ريادة الأعمال.. إبداع وابتكار وقيادة
تاريخ النشر: 22nd, August 2023 GMT
البلاد – جدة
يحتفي العالم باليوم العالمي لرواد الأعمال في 21 أغسطس من كل عام، تكريماً للمبدعين والمبتكرين ورواد ورائدات الأعمال على مستوى العالم، ممن ابتكروا أفكاراً جديدة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع. ويهدف هذا اليوم إلى نشر ثقافة الإبداع والابتكار والقيادة وريادة الأعمال وتحفيز وتنمية روح المبادرة لدى الشباب وأصحاب الطموح في جميع أنحاء العالم، كما يعتبر فرصة للتشجيع على خوض التجربة وروح المغامرة والدخول في عالم ريادة الأعمال الذي يرحب بكل الأعمار والأجناس دون تفرقة، حيث يوفر إمكانية اقتحام الأسواق بمختلف أنواعها.
ويشهد اليوم العالمي لرواد الأعمال عقد العديد من المؤتمرات والندوات لرصد بعض الجوائز التحفيزية والمبادرات والتي تكون في الغالب منحًا تدريبية في معسكرات تنفذها بعض الجهات في معظم دول العالم. وقد ينبغي توضيح مفهوم رائد الأعمال ، قبل الانخراط في الحديث عن اليوم العالمي لرواد الأعمال، فهو الشخص الذي يقرر بناء أو تأسيس مؤسسة أو مشروع ربحي صغير ويتولى إدارته، معتمدًا على توفير الموارد اللازمة التي يحتاجها مع الأخذ في الاعتبار المخاطر المحسوبة والأرباح المتوقعة. ويتسم رائد الأعمال بمجموعة من الصفات الاستثنائية التي تكتب العديد من قصص النجاح؛ إذ يتمتع بالشغف والطموح وتحديد الهدف والمثابرة باعتبار ذلك القوة الدافعة له لبناء مشروعه الخاص.
ويملك رائد الأعمال استراتيجية شاملة حتى تكون لديه القدرة الكاملة لتحقيق هذا الهدف مدعومة بالعديد من الأفكار القوية الجديدة في سوق العمل، كما لا بد أن تكون لديه المهارة والقدرة على صناعة القرار الحاسمة والحيوية.
ويتولى رواد الأعمال الكثير من المهام التي تتخطى مجرد البيع والشراء، ومن هذه المهام: إدارة التدفق النقدي، و التعامل مع أمور المخزون، وسلسلة التوريد، ناهيك عن إنشاء علامة تجارية وجذب العملاء، علمًا بأن هناك العديد من أنواع ريادة الأعمال بداية من الصغيرة، مروراً بالاجتماعية، وصولاً إلى الربحية.
ريادة الأعمال عمل شاق جداً ورحلة طويلة، وأغلب الذين يقررون السير في هذا المسار تكون لديهم أهداف كبرى، ودوافع ومحفزات قوية، وإلا فلن يتمكنوا من التغلب على العقبات التي ستعترض طريقهم لا محالة. وعلى الرغم من الارتباط الوثيق بين رائد الأعمال والمبتكر، إلا أن رواد الأعمال يصب كل تركيزهم على تحويل الأفكار العظيمة التي قدمها وأبدعها المبتكرون إلى فرص يمكنها جلب الربح، في حين لا يضع المبتكر الذهاب إلى السوق ولا الحصول على الربح في اعتباره.
من جهتها، أعلنت مؤسسة محمد بن سلمان “مسك” عن إطلاق المرحلة الأولى من برنامجها “مدرسة مسك لرواد الأعمال” بهدف تمكين رواد الأعمال الصاعدين من المهارات الأساسية لريادة الأعمال وإطلاق المشاريع الناشئة في سوق عمل اليوم. ويأتي إطلاق المدرسة في إطار مجموعة برامج “مسك الريادة” التي تقدم إلى رواد الأعمال الصاعدين؛ لتمكينهم من شق طريقهم إلى سوق ريادة الأعمال بكفاءة وفعالية.
ويطرح البرنامج على قائمته عدداً من مسارات التعلم لرواد الأعمال الناشئين، يأتي على رأسها مسار “التحقُّق من السوق” لتمكين المتدرب من تحديد مدى توافق مشروعه التجاري مع الاحتياج القائم في السوق وشريحة العملاء المستهدفين، و”تكوين الفريق” لمساعدة المتدرب في تكوين الفريق التأسيسي وتعريف الأدوار والمسؤوليات، و”التمويل” للتعرُّف على أشكال التمويل المتاحة واختيار الشكل الأنسب للمشروع. كما يتضمن البرنامج حزمة من الدورات وورش العمل يقدمها عدد من رواد الأعمال البارزين، حيث يطرح البرنامج دورة “التحقُّق من السوق” يقدمها الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة مرسول أيمن السند، وأحد مؤسسي شركة صبّار أفنان الشربيني، والرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة تمارا عبدالمجيد الصيخان. ويقدم دورة “فريق العمل” كل من: المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ترجمة نور الحسن، والرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة يونيفونيك أحمد حمدان، والرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة ساري محمد الدوسري. كما يقدم دورة “التمويل”: الشريك الاستثماري في شركة أوتلايرز فنتشر كابيتال سارة الصالح، والمؤسس والشريك الإداري لشركة نما فنتشرز محمد الزعبي، والرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة سدو كابيتال قصي السيف.
وتأتي هذه الدورات جنباً إلى جنب مع برنامج “سبارك”، الذي يضع المتعلمين على صلة مباشرة بنخبة من رواد الأعمال الناجحين، بهدف صناعة جيل جديد من رواد الأعمال الشباب.
وأكدت “مسك” أن برنامج مدرسة مسك لرواد الأعمال يستلهم تصميمه من أفضل التجارب العالمية لإلهام جيل الشباب الريادي وتمكينهم من خَوْض تجارب الريادة، ليكونوا قادة المستقبل في سوق المشاريع الناشئة، من خلال رَفْدهم بالأدوات والمهارات اللازمة، ومَنْحهم الجُرْأة على بَدْء رحلة ناجحة في عالم ريادة الأعمال.
وذكرت أن برنامج “سبارك” مسار سريع لنقل الرائد من نقطة الانطلاقة إلى نقطة العرض التقديمي للمشروع الريادي؛ بالاستفادة من خبرات مجموعة من الرياديين العالميين، وهو في الآن ذاته منافسة ريادية تؤهل عشرة من المتنافسين لتسويق مشاريعهم أمام لجنة من الحُكَّام، يَنْتُج عنها خمسة من الفائزين بدعم مالي من شركة “نيوم”، ومساحات عمل من هيئة “منشآت”، وصلات رفيعة المستوى مع مجتمع ريادة الأعمال.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: ريادة الأعمال لرواد الأعمال ریادة الأعمال رائد الأعمال رواد الأعمال
إقرأ أيضاً:
رحلة إبداع وإرث فني يتجاوز الزمان والمكان
حين يُذكر اسم أم كلثوم، يتبادر إلى الذهن صوت خالد وأغاني خالدة، لكنها كانت أكثر من فنانة. كانت رمزًا ثقافيًا، ووطنياً وإنسانياً، استطاعت أن تجمع بين الإبداع الفني، التأثير الاجتماعي، والمسؤولية الوطنية، لتصبح شخصية لا تنسى في التاريخ العربي والعالمي.
حياتها تُقرأ اليوم كقصة مشوقة تكشف التحديات، الإصرار، والقدرة على مواجهة المصاعب التي غالبًا ما يغفلها الجمهور.
البدايات: رحلة الطفولة من الأرياف إلى القاهرةوُلدت أم كلثوم في الأرياف المصرية في 1904 -وفق المصادر- حيث عاشت طفولة مليئة بالقيم الموسيقية والعائلية. انتقالها إلى القاهرة كان بداية رحلة تحدٍ حقيقي، إذ اضطرت للتأقلم مع مجتمع حضري صارم ومتطلب تغيير مظهرها ليواكب متطلبات النجومية. فقد والدها وشقيقها خالد أثر بشكل كبير على حياتها الداخلية، وشكل شخصيتها القوية التي تمكنت من الصمود أمام الإعلام والجمهور على حد سواء.
الإشاعات والضغط الإعلامي: صبر وإرادةطوال حياتها، كانت أم كلثوم محط متابعة مستمرة من الصحف العربية والعالمية، حيث تداولت الشائعات حول حياتها الشخصية، علاقاتها العاطفية، وصحتها. من The New York Times إلى Le Monde، تركزت التقارير على محاولة تصوير حياتها بأسلوب درامي، لكنها تمكنت من التحكم بصبرها واستراتيجيتها أمام هذه الإشاعات، محافظة على صورتها كرمز للجدية والاحترام، مما جعلها قدوة في ضبط النفس والاحترافية في مواجهة الضغوط الإعلامية.
الحب والزواج: صراعات القلب والفنعاشت أم كلثوم تجارب وواجهت شائعات عاطفية معقدة، بدءا من الشاعر أحمد رامي، مرورًا بخال الملك فاروق شريف صبري، وصولًا إلى خطوبتها للملحن محمود الشريف. هذه العلاقات واجهت رفضًا شعبيًا وإعلاميًا، لكنها استطاعت تحويل ألمها الشخصي إلى إبداع فني متواصل، ووضعت بصمتها في الأغاني التي تعكس الحب والفقد والصبر، لتصبح نماذج فنية خالدة تعبّر عن الروح الإنسانية بصدق وعمق.
الصحة والتحديات الجسدية.. صمود أمام المحنأصيبت أم كلثوم بورم في الغدة الدرقية، ما أثر على قدرتها على الإنجاب، وتعرضت للسرقة والتهديد بالقتل. ورغم ذلك، حافظت على التزامها بالفن، وارتقاء مستوى الموسيقى العربية، وأثبتت أن الإرادة الحقيقية للفنان تكمن في القدرة على تقديم أعمال خالدة رغم الصعوبات الجسدية والنفسية.
الوطنية والفن السياسي.. توظيف الصوت لخدمة مصرأم كلثوم لم تكن مجرد فنانة، بل رمز وطني استخدم الفن لخدمة الدولة المصرية. خلال الحروب المختلفة، ساهمت في جمع التبرعات لصالح الجيش المصري، وأدت أغاني وطنية أثرت على الروح المعنوية للمقاتلين والمواطنين على حد سواء. كانت موسيقاها أداة سياسية ودبلوماسية، فكانت رسالتها واضحة وهي أن تكون قوة وطنية مؤثرة.
السياسة والانزواء بعد ثورة 1956ارتبطت أم كلثوم بالملك فاروق، ومع ثورة 1956 عاشت فترة انزواء وعزلة من نقابة الموسيقيين. عاد لها حقها بالعمل (بفرمان) من الرئيس جمال عبد الناصر، مؤكدًا مكانتها الفنية والسياسية. هذا التوازن بين الولاء الوطني والإبداع جعلها جسرًا بين الفن والسياسة، وشخصية مركزية لفهم العلاقة بين الثقافة والفكر السياسي في مصر الحديثة.
المنديل وصورة الإنسان أمام الجمهوركانت أم كلثوم تحمل منديلًا دائمًا أمام الجمهور بسبب توتر شديد وتعرق اليدين، ما يعكس التزامها بالظهور بأفضل صورة أمام جمهورها واحترامها وتقديرها الشديد لعملها وفنها وإدراكها أنها رسالة. هذه التفاصيل الصغيرة، تكشف إنسانيتها وتواضعها، وعمق احترامها للجمهور، وتثبت أن الأسطورة ليست مجرد صوت بل شخصية متكاملة تصنع الإبداع من داخل المعاناة والتحدي.
الشهرة العالمية وتأثيرها على الصحافة والفنحياتها كانت محور اهتمام الصحف العالمية مثل The Guardian وLe Monde وThe New York Times، التي أشادت بقدرتها على توظيف الفن في خدمة القضايا الوطنية والاجتماعية، وسلطت الضوء على صبرها وإرادتها في مواجهة الضغوط والتحديات، مما جعلها رمزًا عالميًا للقيادة الثقافية والفنية والإنسانية.
إرث خالد يتجاوز الزمان والمكانإرث أم كلثوم يستمر لأنه جمع بين الفن، الإنسانية، والوطنية في لوحة واحدة. صوتها لم يكن مجرد ألحان، بل مرآة للعاطفة، القوة، والصبر في مواجهة التحديات. شخصيتها وفنها شكّلا نموذجًا عالميًا للقيادة الفنية والثقافية، وقدرتها على توظيف الفن كأداة للتأثير السياسي والاجتماعي جعلت صوتها خالدًا في ذاكرة الأجيال. من خلال أغانيها ورسائلها الإنسانية، تظل أيقونة حية، رمزًا للفن الذي يصنع التاريخ ويُلهم المستقبل، وصوتها حاضر في كل زاوية من العالم العربي والعالمي.