شبكة انباء العراق:
2025-12-14@22:17:42 GMT

العشائرُ والدولة عهدُ الدم والوطن

تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT

بقلم : اللواء الدكتور سعد معن الموسوي ..

رؤية حول كلمة السيد رئيس الوزراء في مؤتمر العشائر الذي أقامته وزارة الداخلية اليوم

في العراق، حيثُ تُعرف الأرضُ بأسماء القبائلِ قبل أن تُسجَّل في دفاتر الحكومات، وحيث الولاءُ متجذرٌ في الترابِ قبل أن يُوثَّق في السجلات، وقفَ سيد رئيسُ مجلس الوزراء محمد شياع السوداني مخاطبًا شيوخَ عشائر العراق، لا بصفتهِ رجلَ دولةٍ ، بل كرجلٍ خرجَ من صُلبِ العشائر، نشأَ في بيئتها، وتشربَ مبادئها، واستوعبَ قيمها.

لم يكن حديثهُ إملاءً، بل استنهاضًا لإرثٍ ممتدٍ في عمقِ التاريخ، لأنَّ العراقَ لم يُبنَ بقرارات الحكومات وحدها، بل بسواعدِ رجالٍ حملوا السلاحَ حين استدعت الكرامة، وألقوهُ حين اقتضت الحكمة.

العشائرُ والدولةُ ركنانِ لوطنٍ واحد، إن اختلَّ ميزانهما، اهتزَّ كلُّ شيء. لم يكن دورُ العشائرِ يومًا هامشيًا، فقد كان لها الحضورُ الأبرزُ في صمود العراق أمام الغزوات والمحن، واليوم يتجددُ هذا الدور، لكن المعركةَ لم تعد مع عدوٍّ ظاهرٍ، بل مع تحدياتٍ أكثر تعقيدًا، كالمخدرات، والجريمة المنظمة، والتجاوز على القانون. مسؤوليةُ العشائرِ في تحصين أبنائها أمام دعوات الفتنة ليست خيارًا، بل واجبٌ تاريخي، لأنَّ العراق لم يكن يومًا ساحةً للانقسام، بل أرضًا تجمعُ أبناءها تحت راية واحدة، رغم كل المحاولات التي سعت إلى تمزيق نسيجهِ الاجتماعي.

في هذا المؤتمر العشائري الكبير، لم يكن رئيسُ الوزراء يعرضُ وعودًا، بل كان يضعُ الحقائقَ أمام من يهمهُ الأمر. لقد انطلقت مشاريعُ التنمية، أُعيد تشغيلُ المصانع، واستعادت الأرضُ إنتاجها، واستقرَّ الأمن، ولم يكن ذلك بجهدِ الحكومة وحدها، بل بتعاونِ الرجالِ الذين يدركون أن بناءَ الوطن لا يكونُ بالخطب، بل بالأفعال. العشائرُ لم تكن يومًا على هامش المشهد، بل كانت وما زالت ركيزةً أساسيةً فيه، وإن تجاوزَ العراقُ محنًا كبرى، فذلك لأنَّ شيوخهُ وقفوا حيثُ يجب، وأدركوا أن الوطنَ مسؤوليةٌ لا مساومةَ عليها.

الأمنُ ليس ملفًا حكوميًا بحتًا، بل التزامٌ جماعي، وهويةٌ تُصانُ بالموقفِ العادل والمسؤولية، لا بالسلاح وحده. الدولةُ ليست نقيضًا للعشائر، بل امتدادٌ لها، وشراكةُ الاستقرارِ بينهما ليست مجرَّدَ ضرورةٍ مرحلية، بل واجبٌ تاريخي. رئيسُ مجلس الوزراء، ابنُ هذه الأرض، لا يطلبُ دعمًا شخصيًا، بل يذكّرُ بأن العراق لا ينهضُ إلا بسواعد أبنائه، وأن العشائرَ التي كانت حصنَهُ في الأزمات، قادرةٌ اليوم على أن تكونَ سندَهُ في البناء.

لا يُطلبُ منها اليوم رفعُ السلاح، بل اتخاذُ الموقف الصائب، لأن العراق يقفُ على مفترقِ طريقٍ بين ماضٍ يريدُ البعضُ إعادته، ومستقبلٍ تصنعهُ الدولةُ رغم كلِّ الإرث الثقيل. البرنامج الحكومي، الذي ارتكزَ على الجانبِ الخدمي، كان للعشائرِ فيهِ دورٌ جوهريٌّ، سواءٌ في دعمِ المشاريعِ التنموية، أو في حمايةِ استقرار المجتمع. لقد قطعَ العراقُ أشواطًا كبيرةً في الإصلاحات، وهذا المسارُ يحتاجُ إلى دعمٍ حقيقيٍّ من العشائر، التي كانت وما زالت صمَّام الأمان الاجتماعي.

التغييرُ لا يحدثُ بقراراتٍ رسميةٍ فقط، بل بمواقفٍ يتشاركُ فيها الجميع، وما حققتهُ الحكومةُ حتى الآن لم يكن خططًا مكتوبةً، بل خطواتٍ ملموسةً في التنميةِ والإعمار، تحتاجُ إلى حمايةٍ واستكمال. العراقُ ليس ساحةَ تجاذبات، إنما وطنٌ تُحفظُ كرامتُهُ حين يعي أهلُهُ مسؤوليتهم تجاهه، والعشائرُ التي كانت شريكًا في الدفاع عنه، هي اليوم شريكٌ في إعادة بنائه. هذا العهدُ لم ولن يتغير.

اللواء الدكتور
سعد معن الموسوي

د. سعد معن

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات لم یکن

إقرأ أيضاً:

باسم يوسف ينتقد الصورة الإعلامية المغلوطة عن ليبيا والوطن العربي

حاول الإعلامي باسم يوسف، تقديم توضيح لما وصفها "الصورة غير الدقيقة" التي تُرسم عن دول عدة حول العالم، ولا سيما في المنطقة العربية، وذلك في أعقاب زيارته الأخيرة إلى ليبيا، تلبية لدعوة "أيام طرابلس الإعلامية".

وتوقف عند دلالات استمرار تلقي الصور الترفيهية والإعلامية الجاهزة، خصوصا تلك المنتجة في الولايات المتحدة الأمريكية، وما يترتب عليها من استمرار مآس إنسانية، من بينها إبادة الفلسطينيين في غزة على يد دولة الاحتلال، دون ردود فعل من دول تحمي قدسية أرواحهم بوصفهم بشرا.

وأوضح موقع “هسبريس” أن باسم يوسف، الإعلامي المصري المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، يعد صاحب أبرز برنامج ساخر في العالم العربي هو “البرنامج”، وأحد الوجوه المؤثرة اليوم في الكوميديا السياسية الساخرة والنقاش الإعلامي باللغة الإنجليزية.



ونقل عنه قوله إن أول كلمة سمعها من كثيرين في محيطه عندما أخبرهم بنيته زيارة ليبيا كانت: “لم!؟”، مضيفا: “لا ألوم الناس على ذلك، بعد أخبار الصراعات والنزاعات والعواجل غير الجيدة في الغالب، لكن عندما وصلت إلى هنا أحسست بإحساس الغباء الذي كنت أحس به عند حديث الأجانب عن دولنا، كما أحسست بالتقصير لأني لا أعرف عن ليبيا الكثير”.

وخلال مداخلته في فعاليات “أيام طرابلس الإعلامية”، أقر باسم يوسف بأنه بمجرد وصوله إلى العاصمة الليبية، ومشاهدته أضواء المدينة وازدحام السيارات والبنايات الشاهقة والحياة اليومية العادية، شعر بالخجل من نفسه ومن جهله، وفق تعبيره.



وتابع: “دفعتني هذه التجربة إلى التفكير في معلومات وانطباعات تصلنا عن العالم، ولا علاقة لها بالواقع، وهو ما يبلغ درجة أن لا معلومات لي عن جارة لبلدي، وهو جهل الأجانب نفسه الذي نحس به لما يزوروننا في مصر أو الجزائر أو المغرب”.

وأبدى "الكوميدي" السياسي باسم يوسف تصالحا مع الوصف القدحي الذي يطلقه عليه منتقدوه ومعارضوه بـ“الأراجوز”، بل تبناه، قائلا: “أنا كوميديان ترك الطب ليضحك الناس، فوجدت نفسي في معمعة أكبر مني عربيا وغربيا”.

وتطرق إلى ما يردده البعض بشأن الحاجة إلى حضور العلماء والدبلوماسيين والسياسيين والأطباء في مثل هذه المناسبات، منبها إلى أن “صورتنا كعرب ومسلمين عند الآخرين غير جيدة، وهي لا تتشكل عبر الأكاديميين والدكاترة، بل عبر وسائل الإعلام؛ والكوميديين والناس غير الجادين”.

وأضاف أن الغرب “لا يعرفنا غالبا عبر الكتب والمراجع، بل إن كل المعلومات المغلوطة عنا قادمة من الإعلام والترفيه والأفلام التي نعتبرها تفاهة”.

وقدم يوسف مثالا بما ترسخ في الغرب بسبب المخرج ستيفن سبيلبرغ الذي “صوّر اليهود يبنون الأهرام، وبسبب فيلم من ساعتين صار هذا تاريخا رسميا في عقول الناس، رغم أن علماء الآثار يعرفون أن بناء الأهرام يسبق وجود اليهود في مصر بقرون”. واعتبر أن الأمر نفسه ينطبق على صورة الإيرانيين في الولايات المتحدة، بفعل “مسلسلات وأفلام تزرع صورة نمطية”.

وأوضح أن النتيجة لا تتعلق بالصورة فقط، بل بحياة الناس، قائلا إن “ما حدث في فلسطين هو حصيلة بروباغاندا (دعاية) ممنهجة منذ سنين، وما استطاعت القيام به إسرائيل هو نتيجة غسيل دماغ طويل، صنفنا أشرارا ولو دافعنا عن أرضنا، وبأننا نستحق أن يُقتل أبناؤنا داخل منازلنا”.

واستشهد بنموذج سابق، قائلا: “في أفلام الويسترن شجعنا رعاة البقر ضد أصحاب الأرض الهنود الحمر، وأحببنا ممثلا عنصريا مثل جون وين، بسبب البروباغاندا الممررة عبر التسلية”.



وأعرب باسم يوسف عن أسفه لاستمرار النظرة القاصرة للإعلام والفن في العالم العربي باعتبارهما “تسلية فارغة” يُنظر إليها بـ“تعالٍ وكره”، بينما “في الخارج يوجد فن الإسفاف، والفن الجيد، والذي بينهما، ويشكل عقول المجتمعات”.

وتابع: “بعد اهتزاز صورة إسرائيل أُعلنت في كان مسلسلات وأفلام ووثائقيات بمئات الملايين لسرد ‘سبعة أكتوبر’ من وجهة نظرهم وتعويض خسائرهم فعلا”. وأضاف أن عمليات شراء منصات مثل “تيكتوك”، و“براماونت”، و“إتش بي أو”، و“وورنر برادرز” لا تتعلق بالتسلية، بل بـ“السيطرة على ملايين البشر”.

وسرد يوسف مفارقات يصفها بأنه يعيشها كمصري أصبح أمريكيا أيضا، قائلا: “نحن عرب المهجر رأينا الأمور من الداخل، ونعيش واقعا صعبا، فنحن نعيش في بلاد تستحل دماءنا في بلداننا التي تركناها، وهو ما يتم بأموال ضرائبنا، ونحس بعجزنا، وترسيخ صورة سلبية عنا”.

وأضاف أن هذا الواقع يمتد حتى داخل العالم العربي عبر استخدام منصات مثل “غوغل” و“أمازون” و“آبل”، التي وصفها بأنها “متواطئة بالكامل مع إسرائيل”.

وخلال مداخلته في “أيام طرابلس الإعلامية”، خلص يوسف إلى أن “كل هذا التخوف والتوجس من ليبيا يأتي من الجهاز المستطيل (الهاتف)… والعدسة المشروخة عمدا، التي صورت الدولة فيلم رعب، بدل تقديمها بلدا له مشاكله”.

وتابع: “وأقول هذا بعد 12 ساعة من قدومي لطرابلس، جعلتني خلال وقت قليل أخجل من نفسي، مع ما وجدته من كرم وحب وذوق، كفيل بإعادتي مرة ومرات”.

وختم بالتأكيد على أن “التفاؤل والأمل لا يعنيان أن نغفل عن المحاولات المستمرة للسيطرة على الإعلام والعقول، بل ينبغي الاستثمار في الجذب والتركيز لأن السنوات القادمة صعبة”، مضيفا: “سنستمر في الوضع نفسه إذا واصلنا انتظار الآخرين ليصوّرونا أخيارا أم أشرارا أم أمواتا أحياء أم هنودا حمرا، وإذا جعلنا كل دورنا هو البحث عن كيف نبدو في عيون الآخرين”.

مقالات مشابهة

  • تيار الحكمة:أربعة مرشحين لرئاسة الحكومة المقبلة
  • عاجل| رئيس الوزراء يوجّه بوقف بيع المدافئ الخطرة واتخاذ إجراءات عاجلة
  • القضاء العراقي ورئيسه:خارطة طريق إنقاذ الإنسان والوطن!
  • رئيس وزراء العراق: بعثة الأمم المتحدة كانت شريكا حيويا وأسهمت في تثبيت المسارات الدستورية
  • باسم يوسف ينتقد الصورة الإعلامية المغلوطة عن ليبيا والوطن العربي
  • الديمقراطي الكوردستاني: من يمتلك مليون صوت له دور في اختيار رئيس العراق
  • رئيس الوزراء العراقي: حققنا الأمن والاستقرار في البلاد رغم التحديات
  • كانت رايحة تحضر مؤتمر علمي .. وزير الصحة ينعى طبيبة توفيت في حادث سير
  • نقيب البيطريين: الطبيب البيطري إيده في معدة الإنسان.. والدولة لا تدرك ذلك
  • السعداوي: مهلة أخيرة من البعثة أمام النواب والدولة