الذكاء الاصطناعي يجعل عمليات الاحتيال عبر الإنترنت أكثر تعقيدا
تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT
يشرح خبراء في الأمن السيبراني لوكالة فرانس برس أنّ أدوات الذكاء الاصطناعي التي أصبحت قادرة راهنا على إنتاج نصوص وصور ومقاطع فيديو بشكل فوري تجعل عمليات الاحتيال معقدة أكثر، داعين مستخدمي الإنترنت إلى توخي الحذر.
من عملية الاحتيال التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة لامرأة فرنسية دفعت 830 ألف يورو لشخص ادعى أنه براد بيت، وصولا إلى مجموعات تبرعات وهمية لضحايا حرائق لوس أنجليس، أظهرت الأسابيع الأخيرة أننا جميعا "أفرادا وشركات نشكل أهدافا للهجمات الإلكترونية"، بحسب أرنود لومير من شركة "اف 5" الأميركية المتخصصة بالأمن السيبراني.
في فرنسا، تم تسجيل أكثر من 130 ألف عملية احتيال عبر الإنترنت في العام 2023 بحسب بيانات وزارة الداخلية، التي تشير إلى زيادة بنسبة 8% سنويا في المتوسط بالجرائم "الرقمية" المتعلقة بجرائم الملكية منذ العام 2016.
أحد أكثر أشكال عمليات الاحتيال عبر الإنترنت شهرة هو "التصيد الاحتيالي"، أي إرسال رسائل بالبريد إلكتروني أو رسائل نصية قصيرة تحت ادعاءات كاذبة تحضّ المستخدمين على النقر على رابط احتيالي ومشاركة البيانات الشخصية.
تجعل روبوتات المحادثة المهاجمين يوفرون الوقت وتتيح لهم إعداد رسائلهم الكاذبة بشكل أفضل، وفق لومير.
إذا كان المحتال يجهل تفاصيل لغة معيّنة يستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي لكتابة بريده الإلكتروني، "فسيخفي تماما الأدلة" كالأخطاء الإملائية والنحوية، على قول الخبير.
رؤساء شركات مزيّفون ليست برامج توليد النصوص سوى غيض من فيض.
يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي "الاستفادة من كل البيانات التي سُرقت خلال السنوات الأخيرة لأتمتة إنشاء عمليات احتيال مخصصة جدا"، بحسب ستيف غروبمان، المدير الفني لشركة "مكافي" McAfee المتخصصة في برامج الأمان.
وبدل الاكتفاء بمكاسب صغيرة وسريعة، يسعى المهاجمون غالبا إلى كسب ثقة بعض الموظفين داخل الشركات المستهدفة.
إذا وقع موظف في الفخ، ينتظر المجرمون "حتى يصبح هذا الشخص مؤثرا جدا أو تسنح فرصة جيّدة لابتزازه من أجل الأموال" قبل استغلال هذا التواصل، على قول مارتن كريمر، من شركة "نوو بي 4" KnowBe4 الأميركية للتدريب على الأمن السيبراني.
وفيفبراير 2024، حصل محتالون على 26 مليون يورو من شركة متعددة الجنسية في هونغ كونغ.
وقالت السلطات إن أحد الموظفين الماليين اعتقد أنه كان في مكالمة جماعية عبر الفيديو مع الرئيس التنفيذي للشركة وموظفين آخرين، إلا أنّ هؤلاء كانوا صورا متحركة مفبركة بتقنية "التزييف العميق".
يحذر ستيف غروبمان الذي يؤكد أن باحثا في شركة "مكافي" تمكن من استبدال وجهه بوجه النجم الهوليوودي توم كروز بأقل من 5 يورو، أنّ "أحدث جيل من برامج التزييف العميق وصل إلى نقطة لا يستطيع فيها أحد تقريبا التمييز بين الصورة الفعلية والصورة المولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي".
- "كلمة مفتاح" - يقول لومير إنّ التأكد من هوية المحاور عبر الإنترنت، "يحتاج نوعا ما إلى كلمة مفتاح".
وتتمثل إحدى النصائح الأخرى بالطلب من أحد المحاورين عبر الفيديو تحريك الكاميرا لإظهار محيطه، وهو ما يصعب على الذكاء الاصطناعي إنجازه راهنا.
أصبحت عمليات الاحتيال عبر الإنترنت مجالا مربحا، "فعلى غرار قطاعات أخرى، ثمة سلاسل توريد ونظام كامل لدعمها"، على ما يلاحظ الخبير في "مكافي".
على الرغم من أن عددا كبيرا من عمليات الشرطة قوضت شبكات معيّنة، مثل شبكة "لوكبيت"، وهي إحدى مجموعات الجرائم الالكترونية الرئيسية في العالم والتي تم تفكيكها في أوائل عام 2024، بات هذا النوع من الجرائم الإلكترونية منظما واحترافيا.
ولا يقلق تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة مارتن كريمر بشكل كبير.ويقول "يمكننا استخدام الذكاء الاصطناعي في الهجوم كما في الدفاع".
وتبقى الحماية الأساسية لمستخدم الإنترنت ضد عمليات الاحتيال هذه تظل، يقظته.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی عملیات الاحتیال عبر الإنترنت
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يتنبأ بسكر الدم!
في خطوة رائدة نحو تحسين إدارة مرض السكري، أعلنت شركتا IBM وRoche عن تطوير حل ذكي مشترك يُعالج واحدة من أكثر التحديات الصحية تعقيدًا: العبء اليومي المستمر لمراقبة مستويات السكر في الدم.
جاءت النتيجة على شكل تطبيق مبتكر يحمل اسم Accu-Chek SmartGuide Predict، يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بمستويات الجلوكوز قبل حدوث التغييرات المفاجئة، ما يمنح المستخدمين فرصة استباق الأحداث واتخاذ قرارات صحية مبنية على التوقع لا رد الفعل.
تنبؤ بسكر الدم... كما تتنبأ بالأحوال الجوية
يأخذ التطبيق مفهوم مراقبة السكري إلى بُعد جديد، إذ لا يكتفي بإظهار مستوى السكر الحالي، بل يرسم خريطة لتوجهاته المستقبلية. تمامًا كما تعتمد على نشرة الطقس لتخطط ليومك، يمكنك الآن الاعتماد على هذا التطبيق للتخطيط لمستويات سكر في الدم خلال الساعات المقبلة.
ويعمل التطبيق بالتكامل مع جهاز الاستشعار المستمر للجلوكوز من Roche، حيث يعالج البيانات لحظيًا باستخدام الذكاء الاصطناعي، ليمنح المستخدم رؤى دقيقة تساعده على تفادي التقلبات المفاجئة والخطيرة في مستويات الجلوكوز.
ثلاث ميزات رئيسية تحدث فرقًا حقيقيًا
يمتاز تطبيق SmartGuide Predict بثلاث وظائف رئيسية، كل منها يستهدف قلقًا شائعًا لدى مرضى السكري:
* Glucose Predict: ميزة تعرض تصورًا لمسار مستوى الجلوكوز خلال الساعتين المقبلتين، ما يمنح المستخدم وقتًا كافيًا لتعديل نظامه الغذائي أو أخذ جرعة إنسولين وقائية.
* Low Glucose Predict: بمثابة نظام إنذار مبكر، ينبّه المستخدم باحتمال حدوث انخفاض حاد في السكر قبل 30 دقيقة تقريبًا من وقوعه—وقت كافٍ لاتخاذ إجراء تصحيحي سريع.
* Night Low Predict: خاصية تُعد الأهم لكثير من المرضى، إذ تتنبأ بخطر انخفاض السكر أثناء النوم وهو أكثر الأوقات خطورة. التطبيق يقيم المخاطر قبل النوم ويقترح ما إذا كانت وجبة خفيفة ليلية ضرورية.
يقول موريتز هارتمان، رئيس قسم حلول المعلومات في شركة Roche: «من خلال تسخير قوة التكنولوجيا التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يمكن لتطبيق Accu-Chek SmartGuide Predict أن يمنح مرضى السكري قدرة أكبر على اتخاذ قرارات استباقية لإدارة حالتهم الصحية بثقة ووعي».
الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل أبحاث السكري
تتجاوز فوائد التعاون بين IBM وRoche الجانب العلاجي، لتصل إلى مجال الأبحاث السريرية. فقد طوّرت الشركتان أداة ذكية مدعومة بمنصة watsonx من IBM، تعيد تعريف كيفية تحليل البيانات في التجارب السريرية.
بدلًا من العمليات اليدوية البطيئة، تقوم الأداة الجديدة برقمنة وتصنيف وترجمة البيانات السريرية المجهولة الهوية، وربطها تلقائيًا بمعلومات أجهزة مراقبة السكر ونمط حياة المشاركين في الدراسة.
والحصيلة؟ اكتشاف أنماط وارتباطات دقيقة في وقت قياسي ما يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في فهم المرض وتطوير أساليب العلاج، وربما يكون أكثر تأثيرًا على المدى البعيد من التطبيق ذاته.
تحالف فريد بين التكنولوجيا والصحة
يجمع هذا التعاون بين قوتين من عالمين مختلفين: خبرة IBM التقنية والذكاء الاصطناعي من جهة، وخبرة Roche في علوم الحياة والرعاية الصحية من جهة أخرى. وهو نموذج ناجح لتكامل الصناعات لخدمة احتياجات صحية حقيقية.
يقول هارتمان: «شراكتنا طويلة الأمد مع IBM تعكس الإمكانات الكبيرة للابتكار بين الصناعات في تقديم حلول فعّالة لاحتياجات صحية غير ملبّاة، وتسريع الوصول إلى نتائج علاجية أفضل».
وأضاف كريستيان كيلر، المدير العام لـIBM في سويسرا: «التعاون مع Roche يُبرهن على قوة الذكاء الاصطناعي عندما يُستخدم لهدف واضح: دعم المرضى في إدارة حالاتهم بشكل أفضل. نحن نوفر بيئة تقنية موثوقة، آمنة، ومخصصة تُعزز الابتكار في مجال الرعاية الصحية».
دلالات الابتكار لمستقبل التكنولوجيا الصحية؟
بعد سنوات من متابعة التكنولوجيا الصحية، يمكن القول إن هذه الشراكة مختلفة. فهي لا تقدم وعودًا فضفاضة، بل تركز على حل واضح وملموس لمشكلة تؤثر على أكثر من 590 مليون شخص حول العالم يعيشون مع مرض السكري.
إنّ التحول من الإدارة التفاعلية إلى الإدارة التنبؤية لا يُعد مجرد تحسين، بل تغيير في قواعد اللعبة. فبدلًا من انتظار المشكلة، أصبح بالإمكان توقعها ومنعها. الذكاء الاصطناعي هنا لا يستبدل الإنسان، بل يزوّده بالمعلومة في الوقت المناسب ليحسن اتخاذ القرار.
التطبيق متاح حاليًا فقط في سويسرا، وهي خطوة مدروسة لاختبار فعالية النظام قبل تعميمه عالميًا. ومن المتوقع أن يتابعه قطاع الرعاية الصحية عن كثب.
إذا أثبتت هذه التجربة نجاحها، فقد تفتح الباب أمام حلول مشابهة لأمراض مزمنة أخرى، مثل أمراض القلب، الربو، أو حتى اضطرابات الجهاز العصبي كمرض باركنسون.
وفي الوقت الراهن، يبقى الهدف الأساسي هو منح مرضى السكري القدرة على عيش حياة أكثر راحة واستقرارًا حتى أثناء نومهم. وهو هدف إنساني نبيل، يستحق أن يُسخّر له الذكاء الاصطناعي بكل إمكاناته.