في لحظةٍ من الزمن، لم يكن يدرك الدكتور محمد يحيى، أستاذ طب العظام بجامعة الأزهر، أن كلماته الأخيرة ستتحول إلى نبوءة، وأن رؤياه التي خطّها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي ستكون وداعًا أخيرًا قبل أن يرحل عن الدنيا بساعات قليلة، تاركًا خلفه أثرًا لا يُمحى في قلوب من عرفوه.

رؤيا تحت الأرض وخطوات إلى السماء

قبل رحيله بساعات قليلة، نشر الدكتور محمد يحيى كلماتٍ لم تكن مجرد حروف عابرة، بل كانت نافذة إلى الغيب، وكأنها إعلان غير مقصود عن اقتراب اللقاء الأخير، حيث كتب على صفحته:

“رأيت فيما يرى النائم أني وصديق عمري د.

علاء إبراهيم، الذي توفي منذ فترة بسيطة - ألف رحمة ونور تنزل عليه - رأيتني ممسكًا بذراعه ونسير معًا تحت الأرض. لا أدري كيف كنا هناك، لكن فجأة وجدنا مجموعة من الناس يقفون أمامنا، وحين رأونا سألونا بدهشة: ‘كنتم فين يا جدع، ده النبي ﷺ كان ماشي من هنا ووزّع علينا بكفّه كبايات ماء نشربها!’ نظرت إلى علاء، فوجدت وجهه قد تغيّر، فقلت له: ‘ولا يهمك، تعالَ نذهب هناك، ربنا سبحانه وتعالى يوزّع ماءً لنشرب منه.’ وتذكرت الآية الكريمة: ‘وسقاهم ربهم شرابًا طهورًا”.

كأن الكلمات كانت تتشكل بمداد القدر، وكأن الرحلة التي رآها تحت الأرض لم تكن إلا تمهيدًا لرحلةٍ أخرى نحو السماء، لم يكن يعلم أنه يكتب هذه السطور لنفسه، ولم يكن يدرك أنه سيخط بها نهاية رحلته في الدنيا، لكنها كانت إشارة للرحيل أو ما يذهب إليه البعض “حسن الخاتمة”.

حين تبكي القلوب قبل العيون

وفي صباح اليوم التالي، خيم الحزن على مدينة ببا بمحافظة بني سويف، عندما انتشر خبر رحيل الدكتور محمد يحيى، ليكمل طريق صديقه الذي رآه في المنام، جنازةٌ مهيبة، وقلوبٌ مكلومة، وأحاديث لم تكن تخلو من الذهول.. كيف يكتب رؤيا بهذه التفاصيل ثم يرحل بعدها بساعات؟ في مشهدج مهيب لم تراه الا في جنازات الشهداء.

وقف أهله وأصدقاؤه في وداعه، لكنهم لم يكونوا وحدهم، فقد احتشدت خلفهم عشرات القصص التي حملت في طياتها مواقف إنسانية لا تُنسى، لم يكن طبيبًا فحسب، بل كان طبيبًا للقلوب قبل الأجساد، رجلًا يعرفه مرضاه بابتسامته ويده الممدودة للخير، رجلًا لم يكن يفرق بين قادرٍ ومعسر، ولم يكن يقيس عمله بما يربحه، بل بما يقدمه.

الخير يبقى شاهدًا

لم يكن محمد يحيى مجرد طبيبٍ عابر في حياة الناس، بل كان نورًا يسير بينهم، طبيبًا وهبه الله موهبة مداواة الآلام، ولم يكتفِ بعلاج الجسد، بل كان خلوقا محبا لفعل الخير..  حين تحدّث عنه زملاؤه وطلابه، لم يذكروه كأستاذٍ جامعي أو كطبيبٍ ماهر فحسب، بل كإنسانٍ عاش عمره ساجدًا، لم تفُته صلاة، ولم يتأخر عن مساعدة مريض، وكأن الله كان يعدّه لهذا الرحيل النقي.

كان محمد يحيى يدرك أن الرحلة قصيرة، لكنه لم يكن يعلم أن كلماته الأخيرة ستتحول إلى درسٍ في الحياة، وأن رحيله سيترك أثرًا لا يُمحى، كتب رؤياه، ثم رحل إلى خالقه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: بني سويف جامعة الأزهر جامعة المنيا محمد يحيى المزيد محمد یحیى لم یکن بل کان

إقرأ أيضاً:

جامعة المنصورة تختتم فعاليات الموسم الثالث للتعاون مع الأزهر الشريف وتكرّم مشايخ منطقة الوعظ بالدقهلية

 

 

اختتمت جامعة المنصورة فعاليات الموسم الثالث للتعاون بين الأزهر الشريف والجامعة، وذلك خلال الندوة التي عُقدت بكلية طب الأسنان تحت عنوان: "الوعي القومي في زمن الفوضى الرقمية (معركة العقل والهوية)"، بحضور الدكتور محمد عطيه البيومي، نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب، في إطار تعزيز الشراكة الفكرية والتنويرية بين المؤسستين العريقتين.

أُقيمت الندوة بتنسيق فضيلة الشيخ سامي عجور، مدير عام منطقة الوعظ بالدقهلية، والدكتورة مريم ويصا، منسق الأزهر الشريف بالجامعة، وشهدت حضور الدكتور ياسر لطفي عميد كلية طب الأسنان، والدكتور محمد صبري سرايا، منسق الأنشطة الطلابية بالجامعة، والأستاذ أحمد العشري، مدير عام رعاية الطلاب، وبمشاركة لفيف من مشايخ الأزهر الشريف وأعضاء هيئة التدريس والطلاب.

حاضر فيها الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، الذي قدم رؤية شاملة حول تحديات الوعي القومي في ظل التحولات الرقمية الراهنة، وما تفرضه الفوضى المعلوماتية على الهوية والعقل الجمعي، مؤكدًا ضرورة بناء وعي رشيد قادر على التمييز بين الحقيقة والمحتوى المضلل.

وفي تصريح صحفي، قال الدكتور شريف خاطر إن التعاون بين جامعة المنصورة والأزهر الشريف يمثل أحد أهم مسارات العمل المشترك لبناء وعي وطني مستنير قائم على الفهم الصحيح للدين، وتعزيز قيم الانتماء والهوية. وأكد حرص الجامعة على أن تمتد هذه الشراكة عامًا بعد عام بما يتوافق مع استراتيجية الدولة في تحصين المجتمع من مخاطر الفوضى الرقمية، وإعداد أجيال قادرة على التمييز والنقد الواعي.

وقال الدكتور محمد عطيه البيومي إن هذا الموسم من التعاون أثبت أن التكامل بين المؤسسات التعليمية والدينية قادر على صناعة تأثير حقيقي داخل المجتمع الجامعي. وقد لمسنا أثر هذه الأنشطة في رفع مستوى الوعي لدى الطلاب، وتعزيز قدرتهم على مواجهة خطاب التضليل والانحراف الفكري، وهو ما يدفعنا إلى توسيع هذه البرامج لما لها من مردود إيجابي واضح.

وخلال الفعاليات، كرّم الدكتور محمد عطيه البيومي مشايخ منطقة الوعظ بالدقهلية تقديرًا لدورهم وجهودهم المتميزة في إنجاح الموسم الثالث للتعاون بين الأزهر الشريف والجامعة، وإسهاماتهم في تعزيز الوعي الديني والفكري المعتدل داخل المجتمع الجامعي.

ويأتي هذا التعاون استمرارًا لنهج الجامعة في دعم الأنشطة التوعوية والفكرية التي تستهدف تعزيز الانتماء الوطني، وترسيخ قيم الوسطية، ومواجهة التحديات الفكرية التي تفرضها البيئة الرقمية الحديثة.

مقالات مشابهة

  • جامعة الأزهر في أسيوط تنظم احتفالية باليوم العالمي للغة العربية
  • لبحث الاستعدادات لامتحانات نهاية الفصل الدراسي الأول.. الدكتور محمد حسين يترأس اجتماع المجلس الأكاديمي لجامعة طنطا الأهلية
  • أستاذ بهندسة أسيوط يفوز بجائزة الدكتور محمد ربيع ناصر للبحث العلمي لعام 2025
  • وفاة الدكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق
  • وزير التعليم العالي ينعى الدكتور محمد عبداللاه رئيس جامعة الإسكندرية الأسبق
  • وفاة الدكتور محمد عبداللاه رئيس جامعة الإسكندرية الأسبق
  • طبيب عروس المنوفية: لم يوجد اثار دماء علي جسد المجني عليها.. ووالدة المتهم: الدكتور زقني من التوك توك
  • جامعة المنصورة تختتم فعاليات الموسم الثالث للتعاون مع الأزهر الشريف وتكرّم مشايخ منطقة الوعظ بالدقهلية
  • جامعة المنصورة تختتم فعاليات الموسم الثالث للتعاون مع الأزهر الشريف
  • أزهري يوجه رسالة للأسر وطريقة التعامل مع أسئلة الأطفال