هل ينجح ترامب بتحويل ولايته إلى عصر ذهبي؟
تاريخ النشر: 31st, January 2025 GMT
في عودته إلى البيت الأبيض، يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تحقيق ما يسميه "عصرا ذهبيا" جديدا لأميركا، من خلال دفع الاقتصاد نحو الاعتماد على الذات والابتعاد عن الأساليب التقليدية للتجارة الدولية؛ فيركز من خلال القرارات التنفيذية على تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
وفي تقرير نشرته صحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية، قال الكاتب ديفيد أوبيرتي إن عودة ترامب السريعة إلى منصبه سلطت الضوء على رؤيته لما يسميه العصر الذهبي الجديد لأميركا؛ فقد أظهرت سلسلة من الأوامر التنفيذية والتوجيهات في أول أسبوع من إدارته توجها نحو اقتصاد أكثر اعتمادية على الذات، من خلال صنع المزيد من المنتجات محليا، وضخ المزيد من النفط والغاز الخاص به، وتوفير فرص عمل أكثر للعمال الأميركيين.
وأضاف الكاتب أن حكومته قد تكون أكثر كفاءة وقسوة، فقد بدأت بالفعل في استخدام قوة البلاد للتأثير على التجارة العالمية لصالح أميركا، حتى وإن كان ذلك ضد حلفائها التقليديين.
"محل حسد"ونقل الكاتب ما قاله ترامب في خطابه الافتتاحي، "سنكون محل حسد كل الأمم ولن نسمح لأنفسنا أن نُستغل بعد الآن"، مشيرًا إلى أن خطته تشمل فرض تعريفات جمركية قد تعطل سلاسل الإمداد الأميركية والاقتصادات الأخرى، مع مقارنة نهجه بسياسة الرئيس ماكينلي في "عصر الثراء الزائف"، حيث صنع الثروة عبر التعريفات والمواهب.
إعلانوشبّه ترامب نهجه بنهج الرئيس ويليام ماكينلي، وهو زعيم جمهوري خلال حقبة عُرفت باسم العصر المذهب، وهي فترة التصنيع السريع بعد الحرب الأهلية التي خلقت ثروة هائلة لأميركا، لكنها اتسمت بتفشي عدم المساواة.
وأوضح الكاتب أن حملة ترامب "صُنع في أميركا" تعد في بعض النواحي تسريعًا لسياسات عهد بايدن الرامية لتعزيز التصنيع المحلي في مواجهة الصناعات الصينية التي تزداد قوة، فقد استهدفت إدارة بايدن فرض تعريفات جمركية وخصصت مئات المليارات من الدولارات لدعم الطاقة المتجددة وتصنيع الرقائق والبنية التحتية.
وأشار الكاتب إلى أن ترامب وعد بمزيد من الجهود التوسعية المدفوعة بالوقود الأحفوري لحماية الولايات المتحدة من المنافسة الأجنبية، وفي بعض الأحيان، عرض النزعة الحمائية كجزء من تحول جوهري إلى نموذج كان فيه فرض التعريفات الجمركية العالية يساعد في ملء خزائن الحكومة بينما يعزل الأميركيين عن كفاءة وتقلبات الأسواق العالمية.
ونقل الكاتب عن جوزيف لافورغنا، كبير الاقتصاديين في المجلس الاقتصادي الوطني خلال إدارة ترامب الأولى، والمستشار الاقتصادي الرئيسي في شركة سوميتومو ميتسوي المصرفية الأميركية، قوله "لقد انغمسنا كثيرًا في نظرية الأسواق العظيمة ولم نركز أبدًا على الجوانب الواقعية التي يواجهها الناس. التجارة الحرة تبدو رائعة عندما تتعامل مع أطراف تتبع نفس القواعد".
وذكر الكاتب أن الأجندة التي تحدث عنها ترامب ومستشاروه تتضمن جزرات الجمهوريين التقليدية لجذب رأس المال إلى الولايات المتحدة مثل فرض قواعد أقل وخفض الضرائب على الشركات، وتوفير طاقة أرخص، بالإضافة إلى عصا شعبوية كبيرة تتمثل في فرض تعريفات جمركية على السلع المستوردة.
إعادة تقييم العلاقات
ووجه الرئيس الأسبوع الماضي الوكالات الفدرالية لإعادة تقييم العلاقات التجارية الأميركية، ووعد بفرض تعريفة جمركية بنسبة 10% على البضائع القادمة من الصين و25% على البضائع القادمة من كندا والمكسيك اعتبارًا من أول فبراير/شباط المقبل.
إعلانوبيّن الكاتب أن الرسائل المتناقضة التي أرسلها ترامب بشأن مدى تأثير الرسوم الجمركية تركت الاقتصاديين في حالة من عدم اليقين العميق بشأن التأثير المحتمل على اقتصاد تقدم بسرعة عن نظرائه الأغنياء.
ووفق الكاتب، قالت كاثرين روس، كبيرة الاقتصاديين في مجلس المستشارين الاقتصاديين خلال إدارة أوباما، وأستاذة الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا في دافيس: "عدم اليقين يمكن أن يعمل أيضًا مثل الرسوم الجمركية من حيث إنه يعيق التجارة. إنه يمنع الاستثمار في قطاعات التصدير من قبل البلدان الأخرى".
واعتبر الكاتب أن رؤية ترامب قد تخلق، كذلك، توترا بين العمال الأميركيين الذين ساعدوا في إعادة انتخابه وبين شركات التكنولوجيا متعددة الجنسيات التي تعتزم أتمتة أساليب العمل بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي، وقد حضر كبار المديرين التنفيذيين من تسلا، وأمازون، وميتا، وألفابت حفل تنصيب ترامب.
ولتحقيق أهدافه، يعتمد ترامب على اقتصاد قوي يتمتع بنمو ثابت يُعتبر محط إعجاب في العالم. ولا يزال معدل البطالة منخفضا، ونمو الأجور بالساعة فاق الزيادة في الأسعار العامة منذ مايو/أيار 2023، كما أن ثروة الأسر سجلت أرقاما قياسية بفضل ارتفاع قيم المنازل وسوق الأسهم الذي يواصل ازدهاره بفضل طفرة الذكاء الاصطناعي.
ونقل الكاتب ما قاله إيرني تيدسكي، مدير قسم الاقتصاد في مختبر الميزانية بجامعة ييل وكبير الاقتصاديين في مجلس المستشارين الاقتصاديين في إدارة الرئيس جو بايدن، "إذا كنا منغلقين على أنفسنا ونحاول القيام بكل شيء، بدلا من التركيز على ما نتميز فيه، فمن المحتمل أن يتآكل تفوقنا في الإنتاجية مع مرور الوقت. ولم يكن النمو مشكلة أميركية، لكنه قد يصبح كذلك إذا قررنا فجأة اتباع سياسة اقتصادية أكثر انعزالية".
وأفاد الكاتب أن بعض الاقتصاديين يخشون أيضا من أن يساعد الانعطاف نحو الداخل في إحياء التضخم الذي انتقده ترامب كجزء من جاذبيته الناجحة للناخبين ذوي الدخل المنخفض.
إعلانوفي الأشهر الأخيرة، دفع متداولون في السندات العوائد على الديون الحكومية طويلة الأجل إلى الارتفاع، وهو ما يعتبر تحذيرا من أن خفض الضرائب والهجرة في اقتصاد نشط قد يؤدي إلى زيادة التضخم ورفع أسعار الفائدة.
تهديد الدولار القوي
وأوضح الكاتب أن الدولار الأميركي القوي يشكل تهديدا للشركات التي تبيع السلع والخدمات في الخارج. وفي الوقت نفسه، يعارض مستثمرو الطاقة في وول ستريت بشكل علني سياسة ترامب التي تهدف إلى تعزيز إنتاج النفط والغاز القياسي بالفعل وتقليص تكاليف الطاقة.
وأشار الكاتب إلى أن الاقتصاديين يعتقدون أن الحرب التجارية التي شنتها إدارة ترامب الأولى مع الصين، بالإضافة إلى التعريفات الجمركية المفروضة على بعض السلع مثل الألمنيوم والصلب والغسالات، قد تسببت في زيادة أسعار تلك السلع.
وقد يكون للتعريفات الجمركية الشاملة التي وعد بها ترامب الآن تأثير اقتصادي أوسع بكثير.
وقال روبرت ميري، مؤلف كتاب "الرئيس ماكينلي: مهندس القرن الأميركي": "إذا انتهى خطاب ترامب التجاري ليكون أكثر صخبا من تأثيره الفعلي، فلن يكون أول رئيس حمائي يخفف من موقفه".
وسوّق ماكينلي نفسه لسنوات على أنه رجل التعريفة الجمركية، على خُطا العديد من الجمهوريين في فترة ما بعد الحرب الأهلية، وفي النهاية دعا ماكينلي -الذي أُصيب بطلق ناري أثناء توليه منصبه وتوفي متأثرا بجراحه- إلى اتباع نهج أكثر تبادلية مع الشركاء التجاريين بهدف مساعدة الشركات الأميركية على الوصول إلى الأسواق الخارجية.
واختتم الكاتب تقريره موضحا أن ماكينلي اعتمد لغة مشابهة لتلك التي استخدمها العديد من الديمقراطيين في ذلك الوقت، الذين كانوا أكثر دعمًا للتجارة الحرة، وقد آمن ماكينلي بأنه "إذا كنت تريد البيع في الخارج، عليك أن تشتري من الخارج"، حسبما قال ميري، الذي أضاف "لم يتردد في قول إن آراءه قد تغيرت".
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الاقتصادیین فی الکاتب أن
إقرأ أيضاً:
تفاصيل مثيرة حول الطائرة القطرية التي قد تكلف ترامب رئاسته.. أثارت غضب الكونغرس
واجه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، موجة من التساؤلات المتصاعدة بخصوص مدى ملاءمة قرار قبوله لطائرة فاخرة مقدمة من قطر بقيمة 400 مليون دولار، وذلك مُباشرة عقب الجولة التي قام بها لعدد من الدول الخليجية.
وأعلن الرئيس دونالد ترامب، مساء الأحد، على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي أنّ: "وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" تعتزم قبول الطائرة الفاخرة كهدية مجانية".
وفيما يرى بعض الجمهوريين أنّ: "الهدية لن تكون مجانية فعليا، لأن تجهيز الطائرة لتكون آمنة ومناسبة للطيران الرئاسي سيستغرق وقتا طويلا، لتفي بجميع المعايير الأمنية والفنية اللازمة"، أعرب آخريين عمّا وصفوه بـ"قلقهم من مخاطر محتملة تتعلق بالأمن القومي ونقل أسرار الدولة على متن الطائرة".
وأمس الاثنين، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إنّ: "الطائرة القطرية الفاخرة المثيرة للجدل التي أعلن الرئيس دونالد ترامب اعتزامه قبولها هي: مشروع القوات الجوية، وإنّ ترامب لا علاقة له بها".
وفي السياق ذاته، نفت ليفيت، كافة ما يروج من تقارير تفيد بأن: "العائلة المالكة القطرية ستهدي إدارة ترامب الطائرة الفاخرة، التي سيتم تعديلها واستخدامها كطائرة رئاسية خلال فترة ولاية ترامب الثانية". فيما انتقدت وسائل الإعلام لما وصفته بـ"التضليل الإعلامي بخصوص الهدية".
"لنكن واضحين تماما، حكومة قطر، والعائلة القطرية، عرضت التبرع بهذه الطائرة للقوات الجوية الأمريكية، وسيتم قبول هذا التبرع وفقًا لجميع الالتزامات القانونية والأخلاقية" تابعت المتحدثة باسم البيت الأبيض.
وأردفت: "سيتم تحديثها وفقا لأعلى المعايير من قِبل وزارة الدفاع والقوات الجوية الأمريكية"، مبرزة: "هذه الطائرة ليست تبرعا شخصيا أو هدية لرئيس الولايات المتحدة، وعلى كل من كتب ذلك الأسبوع الماضي تصحيح أخباره، لأن هذا تبرع لبلدنا وللقوات الجوية الأمريكية".
وكانت الأزمة نفسها قد تصاعدت خلال نهاية الأسبوع الماضي، حين أكّد ترامب استعداده لقبول طائرة فاخرة من قطر، من طراز (Boeing 747-8 Jumbo) كهدية تسلّم لوزارة الدفاع، على أن تنقل لاحقا لمكتبته الرئاسية عقب انتهاء ولايته.
آنذاك، قالت السيناتور سوزان كولينز: "هذه الهدية من قطر محفوفة بتحديات قانونية وأخلاقية وعملية، بينها خطر التجسس. لا أعلم كيف يمكننا تفتيشها وتجهيزها بالشكل الكافي لمنع ذلك".
وأضافت: "بحلول الوقت الذي تجهز فيه الطائرة من أجل الاستخدام، قد تكون ولاية الرئيس قد شارفت على نهايتها. ولست مقتنعة أصلا بوجود حاجة لهذه الطائرة من الأساس". فيما أعرب السناتور ريك سكوت، أيضا، عن مخاوفه بالقول إنه لا يرى وسيلة مضمونة لجعل الطائرة آمنة بما فيه الكفاية لاستخدام الرئيس.
إلى ذلك، أبرزت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أنّ: "وزارة الدفاع تخطط لقبول طائرة بوينغ 747-8 الفاخرة، وسيتم تحديثها لاستخدام الرئيس مع ميزات أمنية وتعديلات قبل التبرع بها لمكتبة ترامب الرئاسية بعد انتهاء ولايته". بينما نفى ترامب أنه سيستخدم الطائرة بعد انتهاء ولايته.
وعبر مقابلة بُثت الأسبوع الماضي، أشار ترامب إلى أنّ: "المسؤولين القطريين تواصلوا معه بشكل مباشر بخصوص إمكانية إهدائه طائرة فاخرة بديلة لطائرة الرئاسة الأمريكية". مردفا أنّ أحد المسؤولين القطريين قال: "إذا كان بإمكاني مساعدتك، فدعني أفعل ذلك".
وبحسب الرئيس الأمريكي لقناة "فوكس نيوز": "قال: لقد كان بلدكم كريما معنا، أود أن أفعل شيئًا للمساعدة في هذا الوضع الذي تواجهونه مع طائرة الرئاسة. قلت: هذا جيد. ماذا تقترح؟ واقترح هذا، فقلت: أتعلمون؟ هذا جيد جدًا. هذا جيد جدًا. أُقدّر ذلك'".
من جهته، قال رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، إنّ: "الحكومة القطرية، عرضت، طائرة، بملايين الدولارات للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لاستخدامها كطائرة رئاسية".
ووصف جاسم آل ثاني، العرض بكونه: "صفقة بين حكومتين، وليس هدية شخصية لترامب"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه "لا يزال قيد المراجعة، من الطرفين".
وعبر مقابلة له، مع بيكي أندرسون من شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أبرز رئيس الوزراء القطري، الأربعاء الماضي: "هذه صفقة بسيطة للغاية بين حكومتين، في حين أن وزارة الدفاع القطرية والبنتاغون لا تزالان تتبادلان إمكانية نقل إحدى طائراتنا من طراز 747-8 لاستخدامها كطائرة رئاسية".
وتابع: "لا تزال قيد المراجعة القانونية، لذا لا يوجد شيء، ولا أعرف سبب تحولها إلى خبر كبير كهذا، وهو أمر، كما تعلمون، يُنظر إليه بطريقة غريبة للغاية"، مضيفا: "إنها صفقة بين حكومتين، لا علاقة لها بالموظفين، سواء كانوا من الجانب الأمريكي أو الجانب القطري، إنها بين وزارتي الدفاع".
وبيّن: "لا شيء يغير قرارنا، في نهاية المطاف، إذا كان هناك شيء تحتاجه الولايات المتحدة وكان قانونيًا تمامًا، ويمكننا، فنحن قادرون على مساعدة ودعم الولايات المتحدة، فلن نتردد، حتى لو كان هناك شيء قادم من قطر للولايات المتحدة، فهو نابع من الحب، وليس من أي تبادل".
وأكد بأنه: "بالطبع، سيتم سحب العرض إذا اعتُبرت الصفقة غير قانونية"، مبرزا: "لن نفعل أي شيء غير قانوني، لو كان هناك شيء غير قانوني، لكانت هناك طرق عديدة لإخفاء هذا النوع من المعاملات، ولن تكون ظاهرة للعامة، هذا تبادل واضح للغاية بين حكومتين، ولا أرى أي جدل في ذلك.".
وأبرز: "قطر دائمًا ما تكثف جهودها لمساعدة ودعم الولايات المتحدة، سواء كان ذلك في الحرب على الإرهاب، أو في إجلاء أفغانستان، أو في إطلاق سراح الأسرى من مختلف دول العالم"، مردفا: "لأننا نؤمن بأن هذه الصداقة يجب أن تعود بالنفع على كلا البلدين".
تجدر الإشارة إلى أنّ ترامب كان قد عبّر مرارا عن استيائه من التأخيرات والتكاليف الزائدة في مشروع استبدال الطائرة الرئاسية Air Force One القائم، وهو الذي تنفذه شركة "بوينغ" عبر عقد حكومي لبناء طائرتين جديدتين للرئاسة الأمريكية. غير أنّ المشروع لا يزال يواجه عقبات تعرقل إنجازه.