موقع إخباري: ما صحة الروايات عن الصراع في الكونغو الديمقراطية؟
تاريخ النشر: 14th, February 2025 GMT
أفاد تقرير على موقع وكالة "ذا نيو هيومانيتيريان" للأنباء بأن استيلاء حركة 23 مارس (إم 23) المتمردة الشهر الماضي على مدينة غوما عاصمة مقاطعة شمال كيفو الشمالية قد ضاعف من التغطية الإعلامية الدولية للأزمة المنسية في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وورد في التقرير أن معظم التقارير التي تتناول الصراع تستخدم صيغا خاطئة تشير إلى أن الدافع الوحيد وراءه هو الرغبة في نهب الموارد المعدنية الغنية في المنطقة.
وذكر كاتبا المقال -كريستوف فوغل المؤسس المشارك لمعهد إيبوتلي الكونغولي للأبحاث المتعلقة بالسياسة والإدارة والعنف وجوديث فيرويجين الأستاذة المساعدة في جامعة أوتريخت الهولندية- أن التقارير التي تتحدث عن نهب المعادن تتضمن أوصافا مجازية إذ يزعم مؤيدو هذه الرواية أن حركة إم 23 وحلفاءها الروانديين أشعلوا فتيل التمرد لنهب كميات كبيرة من المعادن من الكونغو الديمقراطية المجاورة.
مصالحكذلك ادّعوا أن شركات الإلكترونيات أو التكنولوجيا الغربية تشتري المعادن التي يصاحب استغلالها أعمال عنف، ومن ثم تصبح متواطئة في الصراع، وأن الحرب يحرِّكها التنافس على ما يسمى "بالمعادن الحرجة" التي يتطلبها التحول في مجال الطاقة.
إعلانووفقا للمقال، ليس هناك شيء جديد أو مفاجئ في ما يتعلق بإلقاء اللوم في تمرد حركة 23 مارس على الجشع على الموارد، فقد كانت تلك المعادن العدسة الرئيسية التي ظلت وسائل الإعلام الدولية تنظر من خلالها إلى النزاعات في شرق الكونغو الديمقراطية طوال ما يقرب من 3 عقود.
وفي حين أن الحروب المستعرة في بيئات أخرى غالبا ما يتم الإقرار بأنها نتاج جغرافيا سياسية وتاريخ وأيديولوجيا أكثر تعقيدا، إلا أن الحروب في أفريقيا تُختزل في الجشع المحض، كما يزعم المقال.
ويحاول الكاتبان في مقالهما تبرئة الشركات الغربية من جريرة ما يحدث في تلك الدولة الواقعة في وسط أفريقيا؛ إذ يريان أن الرواية المتعلقة بالتمرد بقدر ما هي مغرية فهي في نظرهما ناقصة وزائفة، بل يمكن أن تكون خطيرة للغاية لأنها قد تفضي إلى سياسات رديئة وجهود سلام فاشلة تضرّ في نهاية المطاف بالشعوب التي تعاني من ويلات العنف.
الموارد الطبيعيةويعتقدان أن سردية المعادن هذه ترتكز في نهاية المطاف على رؤية استعمارية للعالم، حيث المنتجون والمستهلكون الغربيون هم الفيصل في المعاناة المستمرة في شرق الكونغو الديمقراطية.
وتلعب الموارد الطبيعية دورا مهما في الاقتصاد السياسي لكل من شرق الكونغو الديمقراطية ورواندا، والصحيح أيضا أن عودة حركة إم 23 في عام 2021 مرتبطة بارتفاع حاد في صادرات المعادن في رواندا، وفقا للإحصاءات الرسمية.
لكن ما الذي يدفع حركة إم 23 إلى التمرد؟ يتساءل الكاتبان قبل أن يجيبا أن الدافع يعود، من ناحية، إلى مصالح قيادة الحركة وطموحاتها، وبعضها مصالح فردية مرتبطة بالعفو عن أعمال العنف السابقة، فضلا عن المطالبات السياسية والعسكرية الأوسع نطاقا.
ومن ناحية أخرى، فإن رواندا -التي دعمت الحركة الكونغولية المتمردة ببضعة آلاف من المقاتلين كما تقول الأمم المتحدة- ظلت تمارس على مدى 3 عقود مضت نفوذا على شرق الكونغو الديمقراطية دفاعا عن مصلحتها الراسخة هناك.
إعلان إغراءات جمركيةوعلى عكس الرواية القائلة إن حركة إم 23 لعبت دورا حاسما في وصول رواندا إلى المعادن الكونغولية، فإن هذه الدولة تملك القدرة على الوصول إليها بغض النظر عن دعمها للتمرد أو التدخل بقواتها الخاصة في الصراع هناك.
ويعزو المقال السبب في ذلك لحد كبير إلى أن رواندا تفرض رسوما جمركية أقل تغري المنتجين الكونغوليين بالتصدير إليها سواء بشكل قانوني أو غير قانوني، وهذا يعني أنهم يفعلون ذلك عن طيب خاطر وليس بالضرورة تحت تهديد السلاح.
ورغم أن صادرات رواندا الرسمية من الذهب تضاعفت في السنوات الأخيرة، حيث يأتي معظمه من الكونغو الديمقراطية، فإن علاقتها بالحركة المتمردة لا تزال غير واضحة، بحسب مقال وكالة "ذا نيو هيومانيتيريان" التي تتخذ من العاصمة الكينية نيروبي مقرا لها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات شرق الکونغو الدیمقراطیة حرکة إم 23
إقرأ أيضاً:
واشنطن تطلق تحالفا لمواجهة هيمنة الصين على المعادن والذكاء الاصطناعي
أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تشكيل تحالف دولي جديد تحت مسمى “باكس سيليكا”، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تقليص الهيمنة الصينية على العناصر الأرضية النادرة، وتعزيز التفوق الغربي في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة وأشباه الموصلات.
ويأتي إطلاق التحالف ضمن رؤية أوسع تعتمدها إدارة ترامب تحت عنوان “السلام التكنولوجي”، والتي تسعى إلى بناء نظام اقتصادي وتكنولوجي عالمي أكثر استقلالا وأقل اعتمادا على الصين، لا سيما في القطاعات الحساسة المرتبطة بالأمن القومي والصناعات المستقبلية.
تحالف متعدد الأطراف وسلاسل توريد بديلة
وبحسب وزارة الخارجية الأمريكية، يضم تحالف “باكس سيليكا” دولا رئيسية تشكل العمود الفقري لسلاسل توريد الذكاء الاصطناعي العالمية، من بينها: اليابان، كوريا الجنوبية، سنغافورة، هولندا، المملكة المتحدة، الاحتلال الإسرائيلي، الإمارات العربية المتحدة، وأستراليا.
وأكدت الخارجية الأمريكية أن هذه الدول تحتضن كبرى الشركات والمستثمرين الذين يقودون سلاسل الإمداد العالمية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، ما يمنح التحالف ثقلا اقتصاديا وصناعيا كبيرا.
ويهدف التحالف إلى بناء سلاسل توريد مستقلة عن الصين، خصوصا في قطاعات أشباه الموصلات والمعادن الأرضية النادرة، التي تعد مكونات أساسية للتكنولوجيا المتقدمة، سواء في الاستخدامات المدنية أو العسكرية.
“الحزام والطريق”
وقال جاكوب هيلبرغ، وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون الاقتصادية، إن الإعلان عن التحالف “يمهد الطريق أمام تعاون واسع في مجالات البحث والتطوير والتصنيع وتطوير البنية التحتية”، مشددا على أن الهدف هو منافسة مبادرة الحزام والطريق الصينية.
وفي تصريح لمجلة بوليتيكو، وصف هيلبرغ التحالف بأنه “سياسة صناعية لتحالف يركز على الأمن الاقتصادي”، معتبرا إياه نقطة تحول في كيفية تعامل الولايات المتحدة وحلفائها مع اقتصاد الذكاء الاصطناعي ومواجهة الصين في هذا المجال.
وأضاف: “لا توجد اليوم مجموعة يمكن أن تجتمع لمناقشة اقتصاد الذكاء الاصطناعي وكيفية منافسة الصين، وباكس سيليكا تسد هذا الفراغ”.
السيليكون في قلب الاستراتيجية الأمريكية
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن “باكس سيليكا” تمثل منصة لحماية سلسلة القيمة الكاملة للسيليكون، الذي يعد مادة محورية في صناعة أشباه الموصلات، والتصنيع المتقدم، والبنية التحتية للذكاء الاصطناعي.
وأوضح المسؤولون أن الهدف الأساسي للمبادرة هو تقليل الاعتماد على الدول التي تصنفها واشنطن بأنها “قسرية”، وفي مقدمتها الصين، التي فرضت خلال السنوات الأخيرة قيودا على تصدير المعادن الحيوية، بما في ذلك العناصر الأرضية النادرة.
وخلال الفعالية التمهيدية التي استضافها معهد دونالد جيه ترامب للسلام، استحضر نائب وزير الخارجية الأمريكي كريستوفر لانداو نماذج تاريخية مثل “باكس رومانا” و“باكس أمريكانا”، مشيرا إلى أن “باكس سيليكا” تسعى إلى إنشاء تحالف تقوده الولايات المتحدة لبناء نظام بيئي تكنولوجي “آمن ومرن وموجه نحو الابتكار”.
وأكد لانداو أن واشنطن لا تهدف إلى الانعزال عن العالم، بل إلى إقامة سلاسل إمداد وشبكات معلومات “خالية من التأثيرات غير المشروعة والإكراه الاقتصادي”، الذي قد يحد من الابتكار والمنافسة.
مجالات تعاون واسعة
وستتعاون الدول المشاركة في التحالف في مجالات استراتيجية تشمل المعادن الحيوية، وتصميم الرقائق، وتصنيعها وتجميعها، والخدمات اللوجستية، وشبكات الطاقة، والحوسبة المتقدمة.
وخلال الفعالية، وقع جاكوب هيلبرغ والسفير الياباني لدى واشنطن يامادا شيجيو وثيقة تؤكد التعاون الثنائي بين البلدين في قطاعي المعادن الحيوية وأشباه الموصلات.
وبحسب تقرير بوليتيكو، فإن هذه الخطوة تعكس قلق إدارة ترامب من الهيمنة شبه الكاملة للصين على المعادن الأرضية النادرة، التي تعد ضرورية للتطبيقات العسكرية والمدنية، فضلا عن سيطرة بكين على أجزاء واسعة من سلاسل التوريد العالمية.
وأشار التقرير إلى أن الصين استخدمت نفوذها في هذا القطاع عبر فرض قيود على الصادرات، في محاولة للرد على سياسة إدارة ترامب التي اتسمت بفرض رسوم جمركية واسعة على الواردات الصينية.
كما لفتت المجلة إلى أن استثمارات الصين الضخمة في الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية تمنحها أفضلية تنافسية محتملة في اقتصاد القرن الحادي والعشرين، ما يثير مخاوف واشنطن وحلفائها.
“مجموعة السبع للذكاء الاصطناعي”
وفي توصيف لافت، قال هيلبرغ إن تحالف “باكس سيليكا” يمكن اعتباره “مجموعة السبع لعصر الذكاء الاصطناعي”، موضحا أن التحالف يلتزم بمواءمة ضوابط التصدير، وفحص الاستثمارات الأجنبية، ومعالجة الإغراق التجاري، إلى جانب حماية نقاط الاختناق في سلاسل التوريد العالمية.
وأضاف أن التنسيق بين الدول المشاركة قد يسهم في عرقلة مبادرة الحزام والطريق الصينية، عبر الحد من قدرة بكين على شراء الموانئ والطرق السريعة والممرات اللوجستية الاستراتيجية.
ومن المقرر تدشين التحالف رسميا عبر قمة “باكس سيليكا” التي تنظمها واشنطن ليوم واحد، بمشاركة مسؤولين من الاتحاد الأوروبي وكندا وهولندا والإمارات العربية المتحدة.
وستركز القمة على التعاون في مجالات التصنيع المتقدم، وتكرير المعادن الحيوية، والخدمات اللوجستية، في حين أكد المسؤولون أن الهدف طويل المدى يتمثل في توسيع التحالف ليشمل مزيدا من الحلفاء والشركاء الذين يمتلكون موارد استراتيجية وتكنولوجية وتصنيعية.