لا يعلم أولئك الذين استباحوا مراقدنا في الخرطوم أننا نمتلك جبلا من صبر أيوب
تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT
” ﻭﻗﻤﺤﺎ ﻣﻦ ﺍﻣﺮﻳﻜﺎ
ﺧﺎﺯﻭﻕ ﺿﺮﺏ ﻓﻴﻜﺎ
ﻏﻴﺮ ﺧﻴﺮ ﺑﻮﺍﺩﻳﻜﺎ
ﻣﺎﻓﻲ ﺍﻟﻴﻜﻔﻴﻜﺎ”
لا يعلم أولئك الذين استباحوا مراقدنا في الخرطوم أننا نمتلك جبلا من صبر أيوب وحكمة من لحية الصالحين، ولكن يدعو داعيهم على نفر لم يكن حظهم من الدنيا سوى ” ضراع أخدر ” و جروف من طين، و سواقي قد كانت وصايا أسلافهم.
منذ نعومة أظافرنا التي أكل طين أرضنا منها ما أكل علمونا أن لا بديل للارض، وأن فقدانها يعني فقدان الظهر و النسب، ” تعال اوريك حق ابوك الجنب حقيق حاج اللمين” إن الحق هنا هو سلسلة متصلة من الحيوات التي أفنت عمرها و صحتها في اكتفاء القادمين و اغلاق باب السؤال و كف الجوع عن مطابخهم.
حتى وان لم يعمر هذا الحق، ونادرا ما يحدث ذلك فإنه يكون دالة على الفرد في أن له متسع في هذه الدنيا إن ختار دروبا غير دروب أسلافهم، تلك القيم التي عبر عنها الطيب صالح في قصته، نخلة على الجدول، ربما بصورة فعلية يخيل لنا نحن الذين ننتمي للنخل و ينتمي لينا أنه اجمل شيء في الوجود. ” وبدت النخلة لمحجوب في وقفتها تلك رائعة أجمل من أي شيء في الوجود”
ربما في مخيال الطيب صالح عن محجوب بطل قصته أن النخل عندما يحرك جريده فإنه يسبح يفتح الله …يفتح الله. وبالفعل يفتح الله، اتذكر جيدا في أولى أيام حضوري إلى ريفي نوري كيف كان كل شيء قاسي ولكن رويدا رويدا بدأ الفتح بالظهور، و اتذكر كيف كانت ليالي العسر و التعب و أحاجي الزراعة و مواسم الجوع و الفقر التي مرت على خالي الذي لازمته قبل الحرب و بعدها أيضا وفي كل مرة أجده أكثر تمسا بيفتح الله.
قبل أيام بينما نحن نستقبل السماسرة من كل حدب و صوب من أجل بيع محصول التمر، كان خالي يجلس جلسة ضو البيت في موسم الهجرة إلى الشمال بلحية بيضاء و عكازة طبية و مسبحة بيضاء يذكر فيها اوراده، كان يقلب رأي التجار و السماسرة لكن لا يعجبه القول فيختم بمقولته ” يفتح الله ”
ما لا يعلمه أولئك الاوغاد إننا لم نحصل من هذه البلاد اي امتياز سوى هذا الضراع الذي شق الأرض وجلب الواباورات من وراء البحار وسعى في تعليم اجيال و اجيال و عاش مر السنوات من أجل أن يكون عزيزاً ومقتدر على حفظ كرامته و وجوده الآدمي.
أعود إلى مسقط رأسي و بالرغم من الأعباء الاكاديمية و الوظيفة و الاشتغالات البحثية إلا أن دافع صباحي مشحون بنبل هذه الأرض و بعظمة نيلها في كل صباح أن أتجول في الحقل حاملا ” المنجل” و “شوال بلاستيك” أقوم بعمليات نظافة أسفل النخل ” عزاقة” كابن يحاول أن يبر أرضه، و يشبع أغنامه.
ما لا يعلمه بن زايد و مرتزقته إننا قد زرعنا مع نخيلنا وان سقط فإنه يأتي بألف فسيلة تنتشر في الأرض لتثبت الوجود و توفي الحق و تكون سترا من جور غازي و من مسغبة زمان، لذلك إننا باقون في ارضنا متمسكون بوجودنا ما شاء الله والا أن يشاء .
حسان الناصر
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: یفتح الله
إقرأ أيضاً:
السيد القائد عبدالملك: من مقامات النبي إبراهيم التي ذكرت في القرآن الدروس الكثيرة لنهتدي بها
قال السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي: في ماقامته -النبي إبراهيم عليه السلام- في المحطة الأولى مع قومه في العراق، تحدثنا عن بعضٍ منها مما قدَّمه القرآن الكريم، وهي نماذج مهمة؛ لأن القرآن الكريم لم يقدم حصراً لكل الأنشطة والمقامات في إطار حركة نبي الله إبراهيم عليه السلام.. فقد كانت حركته -عليه وآله السلام- حركة واسعة، كما هو شأن الأنبياء في نشاطهم وعملهم الكبير لتبليغ رسالة الله تعالى، يعملون بكل جد، بكل اهتمام، في عملٍ دؤوب، كما ذكر الله سبحانه وتعالى عن نبيه نوح عليه السلام، {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا} عمل دؤوب، وجهد مكثف.. لكن القرآن الكريم يُقدِّم لنا نماذج منها، تتضمن الهدايا المهمة التي نحتاج إليها نحن، وتقدِّم لنا صورةً ملخصةً عن طبيعة النشاط العام لأنبياء الله ورسله “صَلَوَاتُهُ عَلَيْهِم”.
وأضاف السيد القائد خلال محاضرته استكمالا لمحاضرات القصص القرآني، مساء اليوم الأربعاء 1 ذو الحجة 1446هـ الموافق 28 مايو 2025م: نبي الله إبراهيم عليه السلام ذكر الله لنا مقامات من مقاماته، هي تتضمن الدروس الكثيرة، ودروساً نحن في أمسِّ الحاجة إلى الاستفادة منها، هي لهدايتنا.. فقد ذكرها الله لنا في القرآن الكريم؛ لنهتدي بها، لنستفيد منها، ولأنها أيضاً عن الأنبياء عليهم السلام، وهم القدوة، والأسوة، والهداة، الذين يأمرنا الله سبحانه وتعالى أن نقتدي بهم، أن نهتدي بهم، أن نتأسى بهم، أن نسير في طريقهم ودربهم، ولذلك هي ذات أهمية كبيرة بالنسبة لنا، ونحن في أمسِّ الحاجة اليها.