موقع 24:
2025-05-09@11:01:32 GMT

القمة العالمية للحكومات ترسم المستقبل

تاريخ النشر: 10th, February 2025 GMT

القمة العالمية للحكومات ترسم المستقبل

لم يكن حديثي العابر مع سائق تاكسي في لندن مجرد محادثة تقليدية، بل كان شهادة مباشرة على المكانة الاستثنائية التي باتت تحتلها دولة الإمارات العربية المتحدة في المخيلة العالمية. فبمجرد أن ذكرت له أنني من الإمارات، تهللت أساريره وأبدى إعجابه الشديد بالتجربة الإماراتية، مشيرًا إلى أن رئيس بلاده يُعد من أبرز المعجبين بنهج الإمارات في التنمية والإدارة.


هذا الموقف، رغم بساطته، يعكس حقيقة أعمق: الإمارات لم تعد مجرد دولة ناجحة اقتصاديًا وتنمويًا، بل أصبحت نموذجًا عالميًا يُحتذى به، ومصدر إلهام للدول التي تسعى لتحقيق قفزات نوعية في مسيرتها التنموية. ففي عالم تزداد فيه التحديات، وتُختبر فيه النماذج الاقتصادية والإدارية على أرض الواقع، تبرز الإمارات كحالة فريدة تجمع بين الرؤية الاستشرافية، والقدرة التنفيذية، والمرونة الاستراتيجية.
لم تكن الإمارات الدولة الأولى التي حققت تقدمًا اقتصاديًا، لكنها من الدول القليلة التي استطاعت تحويل نجاحها إلى نموذج يُحتذى. فالتجربة الإماراتية لم تبقَ حبيسة حدودها الجغرافية، بل امتدت لتصبح مرجعًا يُستشهد به في مختلف المجالات، من الإدارة الحكومية إلى التخطيط العمراني، ومن القوة الناعمة إلى الابتكار التكنولوجي.
السر في ذلك يكمن في أن الإمارات لا تتعامل مع التنمية كمجرد عملية تراكمية للإنجازات، بل كنهج استراتيجي مستمر. فليست هناك نقطة نهاية في المسيرة الإماراتية، إذ أن كل إنجاز يتحول إلى نقطة انطلاق نحو طموح جديد. هذا النهج الديناميكي هو ما يجعل الإمارات ليست فقط في موقع المنافسة، بل في موقع الريادة، حيث ترسم المعايير التي يسير عليها الآخرون.
وتُعدّ القمة العالمية للحكومات 2025، المنعقدة حاليًا في دبي، مثالًا حيًا على قدرة دولة الإمارات على تنظيم مؤتمرات عالمية رفيعة المستوى. تستضيف القمة هذا العام أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة، و140 وفدًا حكوميًا، بالإضافة إلى مشاركة أكثر من 80 منظمة دولية وإقليمية. تتضمن فعاليات القمة 21 منتدى عالميًا، وأكثر من 200 جلسة حوارية وتفاعلية، يشارك فيها ما يزيد عن 300 شخصية عالمية من قادة الفكر والخبراء وصناع القرار. هذا التجمع الدولي يعكس الثقة العالمية في قدرة الإمارات على توفير منصة تجمع القادة والخبراء لمناقشة التحديات المستقبلية وتطوير استراتيجيات تعزز التنمية المستدامة والابتكار الحكومي.
عندما يحضر المرء مؤتمرًا أو فعالية دولية في الإمارات، فإنه يلحظ مستوى من التنظيم يكاد يكون أشبه بالعمل الهندسي الدقيق: لا مجال للارتجال، ولا أثر للعشوائية. التجربة تبدو سلسة إلى حد يثير الإعجاب، وكأن الأمور تسير بطبيعتها دون جهد، لكن الحقيقة أن وراء هذا الإتقان رؤية واضحة، وخبرة تراكمية، واستثمار مستمر في الموارد البشرية والبنية التحتية.
ولذلك، بات من المعتاد أن نرى دولًا أخرى تحاول استنساخ النموذج الإماراتي في تنظيم الفعاليات الكبرى، ليس فقط من حيث الجوانب اللوجستية، بل حتى في تفاصيل مثل تجربة الزوار، وإدارة الحشود، وآليات الابتكار في الفعاليات. غير أن الفارق الجوهري يكمن في أن الإمارات لا ترى في هذا التقليد تهديدًا، بل تعتبره شهادة نجاح، وإقرارًا عالميًا بأن نموذجها هو المعيار الجديد في هذا المجال.
لم يعد نجاح الإمارات مقتصرًا على الاقتصاد أو البنية التحتية، بل امتد ليشمل القوة الناعمة التي باتت أحد أعمدة سياستها الخارجية. فمن خلال الدبلوماسية الثقافية، والمساعدات التنموية، والمشاركة الفاعلة في القضايا الدولية، تمكنت الإمارات من بناء صورة عالمية لدولة مؤثرة، لا تكتفي بمراكمة الإنجازات، بل تشارك خبراتها، وتدعم الدول الساعية إلى تحقيق التنمية المستدامة.
هذا الحضور الإماراتي اللافت على الساحة الدولية لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتاج رؤية سياسية وثقافية تدرك أن التأثير الحقيقي لا يُبنى على القوة الصلبة فحسب، بل على القدرة على تقديم نموذج يُحتذى به، والاستثمار في العلاقات طويلة الأمد التي تعزز من مكانة الدولة في المشهد العالمي.
أحد أبرز العوامل التي حافظت على تفوق الإمارات هو رفضها لمفهوم "الإنجاز النهائي". فبينما تتعامل بعض الدول مع التنمية كهدف يُسعى لتحقيقه ثم يُحتفى به، تتعامل الإمارات معها كعملية مستمرة لا تتوقف. فلا يكاد يمر عام دون أن نرى مبادرات جديدة، ومشاريع طموحة، واستراتيجيات تُعيد تعريف ما يمكن تحقيقه في مجالات التنمية والابتكار.
هذه الرؤية الديناميكية هي التي مكّنت الإمارات من الحفاظ على موقعها في طليعة الدول المؤثرة عالميًا. فهي لا تكتفي بتطبيق أفضل الممارسات، بل تسعى لابتكارها، ولا تتبع النماذج التقليدية، بل تصنع نموذجها الخاص الذي يسعى الآخرون لمحاكاته.
في عصر يُقاس فيه النجاح بمدى القدرة على التأثير والاستدامة، تبرز الإمارات كدولة لا تكتفي بترك بصمة في الحاضر، بل تعمل على رسم ملامح المستقبل. فهي لا تسعى فقط إلى تحقيق التميز في المجالات التقليدية، بل تخطو بثبات نحو قطاعات المستقبل، مثل الذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الرقمي، واستكشاف الفضاء، مما يعزز مكانتها كدولة لا تُلهم فقط، بل تصنع المستقبل.
ولعل هذا ما يجعل الإمارات ليست مجرد قصة نجاح، بل تجربة عالمية متكاملة، تقدم للعالم نموذجًا في كيفية تحويل الطموح إلى واقع، وتحويل الرؤية إلى إنجاز، وتحويل الدولة إلى فكرة تُلهم الآخرين، ليس فقط لمحاكاتها، بل للسير على نهجها في إعادة تعريف مفهوم التقدم والريادة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية القمة العالمية للحكومات القمة العالمية للحكومات عالمی ا

إقرأ أيضاً:

دعوات الى الحكومة العراقية لاستثمار القمة العربية لفتح أبواب العالم أمام الجواز العراقي

8 مايو، 2025

بغداد/المسلة:

يسود الأمل وتتصاعد الدعوات بين العراقيين تزامنا مع انعقاد القمة العربية في بغداد، بأن تكون هذه اللحظة محطة تحوّل حقيقية لوثيقة السفر العراقية لتحقيق قفزة في قوة الجواز وزيادة أعداد الدول التي تتيح لحامله الدخول دون تأشيرة.

وتتوجه الأنظار إلى بغداد الرسمية، حيث يتوجب على الحكومة استثمار هذا الحدث العربي البارز، في الدفع نحو تحصيل مكتسبات دبلوماسية ملموسة تفتح أمام العراقيين أبواباً كانت موصدة فيما يتعلق بجواز السفر، وتضع حدّاً لمعاناة طويلة في طوابير الفيزا والإجراءات المعقدة، حتى داخل محيطهم العربي.

وقد قطعت الحكومة شوطاً عظيما من الناحية الفنية، باعتراف الداخل والخارج، بعدما أطلقت رسمياً الجيل الثالث من جواز السفر العراقي، المعروف بـ”الجواز الإلكتروني”، وسجلته لدى منظمة الطيران المدني الدولية (الإيكاو)، وهو أمر أتاح تعزيز الثقة الدولية بموثوقية الوثيقة العراقية وتأهيلها للدخول في اتفاقيات تسهيل التأشيرات أو الإعفاء منها.

والقمم لا تُقاس بخطاباتها، بل بمخرجاتها العملية، حيث ينبغي للحكومة أن تستثمر الحضور العربي في عقد اتفاقات ثنائية مع دول الخليج والمغرب العربي، إلى جانب التنسيق مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، لدفع ملف “حرية تنقل المواطن العراقي” كأحد البنود المستحقة في مسار تعزيز التعاون العربي.

ويُعد تسهيل دخول المواطن العراقي إلى الدول العربية، بدون الحاجة لتأشيرة مسبقة أو بالحصول عليها عند الوصول، هو المطلب الشعبي الأكثر إلحاحاً، بل يرى فيه كثيرون جوهر ما يجب أن تسعى إليه الدبلوماسية العراقية في هذا الظرف المواتي.
ويجب ان تتناسب القيمة المهمة للجواز الالكتروني بشكل خاص، وجواز السفر بشكل عام، مع مستوى اعداد الدول
التي تتيح للعراقيين تسهيل حصول الفيزا بالطرق المعتمدة، وهو أمر يقع على عائق الدبلوماسية العراقية.

ويخلص المراقبون إلى أن العراق، وقد تجاوز الكثير من الأزمات الأمنية والسياسية، وارتقى بالمستوى الفني للجواز، وقطف ثمار الجواز الالكتروني ، يملك اليوم فرصة تاريخية لإعادة تعريف مكانة مواطنيه في الفضاء العربي والدولي، من بوابة الجواز.. بوابة الكرامة.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • العراقيون ينتظرون من القمة العربية تسهيل حصولهم على الفيزا وتعزيز مكانة الجواز العراقي
  • محمد بن راشد: «طيران الإمارات» جسر تنموي ينقلنا نحو المستقبل
  • الإمارات تتصدر عربياً في التنمية البشرية
  • دعوات الى الحكومة العراقية لاستثمار القمة العربية لفتح أبواب العالم أمام الجواز العراقي
  • «تريندز» يؤكد دوره المعرفي ويدعو إلى تعاون عالمي لصياغة عدالة رقمية شاملة
  • القمة الشرطية العالمية تجمع أجهزة إنفاذ القانون في دبي الثلاثاء
  • انطلاق القمة الشرطية العالمية في دبي الثلاثاء المقبل
  • ما هي الدول الأوروبية التي تُقدّم أفضل الامتيازات الضريبية للأثرياء؟
  • «مجلس التوازن»: قواتنا المسلحة نموذج في التكامل بين العنصر البشري والتقنيات الحديثة
  • متحف المستقبل يستضيف فعاليات حول التكنولوجيا والحوكمة والصحة الذهنية