بغداد أمام تحدٍ كبير: قرارات حاسمة أو عقوبات.. كيف ستتعامل الحكومة مع الضغوط الأمريكية - عاجل
تاريخ النشر: 22nd, February 2025 GMT
بغداد اليوم - بغداد
يشهد العراق تطورات متسارعة في ملف تصدير نفط إقليم كردستان، وذلك في ظل ضغوط أمريكية متزايدة تدفع باتجاه إعادة تشغيل صادرات النفط من الإقليم عبر منافذ مستقلة عن الحكومة الاتحادية. هذه التحركات تأتي في سياق أوسع من التنافس السياسي والاقتصادي بين مختلف القوى الفاعلة في المنطقة، وسط تباين في المصالح بين بغداد وواشنطن من جهة، وأربيل وأنقرة من جهة أخرى.
لوبيات تعمل لمصالحها
وفي هذا الإطار، أشار مختصون إلى أن التدخل الأمريكي في هذا الملف يعكس تأثيرات عميقة للوبيات اقتصادية وسياسية تسعى لحماية مصالحها في العراق، وهو ما يضع حكومة بغداد أمام تحديات جديدة تتعلق بالسيادة الاقتصادية والتوازنات الإقليمية. ومع استمرار الخلافات بين أربيل وبغداد، وتعقيد العلاقات مع تركيا بسبب الأحكام القضائية المتعلقة بتصدير النفط، يظل مستقبل هذا الملف محاطًا بالغموض، في وقت يحتاج فيه العراق إلى استراتيجية متكاملة لإدارة موارده النفطية وضمان استقرار صادراته وفق معايير تراعي مصالحه الوطنية والدولية.
الملف السياسي وأهمية التوازن
أوضح المختص بالشأن الاقتصادي والسياسي نبيل جبار التميمي في تصريح لـ"بغداد اليوم" أن "ضغوط ترامب على العراق بشأن تصدير النفط من كردستان تعكس مدى تأثير اللوبي المرتبط بأطراف عراقية وشركات نفطية مقربة من دائرة القرار في البيت الأبيض"، مشيرًا إلى أن هذه التحركات قد تهدف إلى تحقيق عدة أهداف سياسية واقتصادية، من بينها إعادة الشركات النفطية الأمريكية للعمل في الإقليم.
وفي السياق، أشار الخبير في العلاقات الدولية، علي السعدي، في حديث صحفي، إلى أن "الموقف الأمريكي من تصدير النفط من كردستان يعكس صراعًا أوسع بين مراكز النفوذ في المنطقة، حيث تحاول واشنطن فرض واقع جديد يخدم مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية في العراق"، مبينًا أن بغداد تواجه معضلة في الموازنة بين الضغط الأمريكي والمصالح الوطنية.
الأبعاد الاقتصادية وعراقيل تجارية
وأضاف التميمي أن "الشركات النفطية الأمريكية دفعت إدارة البيت الأبيض مؤخرًا للضغط على بغداد لتضمين مستحقاتها المتأخرة في موازنة العراق الاتحادية لعام 2025، وهي الآن تسعى لاستئناف أنشطتها في الحقول النفطية من خلال تدخل سياسي أمريكي ضاغط". وأشار إلى أن أزمة توقف صادرات النفط من كردستان لا تقتصر فقط على بغداد وأربيل، بل تلعب أنقرة دورًا رئيسيًا في تعطيل تدفق النفط عبر خط الأنابيب المؤدي إلى ميناء جيهان التركي، وذلك على خلفية قرار التحكيم الدولي الذي ألزم تركيا بدفع تعويضات للعراق.
من جانبه، صرح الخبير الاقتصادي، محمد العزاوي، في وقت سابق لـ"بغداد اليوم" بأن "إعادة تصدير النفط الكردي وفق الشروط الأمريكية قد تضر بمصالح بغداد على المدى البعيد، إذ قد تجد الحكومة الاتحادية نفسها أمام مطالبات مماثلة من شركات أخرى ودول ترغب في تقاسم النفوذ في قطاع الطاقة العراقي".
الأبعاد الأمنية وتأثيرات محتملة
بيّن التميمي في حديثه لـ"بغداد اليوم" أن استمرار الضغط الأمريكي على بغداد لإعادة تصدير النفط الكردي قد يثير توترات داخلية بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، كما قد يؤدي إلى تصعيد في العلاقات العراقية-التركية إذا ما استمرت العراقيل التجارية والسياسية التي تفرضها أنقرة.
أما المحلل الأمني، فؤاد الكرخي، فقد أوضح في تصريح صحفي، أن "إعادة تصدير النفط قد تؤدي إلى استقطاب داخلي بين الفصائل السياسية العراقية، حيث ترى بعض الأطراف أن الخضوع للضغوط الأمريكية قد يؤدي إلى فقدان بغداد سيادتها الاقتصادية على المدى الطويل".
الملف الدبلوماسي وموقف العراق دوليًا
أكد التميمي لـ"بغداد اليوم" أن "إعادة تصدير النفط من كردستان قد لا يكون في مصلحة العراق على المستوى الدولي، حيث أن حصة العراق في أوبك ستظل كما هي، مما قد يضطره إلى خفض إنتاجه في الحقول الجنوبية للحفاظ على توازن الصادرات ضمن حصته المحددة". وأشار إلى أن هذا التوازن ضروري لضمان استقرار العلاقات مع منظمة أوبك والحفاظ على مكانة العراق كمنتج رئيسي.
وقال المحلل السياسي، كمال الربيعي، في حديث صحفي، إن "إصرار واشنطن على إعادة تصدير النفط الكردي يعكس محاولاتها للتأثير على سياسة الطاقة العراقية بشكل عام، مما قد يدفع بغداد إلى البحث عن تحالفات جديدة تضمن استقلال قرارها الاقتصادي، مثل تعميق العلاقات مع الصين وروسيا في مجال الطاقة".
خطوة ضرورية لمصلحة العراق
أوضح التميمي أن "الافتراض القائل بأن ضغوط ترامب تهدف إلى زيادة المعروض النفطي أو تعويض النقص الناتج عن العقوبات المفروضة على إيران قد لا يكون دقيقًا، نظرًا لالتزامات العراق في أوبك"، مما يشير إلى أن الضغوط الأمريكية قد تكون ذات أبعاد تجارية وسياسية أكثر من كونها استراتيجية نفطية عالمية.
أما العزاوي فيرى أن "الحكومة العراقية قد تحتاج إلى تبني استراتيجية واضحة لمواجهة الضغوط الخارجية، من خلال تعزيز التنسيق مع أوبك والعمل على تنويع الشراكات الاقتصادية، لتجنب الاعتماد على طرف واحد في مجال تصدير النفط".
تحدٍ كبير وقرارات حاسمة
في ظل هذه التطورات، تبقى حكومة بغداد أمام تحدٍ كبير في تحقيق التوازن بين التزاماتها الدولية ومصالحها الوطنية، وسط تصاعد الضغوط السياسية والاقتصادية من أطراف خارجية متعددة، مما يتطلب رؤية استراتيجية واضحة لإدارة الملف النفطي بحكمة. ومع استمرار التوترات السياسية والاقتصادية، فإن اتخاذ قرارات حاسمة ومتوازنة سيشكل مفتاحًا لضمان استقرار العراق في المرحلة المقبلة.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: إعادة تصدیر النفط النفط من کردستان بغداد الیوم إلى أن
إقرأ أيضاً:
وزير المالية اللبناني ياسين جابر من القاهرة: مصر شريك كبير في طريق التعافي
أكد وزير المالية اللبناني ياسين جابر أن الحكومة اللبنانية الحالية تسير بخطى ثابتة نحو إعادة هيكلة الاقتصاد وإصلاح المؤسسات العامة بعد سنوات من الأزمات المتتالية التي عصفت بلبنان، مشددًا على أن هناك تصميمًا سياسيًا وإرادة حقيقية لتجاوز الصعوبات، مدعومًا بثقة اللبنانيين في الدولة وطاقاتها الوطنية.
جاء ذلك خلال لقاء نظّمته الجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال بحضور نخبة من الشخصيات السياسية والاقتصادية والدبلوماسية المصرية واللبنانية.
قال الوزير جابر، إن لبنان مرّ في الخمسين سنة الأخيرة بأزمات متراكبة: من الحرب الأهلية، إلى الاحتلال، ثم الانفجار، فالفراغ السياسي، والانهيار الاقتصادي، لكننا اليوم نعمل على النهوض من جديد، لدينا خطة لإعادة هيكلة القطاعات التي تسببت في الخسائر، وسنستعيد دور الدولة في الاقتصاد.
وأضاف: نعمل مع مؤسسات دولية مثل صندوق النقد والبنك الدولي، وقد بدأنا خطوات جدية في هذا الاتجاه. لدينا ثروة بشرية هائلة من اللبنانيين المنتشرين في الخارج، وهم شريان حياة للاقتصاد اللبناني. ونعوّل كثيرًا على دعم الدول الشقيقة، وعلى رأسها مصر ، التي وقفت دائمًا إلى جانب لبنان في أحلك الظروف.
إعادة لبنان إلى الخارطة الاقتصادية الإقليمية والدولية
وأشار الوزير إلى أن زيارته إلى القاهرة تندرج ضمن تحركات دبلوماسية تهدف إلى إعادة لبنان إلى الخارطة الاقتصادية الإقليمية والدولية، مشيدًا بالتطور الكبير الذي تشهده مصر في البنية التحتية والرقمنة والإصلاحات الاقتصادية.
وتابع :“ننظر إلى مصر كدولة شقيقة كبرى، وهناك فرص حقيقية لبناء شراكات اقتصادية متبادلة، خصوصًا في مجالات الزراعة والصناعة والخدمات المالية”.
ومن جانبه، عبّر فؤاد حدرج، نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية اللبنانية بالقاهرة، عن ترحيبه الكبير بمعالي الوزير، مشيدًا بتاريخه المشرف وثقة الشعب اللبناني به، ومؤكدًا أن مصر اليوم تمثل بيئة استثمارية متقدمة بكل المقاييس.
وأضاف:“زيارتنا الأخيرة إلى لبنان ولقاؤنا مع كبار المسؤولين، من بينهم فخامة الرئيس جوزاف عون ودولة الرئيس نبيه بري ودولة رئيس الوزراء نواف سلام، أكدت لنا عمق العلاقة بين البلدين، وضرورة العمل على استعادة لبنان لمكانته التاريخية كمنارة اقتصادية وثقافية في الشرق”.
تعزيز التعاون الثنائي
وأكد حدرج أن الجمعية ستواصل جهودها في ربط رجال الأعمال اللبنانيين في مصر بالاقتصاد اللبناني، وتعزيز التعاون الثنائي في كافة المجالات، معربًا عن تقديره الكبير لمصر وقيادتها السياسية.
وقد حضر اللقاء السفير على الحلبي سفير لبنان بالقاهرة وأعضاء البعثة الدبلوماسية اللبنانية وفؤاد حدرج نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية واعضاء مجلس الإدارة الدكتور نجاد شعراوى أمين الصندوق وعلاء الزهيري الأمين العام وعلاء الدين السبع، ومروان زنتوت ودانى شعيب.
واختُتم اللقاء بتأكيد مشترك على أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية بين مصر ولبنان، وتكثيف اللقاءات بين رجال الأعمال والمؤسسات الاقتصادية في البلدين لدعم فرص الاستثمار والتنمية المتبادلة.