فرنسا تدخل معركة الذكاء الاصطناعي.. ماكرون يُريد وضع أوروبا في الصدارة
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
لأنّ المسألة تتجاوز مُجرّد القُدرة التنافسية الاقتصادية إلى قضية سيادة الدول، تسعى القارة الأوروبية التي لا تتحكم في أدواتها الرقمية إلى أن تُصبح عاجلاً أم آجلاً قوة تقنية كُبرى على غرار وادي السيليكون الأمريكي وبشكل أكثر واقعية يرى خبراء ومحللون فرنسيون أنّ بقاء أوروبا يعتمد على مواكبة ثورة الذكاء الاصطناعي.
وفي حدث يُمثّل بالنسبة لقصر الإليزيه جهود أكثر من عام من العمل، ترأس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قمة عالمية حول الذكاء الاصطناعي يومي 10 و11 فبراير (شباط) الجاري، ليتباهى مسؤولو المكتب الرئاسي، بأنّ فرنسا تُرحّب "بكلّ ما يملكه العالم من باحثين ومفكرين وعلماء وممولين وفاعلين ومستثمرين وقادة أعمال".
Alors que la Paris accueille le Sommet pour l'action sur l'IA, la fuite des talents français, notamment outre-Atlantique, reste une réalité. Témoignages à retrouver sur @Le_Figaro ????#ia #SommetActionIA https://t.co/7W0R6SpkI7
— Jean Kedroff (@JeanKedr) February 10, 2025 مسألة مُستقبل ووجودوحول هذه القمة الاستثنائية، يقول الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي لويس هاوسالتر "بالنسبة لقصر الإليزيه، يتمثّل الطموح في تعزيز مُحادثات عالمية حول قضية من شأنها أن تكون هيكلية ومحورية لمُستقبل البشرية، مؤكداً "نحن عند نقطة تحوّل، ولحظة حاسمة حيث يدخل الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية للفرنسيين".
وأشار هاوسالتر إلى تساؤل الرئيس الفرنسي الذي يُريد أن يجعل فرنسا رائدة أوروبا في مجال الذكاء الاصطناعي "هل نحن مُستعدّون للقتال من أجل أن نكون مُستقلّين بالكامل، أم نترك المُنافسة تقتصر على معركة بين الولايات المتحدة والصين؟" مؤكداً أنّ أوروبا "لديها أوراق للعب، بشرط ألا تفرض على نفسها الكثير من القواعد، التي تُولّد خطر خنق الابتكار".
ومع القلق المُتنامي الذي يشعر به الأوروبيون تجاه القوة الجامحة للقُدرات الأمريكية والصينية، يُحذّر سيدريك أوبراين، وزير الدولة الفرنسي السابق للشؤون الرقمية من أنّ "تنظيم هذه القمة هي علامة دولية على مصداقية فرنسا في هذا المجال، ولكن لا ينبغي لنا أن نكتفي بكوننا أصحاب الاستضافة"، مؤكداً أنّ "ما ينتظره مُجتمع الذكاء الاصطناعي هو معرفة خطة أوروبا. وكيف ترتقي إلى مستوى هذا التحدّي؟ إنها مسألة مستقبل ووجود".
Le sommet mondial pour l’action sur l’intelligence artificielle réunit experts et décideurs du monde entier les 10 et 11 février à Paris. ????????
Près de 1 500 participants sont attendus pour deux journées consacrées à cette technologie disruptive. ⬇️https://t.co/QSloGbc5tI
من جهتها، ترى الخبيرة في الشؤون السياسية إيزابيل لاسير، أنّ فرنسا لا يُمكنها أن تُفوّت هذه الثورة التقنية العالمية، فاليوم يجتمع كبار خبراء الذكاء الاصطناعي في باريس، وترغب أوروبا في اللحاق بركب السوق التي تُهيمن عليها الولايات المتحدة والصين.
وفي حين أصبح الذكاء الاصطناعي قضية سيادة حقيقية للدول، فإنّ باريس ترغب في إحداث "صحوة أوروبية"، لوضع القارة على الخارطة العالمية للذكاء الاصطناعي، حيث ستكون الشركات التي تُهيمن على هذه التقنيات في فرنسا وأوروبا من بين الشركات الرائدة عالمياً في المستقبل، حسب الإليزيه.
وأمام العملاقين الأمريكي والصيني، فإنّ الاتحاد الأوروبي، غائب في الوقت الراهن، حسب خبراء عالميين، حيث استثمرت دوله القليل في الذكاء الاصطناعي، وهي مُقيّدة اليوم بالتكلفة العالية للطاقة، وأسعار الإنتاج الباهظة، وانخفاض شهيتها للمُخاطرة، وهوسها بالتنظيم الذي يُولّد التباطؤ والتراجع.
ويُحذّر أوبراين، من أنّه إذا لم نتفاعل، فإنّ الآخرين سوف يُسيطرون علينا، لذا يجب على فرنسا التي تتمتع بالموهبة والخبرة أن تُثبت مصداقيتها على الساحة العالمية، و"إذا أردنا اللحاق بالآخرين، يتعيّن علينا التحرك فوراً".
Le Figaro - à lire : «La France ne peut pas passer à côté de cette révolution»: le gratin mondial de l’intelligence artificielle a rendez-vous à Paris https://t.co/g04PLz5OEL
— hollebeke michel (@hollebekemichel) February 9, 2025 معركة أمريكية صينيةوفي حين كانت الولايات المتحدة تُهيمن على السوق حتى الآن، فإنّ أوروبا ترى في ظهور الصين دليلاً على أنّه من الممكن العودة إلى السباق إذا ما تمّ توفير الوسائل اللازمة. لكن هناك من يعتقد أنّ الاتحاد الأوروبي خسر المعركة بالفعل، وأن الأوروبيين لن تكون لديهم الوسائل لمواكبة الاستثمارات الضخمة التي قامت بها الشركات الأمريكية.
ومن جهته، المحلل السياسي الفرنسي في "لو موند" فيليب ريكارد، قال: إنّ "فرنسا تُنظّم اجتماعاً عالمياً حول الذكاء الاصطناعي في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة إلى إبعاد الصين عن هذه التكنولوجيا"، مُشيراً إلى أنّ هذه القمة تُشكّل تحدّياً كبيراً، حيث تسعى أمريكا بقيادة دونالد ترامب، وبالتحالف مع شركات التكنولوجيا العملاقة الأمريكية، إلى الهيمنة على قطاع الذكاء الاصطناعي في مواجهة الصين، وتحدّي الطموحات التنظيمية للاتحاد الأوروبي.
Le Sommet pour l’action sur l’IA de Paris, un défi dans un monde fragmenté https://t.co/svXKSKDWaa
— Vince A2P (@vinceA2P) February 9, 2025 بقاء أوروبا يعتمد على الذكاء الاصطناعيأما افتتاحية "لو فيغارو" بقلم الكاتب الصحافي جاك أوليفييه مارتن، فقد حذّرت بدورها من أنّه لا يُمكن لأوروبا أن تتجاهل ثورة الذكاء الاصطناعي، وأنّ "بقاؤها يعتمد على ذلك"، مُشيرة إلى أنّ القارة العجوز تبدو اليوم عاجزة أمام الثورة التكنولوجية الجديدة.
لكنّ اليومية الفرنسية أكدت أنّ أوروبا، ورغم افتقارها إلى الأسس المادية للتحوّل التكنولوجي، لديها العديد من الباحثين المرموقين والمهندسين الموهوبين والعلماء من ذوي الذكاء العلمي من الطراز الأول، مُتساءلة "هل فات الأوان بالفعل؟ وهل خسرنا المعركة ضدّ اللاعب الصيني الجديد الذي يجعل عمالقة الغرب يرتعدون؟" لتُجيب بالقول إنّه من خلال عقد قمة عالمية حول الذكاء الاصطناعي في باريس، تعتزم فرنسا وأوروبا التأكيد على أنّهما لم تخرجا من اللعبة.
L’Europe veut-elle se cantonner au rôle de régulateur en rédigeant les codes de la route des technologies conçues ailleurs ?
L’éditorial de Jacques-Olivier Martin: «L’indispensable révolte numérique de l’Europe»https://t.co/XxqIgqa2WX
par @Le_Figaro
ودعا أوليفييه مارتن في مقالته أوروبا إن أرادت بناء إمبراطوريتها على غرار الولايات المتحدة والصين، إلى أن تفهم أخيراً أنّه من الضروري إنفاق المليارات وكسر الحواجز لتجهيز نفسها بالبُنى التحتية الجديرة بالذكاء الاصطناعي، وتشجيع التحالفات عبر الحدود، وإظهار عمالقة التكنولوجيا الخاصة بها من خلال مُساعدتهم بشكل كبير، في رأس المال وفي الوصول إلى البيانات.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ماكرون الذكاء الاصطناعي فرنسا أوروبا أمريكا الصين ماكرون الذكاء الاصطناعي فرنسا أوروبا أمريكا الصين الذکاء الاصطناعی فی الولایات المتحدة الذی ی التی ت إلى أن
إقرأ أيضاً:
دعوة لمقاربة شاملة لتنظيم الذكاء الاصطناعي
يحتاج العالم بشكل عاجل إلى مقاربة شاملة لتنظيم الذكاء الاصطناعي للحؤول دون أن يؤدي أي تفلت في هذا المجال إلى تفاقم المخاطر وعدم المساواة، على ما تؤكد الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات، وهي وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، في مقابلة صحفية.
تأمل الأميركية دورين بوغدان-مارتن، التي تترأس الاتحاد الدولي للاتصالات منذ عام 2023، أن "يُفيد الذكاء الاصطناعي البشرية جمعاء حقا"، على ما قالت خلال المقابلة التي أجريت معها هذا الأسبوع في جنيف.
وأكدت أن تنظيم الذكاء الاصطناعي أمر أساسي في ظل تزايد المخاوف بشأن مخاطر هذه التقنية، بينها القلق من فقدان الوظائف ومن المعلومات المضللة وانتشار "التزييف العميق" (محتوى مُتلاعب به باستخدام الذكاء الاصطناعي)، وزعزعة النسيج الاجتماعي.
وأضافت "من المُلحّ السعي لوضع الإطار المناسب"، على أن يتم ذلك من خلال "مقاربة شاملة".
تأتي تعليقاتها بعد أن كشف البيت الأبيض أخيرا عن خطة عمل لتعزيز التطوير الحر لنماذج الذكاء الاصطناعي الأميركية في الولايات المتحدة وخارجها، رافضا أي مخاوف بشأن إساءة استخدامها المحتملة.
وقد رفضت بوغدان-مارتن التعليق على هذا التطور الأخير، موضحة أنها "لا تزال تحاول استيعابه".
وقالت "أعتقد أن هناك مقاربات مختلفة" في المسألة، مضيفة "هناك مقاربة الاتحاد الأوروبي، وثمة المقاربة الصينية. واليوم، نشهد على المقاربة الأميركية. أعتقد أن ما نحتاجه هو تفاعل هذه المقاربات".
وأشارت أيضا إلى أن "85% من الدول لا تزال تفتقر إلى سياسات أو استراتيجيات للذكاء الاصطناعي".
ولفتت بوغدان-مارتن إلى أن قضايا الابتكار وبناء القدرات والاستثمار في البنية التحتية ترتدي أهمية محورية بشكل خاص في المناقشات المتعلقة بالتنظيم.
لكنها أبدت اعتقادا بأن "النقاش لا يزال بحاجة إلى أن يُجرى على المستوى العالمي لتحديد مقدار التنظيم اللازم".
أمضت المسؤولة الرفيعة المستوى معظم مسيرتها المهنية في الاتحاد الدولي للاتصالات، وتعتقد أن هذه الوكالة الأممية المسؤولة عن تطوير خدمات وشبكات وتقنيات الاتصالات في جميع أنحاء العالم، تتمتع بمكانة جيدة للمساعدة في تسهيل الحوار بين الدول حول تنظيم الذكاء الاصطناعي.
وأكدت أن "الحاجة إلى نهج عالمي تبدو أساسية بالنسبة لي"، محذرة من أن "المقاربات المجزأة لن تخدم الجميع ولن تصل إليهم".