أديس أبابا- تهيمن أزمتا ليبيا والسودان على أشغال اليوم الثالث للقمة الأفريقية المنعقدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، إذ يتوقع أن يحتضن مقر الاتحاد الأفريقي التوقيع على ميثاق للمصالحة بين أطراف الأزمة الليبية، كما سيناقش مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد في اجتماعه -اليوم الجمعة- الوضع المتفاقم في السودان وفي شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وقال رئيس مفوضية السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي بانكولي أديوي في تدوينة له على منصة إكس إنه بحث أمس الخميس مع وزير خارجية الكونغو جان كلود غاكوسو الاستعدادات لحفل التوقيع على ميثاق المصالحة الوطنية في ليبيا.

ومن المقرر أن يترأس حفل التوقيع على الميثاق الرئيس الكونغولي دينيس ساسو نغيسو، بحكم رئاسته للجنة الرفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي بشأن ليبيا.

مشاورات سابقة

وقد سبق أن زار ساسو نغيسو نهاية العام الماضي ليبيا، والتقى بحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، وأيضا بالحكومة التي شكلها مجلس النواب الليبي، وذلك بغرض نقاش خارطة الطريق التي يقترحها الاتحاد الأفريقي لتحقيق المصالحة السياسية بين أطراف الأزمة الليبية قبل إجراء الانتخابات العامة.

رئيس الحكومة الليبية (يمين) رفقة الرئيس الكونغولي رئيس اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى المعنية بليبيا (وكالة الأنباء الليبية)

وقال الاتحاد الأفريقي في بيان له إن اجتماع أطراف الأزمة الليبية سيكون اليوم الجمعة في الساعة الرابعة عصرا بتوقيت شرق ليبيا (الواحد زوالا بتوقيت غرينتش)، وذلك بمشاركة عدد من قادة دول أفريقية، ورئيس المفوضية الأفريقية المنتهية ولايته موسى فكي، ومبعوث الاتحاد إلى ليبيا محمد حسن لبات، وكذا ممثل عن الجامعة العربية وعن الأمم المتحدة.

إعلان

ولم يكشف عن تفاصيل الوثيقة التي عرضها الاتحاد الأفريقي لحل الصراع السياسي القائم في ليبيا، وحسب ما رشح داخل أروقة الاتحاد فإن ثمة تخوفا من تغيب أحد طرفي الأزمة السياسية في ليبيا عن توقيع اليوم، وهو ما سيعني فشل مساعي الاتحاد في حلحلة هذه الأزمة.

وفي سياق متصل، وقع رئيس مفوضية السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي بانكولي أديوي ووزير الخارجية الليبي الطاهر الباعور، أمس الخميس داخل مقر الاتحاد، على اتفاقية لنقل مكتب ارتباط الاتحاد من تونس إلى ليبيا، وذلك بعد 7 سنوات من نقله من الأخيرة.

أزمة السودان

ويناقش اجتماع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي اليوم الجمعة في السادسة مساءا بتوقيت شرق أفريقيا (الثالثة بتوقيت غرينتش) أزمتي السودان وشرق الكونغو الديمقراطية، إذ سيبحث أعضاء المجلس إحاطة محدثة حول ما يشهده البلدان من تفاقم للصراع المسلح.

من أبرز مظاهر فشل الاتحاد الأفريقي في معالجة نزاعات القارة أزمة السودان (الجزيرة)

واعتبر العديد من كبار مسؤولي الاتحاد الأفريقي ما آلت إليه الحرب في السودان وشرق جمهورية الكونغو أبرز مظهر لفشل الاتحاد في التصدي لصراعات القارة الأفريقية، رغم أن الاتحاد أقر مبادرة "إسكات البنادق" في سنة 2013 بهدف إنهاء جميع النزاعات في أفريقيا بحلول عام 2020، إلا أنه اضطر لتمديد الفترة حتى 2030.

وسيترأس الاجتماع الأفريقي مساء اليوم حول السودان وشرق جمهورية الكونغو رئيس غينيا الاستوائية تيودورو أوبيانغ نغيما مباسوغو، وذلك لأن بلاده تتولى رئاسة مجلس السلم والأمن للشهر الحالي.

وفي اليوم نفسه، من المتوقع أن يحتضن مقر الاتحاد الأفريقي أيضا اجتماع لوزراء الخارجية للشركاء المعنيين بملف السودان، وهم الأمم المتحدة ومنظمة الهيئة الحكومية الدولية المعنية للتنمية (إيغاد) والاتحاد الأفريقي والإمارات والسعودية ومصر وقطر والولايات وإثيوبيا، وذلك لمناقشة الأزمة السودانية.

إعلان كينيا والإيغاد

وفي السياق نفسه، قال وزير الخارجية الكيني موساليا دبليو مودافادي أمس الخميس في تصريحات للجزيرة إنه من "الضروري جمع الأطراف المتنازعة في السودان والكونغو الديمقراطية حول طاولة الحوار لإنهاء النزاعات في البلدين.

وأضاف الوزير مودافادي أن وزير الخارجية السودانية علي يوسف طلب من الرئيس الكيني ويليام روتو الشهر الماضي دعم نيروبي لإعادة انضمام السودان إلى الإيغاد، وهي هيئة مكونة من 5 دول أفريقية هي جيبوتي وإثيوبيا وكينيا وأوغندا والصومال مهمتها الإسهام في حل النزاعات الأفريقية.

وزير خارجية كينيا خلال تصريحات للصحافة أمس الخميس داخل مقر الاتحاد الأفريقي (الجزيرة)

وذكر مبعوث الإيغاد إلى السودان لورنس كورباندي في تصريح خاص للجزيرة خلال اجتماعات القمة الأفريقية، التي انطلقت أول أمس الأربعاء، أن القضية السودانية أصبحت من أعقد الملفات في المنطقة الأفريقية "مما يتطلب تنسيقا جيدا بين الأطراف الفاعلة".

وشدد كورباندي على أن الحل في السودان يجب ألا يكون عسكريا، متحدثا عن ضرورة وقف الحرب كخطوة أولى وتهيئة الأجواء لعملية سلمية شاملة تشارك فيها كل الفئات السودانية، بمن فيهم المدنيون، لضمان الوصول إلى اتفاق سياسي مستدام.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الاتحاد الأفریقی السلم والأمن مقر الاتحاد فی السودان أمس الخمیس

إقرأ أيضاً:

هل تتحول الأزمة بين السلطة واتحاد الشغل في تونس إلى مواجهة مفتوحة؟

تونس- يتصاعد التوتر مجددا، وبشكل غير مسبوق بين السلطة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل، (أكبر منظمة نقابية في البلاد)، خاصة بعد احتجاج أنصار الرئيس قيس سعيد أول أمس أمام مبنى الاتحاد بالعاصمة ومطالبتهم بتجميد نشاط الاتحاد وحله.

وقد أثار خطاب الرئيس سعيد، الذي ألقاه خلال اجتماعه أمس برئيسة الحكومة جدلا واسعا، إذ رأى عدد من المراقبين أن حديثه عن دور قوات الأمن في حماية مقر الاتحاد، ونفيه وجود نية لاقتحامه من قبل المحتجين، يعكس تبنيا ضمنيا لاحتجاجهم.

وذهب بعضهم إلى أن هذا الخطاب يضفي شرعية على تحركات اعتُبرت اعتداء مباشرا على المنظمة النقابية، كما أثارت إشارات الرئيس إلى ملفات الفساد والمحاسبة وربط ذلك بالاتحاد، مخاوف من أن تكون هذه اللغة رسالة تهديد للاتحاد.

وتنبئ هذه الأزمة المرجحة للتصاعد أكثر بتعقيد المشهد السياسي والاجتماعي في تونس في وقت تتفاقم فيه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، مما يدفع بعض المراقبين إلى التحذير من اقتراب "خريف ساخن" قد يشعل البلاد على أكثر من جبهة.

شرارة الأزمة

وبدأت شرارة الأزمة الأخيرة بإضراب شامل في قطاع النقل البري دام 3 أيام، نفذته الجامعة العامة للنقل المنضوية تحت اتحاد الشغل، احتجاجا على ما وصفته بتجاهل وزارة النقل والحكومة من ورائها لمطالب مهنية واجتماعية تراكمت منذ أشهر.

وشمل الإضراب المترو الخفيف والحافلات العمومية وحافلات النقل بين المدن، وأدى ذلك إلى شلل واسع في حركة التنقل، وأثر بشكل مباشر على الفئات التي لا تملك وسائل نقل خاصة وتعتمد في تنقلاتها بشكل رئيسي على النقل العمومي.

وجاء الإضراب وسط ظروف اقتصادية واجتماعية متدهورة، تعاني فيها تونس من ارتفاع في الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، مما أثار موجة غضب بين أنصار الرئيس سعيد الذين شنوا هجوما شرسا ضد الاتحاد عبر منصات التواصل.

إعلان

ولم يتوقف الأمر عند حدود الخطاب والتشهير، بل انتقل إلى الشارع، حيث نظم العشرات من أنصار الرئيس احتجاجا أمام المقر المركزي لاتحاد الشغل أول أمس الخميس، رفعوا خلاله شعارات تدعو إلى حل المنظمة وتجميد نشاطها نهائيا.

واتهم أنصار الرئيس سعيد الاتحاد العام التونسي للشغل بتخريب الاقتصاد وتعطيل مصالح العباد وتدمير البلاد بسبب إضراباته، في محاولة لدفع الرئيس للتدخل لإضعاف اتحاد الشغل الذي تراجع نفوذه منذ إحكام قيس سعيد سيطرته على البلاد.

وسرعان ما تفاعلت الأحزاب والمنظمات مع هذه التحركات حيث تتالت البيانات المنددة بحملات التحريض ضد اتحاد الشغل، متهمة السلطة بالوقوف وراء هذا التصعيد والدعوة إلى العنف بهدف تركيع الاتحاد وتقليص تأثيره، -وفق بياناتها.

وقفة احتجاجية لأنصار اتحاد الشغل للدفاع عن منظمتهم (الجزيرة)هشاشة الاتحاد

ويرى بعض المراقبين أن تراجع الاتحاد العام التونسي للشغل عن تنفيذ إضراب جديد في قطاع النقل المقرر يومي 7 و8 أغسطس/آب الحالي، يعود إلى الاستياء الشعبي الذي تسبب فيه، وتراجع شعبيته نتيجة مواقفه الداعمة لمسار 25 يوليو/تموز 2021.

ولم يحدد الاتحاد موعدا لإضراب النقل القادم رغم أنه وجه انتقادا لوزارة الشؤون الاجتماعية بأنها رفضت، في سابقة تاريخية، الجلوس على طاولة المفاوضات ضمن ما يعرف بالجلسات الصلحية لإيجاد الحلول الممكنة لتفادي الإضرابات المبرمجة.

ويرى مراقبون أن هذا الموقف الرسمي يعكس قطيعة واضحة بين السلطة والاتحاد، تضاف إلى تراكم الخلافات منذ الإجراءات الاستثنائية التي أقرها الرئيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021، والتي مهدت لتركيز السلطة بين يديه منذ 4 سنوات.

ليست المواجهة مع السلطة وحدها مصدر ارتباك الاتحاد العام التونسي للشغل، بل إن الأزمة الداخلية التي شهدها الاتحاد خلال الأشهر الماضية بشأن قيادة المنظمة فتحت المجال أمام السلطة لاستغلالها لإضعاف الاتحاد، خاصة وأن هذا الإضعاف يعني توجيه ضربة قوية لبقية مكونات المجتمع المدني.

وبالرغم من التوصل إلى اتفاق لعقد مؤتمر انتخابي في 25 و26 و27 مارس/آذار 2026 لمناقشة ترسيخ آليات الديمقراطية الداخلية، فإن الجراح الداخلية لم تلتئم بالكامل، مما يجعل الاتحاد في وضع هش قد تستغله السلطة لصالحها.

الاتحاد، الذي كان تاريخيا من أبرز المدافعين عن القضايا الوطنية والحقوق الاجتماعية والسياسية، يجد نفسه اليوم في موقف دفاعي، يتعرض لضغوط وانتقادات من الداخل والخارج، مع تراجع تأثيره في الملفات الاجتماعية والاقتصادية الكبرى.

ويشير بعض المراقبين إلى أن السلطة تسيطر الآن على زمام المبادرة في قضايا حساسة مثل تعديل مجلة الشغل، وزيادة الأجور، وصندوق البطالة، وقانون الوظيفة العمومية، وهي ملفات كان الاتحاد يشارك فيها تاريخيا.

 

خريف ساخن

بدوره، أشار الكاتب والمحلل السياسي صلاح الدين الجورشي إلى أن التوتر بين السلطة والاتحاد لا يرتبط فقط بالإضراب الأخير في قطاع النقل، بل إن الخلافات أعمق وأقدم، وازدادت تفاقما خلال الفترة الماضية، حتى أصبحت تعكس أزمة حادة بين الطرفين، معبرا عن مخاوف من موسم صعب قادم.

إعلان

ويؤكد الجورشي في حديثه للجزيرة نت أن تحرك أنصار الرئيس قيس سعيد نحو مقر اتحاد الشغل ومحاولة اقتحامه لم يكن عملا فرديا عفويا، بل يأتي في إطار سياسة تهدف إلى تقليص دور المنظمة ودفع قيادتها الحالية للاستقالة أو الخضوع للضغوط.

ورغم الأزمة الداخلية، يحاول الاتحاد تجاوز وضعه الحالي عبر نقل الصراع إلى مواجهة السلطة والتركيز على المطالب المهنية والاجتماعية لعدة قطاعات، في وقت تتفاقم فيه الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.

ويضيف الجورشي أن الأزمة قد تتصاعد مع إعلان نقابات التعليم التابعة للاتحاد عن إضراب مع بداية العام الدراسي، مشيرا إلى أن كلا الطرفين يستثمر قدراته على الضغط والتأثير.

سياسة ممنهجة

من جانبه، أكد المعارض والقيادي في حزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني أن استهداف الاتحاد ليس جديدا، بل هو جزء من سياسة ممنهجة للسلطة القائمة على رفض الأجسام الوسيطة، سواء الأحزاب أو منظمات المجتمع المدني.

ويقول، للجزيرة نت، إن الرئيس سعيد رفض منذ البداية دعوات الاتحاد للحوار السياسي، في وقت تتفاقم فيه الأزمة الاجتماعية مع تجاهل الحكومة للمطالب الاجتماعية، مثل زيادة الأجور، وفق رأيه.

ورأى أن الأزمة بين السلطة والاتحاد تصاعدت بعد فترة من القطيعة، رغم دعم الاتحاد لمسار الرئيس في البداية، لافتا إلى تجاهل السلطة للاتحاد في ملفات مهمة مثل تعديل مجلة الشغل، رغم كونه أكبر منظمة نقابية.

مشيرا إلى أن التحريض المستمر لأنصار الرئيس ضد الاتحاد، واتهام قياداته بالخيانة، أسهم في زيادة التوتر ودفع البعض إلى الانجرار وراء حملات التشويه والتجييش.

بحسب مراقبين فإن إصرار السلطة على غلق باب الحوار أدى إلى انسداد قنوات التفاوض (الجزيرة)انسداد الحوار

ويوضح العجبوني أن إصرار السلطة على غلق باب الحوار أدى إلى انسداد قنوات التفاوض، مستشهدا بقرار وزارة الشؤون الاجتماعية وقف المفاوضات مع الاتحاد رغم أن حق الإضراب منصوص عليه حتى في دستور الرئيس سعيد.

معتبرا أن السلطة وصلت إلى درجة من التعسف تجعل كل السيناريوهات ممكنة، مستذكرا قرارات سابقة مثل حل البرلمان المنتخب وحل المجلس الأعلى للقضاء، والتي جاءت بدعوات من فئات قليلة من أنصار الرئيس.

وبيّن أن الأزمة الداخلية في الاتحاد، الناتجة عن الخلاف حول تعديل الفصل 20 من قانون الاتحاد المتعلق بمدة تجديد القيادة، يمكن حلها عبر آليات ديمقراطية داخلية.

وختم العجبوني تصريحاته بالتأكيد على استبعاد تمكن السلطة من حل الاتحاد أو تجميد نشاطه بسبب قوته وانتشاره في مختلف مناطق البلاد، لكنه يتوقع تصعيدا مستمرا بين الطرفين، محذرا من تداعيات غياب الحوار على الاستقرار في ظل الأزمة السياسية الراهنة.

مقالات مشابهة

  • نصية: ليبيا أمام لحظة حاسمة وإحاطة تيتيه قد تحدد مصير البعثة الأممية
  • قوات الدعم السريع تقصف بالمدفعية الثقيلة الأحياء السكنية ومراكز الإيواء بالفاشر
  • معارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الاتجاهين الجنوبي والشرقي بدارفور
  • حكومة السودان ترحب بالبيان الصادر عن اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي
  • هل تتحول الأزمة بين السلطة واتحاد الشغل في تونس إلى مواجهة مفتوحة؟
  • بيان مشترك بشأن الاجتماع الافتتاحي لآلية التنسيق الأمني المشتركة (JSCM) لاتفاق السلام بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا
  • الحكومة السودانية ترحب ببيان مجلس السلم والأمن الأفريقي
  • تركيا تطرق الأزمة السودانية بشدة.. ولقاء يجمع الرئيس السيسي وهاكان فيدان
  • سودان 56 وقضايا التحرر الأفريقي ومناهضة الإستعمار الجديد
  • اللواء حاتم باشات: علاقة مصر والسودان مثل النيل لا يتغير مجراها