خبير إسرائيلي: ترامب ونتنياهو يغامران باتفاقات السلام مع الأردن ومصر
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
يرى المحلل الإسرائيلي البارز تسفي هرئيل أن أفكار ترامب ونتنياهو حول غزة تغامر باتفاقيات السلام مع مصر والأردن.
وقال هرئيل في مقال مطول في صحيفة "هآرتس" إن ترامب "لا يستجيب للتحذير من تطور مناطق مواجهة على طول الحدود بين إسرائيل ومصر إذا تم توطينها بسكان غزة، ولا يستجيب للتحذير من الهزة التي يمكن أن تدمر النظام في الأردن إذا وافق على استيعاب بضع مئات آلاف اللاجئين.
وحذر أن خطة ترامب قد تغير شكل الشرق الأوسط كما يقول نتنياهو، لكنها ستغيره بالاتجاه المعاكس لرغباتهما.
وخلص هرئيل إلى أنه "عندما يشرح ترامب للعالم بأن مصر والأردن ستوافقان على استيعاب حوالي 2 مليون غزي بسبب المساعدات التي تقدمها لها الولايات المتحدة، فإنه يضعها في مفترق طرق لاتخاذ قرار غير مسبوق: المساعدات أو الضياع. عندما يكون هذا هو الخيار فيبدو أن قرار الدولتين لن يكون صعبا".
وفيما يلي ترجمة للمقال:
في كل ما يتعلق بالحل للحرب في غزة فإن دونالد ترامب يشبه النبع المتدفق. إذ كان قد تحدث في اللقاءات الأولى مع نتنياهو عن إخراج 1.8 مليون شخص من سكان غزة إلى خارج القطاع، بالأساس إلى الأردن والسعودية، "لفترة قصيرة أو طويلة"، فإنه خلال بضع ساعات من هذه الخطة تضخمت وأصبحت سيطرة أمريكية على قطاع غزة وتوزيع سكانه في دولتين، أربع أو ست دول.
مثل كرة الثلج التي لا يمكن وقفها، أمس كانت غزة (حسب ترامب) عقار أمريكي، "في هذه الأثناء سيكون من ممتلكاته"، يمكن بيعه للمستثمرين. بالأساس، سكان غزة الذين سيخرجون لن يتمكنوا من العودة، لأنه "سيكون لهم سكن أفضل. أنا أتحدث عن بناء مكان دائم لهم".
حتى الآن ترامب لم يظهر أي إشارة على الاستماع إلى صرخات الذهول التي سمعت في مصر والأردن والسعودية.
في هذه الأثناء هو لا يستجيب للتحذير من تطور مناطق مواجهة على طول الحدود بين إسرائيل ومصر إذا تم توطينها بسكان غزة، الذين كثير منهم كانوا وما زالوا من نشطاء حماس، ولا يستجيب للتحذير من الهزة التي يمكن أن تدمر النظام في الأردن إذا وافق على استيعاب بضع مئات آلاف اللاجئين. ولا يلاحظ حتى الهزة التي يمكن أن تتعرض لها اتفاقات السلام التاريخية التي وقعت عليها مصر والأردن، وشكلت الأساس لـ "اتفاقات أبراهام"، التي تم التوقيع عليها مع عدد من الدول العربية قبل ست سنوات تقريبا. كل هذه الأمور حتى الآن تمر حوله.
اليوم يتوقع أن يلتقي ترامب مع الملك عبد الله، وسيسمع منه عن خوفه من تجسيد ما يعتبره ترامب "مشروع عقارات"، وما يعتبره الأردن تهديد وجودي. مشكوك فيه أن يهدّئ وعد أمريكا بزيادة المساعدات بجدية خوف الملك. وابل من أمطار الدولارات وعد بها كجزء من حملة تسويق "صفقة القرن". من المثير للدهشة أن الملك في حينه فضل البقاء على قيد الحياة على حلم الثروة.
يبدو أن خطة ترامب وبحق تؤكد على الرؤية التي بحسبها الحرب في غزة وفي لبنان تغير وجه الشرق الأوسط، لكن باتجاه معاكس للاتجاه الذي أمل به المحتفلون؛ مزيد من المواجهات، وعدد أقل من المخطوفين، وتهديد اتفاقات السلام، هذا هو اتجاه خطة الترانسفير لترامب.
على رأس قسم التسويق للرئيس الأمريكي ترامب يقف نتنياهو، الذي لا يتوقف عن الثناء ومباركة أصالة وجرأة وحكمة الخطة والعقل الذي وضعها.
خلال مسيرته نجح بالفعل في إثارة غضب السعودية، الدولة التي لا تتمتع بالدعابة ولم تتأثر حقا بملاحظة نتنياهو بأن دولة فلسطين يمكن أن تقام في السعودية.
في هذه الحالة أراد نتنياهو فقط تصحيح مجرى المقابلة معه من "القناة 14"، الذي سأل "كيف يمكن جسر الفجوة بين أقوال الرئيس الأمريكي ترامب، التي بحسبها السعودية لا تطالب بإقامة الدولة الفلسطينية، وبين إعلان السعودية الذي نفى ذلك الذي جاء فيه بأنه لن يكون أي تقدم بدون دولة سعودية". بدون دولة فلسطينية، صحح نتنياهو مجرى المقابلة، "إلا إذا كنت تريد أن تكون دولة فلسطين في السعودية. يوجد لديهم الكثير جدا من الأراضي".
نتنياهو كالعادة لم يرد على جوهر السؤال. أعصاب الزعماء المتوترة لا تسمح لهم بالاستمتاع بنكتة إسرائيلية على حسابهم. ولكن عندما يتهم نتنياهو بشكل مباشر مصر بأنها هي المسؤولة عن الحصار الذي فرض على قطاع غزة، وأنها هي التي منعت سكان القطاع من "الخروج إلى الحرية"، من "السجن المفتوح" في غزة، فان هذا لا يعتبر نكتة، بل هو مس مباشر موجه بشكل جيد إلى النقطة الحساسة لدى عبد الفتاح السيسي. رد وزارة الخارجية الغاضب في مصر لم يتأخر. "تصريحات نتنياهو بشأن الجهود التي تبذلها مصر في غزة مضللة بشكل متعمد وهي مرفوضة كليا.. هي تهدف إلى حرف الانتباه عن خروقات إسرائيل الفظة ضد الفلسطينيين، من بينها تدمير البنى التحتية الحيوية واستخدام التجويع كسلاح ضد المدنيين".
تبادل الاتهامات هذا بين مصر وإسرائيل حول المسؤولية عن الحالة الإنسانية الصعبة في غزة غير جديد. ففي شهر أيار/ مايو الماضي، بعد سيطرة إسرائيل على معبر رفح، مصر رفضت فتحه وتشغيله بدون تواجد فلسطيني في الطرف الغزي للمعبر. وقد تم الرد على هذا الموقف للقاهرة بتوبيخ شديد ممن كان في حينه وزير الخارجية في إسرائيل، يسرائيل كاتس، الذي تم صبه الآن في قالب تم تشكيله على شاكلة وزير الدفاع. "العالم يحمل المسؤولية عن الوضع الإنساني في غزة لإسرائيل. ولكن مفتاح منع الأزمة الإنسانية في غزة يوجد الآن في يد الأصدقاء المصريين"، قال كاتس.
هذه الأقوال أيضا لم تصمت عليها القيادة في مصر. فوزير الخارجية سامح شكري أدان محاولة إسرائيل تحميل المسؤولية عن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة غير المسبوقة لمصر، التي هي نتيجة مباشرة لهجمات إسرائيل". مصطلح "الأصدقاء" الذي استخدمه كاتس اختفى منذ ذلك الحين، ويبدو أنه ستمر فترة طويلة إلى أن يتم استخدامه بدون سخرية لوصف العلاقات بين الدولتين.
حسب خيال زعماء إسرائيل الخصب، فقد توقعوا أن تتعاون مصر معهم، وأن يقوموا معا بإدارة بسرور، مثلما كان ذات يوم، الحصار للقطاع. ولكن مر عقد تقريبا منذ قامت مصر بالتنسيق مع إسرائيل بشأن تشغيل المعبر، إغلاقه وفتحه. تلك كانت فترة مدهشة، فيها حاربت إسرائيل ومصر الإرهاب الإسلامي في شبه جزيرة سيناء وحماس.
اتفاق كامب ديفيد تم خرقه بالاتفاق، بصورة تسمح لمصر بنشر في شبه جزيرة سيناء قوات كبيرة، بما في ذلك قوات مدرعة وسلاح جو، في مناطق كان يجب أن تكون منزوعة السلاح حسب اتفاق السلام. مصر في المقابل، دمرت في حينه أنفاقا لحماس وأقامت جدارا أمنيا، وأنشأت منطقة عازلة بعرض 3 كم بين القطاع وسيناء.
وخلال ذلك قامت بتهجير آلاف المصريين من بيوتهم ونقلت مكان سكنهم إلى العريش ومحيطها.
التعاون المثمر استمر أيضا بعد عملية "الجرف الصامد" وعملية "حارس الأسوار"، حيث في إطار اتفاق وقف إطلاق النار سمحت إسرائيل لقطر بتحويل المزيد من ملايين الدولارات لحماس، في حين أن مصر تعهدت بتنفيذ مشروع الإعمار.
الآن نفس المنطقة في شبه جزيرة سيناء، التي تم طرد المواطنين المصريين منها كجزء من الجهود المشتركة بين مصر وإسرائيل من أجل وقف انتشار الإرهاب، يمكن أن تمتلئ بمئات آلاف الغزيين الذين سيقيمون فيها جبهة المواجهة الجديدة ضد إسرائيل وضد النظام والجيش في مصر. النتيجة هي أن الدولتين ستقفان على جانبي المتراس، حيث أنه في هذه المرة إسرائيل، في إطار خطة ترامب العقارية، هي التي تعتبر تهديدا استراتيجيا لمصر، التي تبين لها فجأة أن اتفاق كامب ديفيد أصبح أداة ضغط وتهديد لاستقرارها.
عندما يشرح ترامب للعالم بأن مصر والأردن ستوافقان على استيعاب حوالي 2 مليون غزي بسبب المساعدات التي تقدمها لها الولايات المتحدة، فإنه يضعها في مفترق طرق لاتخاذ قرار غير مسبوق: المساعدات أو الضياع. عندما يكون هذا هو الخيار فيبدو أن قرار الدولتين لن يكون صعبا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية غزة كامب ديفيد غزة وادي عربة تطبيع تهجير كامب ديفيد المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اتفاقات السلام مصر والأردن على استیعاب فی غزة فی مصر فی هذه
إقرأ أيضاً:
تقرير إسرائيلي: السيسي لا يعتزم لقاء نتنياهو
أفاد مسؤول إسرائيلي لـ"تايمز أوف إسرائيل" بأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لا يعتزم حاليا لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، وسط تقارير تفيد بأن نتنياهو يسعى جاهدا لعقد هذا اللقاء.
وأوضح المسؤول أن مصر انتقدت إسرائيل بشدة خلال الأشهر الماضية بسبب العديد من القضايا العالقة، مما يقلل من فرص لقاء السيسي بنتنياهو في أي وقت قريب، على الرغم من اهتمام تل أبيب وواشنطن بعقد قمة بينهما، وفق الصحيفة.
وأضاف أن القاهرة لا تزال تخشى أن إسرائيل لم تستبعد هذا المسعى في ظل خططها لتركيز مشاريع إعادة الإعمار الأولى في مدينة رفح جنوب غزة، على الحدود المصرية.
حرب غزة
كما تصاعدت التوترات أيضا بشأن معبر رفح، حيث سمحت إسرائيل بفتح المعبر فقط للفلسطينيين المغادرين من غزة، وهي سياسة وصفها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي الأسبوع الماضي بأنها محاولة لتقليص عدد سكان القطاع، وهو ما رفضته مصر رفضا قاطعا.
وخلال حرب غزة، حذرت القاهرة إسرائيل من أي عمليات عسكرية من شأنها دفع الفلسطينيين جنوبا في القطاع باتجاه شبه جزيرة سيناء، معتبرة هذا الاحتمال خطا أحمر وتهديدا للأمن القومي.
وبحسب تقرير "تايمز أوف إسرائيل" لطالما اتسمت العلاقات بين نتنياهو والسيسي بالتوتر، ولم يتحدثا منذ ما قبل الحرب، مشيرة إلى أنه بينما سعى نتنياهو في الأشهر الأخيرة إلى إصلاح العلاقات، لم يبد السيسي اهتماما يذكر بالتواصل معه في غياب ما وصفه المسؤول بتغييرات جوهرية في سلوك إسرائيل تجاه مصر.
وأضاف المسؤول أن السيسي يخشى أيضا أن يستخدمه نتنياهو كأداة دعائية في عام الانتخابات الإسرائيلية، وفق تعبيره.
صفقة الغاز الطبيعي
وجاءت هذه التصريحات في الوقت الذي أفادت فيه التقارير أن نتنياهو كان يعمل على ترتيب زيارة إلى القاهرة، حيث كان يأمل في لقاء السيسي وتوقيع اتفاقية تقدر قيمتها بـ35 مليار دولار لتزويد مصر بالغاز الطبيعي الإسرائيلي.
ووفقا لمصدر دبلوماسي أميركي رفيع مطلع على الترتيبات، ينسق المسؤولون الإسرائيليون هذا الجهد مع دبلوماسيين أمريكيين رفيعي المستوى.
يذكر أن نتنياهو كان قد زار مصر علنا مرتين في السابق، في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، وكانت آخر زيارة دولة رسمية له في يناير 2011، أما الاجتماعات الأخرى فقد عقدت سرا، وفق الصحيفة.