الجزيرة:
2025-06-03@15:17:27 GMT

الغرب وروسيا.. إلى أين تتجه السياسة الخارجية للشرع؟

تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT

الغرب وروسيا.. إلى أين تتجه السياسة الخارجية للشرع؟

تُشكل الجغرافيا السياسية وقوانينها الضاغطة على الدول، التي تكون محور تنافس إقليمي ودولي عليها، تحديًا كبيرًا بالنسبة لسياساتها الخارجية. ويُصبح هذا التحدي مُضاعفًا عندما تكون هذه الدول خارجة للتو من صراع دمّرها وأفقدها سيادتها الوطنية وتتواجد على أراضيها العديد من القوات الأجنبية.

في حالة سوريا، فإن هذا النمط من تحدي الجغرافيا السياسية ليس غريبًا عنها في الواقع.

فعلى مدى ما يقرب من عقد ونصفٍ من الحرب، كان عامل المنافسة الإقليمية والدولية مُهيمنًا على الأشكال الأخرى للصراع. وهذا الوضع يفرض هذا التحدي كأولوية رئيسية ينبغي التعامل معها للحد من مخاطرها على عملية التحول.

لقد أظهر الرئيس الانتقالي أحمد الشرع حتى الآن قدرًا كبيرًا من الإدراك لتحدي الجغرافيا السياسية وحاجة سوريا إلى تجنب الانخراط السلبي فيها. على سبيل المثال، أبدى الشرع على نحو غير متوقع براغماتية لافتة في التعاطي مع ملف العلاقة مع روسيا ويُظهر استعدادًا لقبول مبدأ إقامة علاقة جيدة مع موسكو رغم دورها الحاسم في تشكيل موازين الصراع لصالح نظام المخلوع بشار الأسد بعد النصف الثاني من العقد الماضي.

وتبدو هذه البراغماتية مفهومة. فروسيا لا تزال تحتفظ بقاعدتين عسكريتين في سوريا، وحاجة إدارة الشرع إلى تكريس أركان السلطة الجديدة واستقرار الوضع الأمني يفرض عليه تجنب موقف عدائي مع موسكو يُمكن أن يجلب مخاطر غير مرغوب بها على عملية التحول.

إعلان

علاوة على ذلك، ينظر الشرع إلى مستقبل القواعد الروسية في سوريا كورقة لتحسين موقفه التفاوضي مع الغرب للحصول على قدر أكبر من الشرعية والدعم من جانب الغربيين.

مع ذلك، تظهر العلاقة مع كل من تركيا والسعودية كأحد المظاهر الرئيسية لمعضلة الجغرافيا السياسية الإقليمية المؤثرة بشكل أكبر على التحول السوري. إن اختيار الشرع للسعودية ثم تركيا كأول وجهتين خارجيتين له تعكس أولًا إدراكه الحاجة إلى تنويع الشراكات الإستراتيجية بين قوتين إقليميتين مُهمتين بالنسبة لسوريا، وثانيًا حرصه على تجنب التموضع الإقليمي في أحد المحاور.

ويبدو ذلك مفهومًا أيضًا. فتركيا هي شريك إستراتيجي طبيعي لسوريا الجديدة بحكم الجغرافيا ودعمها القوي للثورة السورية وحضورها الكبير ومُتعدد الأوجه في سوريا. لكن السعودية هي ركيزة العمق العربي، الذي يرغب الشرع في توجيه سوريا الجديدة نحوه، وهي بوابة للحصول على الدعم الاقتصادي السخي وإعادة الإعمار، فضلًا عن كونها تستطيع التأثير بشكل قوي على السياسات الغربية في سوريا.

على مستوى العلاقة مع الغرب، فمن الواضح أن اهتمام الشرع بإقامة علاقات جيدة مع الدول الغربية لا يقتصر فقط على حاجة سوريا إلى تفكيك العقوبات المفروضة عليها رغم أهمية هذا العامل.

فالولايات المتحدة لا تزال تحتفظ بوجود عسكري في شمال شرق سوريا. والعلاقة الجيدة معها تُعظم من فرص التوصل إلى تفاهم يُفضي إلى الانسحاب الأميركي، ومعالجة مُعضلة ملف وحدات حماية الشعب الكردية التي تُشكل أكبر تهديد لوحدة الأراضي السورية.

كما أن التحدي الجديد الذي أضافه احتلال إسرائيل أجزاء من الأراضي السورية بعد سقوط النظام المخلوع يزيد من حاجة الشرع إلى مخاطبة الغرب للضغط على إسرائيل من أجل انسحابها من الأراضي التي احتلتها.

إن التعامل مع ملف الوجود العسكري التركي والأميركي والروسي والإسرائيلي يتطلب قدرًا كبيرًا من الحنكة في موازنة الشراكات الخارجية لسوريا الجديدة. ومثل هذه الموازنة لا تحدّ فحسب من مخاطر الضغط الذي تُشكله الجغرافيا السياسية على التحول السوري، بل تُوجد كذلك هامشًا قويا للشرع لتنويع الشراكات وتحفيز الفاعلين الإقليميين والدوليين على الانخراط الإيجابي في دعم التحول وإظهار أهمية واضحة للتعامل مع حاجة سوريا إلى إيجاد أطر تُعالج ملف الوجود العسكري الأجنبي على أراضيها بما يُمكنها من استعادة سيادتها الوطنية على كافة أراضيها.

إعلان

لقد أظهر مُعظم هؤلاء الفاعلين رغبتهم في إنجاح عملية التحول السوري، لكنّ هذه الرغبة لا تُخفي حقيقة أن التنافس الإقليمي والدولي على سوريا الجديدة سيظل عنصرًا مؤثرًا في تحديد سياقات التحول ومدى قدرتها على التعامل مع معضلة الجغرافيا السياسية.

في ضوء ذلك، يَظهر مساران مُحتملان لتحدي الجغرافيا السياسية على التحول السوري. يتمثل الأول في العناصر الضاغطة التي سيجلبها هذا التحدي على التحول إذا فشل الشرع في تحقيق موازنة دقيقة في الشراكات الجديدة على المستوى الإقليمي خصوصًا مع تركيا والسعودية.

كما أن قدرة تركيا والولايات المتحدة على التفاهم حول مستقبل الوحدات الكردية ستُحدد حجم الآثار السلبية لعوامل المنافسة الخارجية على سوريا.

ويتمثل المسار الثاني في تحول الجغرافيا السياسية إلى عنصر داعم للتحول إذا ما تمكنت تركيا والسعودية من تحقيق قدر كبير من الانسجام في سياستهما السورية وإدارة أهدافهما وطموحاتهما على قاعدة التعاون التنافسي، وإذا ما استطاع الشرع الموازنة بين علاقات ودية مع روسيا وعلاقات جيدة مع الغرب.

وتبدو مثل هذه الموازنة صعبة لكنها لا تبدو ضرورية بالنظر إلى أن ما يُمكن أن يُقدمه الغرب لسوريا تفوق أهميته ما يُمكن أن تُقدمه روسيا لها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجغرافیا السیاسیة التحول السوری سوریا الجدیدة على التحول فی سوریا

إقرأ أيضاً:

سوريا تحديات أمنية واقتصادية بعد 6 أشهر من عزل الأسد

دمشق (زمان التركية)ــ نجح الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع في ترسيخ مكانته على الساحة الدولية خلال ستة أشهر، وتم رفع العقوبات القاسية عنه، لكنه لا يزال بحاجة إلى إعادة بناء المؤسسات الوطنية، وإحياء الاقتصاد، وتوحيد البلاد الممزقة.

ويسلط تقرير لوكالة فرانس برس الضوء على التحديات الرئيسية التي تواجه الشرع، الذي نجح تحالفه الذي يقوده الإسلاميون في الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024.

بناء سوريا

بعد الإطاحة بالأسد، اضطر الشرع إلى التنقل بين أربعة كيانات سياسية، كل منها له تنظيمه المدني والاقتصادي والقضائي والعسكري: الحكومة المركزية في دمشق، وسلطة المتمردين السابقة للرئيس الحالي في الشمال الغربي، والجماعات المدعومة من تركيا في الشمال، والإدارة الذاتية بقيادة الأكراد في الشمال الشرقي.

وقال رضوان زيادة، المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية ومقره واشنطن، إن خلق الاستقرار النسبي في هذا السياق الهش كان “إنجازا كبيرا” بالنسبة للشرع.

لكن ضمان نجاح المرحلة الانتقالية الممتدة لخمس سنوات سيكون “التحدي الأصعب”، بحسب زيادة.

وأصبحت قدرة السلطات الجديدة على الحفاظ على الاستقرار موضع شك عندما اندلعت اشتباكات طائفية مميتة على الساحل السوري في مارس/آذار ومنطقة دمشق في الشهر التالي.

قُتل أكثر من 1700 شخص في أعمال العنف الساحلية، معظمهم من الأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان. وشاركت الأقلية الدرزية في الاشتباكات قرب دمشق.

وقال زيادة إن معاملة الأقليات تظل “أحد أكبر التحديات الداخلية”، لأن “بناء الثقة بين المكونات المختلفة يتطلب جهدا سياسيا كبيرا لضمان التعايش والوحدة الوطنية”.

حذر بدران جيا كرد، المسؤول الكبير في الإدارة التي يقودها الأكراد في شمال شرق سوريا والتي تسعى إلى إقامة دولة سورية لامركزية، من “الحلول الأمنية والعسكرية” للقضايا السياسية.

وقال الكرد لوكالة فرانس برس إن الحكومة الانتقالية يجب أن “تصبح أكثر انفتاحا على قبول المكونات السورية… وإشراكها في العملية السياسية”، داعيا إلى دستور شامل يشكل الأساس لنظام ديمقراطي.

حذر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الشهر الماضي من أن السلطات السورية قد تكون على بعد أسابيع من “حرب أهلية شاملة” بسبب التحديات الحادة التي تواجهها.

وقال نيل كويليام، الزميل المشارك في مركز تشاتام هاوس للأبحاث، إن ” التحدي الأعظم الذي يواجه الشرع هو رسم مسار إلى الأمام يرغب جميع السوريين في أن يكونوا جزءاً منه، والقيام بذلك بالسرعة الكافية دون تهور”.

عنف طائفي وانفلات أمني

وتوجد تحديات أمنية ملحة، مع إلقاء اللوم في عمليات الاختطاف والاعتقال والقتل في بعض الأحيان على الفصائل المرتبطة بالحكومة، والتي أفاد بها المرصد السوري وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.

وقد أثارت نوبات العنف الطائفي الأخيرة مخاوف بشأن قدرة الشرع على السيطرة على المقاتلين المتطرفين بين صفوف قواته.

وتريد واشنطن أن يغادر الجهاديون الأجانب البلاد، لكن الشرع قد يجد صعوبة في التخلي عن المقاتلين الذين وقفوا إلى جانبه لسنوات، كما ترفض بعض الدول استقبالهم.

تمت ترقية ستة مقاتلين أجانب في وزارة الدفاع الجديدة، مما أثار انتقادات دولية. إلا أن مصدرًا سوريًا مطلعًا أفاد بأن دمشق أبلغت الولايات المتحدة بتجميد الترقيات.

وتريد واشنطن أيضًا أن تسيطر الحكومة السورية على السجون والمخيمات التي يديرها الأكراد والتي يحتجز فيها آلاف الأشخاص المشتبه في انتمائهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية وأقاربهم، لكن دمشق تفتقر إلى الموظفين اللازمين لإدارتها.

الاقتصاد والدبلوماسية

ويقود الشرع بلداً مزقته 14 عاماً من الحرب الأهلية، حيث استُنزف اقتصاده ودُمرت بنيته التحتية، ويعيش معظم شعبه في فقر.

وفي ظل السلطات الجديدة، شهدت سوريا توفراً متزايداً للوقود والسلع بما في ذلك بعض الفواكه التي كان استيرادها مستحيلاً تقريباً في السابق.

وبعد أن رفعت الحكومات الغربية العديد من العقوبات ، أصبحت أولوية الشرع الآن هي مكافحة الفقر من أجل “استقرار البلاد وتجنب المشاكل”، بحسب مصدر مقرب من الرئيس.

وقال الخبير الاقتصادي كرم شعار إنه إلى جانب الاستقرار السياسي الذي يعد ضروريا للنمو الاقتصادي فإن هناك عقبات أخرى تشمل “الإطار التنظيمي ومجموعة القوانين اللازمة للاستثمار والتي تبدو للأسف غامضة في كثير من أجزائها”.

وقالت السلطات إنها تدرس تشريعات من شأنها تسهيل الاستثمارات، في حين تسعى إلى جذب رأس المال الأجنبي.

ويعد إعادة تأهيل البنية التحتية في سوريا أمراً أساسياً لتشجيع ملايين اللاجئين على العودة إلى ديارهم، وهو مطلب رئيسي من البلدان المجاورة وغيرها من البلدان في أوروبا.

ويتعين على سوريا أيضا أن تتعامل مع جارتها إسرائيل ، التي نفذت هجمات وتوغلات منذ ديسمبر/كانون الأول.

وبحسب كويليام، فإن دمشق “تبعد سنوات ضوئية عن التفكير في التطبيع” مع إسرائيل ـ وهو الاحتمال الذي تدعمه واشنطن، بعد أن فعلت ذلك عدة دول عربية أخرى في السنوات الأخيرة.

واعترفت سوريا بإجراء محادثات غير مباشرة مع إسرائيل، لكن الحكومة تجنبت اتخاذ موقف بشأن التطبيع.

Tags: أحمد الشرعسوريا بعد الاسدمحادثات غير مباشرة مع إسرائيل

مقالات مشابهة

  • سوريا تحديات أمنية واقتصادية بعد 6 أشهر من عزل الأسد
  • الشرع لحجاج سوريا: نحن والسعوديون شعب واحد في بلدين ..فيديو
  • الملاحة بالبحر الأحمر أبرزها.. الخارجية تكشف تفاصيل المشاورات السياسية بين مصر وايران
  • بيان الخارجية عن المشاورات السياسية بين وزيرى مصر وايران بالقاهرة
  • العرب والأدلجة السياسية
  • مساعد وزير الخارجية للشؤون الأمريكية ينظم لقاء على شرف أسقف أبراشية وسط الغرب الأمريكي
  • رئيس الجمهورية السيد أحمد الشرع ووزير الخارجية السيد أسعد الشيباني يلتقيان في الكويت عدداً من رجال الأعمال لبحث المشاريع التنموية وآفاق الاستثمار في سوريا
  • واشنطن بوست: سوريا قد تُساق لحرب أهلية من جديد!
  • بتهم إبادة جماعية في سوريا .. جلسة أولى لمحاكمة الشرع في مصر
  • رجل أعمال أميركي عن الشرع: لدى سوريا وإسرائيل أعداء مشتركين