البيت الأبيض يمنع مراسل "أسوشيتد برس" من دخول المكتب البيضاوي بسبب خليج المكسيك.. فما القصة؟
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
في خطوة غير مسبوقة، منع البيت الأبيض مراسل وكالة "أسوشيتد برس" من حضور فعالية في المكتب البيضاوي يوم الثلاثاء بعد أن طالبت الوكالة بتغيير أسلوبها التحريري في تغطية ما يتعلق بخليج المكسيك، الذي أمر الرئيس دونالد ترامب بإعادة تسميته إلى خليج أمريكا.
ووفقا لما ذكرته الوكالة، فإن المراسل – الذي لم تكشف هويته – منع من دخول البيت الأبيض كما جرت العادة بعد ظهر الثلاثاء، قبل أن يمنع مراسل آخر من حضور فعالية أخرى مساء اليوم ذاته في غرفة الدبلوماسية.
وأوضحت "أسوشيتد برس"، أن قرار الحظر، الذي هدد به مسؤولون في إدارة ترامب في وقت سابق من اليوم نفسه ما لم تغير الوكالة أسلوبها في تغطية القضية، يثير مخاوف تتعلق بحرية التعبير.
ووصفت جولي بيس، نائبة الرئيس الأولى ورئيسة التحرير التنفيذية في "أسوشيتد برس"، الخطوة بأنها غير مقبولة، وأكدت أنه "من المقلق أن تعاقب الإدارة الأمريكية الوكالة بسبب تغطيتها المستقلة".
وأضافت في بيان، أن "تقييد وصولنا إلى المكتب البيضاوي بناء على محتوى تغطيتنا لا يحد فقط من قدرة الجمهور على الوصول إلى الأخبار المستقلة، بل يمثل انتهاكا واضحا للتعديل الأول من الدستور الأمريكي".
ولم تعلن إدارة ترامب رسميا عن هذه الإجراءات، كما لم يعرف ما إذا كانت أي مؤسسات إعلامية أخرى قد تأثرت. إلا أن العلاقة بين ترامب ووسائل الإعلام لطالما اتسمت بالتوتر، حيث قامت إدارته، يوم الجمعة الماضي، بطرد مجموعة ثانية من المؤسسات الإخبارية من مكاتبها في البنتاغون.
Relatedترامب يتوقع إبرام صفقة مع إيران "الخائفة" بعد تراجع قدرتها الدفاعية ترامب: أوكرانيا يمكن أن تصبح روسية في يوم من الأيامصفقة التبادل بين التململ الإسرائيلي وخطة ترامب وتصعيد حماس.. فهل تندلع الحرب مجددا في غزة؟ويعود الخلاف إلى قرار ترامب، الذي أعلن عنه قبل تنصيبه في 20 يناير، بتغيير اسم "خليج المكسيك" إلى "خليج أمريكا"، وهو ما وقع عليه بأمر تنفيذي فور توليه منصبه.
وقد قوبل القرار بسخرية من الرئيس المكسيكي، فيما أشار مراقبون إلى أن التغيير لن يؤثر على الاستخدام العالمي للتسمية.
أكدت الوكالة، في بيان صدر بعد ثلاثة أيام من تنصيب ترامب، أنها ستستمر في استخدام "خليج المكسيك" مع الإشارة إلى القرار الرئاسي. وأوضحت أن دورها كوكالة أنباء عالمية يفرض عليها استخدام أسماء جغرافية مفهومة لجميع الجماهير.
وفي سياق متصل، بدأت خرائط غوغل هذا الأسبوع باستخدام "خليج أمريكا"، مبررة ذلك بأن لديها "ممارسة طويلة الأمد" في اتباع سياسات الحكومة الأمريكية بشأن الأسماء الجغرافية.
أما Apple Maps، فقد واصلت استخدام "خليج المكسيك" حتى ظهر الثلاثاء، لكنها غيرت الاسم جزئيا إلى "خليج أمريكا" في بعض المتصفحات مساء اليوم ذاته.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ترامب يجدد خطته لتهجير سكان غزة.. والعاهل الأردني يترقب موقف القادة العرب ترامب يجدد تهديداته لحماس ويحدد توقيتاً لإعادة الأسرى: ما مصير الاتفاق؟ "صحراء النقب أولى بالفلسطينيين من مصر والأردن" هكذا رد عرب أمريكا على خطة ترامب بشأن غزة دونالد ترامبإعلامالولايات المتحدة الأمريكيةحرية التعبيرالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب أوروبا غزة الاتحاد الأوروبي قطاع غزة حركة حماس دونالد ترامب أوروبا غزة الاتحاد الأوروبي قطاع غزة حركة حماس دونالد ترامب إعلام الولايات المتحدة الأمريكية حرية التعبير دونالد ترامب أوروبا غزة الاتحاد الأوروبي قطاع غزة حركة حماس إسبانيا إسرائيل روسيا سجون الهجرة خلیج المکسیک أسوشیتد برس خلیج أمریکا یعرض الآنNext ترامب یجدد
إقرأ أيضاً:
أوراق أمريكا المتساقطة في خريف ترامب
محمد بن علي البادي
منذ تأسيسها، سعت الرئاسة الأمريكية إلى ترسيخ صورة الدولة القائدة للعالم "الحر"، المتحدثة باسم الديمقراطية، والحارسة لمصالحها عبر تحالفات محسوبة وخطابات مدروسة.
لكن هذه الصورة لطالما بدت مزدوجة، تمارس الضغط وفرض الهيمنة بقدر ما تروّج للقيم. ومع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بلغ هذا التناقض ذروته، حين تحوّل التعامل الأمريكي مع الشرق الأوسط إلى صفقات مكشوفة، وتراجع دور المؤسسات لصالح نزوات الرئيس ومصالحه الضيقة.
فقد دعم أنظمة قمعية باسم "الاستقرار"، وتخلى عن قضايا عادلة كالقضية الفلسطينية، وروّج لما سُمي بـ"صفقة القرن" دون اعتبار لحقوق الشعوب.
وبدا الشرق الأوسط في نظره ليس أكثر من سوق صفقات، يتعامل معه بمنطق التاجر لا رجل الدولة.
سياسة بلا بوصلة
منذ اللحظة الأولى لتسلّمه الحكم، ظهرت ملامح الارتباك في تعاطي ترامب مع القضايا الدولية.. فقد بدا أقرب إلى رجل أعمال يراوغ ويتفاوَض ويهدد، منه إلى رئيسٍ يدير ملفات عالمية بحسٍّ مسؤول.. وتصريحاته المتقلّبة، قراراته المفاجئة، وانفعالاته المتكررة، كلها جعلت الثقة في منصب الرئاس ة تتآكل، داخليًا وخارجيًا.
كثير من تصريحاته كانت متناقضة أو تفتقر للدقة، ما أضعف مصداقيته وأربك شركاءه.. تعامل بفوقية مع الحلفاء، وبمزاجية مع الخصوم، وانسحب من اتفاقيات دولية كبرى دون تبرير واضح.. كل ذلك ساهم في تقويض صورة أمريكا بوصفها دولة مؤسسات، وأظهرها كدولة تُدار بتغريدة.
ازدواجية فاضحة
من أبرز مظاهر تخبطه، تردده في ملف إيران؛ يتفاوض عبر قنوات سرية، ثم يأمر بضرب منشآت نووية فجأة.. يتحدث عن السلام، ثم يشعل التوترات.
أما في ملف حقوق الإنسان، فقد سقطت كل الأقنعة، حين دعم بشكل سافر الاعتداءات الإسرائيلية على غزة، متجاهلًا دماء المدنيين وآهات الأطفال.
ينادي بالقيم في العلن، ويدعم من ينتهكها في الخفاء.
اليد الأمريكية في تجويع غزة وتدمير قوى المقاومة
وقف ترامب بقوة إلى جانب إسرائيل في سياستها العدوانية ضد أهالي غزة، متجاهلًا معاناة المدنيين المحاصرين الذين يعانون من الحصار والتجويع المستمر.
لم يقتصر دعمه على الكلمات، بل شمل تقديم دعم سياسي وعسكري لتمكين إسرائيل من تنفيذ حملات التدمير ضد قوى المقاومة، بدءًا من غزة مرورًا بجنوب لبنان وسوريا، وصولًا إلى اليمن وإيران.
هذا الدعم ساهم في تفاقم الأزمات الإنسانية، وتدمير البنى التحتية، وإضعاف قدرات المقاومة، ما عزز من حالة عدم الاستقرار في المنطقة، وأغرق الشعوب في معاناة مستمرة بلا أفق للحل.
رئيس بلا هيبة
تجلّى الارتباك حتى في حضوره الدولي؛ قادة يتجاهلونه، وآخرون يُظهرون عدم احترامه علنًا... كُشف عن صفقات سرّية معه، وأحرج في مؤتمرات صحفية أكثر من مرة. لقد تراجعت هيبة الرئاسة الأمريكية في عهده، وتحوّل الحضور السياسي إلى عرض مرتجل، خالٍ من الحكمة والاتزان.
انهيار الثقة
كيف يمكن لحلفاء أن يثقوا برئيس ينقض الاتفاقيات، ويبدّل المواقف، ويُعلن السياسات في تغريدة ويلغيها في أخرى؟ كيف تُبنى التحالفات مع قيادة لا تفرّق بين الدولة والمصلحة الشخصية، ولا تثبت على موقف أو شراكة؟
لقد زرع ترامب الشك حتى في أروقة الحلفاء، وأدار أمريكا كما تُدار شركة خاصة، حيث مصير الشعوب مرهون بمزاج المدير.
خاتمة
ترك عهد ترامب ندوبًا عميقة في صورة أمريكا، التي كانت رمزًا للثبات والقوة. تحولت الرئاسة إلى حكم متقلب قائم على الأهواء الشخصية، بعيدًا عن الحكمة والاستراتيجية.
أمريكا صارت دولة ضائعة بين تغريدات متناقضة ودعم متحيز على حساب العدالة وحقوق الإنسان.
السؤال: هل يمكن استعادة الثقة والسياسة الرشيدة التي تحترم الشعوب وتحافظ على السلام، أم أن أوراق أمريكا ستظل تتساقط في خريفٍ لا ينتهي؟
فالاستقرار العالمي لا يبنى على مزاج قائد، بل على مسؤولية وطنية وعالمية حقيقية.