لجريدة عمان:
2025-05-14@18:36:17 GMT

السلطة الرابعة وسلطة المنصات

تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT

هل فقدت الصحافة دورها كسلطة رابعة في المجتمع لصالح السلطات الجديدة المتمثلة في المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الحديث؟ أم أن سلطتها لا تزال باقية رغم البريق الذي فقدَهُ وهج الصحافة والإعلام التقليديين؟

لمن لا يعرف معنى مصطلح «السلطة الرابعة» ولماذا يُطلق تحديدًا على الصحافة، فإنني أورد هنا تعريفًا للمصطلح: الصحافة تُعدّ قوة رقابية مستقلة تُسهم في مراقبة السلطات الثلاث (التشريعية، التنفيذية، القضائية)، وتسهم في الكشف عن قضايا الفساد في المجتمع، وتعزيز الشفافية والنزاهة، وتوعية المجتمع، وإعلام الرأي العام.

هذه الأدوار جعلت منها أداة أساسية في تحقيق التوازن والشفافية في المجتمع.

التساؤل المثار حول قوة الصحافة وتأثيرها في المجتمع مقابل قوة المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل ليس بالتساؤل الجديد، فقد أُشبع بحثًا من قبل منظري هذا العلم أولًا، ومن الجمهور الذي لم يعد يعنيه أمر التأثير بقدر ما يعنيه أمر الحصول على المعلومة الصحيحة والمؤكدة والمعبّرة عن رأيه، أيًا كان مصدرها. إلا أن السؤال يظل مطروحًا: هل نجحت المنصات الإلكترونية في انتزاع لقب «السلطة الرابعة» من الصحافة التقليدية؟

على الرغم من الحقائق المطلقة التي تقول بتراجع الصحافة عن أدوارها التي كانت تؤديها في المجتمع، والتي بُنيت على أسس علمية واحترافية صمدت لعقود طويلة، إلا أن قوة الصحافة لا تزال حاضرة خصوصا عندما يتعلق الأمر بنشر ما من شأنه إبداء ملحوظات أو نقد لبعض الجهات في أداء عملها في حين أن تلك الجهات تبدي تسامحًا أكبر عندما تُطرح القضايا نفسها على منصات التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية الأخرى.

هذه المفارقة أثارت فضولي، فبدأت أبحث عن الأسباب التي تجعل تلك المؤسسات تحسب حسابًا لما يُنشر في الإعلام التقليدي وتتساهل في ما ينشر على وسائل التواصل فوجدت إلى أن تلك المؤسسات ترى أن الصحافة وباقي وسائل الإعلام التقليدية تمتلك مصداقية وتأثيرًا أوسع في المجتمع، مما يجعلها مسؤولة بشكل أكبر عما تنشره. في المقابل، تُعامل منصات التواصل الاجتماعي كفضاء أكثر انفتاحًا وأقل رسمية، وبالتالي لا تحمل الثقل المهني نفسه أو التأثير المؤسسي الذي تتمتع به الصحافة التقليدية.

هذا التباين في التعامل جعلني أدرك أن الصحافة، رغم تراجعها الظاهري، إلا أنها لا تزال تحتفظ بقوة تأثيرية كبيرة، وهو ما يجعلها تحت المجهر أكثر من أي وقت مضى.

قد تكون المصداقية والرسمية من أبرز الركائز التي تستند عليها قوة الصحافة، فهي تتميز بدقة المعلومات والتحليل المتعمق، مما يجعلها مرجعًا موثوقًا في القضايا المصيرية والأحداث الكبرى. ومع ذلك، فإن هذه القوة لم تكن كافية لضمان تفوقها المطلق في المشهد الإعلامي الحالي، حيث ظهرت تحديات وسلبيات أسهمت في تراجع تأثيرها أمام صعود المنصات الرقمية.

أبرز هذه التحديات يتمثل في البطء النسبي في نقل الأحداث، حيث تتطلب الصحافة التقليدية إجراءات تحريرية صارمة تمر عبر مراحل التحقق والتدقيق قبل النشر، مما يجعلها أقل سرعة مقارنة بوسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل الخبر لحظيًا، حتى لو كان ذلك على حساب الدقة أحيانًا، بالإضافة إلى ذلك، تواجه الصحافة قيودًا تحريرية تحدّ من قدرتها على تناول بعض القضايا الحساسة بجرأة وحرية، وهو ما أتاح للمنصات الرقمية أن تملأ هذه الفجوة بطرح أكثر مرونة وانفتاحًا.

في ظل المد الرقمي الهائل الذي يجتاح العالم، يصبح من الواضح أن الزمن لن يستطيع إيقاف هذا التدفق التقني الذي يعيد تشكيل المشهد الإعلامي. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن الصحافة يجب أن تتراجع أو تفقد هويتها، بل عليها أن تتكيف مع هذا التحول الجديد بذكاء وحرفية.

على الصحافة أن تتواكب مع التقنيات الحديثة، ليس فقط من خلال تبني أدوات رقمية جديدة، بل أيضًا عبر تطوير أساليب تواصل أكثر مرونة تتناسب مع طبيعة الجمهور الرقمي الذي يبحث عن السرعة والتفاعلية، ويمكن للصحافة أن تستثمر في المنصات الرقمية، سواء عبر إنشاء محتوى تفاعلي أو استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات، لكن دون أن تفرط في المعايير المهنية التي جعلتها مصدرًا موثوقًا للمعلومات على مدى عقود، فالصحافة التي تجمع بين قوة المصداقية ومرونة التكنولوجيا هي التي ستنجح في الحفاظ على مكانتها كسلطة رابعة، حتى في خضم هذا التحول الرقمي الكبير.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی المجتمع ما یجعلها

إقرأ أيضاً:

رايتس ووتش تتهم شركات أميركية بانتهاك حقوق عمال المنصات الرقمية

وجهت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اتهامات صريحة لشركات كبرى تدير منصات رقمية للخدمات في الولايات المتحدة الأميركية بالتحايل على العمال وحرمانهم من حقوقهم.

وقالت المنظمة في تقرير نشرته اليوم بعنوان "فخ العمل المؤقت"، إن تلك الشركات تعمد خطأ إلى تصنيف الأشخاص الذين يعملون لديها كـ"مقاولين مستقلين"، الأمر الذي يحرمهم من حقوقهم كعمال.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تقرير دولي: تغير المناخ يفاقم الجوع وانعدام الأمن والنزوح في أفريقياlist 2 of 2تقرير حقوقي: تيك توك يفشل في حماية الصحة العقلية للأطفال رغم التحذيرات السابقةend of list

وأخضع التقرير ممارسات سبع شركات كبرى للتحقيق، هي أمازون فليكس "Amazon Flex"، ودورداش "DoorDash"، وفافور "Favor"، وانستا كرت "Instacart"، وليفت "Lyft" إضافة إلى شيبت "Shipt"، وأوبر "Uber".

وسجل أن هذه الشركات تدعي أنها توفر "مرونة" في العمل، لكنها في الواقع "غالبا ما تدفع للعمال أجورا تقل عن الحد الأدنى للأجور المعمول به في الولاية أو المدينة".

وكشفت المنظمة أن 6 من هذه الشركات تستخدم "خوارزميات غير شفافة لتوزيع المهام وتحديد الأجور، ما يعني أن العمال لا يعرفون كم سيحصلون عليه حتى ينتهوا من أداء العمل".

وقالت لينا سيميت باحثة أولى في شؤون الفقر وعدم المساواة لدى "هيومن رايتس ووتش" إن المنصات الرقمية أنشأت نموذجا تجاريا يُمكنها من التملص من "مسؤولياتها كأرباب عمل مع إبقاء العمال تحت سيطرة خوارزمية صارمة" تستند إلى قرارات وصفتها بـ"غير الشفافة وغير المتوقعة".

إعلان

وأضافت سيميت، أن الشركات المذكورة تقدم "وعودا بالمرونة في العمل إلا أنها تترك العمال تحت رحمة أجور غير مستقرة وأقل من الحد الأدنى، ومن دون حماية اجتماعية وفي خوف دائم من فقدان عملهم دون أي وسيلة للطعن".

وأشارت المنظمة إلى أن التقرير استند إلى مقابلات مع 95 عامل منصة في تكساس و12 ولاية أميركية أخرى، إضافة إلى استبيان شمل 127 عاملًا في تكساس.

وأظهرت النتائج أن أجور العاملين في تكساس أقل بنسبة 30% من الحد الأدنى الفدرالي، وأقل بنسبة 70% من "أجر المعيشة" بحسب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

كما أبرزت أن العاملين في هذه الشركات يكسبون 16.90 دولارا في الساعة، لكن نصف هذا الدخل يُصرف على التكاليف المتعلقة بالعمل، كالوقود والصيانة والتأمين، ولفتت إلى أن الدخل الصافي بعد احتساب المزايا يهبط إلى 5.12 دولارات في الساعة.

بل أكثر من ذلك، سجل التقرير أن بعض العاملين قالوا، إنهم لا يربحون شيئا بعد التكاليف، و75% قالوا إنهم واجهوا صعوبات في دفع الإيجار خلال العام، وغالبيتهم واجهوا صعوبات في شراء الطعام ودفع فواتير الكهرباء والماء، بينما أزيد من ثلثهم لا يستطيع مواجهة طارئ صحي يكلف 400 دولار.

وأوضح التقرير أن العمال يعيشون في خوف دائم من أن يتم تعطيل حساباتهم من التطبيقات، والذي يتم غالبا من دون تفسير أو أي وسيلة للاعتراض، إذ إن نحو نصف الذين تم تعطيل حساباتهم تمّت تبرئتهم لاحقًا، الأمر الذي عده التقرير مؤشرا على ارتفاع نسبة قرارات الفصل الخاطئة.

وأمام الوضع الصعب للعمال، تحقق الشركات المذكورة أرباحا كبيرة تقدر بمليارات الدولارات.

ودعت "هيومن رايتس ووتش" وزارة العمل الأميركية وهيئات أخرى، مثل لجنة التجارة الفدرالية ولجان العمل على مستوى الولايات، لاتخاذ إجراءات عاجلة لحماية "عمال المنصات" وضمان حقهم في التنظيم النقابي.

إعلان

مقالات مشابهة

  • هروب سجناء في طرابلس الليبية يثير الهلع والتساؤلات على المنصات
  • تعهد حكومي بقانون جديد لضبط النشر في وسائل التواصل الاجتماعي و"حماية القيم المجتمعية"
  • وزير الخارجية أسعد الشيباني: نشارك هذا الإنجاز شعبنا السوري الذي ضحّى لأجل إعادة سوريا إلى مكانتها التي تستحق، والآن بدأ العمل نحو سوريا العظيمة، والحمد لله رب العالمين. (تغريدة عبر X)
  • حودة بندق يطرح كليب "البعد اذاني" عبر المنصات الموسيقية
  • “حماس” تنعى زهران الذي اغتالته أجهزة السلطة في طوباس
  • هُويَّتنا التي نحنو عليها
  • نائب محافظ الجيزة تشارك في جلسة مشاركة المجتمع المحلي في مشروعات التنمية التي تنفذها الحكومات
  • رايتس ووتش تتهم شركات أميركية بانتهاك حقوق عمال المنصات الرقمية
  • صدمة في المنصات بعد أحداث مؤسفة بالعراق بين أنصار برشلونة وريال مدريد
  • انطلاقة أشغال إنجاز المنصات الجهوية لمخزون الطوارئ