لجريدة عمان:
2025-07-29@01:27:21 GMT

ترامب وأوروبا وأوكرانيا

تاريخ النشر: 15th, February 2025 GMT

ترجمة - قاسم مكي

ألقى المؤرخ الأمريكي تيموثي سنايدر محاضرة عن التاريخ والحرية هذا الشهر في قاعة فخمة يعود بناؤها إلى القرن التاسع عشر بجامعة السوربون. في ختام محاضرته بعث سنايدر للأوروبيين بالرسالة التالية: إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا عليكم أن تقدموا كل شيء إلى أوكرانيا. قدموا لها عضوية الاتحاد الأوروبي وجنودا واستثمارا ضخما.

بخلاف ذلك ستعيشون في ظل الحرب دائما. هذه ساعة أوروبا لأن الولايات المتحدة لن تفعل شيئا.

لا يحتاج إيمانويل ماكرون إلى إقناع (لكي يفعل ذلك). ففي أوروبا شهد النقاش حول حرب روسيا في أوكرانيا تحولا مفاجئا وحادا. لقد أوجدت عودة ترامب إلى البيت الأبيض وانفتاح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نحو تسوية متفاوَض حولها وضعا جديدا أكثر تقلبا.

وعبارة تقديم الدعم إلى أوكرانيا «طالما ظلت هناك حاجة لذلك» والتي استمر الحلفاء في ترديدها لما يقرب من ثلاث سنوات تفقد صِدقيَّتَها حقا عندما يترك الشريك الرئيسي جوقة منشديها. واستعداد ترامب لإنهاء الحرب من غير إبلاغ الأوروبيين بالكيفية التي ينوي أن يفعل بها ذلك يشكل تحديا هائلا لزعماء القارة.

أسوأ كوابيس الرئيس الفرنسي والذي يشاطره فيه عديدون من نظرائه هو عقد اتفاق أمريكي روسي دون إشراك رئيس الأوكرانيين ورؤساء الأوروبيين. هذا للإنصاف تقليدٌ دبلوماسي أمريكي سابق لمجيء ترامب.

سجل ماكرون انتصارا مبكرا عندما رتب اجتماعا بين زيلينسكي والرئيس المنتخب وقتها دونالد ترامب على هامش إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام بعد ترميمها في ديسمبر. من الواضح ذلك الحوار ساعد ترامب على إدراك أن حل المشكلة سيحتاج إلى أكثر من 24 ساعة. كما يشير المسؤولون الأوروبيون أيضا ربما بقصد الطمأنة أن رئيس الولايات المتحدة تجنب حتى الآن سيناريوهات يَقُفُّ لها شعر الرأس من شاكلة خطة غزة.

موقف ترامب حسب اعتقادهم لم يحدَّد بعد مع استمرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كما يبدو في الاعتقاد بأن في مقدوره كسب هذه الحرب. لكن هنالك وضع يعلم هؤلاء المسؤولون أنه واضح وهو فك الارتباط الأمريكي. ليست هنالك حاجة لترك منظمة معاهدة شمال الأطلسي (حلف الناتو). فترامب فقط لا يريد تحميل بلده العبء الذي يترتب عن الحرب في أوكرانيا.

وإذا أرادت أوروبا مقعدا في طاولة المفاوضات يجب أن يكون لديها شيء تقدمه حتى يوضع حساب لمصالحها ليس فقط فيما يتعلق بشروط الاتفاق ولكن بتطبيقه أيضا. فالاتفاق الذي قد يبدو جيدا لترامب لأنه أوقف مذبحة أولئك «الجنود الذين هم في شرخ الشباب» كما قال ترامب لن يكون اتفاقا جيدا لأوروبا إذا لم يمنع روسيا من مهاجمة أوكرانيا مرة أخرى. لذلك من وجهة النظر الأوروبية الضماناتُ الأمنية القوية لأوكرانيا أساسية لأي اتفاق.

هذا هو المجال الذي تصبح فيه الأشياء مؤلمة لبلدان استودعت أمنها على مدى عقود للولايات المتحدة وتدرك الآن وبعد فوات الأوان أن هذه الضمانة الأمريكية لم تعد موجودة.

يدور جدل بالغ الحيوية الآن حسب مسؤول أوروبي حول نوع الضمانات الأمنية التي ستكون ضرورية. من بين البلدان الأكثر انخراطا في هذا الجدل والتي تضم بولندا ودول البلطيق والسويد وفنلندا، تحاول فرنسا لعب دور القيادة لكن بطريقة جديدة وغير مألوفة. فهي تسعى إلى حشد البلدان الأخرى وتوحيد مساعيها بدلا عن الاقتصار على جهودها الخاصة بها.

استُخدِمت صيغ جديدة خارج الإتحاد الأوروبي عند الحاجة مثل إضافة إيطاليا وبريطانيا لمثلث فايمار الذي يضم فرنسا وألمانيا وبولندا. (مثلث فايمار تحالف إقليمي ثلاثي بين ألمانيا وفرنسا وبولندا تأسس بمدينة فايمار الألمانية بعد نهاية الحرب الباردة ويهدف إلى تعاون أضلاعه الثلاثة في المجالات الاقتصادية والأمنية والثقافية – المترجم.) لقد توجب على ماكرون أن يفعل شيئا لاستعادة ثقة شركائه بعدما واجه مقترحه المفاجئ في العام الماضي بإرسال جنود إلى أوكرانيا معارضة قوية. ومن المفترض أنه مدرك أيضا لوضعه الضعيف في المشهد الأوروبي بسبب متاعبه السياسية والاقتصادية الداخلية.

مع ذلك تنفرد فرنسا بموقفها عندما يتعلق الأمر بمواجهة رئيس أمريكي يتصرف كخصم أكثر منه حليفا. بالنسبة لبعض الأوروبيين خصوصا أولئك الأكثر عرضة للتهديد الروسي يبدو سقوط أوكرانيا احتمالا مخيفا. فهم يشعرون بأن الدور ربما سيكون عليهم. لذلك إغراء محاولة الحفاظ على الحماية الأمريكية مهما كان الثمن يناقض مسعى بناء قدرة دفاعية أوروبية قوية. فرنسا لا تشترك في نفس هذه الحساسية. فهي تشعر أنها محمية برادعها النووي المستقل والخاص بها.

تُردِّد كلماتُ تيموثي سنايدر في جامعة السوربون أصداءَ ما قاله مارك روته الأمين العام لحلف الناتو والذي حذر أعضاء البرلمان الأوروبي في الشهر الماضي من أن الخيارات الوحيدة المتاحة للبلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إذا لم يتجهوا الى إنفاقهم الدفاعي بقدر كبير سيكون تعلُّم اللغة الروسية أو الرحيل إلى نيوزيلندا. وهكذا يواجه الأوروبيون العالقون بين بوتين وترامب أخيرا الواقع الذي حاولوا الفرار منه طوال هذه الفترة المديدة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

ترامب يعلن تقليص مهلة الـ50 يومًا لبوتين للتوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه تقليص المهلة التي منحها لروسيا للقبول باتفاق سلام في أوكرانيا، مشيرًا إلى إحباطه من تصاعد الهجمات الروسية. اعلان

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الاثنين 28 تموز/يوليو إنه سيقلص المهلة التي حددها سابقًا لروسيا والتي كانت خمسين يومًا للموافقة على اتفاق سلام في أوكرانيا، معبرًا عن إحباطه المتزايد من استمرار الحرب الشاملة التي دخلت عامها الرابع.

وأوضح ترامب في تصريحات مشتركة مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في اسكتلندا: "أشعر بخيبة أمل في الرئيس الروسي فلاديمير بوتين". وأضاف: "سأقوم بتقليص مدة الخمسين يومًا التي منحته إياها إلى رقم أقل، لأنني أعتقد أنني أعرف مسبقًا الإجابة عما سيحدث".

وأشار ترامب إلى أنه تحدث مع بوتين كثيرًا وتفاهم معه بشكل جيد جدًا، لكنه استنكر تصرفات بوتين قائلًا: "يخرج ويبدأ بإطلاق الصواريخ على مدينة ما، مثل كييف، ويقتل الكثير من الناس في دار رعاية أو أيًا كان، وتجد الجثث ملقاة في جميع أنحاء الشارع".

وكان ترامب قد تفاخر في حملته الانتخابية الرئاسية عدة مرات بقدرته على إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا خلال يوم واحد، وذكر أنه وبوتين كانا قريبين من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار خمس مرات، إلا أن الاتفاق النهائي ظل بعيد المنال.

President Donald Trump speaks with Britain's Prime Minister Keir Starmer during an official greeting in Turnberry, 28 July, 2025 AP Photo إنذار ترامب النهائي لمدة 50 يومًا

في وقت سابق من هذا الشهر، قال ترامب إنه أمهل روسيا خمسين يومًا للتوصل إلى اتفاق سلام أو مواجهة ما وصفه بعقوبات اقتصادية "شديدة للغاية"، وذلك خلال زيارة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته إلى واشنطن.

Related ترامب يعلن عن التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي وصفه بالأكبر على الإطلاق وعن فرض رسوم بقيمة 15% "خاب ظني ببوتين".. ترامب يتوعد موسكو برسوم "قاسية" على حلفائها التجاريينوصفتها بـ"الخطرة جداً".. روسيا تُعلّق على "مهلة ترامب" لإنهاء الحرب في أوكرانيا

ورغم اعتقاد بعض المراقبين بأن فرض رسوم جمركية صارمة على موسكو قد يغير قواعد اللعبة، إلا أن آخرين رأوا أن التأجيل حتى أيلول/سبتمبر طويل للغاية.

تشن روسيا حملة صيفية تهدف إلى اختراق خط الجبهة الذي يبلغ طوله ألف كيلومتر، وتكثف طائراتها بدون طيار وصواريخها القصف على المدن الأوكرانية أكثر من أي وقت مضى خلال السنوات الثلاث الماضية.

People rest inside a metro station which serves as a bomb shelter during an air raid alert in Kyiv, 28 July, 2025 AP Photo/Dan Bashakov الوضع العسكري وردود الفعل الأوكرانية

يشير محللون إلى أن الجيش الأوكراني المستنزف يخسر المزيد من الأراضي في الآونة الأخيرة، لكن لا توجد مؤشرات على انهيار وشيك في الخط الأمامي.

من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه تحدث إلى ترامب يوم الاثنين، معبرًا عن امتنانه لقرار إرسال المزيد من صواريخ باتريوت للدفاع الجوي، والتي تعتبر حيوية للدفاع عن المدن الأوكرانية.

وأكد زيلينسكي أنه "ناقشنا الإجراءات والقرارات اللازمة لتوفير حماية أكبر للشعب من الهجمات الروسية وتعزيز مواقعنا، واتفقنا على التحدث أكثر وتنسيق الخطوات في المستقبل".

المصادر الإضافية • AP

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • ترامب يمنح روسيا 12 يوماً لإنهاء حرب أوكرانيا ويهدد بعقوبات
  • ترامب يعلن تقليص مهلة الـ50 يومًا لبوتين للتوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا
  • ترامب: بوتين أمامه مهلة 10 أيام لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • مهلة نهائية لبوتين لإنهاء حرب أوكرانيا.. ما المنتظر من ترامب؟
  • ترامب يعلن أنه سيمهل بوتين 10 أيام أو 20 يوما لإنهاء حرب أوكرانيا
  • ترامب: سنمهل بوتين من 10 لـ 20 يوما لإنهاء حرب أوكرانيا
  • ترامب يقلص مهلته لإنهاء الحرب في أوكرانيا
  • من أين تحصل أوكرانيا على المال للحرب؟ وكيف ستسدد ديونها؟
  • تصاعد التوتر التجاري بين أمريكا وأوروبا مع اقتراب محادثات ترامب وفون دير لاين باسكتلندا
  • رئيس أوكرانيا يعترف: نخوض قتالا صعبًا حول بوكروفسك