مبدأ التعليم من أجل التعليم
تاريخ النشر: 23rd, February 2025 GMT
د. مسلم بن علي بن سالم المعني **
ندرك جميعنا أن مؤسسات التعليم العالي هي منبر أساسي من منابر العلم، فمنها تخرج الكثير ممن ساهموا في تطوير العلم والمعرفة نفسها وكذلك في متطلبات العصر الحديث، ولعل الجدل الذي بدأ يدور لدى أذهان الكثير أن التعليم الجامعي يركز فقط على المعرفة المرتبطة بتخصُّص الطالب، وبالتالي لا بُد من إيجاد نهج آخر وهو التعليم من أجل التوظيف، وكأن دور مؤسسات التعليم العالي يقتصر على تزويد الطالب بالمعرفة دون سواها.
إنَّ مؤسسات التعليم العالي يجب أن تنطلق من ركائز أساسية أهمها جودة ما نقدمه من تعليم لأبنائنا وبناتنا الذين يلتحقون بعشرات الآلاف في مؤسسات التعليم العالي سنويا؛ فالمنطلق الأساسي للتعليم العالي على المستوى الجامعي يتمحور حول فلسفة ثابتة وهي أن الطالب هو محور العملية التعليمية وهدفها.
ولتحقيق ذلك يجب أن تركز مؤسسات التعليم العالي على 3 جوانب رئيسية: الجانب المعرفي والجانب المَهَارِي والجانب السلوكي. ولا شك أن فشل الطالب عندما يتخرج من برنامج على مستوى الدراسات الجامعية يكمن في أسلوب التلقين الذي يُمارسه أعضاء هيئة التدريس في العملية التعليمية وهو ما يُركِّز فيه على الجانب المعرفي فقط. وكلنا نعلم في قطاع التعليم أن الجانب المعرفي قائم على التلقين ويرتكز أساسا على ما يسمى بمهارات التفكير الدنيا المبنية على الحفظ، لذا تجد أن الطالب بمجرد أن ينتهي من دراسة مقرر اعتمد فيه على الحفظ تتبخر أكثر المعلومات فور الانتهاء من الامتحان النهائي لذلك المقرر.
وللحيلولة دون ذلك، تبنَّت الكثير من مؤسسات التعليم العالي الحديثة استراتيجيات للتدريس لا تركز فقط على الجانب المعرفي فحسب؛ بل على الجانب المَهَارِي والجانب السلوكي؛ إذ يتعين علينا التأكد ليس فقط من فهم الطالب للأفكار والمفاهيم المرتبطة بمجال تخصصه والتعبير عنها؛ بل على قدرته على تطبيق المعرفة التي تلقاها على مواقف جديدة وتحليل المعلومات عن طريق اختزال المعرفة إلى أجزاء يتمكن الطالب من تحديد العلاقات التي تربطها ببعضها البعض وتقييم نقاط قوتها وضعفها حتى يخرج بأفكار جديدة وحلول مبتكرة.
إن الجانب المَهَارِي والجانب السلوكي يركزان على مهارات التفكير العُليا وما تحمله من دلالات تتمثل في مهارات التفكير الناقد والقدرة على حل المشكلات والتفكير بشكل مستقل وهي جميعها ما تمكن الطالب من التعامل مع مواقف جديدة وتسخير المعرفة التي تحصل عليها في الخروج بأفكار إبداعية ومبتكرة، كما إنها مقومات أساسية يتطلبها سوق العمل ويرغب أن يراها في كل من يحمل شهادة جامعية من مؤسسة تعليم عال. فلو أن كل طالب تخرج من برنامج أكاديمي على مستوى الدراسات الجامعية تسلح بالمعرفة ومهارات التطبيق والتحليل والتقييم وما تتطلبه من مهارات التفكير الناقد لاستطاع أن يعمل حتى وإن لم يكن بالضرورة في مجال تخصصه.
** عميد كلية الزهراء للبنات
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير التعليم العالي يفتتح أعمال الدورة العادية 124 للمجلس التنفيذي للألكسو بالقاهرة
افتتح الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي ورئيس اللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة، صباح اليوم الأربعاء، أعمال الدورة العادية (124) للمجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة "الألكسو"، التي تستضيفها مصر بالقاهرة خلال يومي 3 و4 ديسمبر 2025، يعقبها الاجتماع الـ23 للأمناء العامين للدول العربية يومي 5 و6 ديسمبر، بحضور الأمناء العامين للجان الوطنية العربية.
شارك في الافتتاح كبار مسؤولي المنظمة، منهم الدكتور محمد ولد أعمر المدير العام للألكسو، والدكتور هاني بن مقبل رئيس المجلس التنفيذي، والدكتور مراد محمودي أمين المجلس التنفيذي والمؤتمر العام، والأستاذ علي عبد الرازق نائب رئيس المجلس التنفيذي، والدكتور علي عبد الله أحمد مدير معهد المخطوطات العربية، والدكتور محمد مصطفى كمال مدير معهد البحوث والدراسات العربية، إلى جانب الفريق التنظيمي لأمانة المجلس التنفيذي والمؤتمر العام، والدكتور أيمن فريد مساعد الوزير رئيس قطاع الشؤون الثقافية والبعثات والمشرف على اللجنة الوطنية المصرية لليونسكو.
وأكد الدكتور أيمن عاشور في كلمته أن هذا الاجتماع يشكل محطة محورية لدعم العمل العربي المشترك في مجالات التربية والثقافة والعلوم، وترسيخ جسور التعاون بين الدول العربية لمواجهة التحديات المتسارعة التي يشهدها العصر، مشددًا على ضرورة التكامل المعرفي والعلمي لمواجهة المخاطر والتحديات التي تواجه الوطن العربي.
ورحب الوزير بوفود الدول العربية، مشيرًا إلى أن استضافة مصر لهذه الدورة تأتي في لحظة تتطلب اصطفافًا عربيًا قائمًا على الثقة المتبادلة ووحدة الرؤية، مع التأكيد على أهمية تبني مبادرات مشتركة لتطوير منظومة التعليم العالي والبحث العلمي في الدول العربية، وتقديم حلول فعالة للقضايا الملحة.
وأشار الوزير إلى تولي الدكتور خالد العناني منصب المدير العام لمنظمة اليونسكو كأول مصري وعربي، مؤكدًا ما يمثله هذا الإنجاز من أفق للإسهام العربي الفاعل في تعزيز الحوار الثقافي وحماية التراث الإنساني.
كما استعرض الدكتور أيمن عاشور التجربة المصرية في بناء مجتمع قائم على المعرفة، مستشهدًا بمبادرة "بنك المعرفة المصري" التي حظيت بدعم الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشددًا على أن المبادرة تهدف أيضًا لفتح آفاق التعاون العربي وتمكين الشعوب من الوصول إلى مصادر المعرفة الحديثة، انطلاقًا من إيمان مصر بدور القوة الناعمة في بناء الإنسان.
وأكد الوزير أن الدورة الحالية تمثل فرصة لتعزيز السياسات التربوية والثقافية والعلمية، ودعم الشراكات الاستراتيجية، والحد من الفجوة الرقمية، وتمكين المؤسسات التعليمية والثقافية من مواكبة متطلبات الثورة الصناعية الرابعة، بما في ذلك تبني الحوكمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وفقًا لرؤية مصر 2030.
واختتم الوزير كلمته بالتأكيد على التزام مصر والدول العربية بالعمل المشترك لإعداد أجيال عربية واعية ومستنيرة، قادرة على الحفاظ على الهوية العربية الأصيلة وبناء مستقبل أكثر إشراقًا للمنطقة، متمنيًا النجاح لهذه الدورة والخروج بقرارات وتوصيات عملية تدعم التنمية المستدامة في العالم العربي.
وعلى هامش الافتتاح، تم تسليم الوزير درع المنظمة تقديرًا لجهوده في استضافة وإنجاح هذه الدورة.
يذكر أن الدورة العادية (124) للمجلس التنفيذي تناقش مجموعة واسعة من الموضوعات الحيوية التي تشمل القضايا المرتبطة بالقدس والأوضاع التعليمية والثقافية في فلسطين، والاحتياجات التربوية والثقافية في حالات النزاعات والطوارئ، إلى جانب قضايا التعليم والتنمية المستدامة والتحول الرقمي، ودور الإعلام التربوي والثقافي، وتنمية الصناعات الثقافية والإبداعية في الوطن العربي، بالإضافة إلى تطوير آليات التنسيق بين المنظمة واللجان الوطنية العربية.