شدد الدكتور كونستانتينوس فارسالينوس، الخبير في الصحة العامة والحد من مخاطر التبغ، على أهمية اعتماد نهج أكثر واقعية لمكافحة التدخين، بدلاً من تقييد أو حظر البدائل المبتكرة.

جاءت تصريحات فارسالينوس خلال زيارته الأخيرة إلى الإمارات العربية المتحدة، حيث التقى بخبراء ومسؤولين لمناقشة أحدث التطورات في قطاع السجائر الإلكترونية ومنتجات التدخين البديلة، وذلك ضمن مشاركته في المنتدى المتخصص الذي عُقد على هامش المعرض العالمي للسجائر الإلكترونية (World Vape Show) في دبي.

وخلال الجلسات النقاشية، أوضح فارسالينوس، الذي يمتلك خبرة بحثية تمتد لأكثر من عقد في دراسة آثار التدخين وبدائله، أن المشكلة الأساسية لا تكمن في النيكوتين بحد ذاته، وإنما في عملية احتراق التبغ، التي تنتج آلاف المواد الكيميائية الضارة. وأشار إلى أن السجائر التقليدية تعتمد على حرق المواد العضوية عند 800 درجة مئوية، مما يؤدي إلى انبعاث مواد مسرطنة ومسببة لأمراض القلب والرئة.

وفي المقابل، توفر البدائل الخالية من الدخان، مثل السجائر الإلكترونية، التبغ المُسخّن، وأكياس النيكوتين، خيارات أقل ضررًا للمدخنين البالغين الذين لا يستطيعون الإقلاع نهائيًا، حيث تعتمد هذه المنتجات على تسخين التبغ أو توصيل النيكوتين دون احتراق، مما يقلل بشكل كبير من التعرض للمواد السامة.


وأشار فارسالينوس، الذي استند الاتحاد الأوروبي إلى دراساته في إعداد الأطر التنظيمية للسجائر الإلكترونية، إلى أن التشريعات المتعلقة بهذه البدائل يجب أن تكون متوازنة، بحيث لا تشجع غير المدخنين على استخدامها، لكنها في الوقت نفسه لا تعاقب المدخنين البالغين الذين يبحثون عن خيارات أقل خطورة.

وقال: "التجارب أثبتت أن الحظر ليس الحل الأمثل، إذ إن تعقيدات الصحة العامة تتطلب استراتيجيات أكثر شمولًا. يجب التركيز على تنظيم السوق، وضمان منع بيع هذه المنتجات للقُصَّر، بدلاً من فرض حظر شامل قد يدفع المدخنين إلى السوق السوداء أو العودة إلى السجائر التقليدية الأكثر ضررًا."

واستشهد فارسالينوس بدراسات أجرتها جامعة كارولينسكا السويدية، والتي أكدت أن استخدام أكياس النيكوتين لا يزيد من مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية أو أمراض القلب والأوعية الدموية، في إشارة إلى ضرورة التمييز بين النيكوتين كعنصر مستقل والدخان الناتج عن الاحتراق.

واختتم الخبير الصحي حديثه بالتأكيد على أن الحد من أضرار التدخين لا يعني القضاء التام على المخاطر، لكنه يمثل حلاً واقعياً يقلل من التعرض للمواد السامة ويحسن الصحة العامة، في وقت لا تزال فيه معدلات الإقلاع عن التدخين منخفضة عالميًا.


تأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه السياسات التنظيمية لبدائل التدخين مراجعات متزايدة، حيث بدأت بعض الحكومات في إعادة تقييم نهجها تجاه هذه المنتجات. ومع تزايد الاعتراف بنهج الحد من المخاطر كبديل عن الحظر المطلق، يظل السؤال قائمًا: هل حان الوقت لاعتماد مقاربة جديدة وأكثر واقعية لمكافحة التدخين على المستوى العالمي؟

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التدخين الصحة العامة الإمارات مخاطر التبغ المزيد

إقرأ أيضاً:

الباحث محمد جمال القليط ينشر دراسة موسعة حول بدائل العقوبات السالبة للحرية في الأردن

صراحة نيوز  – كشف الباحث محمد القليط عن دراسة قانونية موسعة تناولت التوسع التشريعي الأخير في الأردن نحو اعتماد بدائل للعقوبات السالبة للحرية، وذلك في إطار تعزيز الاتجاه الإصلاحي في السياسة الجنائية.

وتسلّط دراسة القليط الضوء على التعديلات التي سمحت للمحاكم باستبدال عقوبة الحبس بخيارات إصلاحية متعددة، من بينها الخدمة المجتمعية، البرامج التأهيلية، العلاج من الإدمان، المراقبة الإلكترونية، وحظر ارتياد أماكن محددة، وهي بدائل تهدف إلى إعادة إدماج المحكوم عليه في المجتمع والحد من الآثار السلبية للسجن قصير المدة.

وأشار القليط في دراسته إلى أن هذه الخطوة تأتي استجابةً لضرورات اجتماعية واقتصادية، أبرزها تقليل الاكتظاظ داخل مراكز الإصلاح والتأهيل، وخفض التكاليف المترتبة على العقوبات التقليدية، إضافةً إلى توافقها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي تشدد على عدم تقييد الحرية إلا عند الضرورة.

وأكد أن النصوص الجديدة منحت المحاكم صلاحيات واسعة في استبدال العقوبات حتى بعد اكتساب الحكم الدرجة القطعية، شريطة وجود تقرير اجتماعي يُظهر قابلية المحكوم عليه للإصلاح وعدم تكرار الجرم.

وفي المقابل، أوضح القليط أن التطبيق العملي لهذه البدائل لا يزال يواجه عدة تحديات، من بينها ضعف البنية المؤسسية لبرامج التأهيل، والحاجة لتعزيز دور قاضي تنفيذ العقوبة، وتطوير أدوات الرقابة الإلكترونية.

وتخلص الدراسة إلى أن التوسع المنضبط في تطبيق البدائل يمثل خطوة جوهرية نحو تعزيز العدالة الإصلاحية وتحقيق الردع بطريقة أكثر فاعلية وإنسانية، بما يوازن بين حماية المجتمع وإعادة تأهيل الجانحين

مقالات مشابهة

  • تربية أسيوط تطلق مبادرة جيل بلا تبغ لنشر الوعي الصحي ومواجهة مخاطر التدخين
  • أخصائية تقدم بدائل صحية للأطفال عن الأغذية المصنعة
  • إحباط تهريب أكثر من 37 ألف قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي بجازان
  • عمرو الليثي: الكلمة قد تبني إنسانًا أو تهدم أمة
  • تصنيف شنغهاي… قراءة واقعية لفرص الجامعات الأردنية ومسار تحسين الترتيب
  • كاتب أمريكي: تصاعد الضربات في أوكرانيا يعقّد المشهد والغرب يواجه حسابات غير واقعية
  • الباحث محمد جمال القليط ينشر دراسة موسعة حول بدائل العقوبات السالبة للحرية في الأردن
  • وليد مصطفى العضو المنتدب لـ«مدى للتأمين»:استراتيجيات جديدة لمواجهة تحديات السوق
  • مصر تصل للمركز التاسع عالميًا في جذب الاستثمارات.. خبير اقتصادي يكشف الأسباب
  • إسرائيل تبني داخل لبنان... والقرى تحاصَر بالخرسانة