لماذا يرفض المصريون تصفية القضية أو تهجير الفلسطينيين؟فلسطين.. جرح لا يندمل وقضية لا تموت
القضية الفلسطينية ليست مجرد صراع سياسى بين شعب أعزل وقوة احتلال، بل هى جرح عميق فى الجسد العربى، وملحمة تاريخية تمثل الصراع بين الحق والباطل، وبين الحرية والاحتلال. منذ أكثر من سبعين عامًا، وفلسطين تواجه محاولات مستمرة لطمس هويتها، وسلب أراضيها، وإجبار شعبها على الهجرة أو الاستسلام.
على مدار العقود الماضية، واجهت القضية الفلسطينية تحديات ضخمة، أبرزها محاولات التصفية من خلال مشاريع «التوطين البديل»، التى تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وتحويلهم إلى لاجئين دائمين فى دول أخرى، ومنها مصر. لكن منذ البداية، كان موقف المصريين ثابتًا وواضحًا: لا تصفية للقضية، ولا تهجير للفلسطينيين، ولا تنازل عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى.
لكن لماذا هذا الارتباط الوثيق بين مصر وفلسطين؟ ولماذا يرفض المصريون، حكومة وشعبًا، أى محاولات لتصفية القضية أو فرض حلول مجحفة؟ وكيف لعب الرئيس عبدالفتاح السيسى دورًا محوريًا فى الحفاظ على القضية الفلسطينية، ودعم الشعب الفلسطينى فى أصعب الظروف؟ هذا ما سنناقشه فى هذا المقال.
فلسطين ومصر.. علاقة تاريخية لا تنكسر
1- وحدة الدم والمصير المشترك
المصريون والفلسطينيون ليسوا مجرد جيران تربطهم حدود جغرافية، بل هم أبناء تاريخ مشترك، وثقافة واحدة، ومصير متداخل. منذ الفتح الإسلامى وحتى العصر الحديث، كانت فلسطين امتدادًا طبيعيًا لمصر، وكان لمصر دور رئيسى فى الدفاع عن فلسطين ضد الغزاة والمحتلين عبر التاريخ.
لم تكن هذه العلاقة مجرد موقف سياسى، بل كانت إحساسًا شعبيًا عميقًا بأن فلسطين ليست بعيدة عن مصر، وأن ما يحدث فيها يؤثر مباشرة على المصريين، والعكس صحيح. لهذا، كلما تعرضت فلسطين للخطر، تحركت مصر لحمايتها، ليس فقط بدافع الأخوة العربية، بل لأنها تدرك أن أمن فلسطين من أمنها، وأن سقوط فلسطين يعنى تهديدًا مباشرًا لأمن مصر القومى.
2- الحروب والتضحيات.. عندما امتزج الدم المصرى بالفلسطيني
عندما احتل الكيان الصهيونى فلسطين عام 1948، لم تكن مصر متفرجة، بل كانت أول دولة ترسل جيشها للدفاع عن الأرض المحتلة. ومنذ ذلك الحين، امتزج الدم المصرى بالفلسطينى فى معارك عديدة، أبرزها:
حرب 1948: حيث قاتل الجيش المصرى بشجاعة رغم قلة الإمكانيات، واستشهد آلاف الجنود المصريين على أرض فلسطين.
العدوان الثلاثى 1956: عندما اجتمعت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل لضرب مصر بسبب دعمها للفلسطينيين وثورتهم.
نكسة 1967 وحرب الاستنزاف: حيث دعمت مصر المقاومة الفلسطينية، وساعدت الفدائيين الفلسطينيين فى عملياتهم ضد الاحتلال.
حرب أكتوبر 1973: التى كانت ضربة قاصمة للكيان الصهيونى، ومهدت لاستعادة سيناء، ودعم موقف الفلسطينيين على الساحة الدولية.
كل هذه الحروب والتضحيات لم تكن بسبب حسابات سياسية، بل لأنها جزء من عقيدة المصريين، بأن فلسطين ليست قضية بعيدة عنهم، بل هى قضية الدم والعروبة والكرامة.
3- الموقف الشعبى المصرى الرافض للتطبيع والتصفية
على الرغم من أن مصر وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979، إلا أن الموقف الشعبى المصرى ظل ثابتًا فى رفض التطبيع، والتعامل مع الكيان المحتل. فى جميع الأوساط المصرية، من الجامعات إلى النقابات إلى الشارع العادى، يظل التطبيع مع الاحتلال مرفوضًا، ويعتبر دعم فلسطين واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا.
المصريون يدركون أن القضية الفلسطينية ليست مجرد ورقة تفاوض، بل هى معركة وجود. لذا، فإن كل محاولات تصفية القضية، سواء عبر التوطين أو الضغط السياسى، تقابل برفض شعبى قاطع.
لماذا يرفض المصريون تهجير الفلسطينيين؟
1- تهجير الفلسطينيين يعنى تصفية القضية بالكامل
المصريون يدركون أن الهدف من تهجير الفلسطينيين ليس مساعدتهم، بل إنهاء القضية الفلسطينية نهائيًا، وإعطاء الاحتلال فرصة للسيطرة الكاملة على فلسطين. لذلك، فإن قبول فكرة التوطين يعنى اعترافًا ضمنيًا بشرعية الاحتلال، وهذا مرفوض تمامًا.
2- تهجير الفلسطينيين خطر على الأمن القومى المصرى
أى محاولة لتغيير التوازن الديموغرافى فى المنطقة ستؤثر مباشرة على أمن مصر القومى. المصريون يدركون أن توطين الفلسطينيين خارج أرضهم سيخلق مشكلات سياسية وديموغرافية لن تنتهى، وسيحول القضية الفلسطينية إلى أزمة داخل مصر.
3- الموقف الأخلاقى والدينى والتاريخي
لم تتخلَّ مصر يومًا عن مسئولياتها تجاه فلسطين، ولن تفعل ذلك الآن. فكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي:
«لن نقبل بحل على حساب فلسطين، ولن نسمح بتصفية القضية أو تهجير أهلها».
الرئيس السيسى وفلسطين.. دعم لا يتوقف منذ توليه الحكم، تبنى الرئيس عبدالفتاح السيسى موقفًا ثابتًا تجاه القضية الفلسطينية، وهو الحفاظ على الحقوق الفلسطينية، ومنع تصفيتها، والعمل على إنهاء معاناة الفلسطينيين.
1. دعم غزة والمساعدات الإنسانية
فى كل الحروب التى شنتها إسرائيل على غزة، كانت مصر أول دولة تتحرك لإنقاذ الفلسطينيين. فتحت معبر رفح، وأرسلت المساعدات الطبية والغذائية، واستقبلت الجرحى للعلاج فى المستشفيات المصرية.
2- الوساطة السياسية ومنع التصعيد
لعبت مصر دورًا أساسيًا فى وقف إطلاق النار فى أكثر من مناسبة، ومنعت تصعيد الاحتلال ضد الفلسطينيين. وكانت القاهرة دائمًا الوسيط الوحيد القادر على فرض اتفاقات التهدئة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل.
3- التفويض الشعبى للرئيس السيسى فى حماية فلسطين
فى العديد من المناسبات، أعطى المصريون تفويضهم للرئيس السيسى لحماية الأمن القومى المصرى، وكان ضمن هذا التفويض رفض أى حلول تمس حقوق الفلسطينيين، أو تهدد استقرار المنطقة. وقد أكد السيسى مرارًا أن القضية الفلسطينية ستظل أولوية لمصر، ولن يتم فرض أى حلول غير عادلة.
فلسطين ستبقى فى قلب مصر
القضية الفلسطينية ليست عبئًا على مصر، بل هى مسئولية تاريخية وأخلاقية واستراتيجية. المصريون، حكومة وشعبًا، يرفضون أى محاولة لتصفية القضية أو تهجير الفلسطينيين، لأنهم يعلمون أن فلسطين ليست مجرد أرض، بل قضية كرامة وحق وعدالة.
وكما قال الرئيس السيسى: «مصر لن تتخلى عن فلسطين، ولن تسمح بتغيير حقائق التاريخ والجغرافيا». وستظل القدس فى القلب، والمقاومة فى الوجدان، والحق لا يموت مهما طال الزمن.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: القضية الفلسطينية تهجیر الفلسطینیین القضیة الفلسطینیة تصفیة القضیة أو لیست مجرد أن فلسطین موقف ا
إقرأ أيضاً:
أحمد الرحال لـعربي21: فلسطين في الوجدان.. والاتفاقية مع إسرائيل ليست تطبيعا أو سلاما دون مقابل
عام مضى منذ أن انقلبت الحرب التي ظن الرئيس بشار الأسد قد حسمها لصالحه، بعد أن تمكنت قوة من مقاتلي المعارضة من التقدم من إدلب، المحافظة السورية الواقعة على الحدود مع تركيا، ودخول دمشق بقيادة أحمد الشرع يوم الـ 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، والذي بات اليوم رئيسًا انتقاليًا، فيما يعيش الأسد في منفى في روسيا.
لا تزال سوريا غارقة في الدمار، ففي كل مدينة وبلدة، يعيش الناس داخل أبنية هشة، محروقة ومجوفة من الداخل بفعل سنوات من حرب طاحنة، ورغم تراكم أزمات "سوريا الجديدة"، فإن هذا البلد يبدو اليوم أقل اختناقًا بعد زوال الثقل القاسي الذي فرضه النظام المخلوع لسنوات طويلة.
تمكن أحمد الشرع من شق طريقه باتجاه الخارج والذي على ما يبدوا كان أسهل بكثير من الداخل، فقد نجح في إقناع السعودية والدول الغربية بأنه يمثل "أفضل فرصة لقيام مستقبل مستقر في سوريا"، كما وحضي بدعم أمريكي وأوروبي كبير تمخض عنه رفع العقوبات عن بلاده، أما في الداخل، فالصورة قد تكون مختلفة، حيث يدرك السوريون نقاط الضعف ومشكلات بلادهم أكثر من أي جهة أجنبية.
ورغم تأكيد الشرع أن بلاده منهكة من الحرب، وإنها لا تمثل تهديدًا لجيرانها ولا للغرب، مؤكدًا أنهم سيحكمون "لصالح جميع السوريين"، غير أن إسرائيل رفضت تلك الرسالة تمامًا ولم تقتنع كليا بالنوايا، فيما يواصل الرئيس ترامب الدفع باتجاه إنجاح اتفاق بين سوريا وإسرائيل الذي بات يواجه الكثير من العراقيل بسبب شروط يفرضها نتنياهو.
لاستقراء ما يمكن أن تحمله الأيام من أحداث بشأن سوريا، وحجم المنجزات والإخفاقات التي واكبت حكومة أحمد الشرع خلال عام مضى، أجرى موقع "عربي21" لقاءًا خاصا مع الخبير العسكري والمحلل السياسي العميد أحمد الرحال، وفيما يلي نص المقابلة:
أين ترى سوريا اليوم بعد عام من التحرير؟ هل تسير ضمن خطوات مدروسة باتجاه تحقيق العدالة والمساواة التي يرمي إليها الشعب، أم أن الإخفاقات كثيرة؟
نحن أمام إنجاز كبير، وهو إسقاط نظام الأسد، ومع ذلك لدى الشعب السوري مطالب أكبر بكثير مما تحقق، ولكن السلطة لا تملك عصا سحرية لتغيير الواقع، ومع وجود إخفاقات كبيرة، فإن هناك ثلاثة ملفات ضاغطة إن لم تُنفّذ فنحن في مشكلة، وهي ترسيخ الأمن، وإعادة بناء المجتمع، فضلاً عن الحاجة لمؤتمر حوار وطني وإعلان دستوري جديد وتأسيس حكومة تشاركية تعددية.
هل استطاع الرئيس أحمد الشرع محو سمة الإرهاب عنه، وتمكّن من إقناع الرأي العام بأنه تحول من مجاهد إلى رجل دولة؟
زيارة أحمد الشرع للبيت الأبيض دليل على وجود قناعة عربية ودولية بأن الرئيس السوري أزال عنه سمة تهمة الإرهاب، لكن المشكلة ليست في الرئيس الشرع، بل في بعض قيادات الصف الأول في هيئة تحرير الشام، وما حدث في الساحل السوري والسويداء من انتهاكات، وإن كانت فردية، دليل على ضرورة تغيير سلوك هؤلاء.
ما تفسيرك لطبيعة الحراك المعارض لحكومة أحمد الشرع في بعض المحافظات كالسويداء واللاذقية؟ مجلة الإيكونوميست ترجح اندلاع انتفاضة قريبًا ضد قادة سوريا الجدد. هل يمكن وصفها فعلًا بالانتفاضة؟
بقدر النجاحات الكبيرة التي حققتها السياسة السورية في الخارج، لكنها أخفقت في كثير من ملفات الداخل. لذا، من الضروري وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وخاصة في المفاصل الأمنية والعسكرية، لتجنب ما حدث في بعض المحافظات، والتي على إثرها خرجت تظاهرات معارضة للحكومة في دمشق. وفي المحصلة، تتحمل الحكومة المسؤولية لمعالجة الانقسامات وتجنب الخطر، رغم عدم وجود مخاوف من تطور الوضع للتصادم مع السلطات على غرار ما حصل في عام 2011، لكن بالتأكيد نحن بحاجة إلى مشروع وطني يجمع لا يفرق.
هل من المنصف اتهام سوريا الجديدة بأنها تخلت عن القضية الفلسطينية ولم تعد ضمن سلم أولوياتها، وباتت دمشق خارج معادلة الحكومات العربية المعادية لإسرائيل؟
قرارات الحكومة في دمشق واضحة، وهي أنها قسمت موضوع التفاوض مع إسرائيل إلى شقين، الأول هو اتفاق أمني يعيد الأمور إلى ما كانت عليه ما قبل 18-12-2024، بمعنى العودة إلى الاتفاق الموقع عام 1974، وهذا أمر لا يعني بالضرورة السلام مع إسرائيل، ولطالما أكد الرئيس الشرعي ووزير الخارجية الشيباني أن سوريا ملتزمة بالموقف العربي، ومفاده لن نمنح إسرائيل سلامًا على بياض، ولا يعني أيضًا التخلي عن القضية الفلسطينية، فالنتيجة هو مجرد اتفاق وليس تطبيع.
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
البعض يتهم حكومة الرئيس أحمد الشرع بالخضوع لإسرائيل، مستدلين بذلك بسلسلة الهجمات التي شنها الاحتلال على سوريا والتي لم تكن تُذكر خلال حكم الأسد، ما رأيك؟
نتيجة للتفاهمات التي كانت موجودة ما بين نظام الأسد وإسرائيل، تُرجمت إلى عدم شن الاحتلال هجمات على سوريا، وليس معنى هذا أن إسرائيل كانت تتخوف من الجيش السوري، فبعد عام 1973، لم يشكل الجيش للاحتلال رقمًا صعبًا، ونذكر هنا ما قاله رامي مخلوف عام 2011، أن أمن دمشق من أمن إسرائيل، كما أن تل أبيب هي من عارضت إسقاط نظام الأسد حتى تيقنت عام 2024، أن إيران لا تخرج من سوريا طالما نظام الأسد موجود، وبالتالي رفعت الغطاء عنه.
عرض هذا المنشور على Instagram تمت مشاركة منشور بواسطة Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
قبل أيام حذر مسؤولون إسرائيليون من خطورة دعم الرئيس ترامب لأحمد الشرع على أمن دولة الاحتلال، هل فعلاً سوريا بوضعها السياسي والاقتصادي الهش حاليًا تشكل تهديدًا لإسرائيل؟
كلام الرئيس، والشارع، وكل القيادة السورية كان واضحًا، وهو أننا اليوم لا نبحث عن عداء مع أحد، ولا نريد أن نبحث عن حرب مع أحد، بل نريد بناء مؤسسات الدولة، وتأمين معيشة المواطن السوري. وبالتالي، الكلام عن كون دمشق تمثل تهديدًا لإسرائيل بعيد عن المنطق، والحقيقة أن نتنياهو يبحث عن الذرائع للتحرش بسوريا منذ وصول الشرخ للسلطة، ومفاد رسالة تل أبيب أنها لن تنتظر سبع سنوات للوقوع في كمين طوفان الجولان كما حدث مع طوفان الأقصى.
كانت غزة حاضرة في هتافات الجيش السوري خلال مسير عسكري في دمشق بمناسبة ذكرى التحرير، هل تم بتوجيه مركزي أم باجتهاد فردي، أم إنها ورقة ضغط للدفع باتجاه تسريع الاتفاق مع إسرائيل؟
الخطاب السوري تجاه القضية الفلسطينية وغزة والضفة الغربية واضح، وهو في وجدان كل مواطن سوري، وهذا ما لمسناه خلال ترويض الهتافات في الاستعراض العسكري الذي حدث في دمشق بذكرى التحرير، وما يبدر من تصريحات بشأن دعم فلسطين هي مواقف معنوية فردية، ليس معناها أن ترسل سوريا جيشًا للقتال ضد إسرائيل.
لا ننكر وجود مؤيدين وحلفاء حتى اللحظة للرئيس المخلوع الأسد، سواء في الداخل أو الخارج، ولكن هل تعتقد أن ما تضمنته الفيديوهات المسربة وهو برفقة لونا الشبل قد أطاح بصورته؟
عام 2021، خسر بشار الأسد ما كان يملكه من دعم وتأييد لدى الطائفة العلوية، حيث تيقنوا أنه لا خير يرتجى منه، خاصة وأن البروباغاندا الإعلامية والاستخباراتية التي عمل عليها النظام تفككت خلال أعوام الحرب الأخيرة، كما أن إعلانه عن عدم قدرته على تأمين الرواتب وتقديم الخدمات، كلها أسباب فاقمت من السخط الشعبي ضد الأسد، لذا فإن ظهوره خلال المقاطع المصورة وهو يستهزئ بالجيش وقادته، بما فيها الميليشيات الوافدة التي كانت تدعمه، أكدت لمن لم يتأكد بعد مدى الاستخفاف الذي كان يتعامل به بشار الأسد مع مؤسسات وقطاعات الدولة، كما كشفت تلك المقاطع أن سوريا كانت تفتقد أساسًا لوجود رئيس يمتلك مواصفات الهيبة التي تؤهله لقيادة بلد غارق بالأزمات.
تعرض لأول مرة .. تسريبات تكشف أحاديث بين الأسد ولونا الشبل#سوريا#قناة_التغيير_الفضائية pic.twitter.com/6ea7dGdvs5 — قناة التغيير الفضائية (@AlTaghierTV) December 6, 2025
تباطؤ مسار العدالة مع الذكرى السنوية للتحرير
لا يمتد نفوذ الشرع إلى شمال شرقي سوريا، حيث يفرض الأكراد سيطرتهم على نحو 25 بالمئة من مساحة البلاد، ولا إلى أجزاء من الجنوب، حيث يسعى الدروز، إلى إقامة دولة مستقلة بدعم من حلفائهم الإسرائيليين، وعلى الساحل، يخشى العلويون تكرار "المجازر" التي تعرضوا لها في آذار/مارس الماضي رغم تعهد دمشق بالتحقيق ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات والتي اتضح تورط العديد من الفصائل المنضوية ضمن الحكومة.
مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أعرب عن قلقه الشديد بشأن بطء وتيرة العدالة، وقال متحدث باسم المكتب إن السلطات الانتقالية اتخذت خطوات مشجعة لمعالجة الانتهاكات السابقة، لكنها ليست سوى بداية لما ينبغي القيام به، وأشار المكتب إلى أن بعض السوريين تحركوا بأنفسهم، أحياناً بالتعاون مع قوات الحكومة، مؤكدًا أن المئات قُتلوا خلال العام الماضي على يد قوات الأمن والجماعات الموالية لها، وعناصر مرتبطة بالحكومة السابقة، ومجموعات مسلحة محلية، وأفراد مسلحين مجهولين.
وأضاف أن الانتهاكات الأخرى شملت العنف الجنسي، والاعتقالات التعسفية، وتدمير المنازل، والإخلاءات القسرية، والقيود على حرية التعبير وحرية التجمع السلمي. وأوضح أن المجتمعات العلوية والدروز والمسيحيين والبدو كانت الأكثر تضررًا من موجات العنف، التي غذّتها خطابات كراهية متصاعدة على الإنترنت وخارجه، وهو ما شددت عليه منظمات حقوق عالمية، مثل العفو الدولي وهيومن رايتس ووتش، اللذين دعوا السلطات السورية إلى العمل من أجل خلق واقع تكون فيه حماية جميع السوريين وضمان حقوقهم أولوية.
بعد عام على سقوط الأسد، ينبغي للسلطات السورية، بدعم من المجتمع الدولي، العمل لخلق واقع تكون فيه حماية جميع السوريين وضمان حقوقهم أولوية. pic.twitter.com/K3e5HdOIgw — هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) December 9, 2025
"إسرائيل" واستغلال ضعف سوريا
لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الشرع وحكومته يمتلكون ما يكفي من القوة للصمود في وجه أزمة أخرى بالخطورة نفسها، فإسرائيل ما تزال تمثل تهديدًا حاضرًا بالنسبة للسوريين، وفق تقرير لشبكة "بي بي سي"، فبعد سقوط الأسد، شن الاحتلال سلسلة واسعة من الغارات الجوية بهدف تدمير ما تبقى من القدرات العسكرية للنظام السابق، كما وتقدم جيشه خارج مرتفعات الجولان المحتلة للسيطرة على أراض سورية إضافية ما زال يحتفظ بها حتى اليوم، واستغلت إسرائيل الفوضى في سوريا لإضعاف بلد تعتبره عدوًا، عبر تدمير أسلحة قالت إن من الممكن أن توجه ضدها.
أما محاولات الولايات المتحدة للتوسط في اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل فقد تعثرت خلال الشهرين الماضيين تقريبًا. تريد دمشق العودة إلى اتفاق أنجز برعاية هنري كيسنجر عام 1974، حين كان وزيراً للخارجية الأمريكية، بينما يصر نتنياهو على بقاء جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي التي استولى عليها، ويطالب بأن تنزع سوريا السلاح في منطقة واسعة جنوب دمشق، وخلال الشهر الماضي، كثفت إسرائيل توغلاتها البرية داخل سوريا. وتقدر نشرة "سوريا ويكلي"، التي توثق بيانات العنف، أن عدد هذه التوغلات كان أكثر من ضعف المتوسط الشهري طوال هذا العام.
وزير "إسرائيلي".. "الحرب مع سوريا حتمية"
صرح وزير الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي، أن الحرب مع سوريا "حتمية"، في ظل تصاعد التوترات الميدانية واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، وجاء موقفه تعليقا على تسجيلات تظهر جنودا من الجيش السوري وهم يهتفون لغزة خلال مسيرة عسكرية أقيمت الاثنين احتفالا بالذكرى الأولى لـ"عيد التحرير"، ما أثار قلقا داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
من هتافات الجيش السوري في مسير عسكري في دمشق بمناسبة ذكرى التحرير الأولى:
غزة، غزة، غزة شعار، نصر وثبات، ليل ونهار
طالعلك يا عدوي طالع، طالعلك من جبل النار
اعملك من دمي ذخيرة، واعمل من دمك أنهار
pic.twitter.com/9GXwRMlxgO — سعيدالحاج said elhaj (@saidelhaj) December 8, 2025
وكتب شيكلي المنتمي لحزب "الليكود" بزعامة بنيامين نتنياهو تدوينة مقتضبة على حسابه في منصة "إكس"، أرفقها بخبر حول هتافات الجنود السوريين، واكتفى فيها بعبارة: "الحرب حتمية"، ورغم أن الحكومة السورية الحالية لم تظهر أي تهديد عسكري مباشر للاحتلال فإن الأخير يواصل تنفيذ توغلات داخل الأراضي السورية وغارات جوية أودت بحياة مدنيين ودمرت مواقع وآليات عسكرية تابعة للجيش السوري.
عام على سقوط الأسد.. ماذا تغير في سوريا؟
ومع مرور عام على تحرير سوريا وسقوط نظام الأسد، يعود السوريون بذاكرتهم إلى تلك اللحظات المفصلية في تاريخ بلادهم، لتبقى شاهدة على بداية مرحلة جديدة في تاريخ دمشق، ورغم كم الأزمات إلا أن هناك الكثير من المنجزات، منها تبييض السجون، حيث أفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنه تم تحرير 24 ألفًا و200 معتقل كرقم تقديري، في حين لا يزال مصير 112 ألف معتقل ومختف قسريًّا مجهولًا حتى اللحظة.
كما تم رفع معظم التدابير التقييدية المرتبطة بنظام الأسد ورموزه خاصة تلك المتعلقة بالاقتصاد والتجارة الدولية، وفق المجلس الأوروبي والخزانة الأمريكية، فضلا عن عودة سوريا إلى الخريطة الدبلوماسية وسط حراك متسارع على مستوى رفيع، لإعادة دمجها في المنظومة الإقليمية، وفق كارنيفي للسلام الدولي، وعلى الصعيد الاقتصادي، قال تقرير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية إن هناك استقرارَا جزئيَا في سعر الصرف بعد تحسنه، وسط تقارير عن توفير أكبر للسلع نتيجة إعادة فتح خطوط التوريد.