ثم ماذا بعد تصريحات الفريق/ البرهان
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
بقلم: محمد بدوي
حفلت الساحة السياسية السودانية بردود أفعال مختلفة عقب تصريحات الفريق اول/ عبدالفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس المجلس السيادي الإنتقالي، لدي مخاطبته لقاء " القوي السياسية والمجتمعية" بمدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية عقب حرب أبريل ٢٠٢٣، ولعل هذا اللقاء مثل احدي الاحداث البارزة في السياق السياسي في ظل سيطرة مشهد الحرب وفشل منبر جده في مايو٢٠٢٣ والرفض للدعوات المختلفة للسماح بالممرات الإنسانية أو اللقاءات الثنائية بين قاىدي الجيش والدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو، إضافة إلي تجريم بعض قادة القوي السياسية وفقا لمواقفهم السياسية من الحرب ومواقف اطرافه الرئيسين من الانتهاكات التي طالت المدنيين، المساعدات الإنسانية ووقف الحرب.
دون الخوض في ردود الفعل الاخري من الحركة الاسلامية واجنحتها السياسية والمسلحة حول رفض الخطاب، لأن السياق التاريخي لعلاقة" الجيش، الانقلابات، السلطة، الاحزاب " دوما يرجح الكفة تضامن الضباط وفقا للعلاقة العسكرية مع بعضهم للسيطرة على السلطة واقصاء المدنيين حتي داخل التنظيم، والمثال الاخير صراع البشير والترابي ١٩٩٩، وصراع البشير وقادة الحركة الاسلامية في ٢٠١٤، وكلاهما انتصر الضباط على المدنيين في السيطرة على السلطة، كما يدور السؤال حول توقيت الحدث والدوافع وفحوي الخطاب، فالأمر لا يخرج من سياقات المناورة أو استباق الواقع وفقا للتطورات الإقليمية والدولية.
في تقديري أنه بذات نسق سيطرة طرفي الحرب على زمام الفترة الانتقالية قبل الحرب وما نتج من أحداث كانقلاب اكتوبر٢٠٢١، فشلا في أحكام السيطرة على السلطة لان ذلك بالضرورة سيرزح تحت وطاة عدم الاعتراف الإقليمي والدولي، بالرغم من نجاح المدنيين بالسلطة خلال الفترة الانتقالية في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب، الإ أن عدة عوامل منها ترك المدنيبن الكثير من القضايا الجوهرية لسبطرة العسكريين قاد إلي تغيبب النظر من قبل إلي قوتهم الذاتية في سياق الحالة، وهي أنهم الضلع الأساسي الذي لا يمكن دونه لأي طرف أن ينفرد بالسلطة أو يسيطر عليها، الدليل على ذلك إقصاءهم بانقلاب ٢٠٢١ قاد إلي حرب أبريل ٢٠٢٣.
في الأسابيع المنصرمة اعلنت تنسيقية تقدم عن فك الارتباط بين المجموعة الداعمة لفكرة حكومة المنفي، وهذا الموقف يكاد يكون قد قضي على الفكرة، التي بالنظر إليها من كل الجوانب كحال السردية الشعبية التي تذهب إلي أن شخص امتلك زجاجة سمن، وفي طريقه إلي السوق ، غفي تحت ظل شجرة ظليلة، وغرق في حلم بأنه بعد بيع زجاجة السمن، سيشتري بثمنها ماعزا، ويستمر في لبن الماعز ثن يبيعهم، ثم يشتري بقره، ويصنع السمن و. ويتكاثر عنده الربح حتي يتزوج من ذاك المال، ثم ينجب، وحين يرفض ابنه/ ته الانصياع، سيضربه بالعصا، فما كان من الرجل الا ان حمل العصا وضرب بها زجاجة السمن، لتندلق محتاجتها على الارض، ليصحوا على واقع اخر" " إنتهي تصريف السرد "، لعل ذاك المقترح كان سيكون ورطة كبري للدعم السريع ناهيك عن عدم موضوعيته وتعارضه مع كيمياء المقاومة السودانية في سلسلة ثورات تاريخية عمدت مسارها في أقدار بين قرنين من الزمان على مزاجها مسنودة بإرادة الشعوب " ٦٤،٨٥،٢٠١٨" حافلة بالنضال، الأدب،والغناء لم يشهد النطاق الافريقي أو العربي مثلها،لكن في عالم السياسة تظل القرارات رهينة لتقديرات الأطراف فربما يمضي دعاة تكوين حكومة المنفي في سعيهم في مقبل الايام من فبراير ٢٠٢٥.! ولا سيما غياب اي تعليق من قبل الدعم السريع على ما تم في بورتسودان .
لعل هذا ما دار في ذهني حينما تابعت بعض التصريحات الداعمة لتشكيل حكومة منفي وسلطات على الأرض في مساحات سيطرة الدعم السريع، لعل الاستغراب جاء حينما نظرت إلي الأمر ببساطة وواقعية، بأن الحرب لا تزال تدور واحوالها متغيرة فكيف يمكن أن يتم الامر، المغزي من السرد بأن ما حدث في بورتسودان جاء كخطوة سياسية بعد فشل مقترح حكومة المنفي، ولابد من النظر إلي أن موقف المدنيين هو ما شكل محور للاحداث، هذه إشارة أخري الي المدنيين بغض النظر عن ماهية وطبيعة التحالفات والمواقف منها الا انها جوهر الحل بالنسبة لطرفي الحرب الرئيسين ودونهما ليست هنالك شرعية تكتسب للبقاء في السلطة .
بالنظر الي الأمر فإن محتوي رد فعل الاسلاميين السودانيين على خطاب الفريق البرهان، وضعهم في خانة الحركة المسلحة بالتالي فقد استطاع البرهان أن يتنزع منهم ما يعزز موقفه بغض النظر الاتفاق أو الاختلاف معه، ولعل احدي الأهداف من ذلك أيضا هو لفت انتباه المجتمعين الدولي والاقليمي لهم ولحلفائهم ولا سيما عقب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي وجهها لدولة قطر بوقف دعم الإرهاب.
التوقيت لخطوة البرهان جاءت والعالم يشهد محاولة السيطرة على حالة السيولة في لبنان، حماس/ اسرائيل، الحالة السورية عقب رحيل الاسد، حيث أن توصل حماس وإسرائيل لاتفاق سيشكل نسقا للضغط على طرفي الحرب في السودان لوقفها، إضافة إلي أكتساب مصر كحليف مرتبطا بدورها في سياق المعادلة الفلسطينية الإسرائيلية ومدي اقتراب المسافة بينها والادارة الامريكية.
استباق الحالة بما تم في بورتسودان يشكل محاولة لكسب وضع سياسي ولا سيما عقب إعادة سيطرة الجيش غلى مناطق واسعة بولاية الجزيرة وقبلها سنجة وثم ولاية الخرطوم، لكن ستظل العقبة هي مدي جدية المضي قدما في حوار داخلي قبل وقف الحرب وفتح الممرات الإنسانية وهي الخطوة التي ستكون بين الجيش والدعم السريع كما اقترح في منبر جده فهاهو البرهان يعزز ذلك بأنه لامكان للاسلاميين في السلطة مرة أخري، إذن السؤال الجوهري أين المدنيين الذين تم الانقلاب عليهم في ٢٠٢١ من الحالة ! واين المدنيين من قوام الشارع الداعم للتحول الديمقراطي من المشهد، يبدو أن للأمر ما بعده في مقبل الايام ! وفي البال محاولات انقلابية أو وقف للحرب والمضي نحو التفاوض بين " جدة أو جنيف" .
badawi0050@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
توماس فريدمان: الإشارات الخاطفة التي رأيتها للتو في إسرائيل
كتب توماس فريدمان أنه رأى هذه المرة إشارات جديدة في إسرائيل تشير إلى أن مزيدا من الإسرائيليين، من اليسار والوسط وحتى من اليمين، يستنتجون أن استمرار هذه الحرب كارثة على بلدهم أخلاقيا ودبلوماسيا وإستراتيجيا.
وذكر الكاتب المعروف بميوله الليبرالية -في عموده بصحيفة نيويورك تايمز- أن رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، وهو من الوسط، كتب مقالا لم يتردد فيه في مهاجمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وائتلافه، قائلا إن "حكومة إسرائيل تخوض حاليا حربا بلا هدف ولا تخطيط واضح، ودون أي فرص للنجاح"، وأضاف "ما نفعله في غزة الآن حرب إبادة، قتل عشوائي للمدنيين بلا حدود، وحشي وإجرامي"، وخلص إلى القول "نعم، إسرائيل ترتكب جرائم حرب".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2باحث أميركي: البوسنة والهرسك فاشلة حتى بعد 30 عاما من التدخل الدوليlist 2 of 2إندبندنت: إسرائيل مستمرة بهدم جسور الثقة بينها وبين الغربend of listأما من اليمين، فهذا أميت هاليفي، وهو عضو حزب الليكود اليميني الذي ينتمي إليه نتنياهو، وهو مؤيد شرس للحرب، يعتقد أن تنفيذها كان فاشلا، وأن إسرائيل لم تنجح في تدمير حماس.
ومن اليسار، صرح زعيم التحالف الليبرالي الإسرائيلي يائير غولان بأن إسرائيل في طريقها إلى أن "تصبح دولة منبوذة مثل جنوب أفريقيا، إذا لم تتصرف كدولة راشدة لا تحارب المدنيين، ولا تتخذ قتل الأطفال هواية".
الحرب أنهكت المجتمعوذكّر فريدمان بأنه لم يُسمح تقريبا لأي صحفي أجنبي مستقل بالتغطية المباشرة من غزة، وبالتالي عندما تنتهي الحرب وتمتلئ غزة بالمراسلين والمصورين الدوليين الأحرار، سيتم الإبلاغ عن حجم الموت والدمار وتصويره بالكامل، وستكون تلك فترة عصيبة للغاية بالنسبة لإسرائيل ويهود العالم.
إعلانولذلك كان غولان، وفقا لفريدمان، محقّا في تنبيهه شعبه إلى ضرورة التوقف الآن، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، واستعادة المحتجزين، وإرسال قوة دولية وعربية إلى قطاع غزة، ولكن نتنياهو أصر على مواصلة الحرب.
ومع استهداف الجيش الإسرائيلي مزيدا من الأهداف الثانوية، تكون النتيجة هي قتل مدنيين من غزة كل يوم، مع أنه ليس ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في غزة وحده هو ما يثير غضب الإسرائيليين المتزايد ضد الحرب، حسب فريدمان، بل ما يثيره هو أن الحرب أنهكت المجتمع بأسره.
واستشهد فريدمان هنا بما قاله عاموس هاريل المحلل العسكري لصحيفة هآرتس بأن مؤشرات الفشل تشمل كل شيء من "تزايد حالات الانتحار إلى تفكك العائلات وانهيار الشركات".
وإذا كان العديد من الإسرائيليين يشعرون بأنهم محاصرون من قبل قادتهم، فإن سكان غزة أيضا يشعرون بمثل ذلك -حسب فريدمان- وإذا كان بعض القادة الإسرائيليين سوف يواجهون الحساب عندما تصمت مدافع الحرب، فإن الشيء ذاته سيحدث لقادة حماس بغزة.
وإذا كان قادة حماس قد ظنوا أنهم ينزلون كارثة بإسرائيل، فإنهم -حسب فريدمان- منحوا نتنياهو فرصة لتدمير حليفهم حزب الله في لبنان وسوريا، مما أضعف قبضة إيران على هاتين الدولتين، وحتى على العراق، بل ساعد في إخراج روسيا من سوريا، فيما اعتبرها الكاتب هزيمة مدوية "لشبكة المقاومة" التي تقودها إيران.
وإذا كانت عمليات نتنياهو العسكرية مهدت للانضمام إلى اتفاقيات أبراهام وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، كما يرى فريدمان، فإن نتنياهو يضيع فرصة السلام هذه برفضه أن يفعل الشيء الوحيد الذي من شأنه أن يطلق العنان لسياسة المنطقة بأكملها، ألا وهو فتح الطريق أمام حل الدولتين مع سلطة فلسطينية مُصلحة.
قبيلة اليهود ضد قبيلة الديمقراطيةولا عجب أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يريد إضاعة الوقت مع نتنياهو، فهو يذهب إلى الدول التي تعطيه، لا إلى الدول التي تطلب منه مثل إسرائيل، ولكن نتنياهو لن يسمح لترامب بصنع أي تاريخ معه.
إعلان
غير أن ترامب، ربما ليست لديه أي فكرة عن مدى التغيير الداخلي الذي طرأ على إسرائيل، خاصة أن العديد من اليهود الأميركيين لا يدركون مدى ضخامة وقوة المجتمع الديني المتطرف والقوميين المتدينين الاستيطانيين في إسرائيل، ومدى اقتناعهم برؤيتهم لغزة كحرب دينية، كما يقول الكاتب.
وقد أوضح الرئيس السابق للكنيست أفروم بورغ، متحدثا عن اليمين القومي المتدين الاستيطاني في إسرائيل "بيبي (لقب نتنياهو) هو في الواقع بيدقهم وليس اللاعب الحقيقي".
وأضاف بورغ "حدِّثهم عن إمكانية تحقيق إسرائيل السلام مع السعودية، يتجاهلونك ويقولون إنهم ينتظرون المسيح، حدثهم عن فرصة إسرائيل لتحقيق السلام مع سوريا، يردون بأن سوريا ملك للشعب اليهودي، حدثهم عن القانون الدولي، يحدثونك عن القانون التوراتي. حدثهم عن حماس، يحدثونك عن العماليق".
وخلص بورغ إلى أن الانقسام الحقيقي في إسرائيل اليوم ليس بين المحافظين والتقدميين، "بل بين القبيلة اليهودية والقبيلة الديمقراطية. والقبيلة اليهودية هي المنتصرة الآن".
وختم فريدمان بمقارنة بين أسلوبي نتنياهو وترامب المتشابهين في تقويض ديمقراطيتيهما، حسب زعمه، فكلاهما يحاول تقويض محاكم بلاده و"الدولة العميقة"، أما الهدف فهو بالنسبة لترامب إثراء نفسه شخصيا ونقل ثروات البلاد من الأقل حظا إلى الأكثر امتيازا، أما بالنسبة لنتنياهو فهو التهرب من تهم الفساد ونقل السلطة والمال من الوسط الإسرائيلي الديمقراطي المعتدل إلى المستوطنين والمتدينين.