودا لتفكيك النظام العالمي الدولي الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية والذي يحظى بتقدير كبير من لجنة نوبل.
وتعتمد اللجنة النرويجية لجائزة نوبل والمكونة من خمسة أعضاء على وصية رجل الصناعة السويدي ألفريد نوبل أساسا لقراراتها. وتشكل الوصية الأساس أيضا لجوائز نوبل في الأدب والكيمياء والفيزياء والطب.
وتقول نينا جرايجر مديرة معهد أبحاث السلام في أوسلو إن انسحاب ترامب من منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ لعام 2015 وحربه التجارية مع حلفائه أمور تتعارض مع روح وصية نوبل.
وأضافت "إذا نظرت إلى وصية ألفريد نوبل، فهي تؤكد ثلاث مجالات: أولها الإنجازات المتعلقة بالسلام، مثل التوسط لإبرام اتفاق سلام. والثاني هو العمل من أجل نزع السلاح وتعزيزه، والثالث هو تعزيز التعاون الدولي".
وذكر المؤرخ المختص بالجائزة أسليه سفين أسبابا منها محاولة ترامب التقارب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال سفين "إعجابه بالطغاة يُحسب ضده أيضا. هذا يتعارض مع وصية ألفريد نوبل".
وتقول المصادر المطلعة إن اختيار الفائز بالجائزة يأتي بعد عملية مداولات تستمر على مدار العام، وتتم مناقشة نقاط القوة والضعف لدى المرشحين من قبل اللجنة المكونة من خمسة أعضاء.
وتقول لجنة نوبل إنها معتادة على العمل تحت ضغط من أفراد أو مؤيدين لهم يرون أنهم يستحقون الجائزة.
وقال فريدنس رئيس اللجنة النرويجية لرويترز "جميع السياسيين يريدون الفوز بجائزة نوبل للسلام".
وأضاف "نأمل أن تكون المثُل التي تدعمها جائزة نوبل للسلام شيئا ينبغي على جميع القادة السياسيين السعي لتحقيقه... نلاحظ الاهتمام، سواء في الولايات المتحدة أو في جميع أنحاء العالم، ولكن بعيدا عن ذلك، نعمل بنفس الطريقة التي نعمل بها دائما".