موقع النيلين:
2025-06-02@13:06:05 GMT

جمهورية الكدمول: للافتراس نهج (2-2)

تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT

جمهورية الكدمول: للافتراس نهج (2-2)
عبد الله علي إبراهيم
ملخص
جاء كتاب “جمهورية الكدمول” لخطاب الحرب بتحليل اقتصادي اجتماعي هو من الفرائض الغائبة في خطاب الحرب عندنا. فلا تجد أحداً من بين الصفوة على ضفتي الحرب من استصحب علم الاقتصاد والمجتمع في فهمها. فـ”الدعم السريع” في تحليلهم حال سياسية عسكرية بحتة في طلاق بيِّن مع اقتصادها وديناميكيته.

فحتى الحزب الشيوعي، الذي في عقيدته أن الاقتصاد محرك التاريخ، لا يرى منه سوى الوجه العسكري السياسي، بينما يمزج الباحثون غيرنا اقتصاده وسياسته وعسكريته مزجاً. فمنظمة “غلوبال وتنس” وصفته بـ”المركب الصناعي الميليشياوي” وسماه المتخصص في علم السودان ألكس دي وال بـ”شركة الارتزاق الخاصة العابرة للأمم”.
صدر خلال شهر يناير الماضي كتيب بعنوان “جمهورية الكدمول” (غطاء رأس أفراد ’الدعم السريع‘) من وضع جشوا كريز ورجاء مكاوي من هيئة مسح الأسلحة الصغيرة في سلسلة تقاريرها حول التقديرات المبدئية للأمن الإنساني. وعززه فريق من المراسلين من داخل السودان المغيبين اسماً ممن قاموا بالبحث الذي من ورائه. فدرس التقرير لدراسة الآليات الاقتصادية التي يدير بها “الدعم السريع” المدن التي احتلها. وسمى اقتصادها، لجهة توحشه من حيث تحول القادة العسكريين أنفسهم إلى مستثمرين، بالاقتصاد السياسي الافتراسي لقيامه على النهب، والفدية عن الرهائن ومنهوب المال، والإثقال في الضريبة.
ويثير هذا الاقتصاد الافتراسي الذي كشف عنه “جمهورية الكدمول” مسألتين شاغلتين. فالمسألة الأولى هي المنهج حيال جماعات من المتعاونين مع “الدعم السريع” خلال احتلاله أحيائهم لنحو عامين. فجنح المتضررون منهم إلى أخذ القانون بيدهم بعد اقتلاع الجيش لـ”الدعم السريع” من أحيائهم والثأر لأنفسهم منهم. وحذرت الدولة، التي تستعيد آلتها حيث وجدت القوات المسلحة بصعوبة، دون هذا الانفلات، ودعت لإحالة المتهم بالتعاون إلى الحكومة.
وقد نحتاج للوعي الأمثل بهذا التعاون المنكر مع “الدعم السريع” برده إلى اقتصاد التنمر السياسي الذي كشف عنه تقرير “جمهورية الكدمول”، فنرى منه أن “التعاون” لم يكن خياراً للمتعاونين بل كان كرهاً لهم. فأقام “الدعم السريع” من فوق أنقاض الاقتصاد الذي هدمه شبكات عمالة جعلت ألا مناص لمن وقعوا تحت حكمه من السكان المفقرين من الاندماج فيها كلياً. فصار عليهم أن يتعاملوا في نطاق هذا الاقتصاد القائم في النهب الافتراسي كمنتجين إما خوفاً أو للحاجة لدخل. ففرض “الدعم” على بعضهم التجنيد إكراهاً وبسلاح التجويع. فانتمى إليه من الناس من خلا طرفه من المدخرات وانقطع معاشه، لو كان من أربابه، لـ”الدعم” لحماية نفسه أو أسرته في غيبة أي نظام بديل للعمل.
فاندماج الحرب في السوق، التي صارت الدولة ومجتمع الموارد، أغرى بالارتزاق كالخدمة الوحيدة المعروضة في هذه السوق. فالمخبر لـ”الدعم” عن العدو يصدق له “الدعم” بكشك لتجارته الصغيرة أو درداقة (لنقل البضائع في الأسواق)، ثم هناك العمال الذين يرشدون إلى بيوت أهل المال ولهم من الغنيمة نصيب، وهناك طبقة الحرامية الموكول لهم بنهب البيوت. وظهرت النعمة على كثير من الأسر التي خدمت في هذه الأشغال مع “الدعم السريع”. وهكذا تخلصت إدارة “الدعم السريع” بالدفع عيناً من نظم المواهي.
وأثار كتاب “جمهورية الكدمول”، ناظراً إلى الاقتصاد الافتراسي لـ”الدعم السريع”، سؤالاً حول إن كان بوسعه الالتزام باتفاق للسلام ينعقد معه في هذه الحرب. فمع تكلف آل دقلو بأجور جنود “الدعم السريع”، في قول الكتاب، إلا أن النهب هو المصدر الأكبر لدخول منتسبيه مع ذلك. فالنهب في “الدعم السريع”، واصل الكتاب قائلاً، ليس حدثاً عارضاً من أعراض الحرب بل مكون ضروري لنظام الأجور في “الدعم السريع”. ولا يغرنك، في رأي الكتاب، قولهم إنما ينهبون مال دولة 56 الحلال على الهامش، فالنهب طاول مدن الهامش أيضاً مثل نيالا وزالنجي في ولاية دارفور.
وخلص الكتاب إلى أنه إذا كان النهب عصب اقتصاد “الدعم السريع” فالتوسع في الحرب وحده هو ما يكفل لهم تدفق المال لملاقاة أجورهم. وربما كان مصداق هذا في الاقتران أخيراً بين شكاوى من أفراد من “الدعم السريع” عن عدم قبضهم رواتبهم لشهور على فيديوهات منشورة، مع نداءات منهم لحميدتي لفك اللجام والأمر بـ”فتح” ولايات النيل والشمالية. وكأنهم يريدون حقولاً بكراً لتغنيمها بعد تجفيفهم لموارد الخرطوم والجزيرة. فـ”الدعم السريع” في قول الكتاب، في حال مقيم من الأزمة ودائماً ما كان في حاجة إلى إقليم جديد لغزوه. ويظل يخيم عليه شبح تداعي مكوناته إذا لم يجدد حقول افتراسه. وقال الكتاب إن “طبيعة الوحش” هذه إحدى المخاوف من استدامة أي وقف نار أو سلام ينعقد.
جاء الكتاب لخطاب الحرب بتحليل اقتصادي اجتماعي هو من الفرائض الغائبة في خطاب الحرب عندنا. فلا تجد أحداً من بين الصفوة على ضفتي الحرب من استصحب علم الاقتصاد والمجتمع في فهمها. فـ”الدعم السريع” في تحليلهم حال سياسية عسكرية بحتة في طلاق بيِّن مع اقتصادها وديناميكيته. فحتى الحزب الشيوعي الذي في عقيدته أن الاقتصاد محرك التاريخ لا يرى منه سوى الوجه العسكري السياسي. خلافاً لهذا يمزج الباحثون غيرنا اقتصاده وسياسته وعسكريته مزجاً. فمنظمة “غلوبال وتنس” وصفته بـ”المركب الصناعي الميليشياوي” وسماه المتخصص في علم السودان ألكس دي وال بـ”شركة الارتزاق الخاصة العابرة للأمم”.
ولن نبعد النجعة إن قلنا إن الطلاق بين اقتصاد “الدعم” وعسكريته في سياسات قوى الحرية والتغيير (قحت) هي التي قادت إلى هذه الحرب. فقررت “قحت” في سياق الإصلاح الأمني والعسكري في الاتفاق الإطاري (يناير 2023) دمج “الدعم السريع” في الجيش. وهذه غفلة كبرى لأن ثروة حميدتي التي رأينا شبكاتها قيد المقاطعة الأميركية كانت ستذهب أدراج الريح بغير أن يكون زمام “الدعم السريع” بيده لا الجيش. فـ”الدعم السريع” هو الجن حارس الكنز، بل واشتطت “قحت” فوق ذلك كله وحظرت على “الدعم السريع” كميليشيات حتى إن يطرق أبواب المال والأعمال. وظنت “قحت” توقيع حميدتي على الإطاري كسباً ولم تفطن إلى أنه حين قال لها إنه سيدمج دعمه السريع في الجيش بعد 20 عاماً فكأنه قال لها سودانياً “تلقوها عند الغافل”. وقال كاتب إن “قحت” لم تعط الإطاري نيرات فكرها فوضعت قوتين مسلحتين رئيستين في طريق وعر انتهى بحرب.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فـ الدعم السریع لـ الدعم

إقرأ أيضاً:

الدعم السريع تقصف مشفى وتقتل العشرات وسط السودان

قال مصدر عسكري سوداني إن قوات الدعم السريع قصفت مستشفى الضمان الاجتماعي في مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان ما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة 10 آخرين، وفقا لوسائل إعلام ومنظمات سودانية.

وقالت هيئة محامي الطوارئ في بيان إن طائرة مسيّرة قصفت المستشفى، ما أدى إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة 15 آخرين، بينهم مرضى ومرافقون وكوادر طبية.

وأضاف البيان، أن القصف تسبب في أضرار واسعة بالمستشفى وتوقفه عن تقديم الخدمات، مما يفاقم الوضع الصحي في المدينة.

كما نقلت وسائل إعلام عن مصادر عسكرية قولها، إن الجيش قصف بالمدفعية مواقع الدعم السريع شمال مدينة الأبيض ردا على قصفها عددا من الأحياء السكنية بالمدينة.

بدورها، أعلنت وزارة الخارجية السودانية مقتل 28 شخصا بنيران الدعم السريع في مدن الأبيض والدبيبات والخوي خلال الساعات الماضية، مبينة أن قوات الدعم السريع قصفت مستودعات برنامج الأغذية العالمي في مدينة الفاشر.

في المقابل، قالت قوات الدعم السريع إنها بسطت سيطرتها على مدينة الحمادي ومنطقة كازقيل جنوب مدينة الأبيض ذات الأهمية الإستراتيجية، وأشارت في بيان إلى أنها ألحقت خسائر فادحة بالجيش واستولت على كميات كبيرة من الأسلحة.

وكان الجيش قد سيطر قبل أسبوعين على مدينة الحمادي التي تبعد عن مدينة الدبيبات نحو 50 كيلومترا.

وكان الجيش السوداني والقوات المساندة له قد أعلنا السيطرة يوم الجمعة الماضي على منطقة الدبيبات الإستراتيجية الواقعة على مفترق طرق يربط بين ولايات إقليم كردفان الثلاث.



ويأتي هذا التطور، بعد أيام من إعلان السلطات السودانية السيطرة بالكامل على ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض، وخلوهما من قوات الدعم السريع.

ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة بدأت تتناقص مساحات سيطرة قوات الدعم السريع في ولايات السودان لصالح الجيش الذي تمددت انتصاراته لتشمل الخرطوم وولاية النيل الأبيض.

وسبق أن أعلنت قوات الدعم السريع إلى تعبئة عامة، مستنفرة جميع الفئات المجتمعية في مناطق سيطرتها (ولايتا جنوب وشرق دارفور).

ويشهد السودان منذ أبريل/نيسان 2023 حربا مستمرة بين الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو "حميدتي".
وأسفر النزاع عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح 13 مليونا، وتسبب بما تصفها الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في التاريخ الحديث.

مقالات مشابهة

  • الفاعل مجهول.. 3 مسيّرات تقصف مواقع للدعم السريع غرب السودان
  • قصف مواقع للدعم السريع ووفيات بالكوليرا غرب السودان
  • توثيق لحقوق الإنسان: نستنكر بأشد العبارات الهجوم الإجرامي الذي شنته ميليشيا الدعم السريع على مستشفى “الضمان”
  • شاهد بالفيديو.. الكشف عن تفاصيل خطيرة في خلاف شيخ الأمين و”شارون”.. الشيخ يصف “شارون” بالجاسوس الذي يعمل ضد القضية ويهدده بالتصفية من القوات.. هل أثبت الخلاف مناصرة شيخ الأمين للدعم السريع؟
  • تفاصيل حكم الإعدام شنقا على 4 متهمات بالتعاون مع الدعم السريع في دنقلا
  • الدعم السريع تقصف مشفى وتقتل العشرات وسط السودان
  • الكوليرا تفاقم جرائم الدعم السريع والسودان يتمسك بالحياة
  • الحكم بإعدام أربعة متعاونات مع الدعم السريع
  • الدعم السريع فقد كل مبررات القتال ودوافعه وفزاعاته القديمة
  • ستة قتلى بقصف مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع على مستشفى في السودان