ليلة النصف من شعبان من الليالي المباركة التي عظَّم النبي ﷺ شأنها، حيث قال: "إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن" (رواه ابن ماجه وابن حبان).

 وقد وردت العديد من الأحاديث في فضل هذه الليلة، بعضها صحيح وبعضها ضعيف، إلا أن العلماء أقروا بجواز العمل بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال، ولهذا يحرص الصالحون على قيام ليلها وصيام نهارها.

تحويل القبلة.. حدث تاريخي ودلالات إيمانية

يتميز شهر شعبان أيضًا بحدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية، وهو تحويل القبلة. فقد كانت القبلة في بداية الإسلام موجهة إلى المسجد الأقصى، ثم جاء الأمر الإلهي بالتوجه إلى الكعبة المشرفة، لحكمة إلهية عظيمة، كما قال تعالى:
{وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} (البقرة: 143).

كان لهذا التحول دلالة تربوية عميقة، حيث اختار الله المسجد الأقصى كقبلة أولى للمسلمين ليطهر قلوبهم من شوائب الجاهلية ويختبر مدى تسليمهم لأوامره، ثم بعد أن استقر الإسلام في المدينة، أمرهم الله بالتوجه إلى المسجد الحرام، مما يؤكد ارتباط هذا التحويل بتحقيق العبودية الخالصة لله وحده.

مكانة المسجد الحرام والمسجد الأقصى في الإسلام

لم يكن تحويل القبلة تقليلًا من شأن المسجد الأقصى، بل تأكيدًا على وحدة رسالة الأنبياء جميعًا، كما قال تعالى:{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ} (الحج: 78).

كما أن العلاقة بين المسجدين راسخة، فكما كانت رحلة الإسراء انتقالًا مكانيًا بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، كان تحويل القبلة انتقالًا تعبديًا يعكس جوهر الإسلام في التوجه إلى الله.

استجابة لدعاء النبي ﷺ

كان النبي ﷺ يتمنى العودة إلى قبلة أبيه إبراهيم، فاستجاب الله لدعائه، كما جاء في قوله تعالى:
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} (البقرة: 144).

وقد جاء هذا التحويل أيضًا تطييبًا لخاطر النبي ﷺ، حيث كان قلبه معلقًا بمكة، وطنه الحبيب الذي أُخرج منه رغمًا عنه، حيث قال ﷺ عند مغادرته مكة:
"والله إنك لخير أرض الله وأحب الأرض إلى الله، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت" (رواه الترمذي).

رسالة روحية متجددة

تحمل ليلة النصف من شعبان وتحويل القبلة دروسًا إيمانية عظيمة؛ فهي تذكير بمغفرة الله ورحمته، وأهمية تصفية القلوب من الشحناء، كما تعكس معاني التسليم التام لأوامر الله، وربط الإيمان بحب الأوطان.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ليلة النصف من شعبان شعبان تحويل القبلة شهر شعبان رحلة الإسراء المسجد الحرام المسجد الأقصى النبي لیلة النصف من شعبان المسجد الأقصى تحویل القبلة النبی ﷺ

إقرأ أيضاً:

انتهاك جديد لقدسية الأقصى.. المستوطنون يقتحمون الباحات تحت حماية الاحتلال| تقرير

في مشهد بات يتكرر دون رادع، أقدم عشرات المستوطنين الإسرائيليين أمس الاثنين، على اقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك في مدينة القدس الشرقية المحتلة، وذلك تحت حماية مشددة من قوات شرطة الاحتلال الإسرائيلي، في خطوة وصفها مراقبون بأنها استفزاز صريح لمشاعر المسلمين وتصعيد خطير ضمن سياسات فرض الأمر الواقع.

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) أن المستوطنين اقتحموا المسجد على شكل مجموعات متتالية من جهة باب المغاربة، حيث أُتيحت لهم الحماية الكاملة من قبل قوات الاحتلال، التي تواجدت بكثافة في محيط الباحات وداخلها، لتأمين تحركاتهم ومنع وصول المصلين الفلسطينيين إلى الأماكن التي يمر بها المستوطنون.

الرئيس الأمريكي: وقف إطلاق النار بغزة أولوية قصوى

وبحسب شهود عيان، نفذ المستوطنون جولات استفزازية في ساحات المسجد، وتوقفوا عند عدة نقاط لأداء طقوس تلمودية بصوت مرتفع، في محاولة واضحة لتكريس السيطرة الرمزية على المكان، ضاربين بعرض الحائط كل التحذيرات الدولية من المساس بالوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى، الذي يُعد أحد أقدس الأماكن لدى المسلمين في العالم.

ويأتي هذا الاقتحام في سياق تصعيد مستمر تشهده مدينة القدس، لا سيما في ظل حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة التي توفر الغطاء السياسي والقانوني لتلك الانتهاكات، فيما تواصل سلطات الاحتلال إبعاد المصلين والمرابطين الفلسطينيين عن المسجد، وتمنع دخول من تقل أعمارهم عن الأربعين عامًا في كثير من الأحيان، في سياسة ممنهجة تهدف إلى تفريغ المسجد من أهله وإتاحة المجال أمام المقتحمين.

السلطة الفلسطينية من جهتها أدانت الاقتحام بشدة، معتبرةً أنه "يشكل انتهاكًا صارخًا للوضع القائم التاريخي والقانوني"، محذّرة من أن استمرار هذه الممارسات من شأنه أن يُفجّر الأوضاع في مدينة القدس وفي سائر الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 كما حمّلت الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذا التصعيد، داعيةً المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لوقف هذه الانتهاكات.

ويرى محللون أن تكرار هذه الاقتحامات في فترات متقاربة لم يعد مجرد استفزاز عابر، بل يدخل ضمن مشروع إسرائيلي أوسع لتقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ومكانيًا، على غرار ما جرى في الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل. 

ورغم الموقف العربي والإسلامي المندد، لا تزال إسرائيل تمضي قدمًا في تنفيذ أجندتها، في غياب رادع دولي حقيقي.

طباعة شارك مستوطنون الأقصى القدس المسجد الأقصى قوات الاحتلال طقوس تلمودية حكومة الاحتلال الحكومة الإسرائيلية مشروع إسرائيلي الحرم الإبراهيمي مدينة الخليل

مقالات مشابهة

  • انتهاك جديد لقدسية الأقصى.. المستوطنون يقتحمون الباحات تحت حماية الاحتلال| تقرير
  • القدس: 10 شهداء و404 معتقلين و186 عملية هدم و33 ألف مستوطن يقتحمون الأقصى خلال 6 شهور
  • مستوطنون يستولون على منزل قرب المسجد الأقصى بعد وفاة صاحبته
  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي
  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى
  • فلسطين تطالب بإنقاذ القدس من مخططات الاحتلال
  • مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى المبارك
  • عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال
  • اقتحام جديد للأقصى وسط دعوات للرباط