الثورة نت:
2025-05-11@05:37:48 GMT

التهجير في زمن التهريج

تاريخ النشر: 9th, February 2025 GMT

 

قد تبدو تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تهجير الغزيين إلى مصر والأردن فعلاً تهريجياً، ولكن المعضلة الكبرى هي أنّ هذا المهرج هو رئيس أكبر إمبراطورية في التاريخ، كما ترافق وجوده على رأس هذه الإدارة مع زمن التهريج، حيث كانت شعوب عربية تُذبح على البث المباشر، فيما يتلّهى الحاكمون العرب بسخافاتهم، وتتلّهى الشعوب باستهلاك تلك السخافات والتفاهات.

ينطلق ترامب بتهريجاته تلك من كونه رجل عقار أولًا، وشخصية استعراضية ثانيًا، وعلاقته الوطيدة بمجرم الحرب بنيامين نتنياهو ثالثًا، فهو يتعامل مع الأمر باعتباره نزاعاً عقارياً، وبالتالي فهو قابل للحلّ بأسهل الطرق، حيث المال مقابل الأرض، أو الفرصة مقابل الأرض، وهو يعتقد كذلك بأنّ الزعماء العرب ليسوا أكثر من موظفين لديه، خصوصًا أنّه خبِرهم في فترته الرئاسية الأولى.

كذلك فهو يرى أنّ سهولة توقيع اتفاقات “أبراهام”، تنسحب على مشروع التهجير سهولةً ويسرًا، كما يرتكز إلى تجربته بقرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، حين تم تحذيره من أنّ الأمر قد يفجر المنطقة برمّتها، ولكن بعد صمت دكّة غسل الموتى الذي مارسه العرب حكامًا ومحكومين، قال أرأيتم! لم يحدث شيء، فلماذا سيحدث الآن؟

وترامب لا يكتفي بالتهريج في منطقة الشرق الأوسط، بل يمارس التهريج أينما حلّ وارتحل. تصريحاته عن ضم كندا باعتبارها الولاية 51، والاستيلاء على قناة بنما وغرينلاند، هذا يعطينا قرينة على أنّ الرجل لا منطلقات أيديولوجية لديه، بل هي أفكارٌ مستوحاة من حياته الاستعراضية أولًا، ومن طبيعته التجارية ثانيًا.

ولكن، بما أننا نعيش زمن التهريج، فإنّ أفكاره تلك لن تكون حفلة مدفوعة الأجر تنتهي بانتهاء العرض، بل سيكون لها تداعيات خطرة على مستقبل المنطقة، لأنّ المستهدفين باستقبال الفلسطينيين، يعتبرهم ترامب أوهن من رفض أوامره أو حتى أمنياته بل وخيالاته، وكما ألمح للمعونات والحماية التي تقدمها لهم أمريكا حين قال “سيفعلون ذلك، فنحن نفعل الكثير من أجلهم”، وطبعًا، هذا الكثير قد يتوقف في حال رفضهم.

المهرجون العرب تسقط من لغتهم حروف الرفض، إن كان ترامب هو الآمر الناهي، وتتلعثم ألسنتهم بحرفي اللام والألف “لا”، حين يكون لسان ترامب من يخاطبهم، لذلك فإنّ الاعتماد على مواقف أولئك المهرجين في إفشال تصورات ترامب، هو رهانٌ خاسر وبلا معنى، إنّما الاعتماد فقط على المقاومة والتمسك بها كسبيلٍ وحيد لمجابهة المهرجين وزمنهم.

فالوزير مجرم الحرب سموتريتش، يقول “إنّ المعتدلين في الإقليم، يطلبون منّا في الاجتماعات المغلقة سحق حماس”، وهو يدفع باتجاه العودة لحرب الإبادة، لأنّ هذه هي الطريقة الوحيدة لسحق حماس، وبالتالي فهي الطريقة الوحيدة ليلبّي المهرجون العرب كل مطالب ترامب وأمنيات سموتريتش بإفراغ غزة من أهلها.

في ظلّ حرب الإبادة على مدار ستة عشر شهرًا، حاول الكيان العدو بكل ما أوتي من إجرامٍ وهمجية، تطبيق خطة التهجير، لكنه اصطدم بعدة وقائع قاسية وبعض الحقائق الصلبة، تتلخص جميعها في بندين، الأول هو صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على البقاء في أرضه، أمّا الثاني فهو عدم قدرة العدو على سحق المقاومة، بل على العكس، فإنّ ما سُحق هو أهداف العدوان، وقدرة جيش العدو على تحقيقها.

وبالتالي طالما هناك من يمتشق بندقيته، ويتنقل من شارعٍ إلى زقاق، لا يستطيع المهرجون العرب إعلان انصياعهم لأوامر ترامب بالتهجير، لأنّه حينها سيكون تهجيرًا لمقاومين لا للاجئين، وبالتالي سيكونون بمثابة قنابل موقوتة، ستنفجر في وجوه الجميع، خصوصًا وجوه المستقبلين، وهذا سبب طلبهم من الكيان سحق حماس وفصائل المقاومة، حتى يستقبلوا لاجئين معذبين، في صورة عملٍ أخويّ إنقاذيّ إنساني، يستحقون عليه شكر الاستضافة والحماية والإجارة.

لا يجب أن نطمئنّ لمجرد أنّ هذا كلامٌ تهريجيّ، بل يجب إعادة تقييم قدرة المقاومة على الديمومة والبقاء، بل وتطوير القدرات التسليحية، كذلك إعادة الروح لمحور المقاومة الذي شكّل ولا يزال النواة الصلبة لمواجهة كل مشاريع التصفية، لأنّ المستهدف هو الجميع دون استثناء، بمن فيهم المهرجون.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: تصاعد نشاط المقاومة يعكس جاهزيتها لتوسيع عمليات الاحتلال

قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن استهداف نائب قائد الفرقة 252 وقائد كتيبة 6310 في حي الشجاعية شمالي قطاع غزة، يعكس دلالات عسكرية خطيرة ترتبط بطبيعة مهام استطلاعية ميدانية تؤشر على عملية عسكرية وشيكة.

وأوضح حنا، في تحليل للمشهد العسكري بقطاع غزة، أن إرسال قادة بهذا المستوى إلى خطوط المواجهة الأمامية يؤكد انتقال الخطط العسكرية التي أقرّها الكابينت الإسرائيلي إلى مرحلة التنفيذ، حيث تبدأ وحدات محددة بتنفيذ مهام قتالية تم توزيعها سلفا على الأرض.

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي اعتاد على خسائر كبيرة في صفوف ضباطه، لكن استهداف قادة من هذا السلك يشير إلى عمليات استطلاع تمهيدية تستهدف تحديد اتجاهات التحرك المقبلة، في وقت يُتوقع فيه توسيع العمليات الميدانية في قطاع غزة.

وكانت مواقع إسرائيلية قد أعلنت صباح اليوم السبت إصابة 9 جنود، بينهم ضابطان كبيران، في استهداف مباشر تعرضت له مركبتهم العسكرية بصاروخ مضاد للدروع في حي الشجاعية، مما دفع الجيش الإسرائيلي إلى استخدام المروحيات لنقل المصابين إلى مستشفى تال هشومير.

وفي سياق متصل، أشار حنا إلى أن تصاعد عمليات المقاومة من شرق القطاع إلى جنوبه يعكس أمرين: إما ارتفاع وتيرة حركية الاحتلال استعدادا لهجوم واسع، وإما مبادرة المقاومة إلى تكثيف هجماتها استثمارا لفرص ميدانية محددة تؤمن أهدافا واضحة.

إعلان تكتيكات مدروسة

ورأى أن طبيعة العمليات المنفذة مؤخرا، التي كان آخرها استدراج قوات الاحتلال إلى مبان مدمرة وتفجيرها قرب نفق تم رصده مسبقا، تكشف عن تكتيكات قتال مدروسة ترتكز على الإعداد المسبق والتفوق في معرفة مسرح العمليات.

وأوضح أن تدمير الأبنية لا يقلل من قدرة الفصائل على القتال، بل يوفّر فرصا نوعية للكمائن والتفخيخ، مما يبرر تسميات الاحتلال لبعض مناطق رفح بـ"الأبنية المفخخة" نتيجة كثافة العبوات والفخاخ المتقدمة التي واجهها في تلك المناطق.

واعتبر أن المقاومة نجحت في فرض مسرح عمليات خاص بها، وأجبرت جيش الاحتلال على خوض قتال غير تقليدي لم يتعامل معه منذ قرابة عامين، مما خلق إرباكا في التخطيط الميداني وفرض معضلة تكتيكية لم تُحل بعد.

وأشار إلى أن هذا الواقع يجبر الاحتلال على تعديل إستراتيجياته، إذ لم يعد بإمكانه تنفيذ مهام اقتحام وانسحاب سريعة، بل بات مضطرا للبقاء في مناطق قتالية وفق شروط المقاومة، مما يجعله عرضة للاستنزاف الطويل الأمد.

كما نوّه إلى أن المقاومة تحرص على استدراج قوات الاحتلال إلى المسافة صفر، حيث تصبح قدرات الطيران الإسرائيلي محدودة جدا، مما يسهم في تقليل الفارق الهائل في موازين القوى ويُعزز من فاعلية عمليات المقاومة المباغتة.

القتال الشعبي المفاجئ

ويرى حنا أن هذا النوع من القتال الشعبي المفاجئ، الذي يجمع بين الرصد والاستعلام وضرب العدو ثم الانكفاء، يُعدّ من أبرز تكتيكات الاستنزاف التي تهدف إلى إلحاق أكبر قدر من الخسائر بقوات الاحتلال دون الانخراط في مواجهات تقليدية غير متكافئة.

وتصاعدت في الآونة الأخيرة عمليات المقاومة الفلسطينية، وأقر الجيش الإسرائيلي بمقتل 856 عسكريا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم 8 منذ استئناف الإبادة في غزة يوم 18 مارس/آذار الماضي.

وتشير المعطيات ذاتها إلى إصابة 5847 عسكريا إسرائيليا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم 2641 بالمعارك البرية في قطاع غزة، وتشمل هذه الأرقام العسكريين القتلى في غزة وجنوب لبنان والضفة الغربية.

إعلان

وخلافا للأرقام المعلنة، يُتّهم الجيش الإسرائيلي بإخفاء الأرقام الحقيقية لخسائره في الأرواح، خاصة مع تجاهل إعلانات عديدة للفصائل الفلسطينية بتنفيذ عمليات وكمائن ضد عناصره، تؤكد أنها تسفر عن قتلى وجرحى.

وتفرض إسرائيل، وفق تقارير دولية عديدة، رقابة عسكرية صارمة على وسائل إعلامها بخصوص الخسائر البشرية والمادية جراء ضربات "الفصائل الفلسطينية" لأسباب عديدة، بينها الحفاظ على معنويات الإسرائيليين.

مقالات مشابهة

  • محللون: تصعيد المقاومة الأخير محاولة لإقناع ترامب بعدم جدوى الحرب
  • خبير عسكري: تصاعد نشاط المقاومة يعكس جاهزيتها لتوسيع عمليات الاحتلال
  • الرئيس عباس : نرفض دعوات التهجير وأولويتنا وقف الحرب
  • جنرال إسرائيلي: التهديدات من جهة سوريا تغيرت وبالتالي علينا أن نتغير
  • الاتحاد الأوروبي يرفض التهجير القسري لسكان قطاع غزة أو أي محاولة لتغييرات ديموغرافية أو إقليمية به
  • فتح: على العرب استغلال خلاف ترامب ونتنياهو لطرح خطة سلام عادلة
  • الاتحاد الأوروبي يدعو إلى رفع الحصار عن غزة ويرفض التهجير القسري
  • هل يستثمر العرب فرصة توتر العلاقة بين ترامب ونتنياهو؟
  • من التدمير إلى التهجير.. كيف تحولت الضفة الغربية لساحة حرب جديدة؟
  • زعيم الحوثيين ينفي تصريحات ترامب: لم نستسلم وترامب يجيد التهريج