1/
أما الميتة فهي دق مسامير نعش وحدة السودان في نيروبي، ١٨ فبراير ٢٠٢٥م.
السودان الذي أهرق أجدادنا الدماء في تثبيت وحدته، وبعضهم كما روى لي بعض أحفاد السلطان دوسة سلطان الزغاوة، حددوا بقبورهم حدود السودان في معارك وطنية ضد المحتل، رسموا حدود السودان بدمائهم حرفيا. ويمكن للمستزيد أن يراجع الدكتور عبد الحليم عيسى تيمان Abdelhalim Eisa Timan.
قرأت في كتاب (الإرث الشعبي لقبيلة التعايشة) للفولكلوري المجد فرح عيسى رحمه الله أن التعايشة أخذوا على خليفة المهدي أنه حينما أتوا له بنسبهم العربي مكتوبا ليردوا على تفاخرات القبائل النيلية أخذ الوثيقة ورماها في البحر (النيل) وقال لهم ماذا تريدون من النسب القبلي أنا أمكم وابوكم المهدي، أي أن الرباط العقدي والقومي الجديد لا يقوم على قبيلة،
بينما خطاب نيروبي كان موغلا في إحلال سودان جديد تنقلب فيه الموازين القبلية وتصير قبائل معينة هي العليا، مما يهزم الرسالة التي قامت عليها أول حركة قومية سودانية بتعبير الكاتب البريطاني فيرغس نيكول في كتابه (المهدي: سيف النبي) وكانت تسعى لتخلق قومية موحدة لوجدان السودانيين على النحو الذي نظر له المهدي وخليفته عليهما السلام ووصفه روبرت كريمر في كتابه (أم درمان مدينة مقدسة على النيل) حيث كانت القرابة لدى أولئك القوم لا تعني قرابة الدم بل العقيدة والروح..
دك القوم في نيروبي رسميا تلك الأحلام.
ودشنوا الانقسام الثاني للسودان إذا لم يتدارك الناس هذا المخطط ويجهضونه لصالح سودان موحد عادل ينهي المظالم التاريخية ويبنى على المضيء في تجربتنا السابقة ويصحح أخطائها،، بعيدا عن شعار مؤتمر نيروبي العدمي (سودان جديد يتقدم، سودان قديم يتحطم) فالسودان الذي يحاك نسجه الآن ليس جديدا، هو فقط (عفريتة) للمظالم لا تعديلا للصورة.
2/
أما خراب الديار، علاوة على تنصيب المخرب الاول بحسب سجلات انتهاكات الحرب المعتمدة، ومحاولة شرعنته إقليميا ودوليا، فهو التعامل المكشوف مع أسرة دقلو والاشتراك معها في حكومة، وثلاثة منها (عبد الرحيم ومحمد والقوني حمدان دقلو) فرضت عليهم عقوبات دولية أمريكية وكندية واوربية مختلفة. كان المقرر أن يكون التعامل معهم محصورا في الوصول إلى حل وليس التحالف معهم أو الدخول في معاملات مالية أو إدارية.
ولكن تبرع السيد اللواء برمة في كلمته امام مؤتمر نيروبي بالقول:
(والشكر موصول للأخ عبد الرحيم الذي استجاب لطلب الأخ الحلو ووفر كل الإمكانيات لنقل اخواننا في الحركة الشعبية في مجاهل كردفان .. وفر كل وسائل المواصلات حتى إن شاء الله يتمكنوا من المجيء في الوقت المناسب).
هذا مع وجود عقوبات أمريكية على عبدالرحيم دقلو فرضت في (٦/٩/٢٠٢٣) بسبب علاقته بالانتهاكات في الحرب ضد المدنيين (شملت أعمال عنف وانتهاكات لحقوق الانسان ومذابح للمدنيين وقتل عنصري وعنف جنسي).
تضم العقوبات على عبد الرحيم والدعم السريع:
.."أن المؤسسات المالية والأشخاص الآخرين الذين يشاركون في معاملات أو أنشطة معينة مع الكيانات والأفراد الخاضعين للعقوبات قد يعرضون أنفسهم للعقوبات، أو يخضعون لإجراءات إنفاذ".
والحظر المفروض يشمل "تقديم أي مساهمة أو توفير أموال أو سلع أو خدمات من قبل أي شخص محدد أو إليه أو لصالحه، أو تلقي أي مساهمة أو توفير أموال أو سلع أو خدمات من أي شخص من هذا القبيل".
وقد اعلن اللواء فضل الله ان عبد الرحيم مول ترحيل الحركة الشعبية جناح الحلو. كما أنه ومن معه أعلنوا في المؤتمر عن تحالف جديد يضمهم مفهوم أن للدعم السريع علاقة بتمويله وكذا بتنظيمه إذ شكر اللواء فضل الله عبد الرحيم كذلك على موافقته أن يتأخر التوقيع على الميثاق حتى يوم ٢١ فبراير...
وبذلك يتعرض المشاركون في هذا المؤتمر للعقوبات الامريكية باعتبارهم مسؤولين عن انتهاكات واغتصابات وقتل الدعم السريع للمدنيين على أسس إثنية..
وهذا هو خراب الديار..
وكونها ميتة وخراب ديار لا تكفي في وصف الحالة، إذ تستتبع كذلك الارتباط بالانتهاكات الوحشية وحمل وزر تقسيم بلد أهرقت في وحدته دماء عزيزة.
مرفق الرابط عن تفاصيل العقوبات في لينك الخبر.
ملحوظة: المتعاملون ماليا وإداريا مع الجهات الخاضعة لعقوبات في بورتسودان ومنهم البرهان يعرضون أنفسهم كذلك للعقوبات، ولم أذكرهم في متن المقال لأنه ولله الحمد لم يشترك أي من دستوريي حزب الأمة القومي في حكومة بورتسودان أو يدخلوا في تعامل يعرضهم للعقوبات. وينبغي ألا يتورط أي حزب يؤمن بالديمقراطية والحرية في أية تحالفات مع حكومات عسكرية أو يشتركوا فيها أو يتعاملوا معها إلا في إطار البحث عن مخارج للبلد نحو انتقال سلمي ديمقراطي باتفاق قومي جامع.
نقلا عن صفحة رباح الصادق على الفيس بوك
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: عبد الرحیم
إقرأ أيضاً:
إسحق أحمد فضل الله يكتب: (نشرة مشاعر)
(نشرة مشاعر)
وكأنهم ينظرون إلى قفا السودان الذي يخرج من السودان… موجة من الكتابات عن المبدعين/ الذين ذهبوا/ تنطلق الآن،
والأسماء التي تتدفق الآن بعضها هو:
خالد فتح الرحمن
شابو
أبو آمنة حامد
يحيى فضل الله
الصلحي
عصام
معتصم حسين
النور عثمان
محجوب شريف
مصطفى سند
محمد عبد الحي
القدال
كجراي
جيلي عبد الرحمن
الفيتوري
صلاح أحمد إبراهيم
محمد المكي إبراهيم
إبراهيم إسحق
وبعض هؤلاء ما زال بين الناس… حفظه الله.
لكن…
ما يدهشك هو شيء تتفرد به كتابات السودانيين، وهو… النبل.
ومن يقرأ ما يسمى مذكرات، يجد أن أهل الكتابات هذه يطبخون ويلتهمون أجساد الآخرين باستمتاع.
والأسلوب هذا تتلوث به أقلام عربية إلى درجة أن بعض النقاد يأخذ على العقاد أنه ترك (العبقريات) ناقصة…
ناقصة لأن العقاد الذي كتب عن عثمان وعمر وخالد لم يشر إلى (لحظات الضعف البشري) عندهم…
يعني: الرذائل…
والرذائل ظلت هي (البهارات والمشهيات) في مذكرات أهل الغرب كلهم…
والعالم مبتلى بهذا… مبتلى بمهرجان العفونات… إلا في السودان…
وقالوا إن بغضهم لما كتب عن أحد كبار الشخصيات، يجد من يقول له:
:: لماذا لم تكتب عن كذا وكذا؟ (يعني بعض عورات الرجل)
قال هذا:
::: أُفّو…؟
و(أُفّو) هذه لا تحتاج إلى من يترجمها لك إن كنت سودانيًا…
(٢)
وأشياء لا نراها إلا بعد أن ننظر إلى قفاها وهي تنصرف.
قالت الممثلة المشهورة الشديدة الثراء… وهي تتحدث من فراش السرطان:
عندي مئات الملابس الرائعة، ولكني الآن لا أرتدي إلا قطعة قماش تابعة للمستشفى.
عندي مئات الأحذية، لكني الآن لا أتحرك إلا على كرسي له عجلات.
أستطيع أن أطوف مطارات ومدن العالم، لكني الآن أحتاج إلى من يوصلني إلى باب الحمام.
أستطيع أكل أفخم ما يأكل الناس، لكني الآن لا آكل إلا تفاحة… وكبسولات الحبوب الكيماوية…
ما أشتهيه الآن هو أن أملأ رئتي من الهواء… لكن قالوا: هذا خطر…
(٣)
أعجبتنا يومًا قصة نزاع حول سمكة… ونشرناها… لنجدها الآن تحدث وتهدد وجودنا.
ومن قصص الجنوب: صيادان يتنازعان ملكية سمكة… ويذهبان إلى المحكمة. والمحكمة تحجز السمكة (معروضات)، والقضية تمتد…
والسمكة تجف… وتهترئ… وتتساقط… وتفنى… والنزاع مستمر.
والآن، اللجنة الرباعية التي تجتمع وتنفض حول السودان هي لجنة تعرف ما تفعل.
اللجنة تعرف أنها تجتمع وتنفض… والسودان يتآكل… ويتناثر و…
وكامل إدريس يدرس… ويدرس…
وأحد معاني كلمة “يَدرُس” هو… يَطحن.
والمطحون هو نحن…
ويبقى أن القائمة أعلاه، قائمة الشعراء والفنانين، ليس فيها اسم واحد من ماركة الاقتصادي الذي جرجر ألمانيا من تحت خراب الحرب العالمية، لتصبح واحدة ممن يقودون اقتصاد العالم.
بينما عن السودان، يقول صلاح أحمد إبراهيم في أقصر وأفصح قصيدة:
(النيل وخيرات الأرض هنالك
ومع ذلك… ومع ذلك)
هذا في الستينات…
ولما أوشك السودان أن يفتح عينيه اقتصاديًا… صنعوا “قحت”.
لسنا ملائكة، فأحدهم يشير أمس إلى أن محمد صادق، الطيار الذي ضرب الضربة الأولى التي زلزلت الجنجويد، اتصل به من المطار زميله وطلب أن ينزل.
ومحمد نزل.
وهذا يضربه بالرشاش… لأن الأخير، الزميل… الصديق… كان يوقّع على حقيقة أنه جنجويدي.
جنجويدي؟ نعم
لكن… سوداني؟ لا…