موقع 24:
2025-10-09@15:17:53 GMT

القمة العالمية للحكومات ترسم المستقبل

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

القمة العالمية للحكومات ترسم المستقبل

لم يكن حديثي العابر مع سائق تاكسي في لندن مجرد محادثة تقليدية، بل كان شهادة مباشرة على المكانة الاستثنائية التي باتت تحتلها دولة الإمارات العربية المتحدة في المخيلة العالمية. فبمجرد أن ذكرت له أنني من الإمارات، تهللت أساريره وأبدى إعجابه الشديد بالتجربة الإماراتية، مشيرًا إلى أن رئيس بلاده يُعد من أبرز المعجبين بنهج الإمارات في التنمية والإدارة.


هذا الموقف، رغم بساطته، يعكس حقيقة أعمق: الإمارات لم تعد مجرد دولة ناجحة اقتصاديًا وتنمويًا، بل أصبحت نموذجًا عالميًا يُحتذى به، ومصدر إلهام للدول التي تسعى لتحقيق قفزات نوعية في مسيرتها التنموية. ففي عالم تزداد فيه التحديات، وتُختبر فيه النماذج الاقتصادية والإدارية على أرض الواقع، تبرز الإمارات كحالة فريدة تجمع بين الرؤية الاستشرافية، والقدرة التنفيذية، والمرونة الاستراتيجية.
لم تكن الإمارات الدولة الأولى التي حققت تقدمًا اقتصاديًا، لكنها من الدول القليلة التي استطاعت تحويل نجاحها إلى نموذج يُحتذى. فالتجربة الإماراتية لم تبقَ حبيسة حدودها الجغرافية، بل امتدت لتصبح مرجعًا يُستشهد به في مختلف المجالات، من الإدارة الحكومية إلى التخطيط العمراني، ومن القوة الناعمة إلى الابتكار التكنولوجي.
السر في ذلك يكمن في أن الإمارات لا تتعامل مع التنمية كمجرد عملية تراكمية للإنجازات، بل كنهج استراتيجي مستمر. فليست هناك نقطة نهاية في المسيرة الإماراتية، إذ أن كل إنجاز يتحول إلى نقطة انطلاق نحو طموح جديد. هذا النهج الديناميكي هو ما يجعل الإمارات ليست فقط في موقع المنافسة، بل في موقع الريادة، حيث ترسم المعايير التي يسير عليها الآخرون.
وتُعدّ القمة العالمية للحكومات 2025، المنعقدة حاليًا في دبي، مثالًا حيًا على قدرة دولة الإمارات على تنظيم مؤتمرات عالمية رفيعة المستوى. تستضيف القمة هذا العام أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة، و140 وفدًا حكوميًا، بالإضافة إلى مشاركة أكثر من 80 منظمة دولية وإقليمية. تتضمن فعاليات القمة 21 منتدى عالميًا، وأكثر من 200 جلسة حوارية وتفاعلية، يشارك فيها ما يزيد عن 300 شخصية عالمية من قادة الفكر والخبراء وصناع القرار. هذا التجمع الدولي يعكس الثقة العالمية في قدرة الإمارات على توفير منصة تجمع القادة والخبراء لمناقشة التحديات المستقبلية وتطوير استراتيجيات تعزز التنمية المستدامة والابتكار الحكومي.
عندما يحضر المرء مؤتمرًا أو فعالية دولية في الإمارات، فإنه يلحظ مستوى من التنظيم يكاد يكون أشبه بالعمل الهندسي الدقيق: لا مجال للارتجال، ولا أثر للعشوائية. التجربة تبدو سلسة إلى حد يثير الإعجاب، وكأن الأمور تسير بطبيعتها دون جهد، لكن الحقيقة أن وراء هذا الإتقان رؤية واضحة، وخبرة تراكمية، واستثمار مستمر في الموارد البشرية والبنية التحتية.
ولذلك، بات من المعتاد أن نرى دولًا أخرى تحاول استنساخ النموذج الإماراتي في تنظيم الفعاليات الكبرى، ليس فقط من حيث الجوانب اللوجستية، بل حتى في تفاصيل مثل تجربة الزوار، وإدارة الحشود، وآليات الابتكار في الفعاليات. غير أن الفارق الجوهري يكمن في أن الإمارات لا ترى في هذا التقليد تهديدًا، بل تعتبره شهادة نجاح، وإقرارًا عالميًا بأن نموذجها هو المعيار الجديد في هذا المجال.
لم يعد نجاح الإمارات مقتصرًا على الاقتصاد أو البنية التحتية، بل امتد ليشمل القوة الناعمة التي باتت أحد أعمدة سياستها الخارجية. فمن خلال الدبلوماسية الثقافية، والمساعدات التنموية، والمشاركة الفاعلة في القضايا الدولية، تمكنت الإمارات من بناء صورة عالمية لدولة مؤثرة، لا تكتفي بمراكمة الإنجازات، بل تشارك خبراتها، وتدعم الدول الساعية إلى تحقيق التنمية المستدامة.
هذا الحضور الإماراتي اللافت على الساحة الدولية لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتاج رؤية سياسية وثقافية تدرك أن التأثير الحقيقي لا يُبنى على القوة الصلبة فحسب، بل على القدرة على تقديم نموذج يُحتذى به، والاستثمار في العلاقات طويلة الأمد التي تعزز من مكانة الدولة في المشهد العالمي.
أحد أبرز العوامل التي حافظت على تفوق الإمارات هو رفضها لمفهوم "الإنجاز النهائي". فبينما تتعامل بعض الدول مع التنمية كهدف يُسعى لتحقيقه ثم يُحتفى به، تتعامل الإمارات معها كعملية مستمرة لا تتوقف. فلا يكاد يمر عام دون أن نرى مبادرات جديدة، ومشاريع طموحة، واستراتيجيات تُعيد تعريف ما يمكن تحقيقه في مجالات التنمية والابتكار.
هذه الرؤية الديناميكية هي التي مكّنت الإمارات من الحفاظ على موقعها في طليعة الدول المؤثرة عالميًا. فهي لا تكتفي بتطبيق أفضل الممارسات، بل تسعى لابتكارها، ولا تتبع النماذج التقليدية، بل تصنع نموذجها الخاص الذي يسعى الآخرون لمحاكاته.
في عصر يُقاس فيه النجاح بمدى القدرة على التأثير والاستدامة، تبرز الإمارات كدولة لا تكتفي بترك بصمة في الحاضر، بل تعمل على رسم ملامح المستقبل. فهي لا تسعى فقط إلى تحقيق التميز في المجالات التقليدية، بل تخطو بثبات نحو قطاعات المستقبل، مثل الذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الرقمي، واستكشاف الفضاء، مما يعزز مكانتها كدولة لا تُلهم فقط، بل تصنع المستقبل.
ولعل هذا ما يجعل الإمارات ليست مجرد قصة نجاح، بل تجربة عالمية متكاملة، تقدم للعالم نموذجًا في كيفية تحويل الطموح إلى واقع، وتحويل الرؤية إلى إنجاز، وتحويل الدولة إلى فكرة تُلهم الآخرين، ليس فقط لمحاكاتها، بل للسير على نهجها في إعادة تعريف مفهوم التقدم والريادة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية القمة العالمية للحكومات القمة العالمية للحكومات عالمی ا

إقرأ أيضاً:

الأولى بالشرق الأوسط.. "كاوست" تؤكد ريادة المملكة بقمة التايمز العالمية

انطلقت بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية "كاوست"، اليوم، قمة التايمز للتعليم العالي العالمية 2025، للمرة الأولى في الشرق الأوسط، بحضور (750) مشاركًا، من بينهم (105) متحدثين رئيسيين يمثلون (75) مؤسسة من (28) دولة حول العالم، وتستمر على مدار ثلاثة أيام.
وتجمع القمة نخبة من قادة الجامعات وصُنّاع القرار وقادة الصناعة والأكاديميين من مختلف أنحاء العالم لمناقشة موضوع "الجامعات كعوامل فاعلة للتقدّم"، واستكشاف دور الجامعات في تسريع الابتكار والنمو الاقتصادي، وتعزيز الاستدامة، وحماية الثقافة، وتقوية التعاون العالمي.

“نحن اليوم أمام رؤية تتبناها إحدى أكثر الحكومات إبداعًا وابتكارًا في العالم، بقيادة صاحب السمو الملكي ولي العهد، تهدف إلى تحقيق أقصى استفادة من علوم جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في خدمة المملكة ومنطقة الشرق الأوسط.”
أخبار متعلقة كفاءات وطنية.. تخريج 50 عضوا ضمن برنامج تدريبي سياحي بشراكة أممية"الحارثي": التحول الرقمي بمقدمة ركائز تطوير "الإذاعة والتلفزيون"من قمة تايمز العالمية للتعليم العالي، يؤكد السير إدوارد... pic.twitter.com/6faMVPlo3s— كاوست (@KAUST_NewsAR) October 7, 2025قمة التايمز للتعليم العاليومن بين الموضوعات البارزة التي ستُطْرَح في القمة، دور الجامعات في بناء مدن مستدامة ومرنة، وكيفية مواءمة الجامعات وتطورها لمواجهة التحديات العالمية المشتركة وإعداد الأجيال القادمة لعالم سريع التغير.
فيما سيعرض المتحدثون حلولًا تطبيقية قائمة على البحث العلمي تعالج احتياجات العالم الواقعية، بدءًا من المدن المستدامة القادرة على الصمود، وصولًا إلى الابتكارات في مجالي الصحة والذكاء الاصطناعي، والمهارات التي يحتاجها الطلبة لبناء مستقبل مستدام.مستقبل التعليموأوضح رئيس "كاوست" إدوارد بيرن، في كلمة له خلال الافتتاح أن استضافة "كاوست" لهذه القمة التاريخية بصفتها أول جامعة في الشرق الأوسط تأكيد للدور الريادي المتنامي للمملكة العربية السعودية في مجالي العلوم والابتكار، ويُظهِر "كاوست" نموذجًا قياسيًّا للجامعات المصمّمة لتحقيق الأثر.
وأشار إلى أن هذه القمة فرصة للعمل مع شركائنا حول العالم لدفع مسيرة التقدم، والإسهام معًا في صياغة مستقبل التعليم العالي.

“منذ إطلاق القمة الأكاديمية العالمية في عام 2013، لم يُعقد هذا الحدث في الشرق الأوسط حتى الآن. أشعر بسعادة كبيرة لتحقيق ذلك اليوم هُنا.”
من قمة تايمز العالمية للتعليم العالي، يحتفل @Phil_Baty بحدث تاريخي تستضيف خلاله @timeshighered القمة للمرة الأولى في الشرق الأوسط، من قلب... pic.twitter.com/r1CzHN7xOp— كاوست (@KAUST_NewsAR) October 7, 2025تحديات تواجه الجامعاتمن جهته أكد رئيس الشؤون العالمية في مؤسسة التايمز للتعليم العالي فيل باتي، أن قمة التعليم العالي العالمية 2025 تجمع أبرز الأصوات المؤثرة في مجال التعليم العالي لمناقشة التحديات والفرص التي تواجه الجامعات اليوم.
ولفت إلى أن استضافة "كاوست" للقمة يعكس دورها بصفتها جامعة قائمة على رسالة تدعم أولويات المملكة في البحث والتطوير والابتكار ضمن إطار رؤية المملكة 2030، في مجالات تشمل صحة الإنسان، واستدامة البيئة، والريادة في الطاقة والصناعة، واقتصاديات المستقبل.

مقالات مشابهة

  • وزارة الرياضة تعلن قائمة الدول بـ نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي
  • الإعلان عن الدول المشاركة في النسخة الثالثة من نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي
  • الرئيس السيسي: عملت على ترميم التداعيات التي حدثت في مصر بعد 2011 للإنطلاق نحو المستقبل
  • وزير الاتصالات: شراكة مع HP لتحويل مدارس WE إلى نموذج عالمي للتعليم الرقمي والابتكار
  • مدبولى يترأس وفد مصر في القمة 24 لسوق شرق وجنوب اأفريقيا (الكوميسا)
  • "كاوست" تستضيف قمة التايمز للتعليم العالي العالمية 2025
  • الأولى بالشرق الأوسط.. "كاوست" تؤكد ريادة المملكة بقمة التايمز العالمية
  • «كاوست» تستضيف قمة التايمز للتعليم العالي العالمية 2025
  • نورة الكعبي تلتقي رئيس الدومينيكان على هامش القمة العالمية للحكومات لمنطقة أميركا اللاتينية والكاريبي
  • «القمة العالمية للحكومات» تجمع قادة أميركا اللاتينية والكاريبي لبحث الأولويات الاستراتيجية