بغداد اليوم - بغداد

لطالما كان العراق يعاني من تدفق المخدرات عبر حدوده الغربية، لكن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا كشف أبعادًا أخطر لهذه الظاهرة، حيث لم تكن المشكلة تقتصر على التهريب فحسب، بل امتدت إلى إنشاء معامل سرية داخل الأراضي العراقية لإنتاج الكبتاغون، مستفيدة من الفوضى الأمنية وضعف الرقابة في بعض المناطق.

وبينما شهد تهريب هذه المادة المخدرة تراجعًا ملحوظًا بعد سقوط النظام السوري، يواجه العراق اليوم تحديًا جديدًا يتمثل في تفكيك الشبكات الداخلية التي استوطنت أراضيه وحولت البلاد من ممر عبور إلى مركز إنتاج.


الكبتاغون.. تجارة سوداء برعاية النظام السوري

كشف مقرر مجلس النواب الأسبق محمد عثمان الخالدي، اليوم الثلاثاء (25 شباط 2025)، أن النظام السوري السابق بقيادة بشار الأسد كان يضخ أكثر من مليون حبة كبتاغون شهريًا إلى العراق، مؤكدًا أن هذه التجارة شكلت مصدر دخل رئيسي لأقطاب الحكم في دمشق. وأوضح أن سوريا تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى أحد أهم المراكز العالمية لتصنيع وتوزيع الكبتاغون، مما أدى إلى تدفق هذه السموم نحو العراق ودول الجوار.

وأشار الخالدي إلى أن "تهريب الكبتاغون لم يكن مجرد نشاط إجرامي، بل كان جزءًا من شبكة مصالح سياسية وأمنية، حيث استُخدمت هذه التجارة لتمويل جهات مختلفة داخل سوريا وخارجها"، محذرًا من أن العراق أصبح ساحة مستهدفة من قبل تجار المخدرات الذين يسعون لتحويله إلى سوق رئيسية.


من التهريب إلى التصنيع.. معامل الكبتاغون داخل العراق

لم يقتصر خطر الكبتاغون على التهريب عبر الحدود السورية، بل كشفت تقارير أمنية عن وجود معامل سرية لإنتاج هذه الحبوب داخل العراق، خاصة في المناطق الحدودية والمناطق التي شهدت اضطرابات أمنية خلال السنوات الماضية.

وبحسب مصادر أمنية، فإن بعض هذه المعامل تم إنشاؤها بدعم مباشر من شبكات تهريب سورية، مستفيدة من ضعف الرقابة الأمنية في بعض المناطق النائية. وتشير التحقيقات إلى أن هذه المصانع تعمل بأساليب متطورة، مستغلة الموارد المحلية والممرات غير الشرعية لتوزيع إنتاجها داخل البلاد وخارجها.


سقوط الأسد.. هل ينهي تجارة الكبتاغون في العراق؟

مع انهيار نظام الأسد في كانون الأول 2024، شهدت تجارة الكبتاغون تغيرات جذرية، حيث انخفضت عمليات التهريب بشكل ملحوظ، مما منح العراق فرصة ذهبية لمعالجة هذه الأزمة من جذورها. وأكد الخالدي أن "تهريب الكبتاغون من سوريا بات شبه متوقف، خاصة مع تشديد الإجراءات الأمنية العراقية وتعزيز الرقابة على الحدود".

لكن رغم هذا التراجع، لا تزال المخاوف قائمة بشأن المعامل السرية داخل العراق، والتي قد تستمر في إنتاج الكبتاغون حتى بعد توقف تدفقه من سوريا. ويرى خبراء أمنيون أن القضاء على هذه الصناعة يتطلب جهودًا استخباراتية مكثفة لتفكيك الشبكات المسؤولة عن تشغيلها، بالإضافة إلى فرض عقوبات صارمة على المتورطين.


إجراءات عراقية حاسمة.. هل تكفي للقضاء على الكبتاغون؟

ردًا على هذه التحديات، عززت الحكومة العراقية إجراءاتها الأمنية، حيث أنشأت ثلاثة أحزمة أمنية على الحدود مع سوريا، وشددت المراقبة على المناطق التي يشتبه في احتضانها لمعامل تصنيع الكبتاغون.

وأكدت مصادر أمنية أن السلطات نفذت عمليات مداهمة ناجحة خلال الأشهر الماضية، أسفرت عن تفكيك عدة معامل سرية وضبط كميات كبيرة من المواد الأولية المستخدمة في تصنيع الحبوب المخدرة. ومع ذلك، تبقى المخاوف قائمة من عودة النشاط مجددًا في حال لم تستمر هذه الإجراءات بشكل صارم ومستدام.


الاقتصاد الأسود.. مليارات في مهب الريح

كانت تجارة الكبتاغون تشكل مصدر دخل هائل للنظام السوري السابق، حيث قُدرت أرباحه السنوية من هذه التجارة بنحو 2.4 مليار دولار. ومع توقف تدفق هذه الأموال بعد سقوط الأسد، يتساءل المراقبون عن مصير الشبكات الإجرامية التي كانت تدير هذه الصناعة، وهل ستبحث عن بدائل جديدة داخل العراق لتعويض خسائرها؟


فرصة العراق للقضاء على المخدرات نهائيًا

يرى خبراء أن العراق أمام فرصة تاريخية للقضاء على تجارة المخدرات بشكل كامل، مستفيدًا من انهيار الشبكات السورية وضبط الحدود. ومع ذلك، فإن النجاح في هذه المعركة يتطلب استراتيجية طويلة الأمد تشمل تعزيز الرقابة الأمنية، وتكثيف التعاون الإقليمي، وفرض عقوبات رادعة على جميع المتورطين في إنتاج أو توزيع المخدرات.

بينما يشكل سقوط نظام الأسد ضربة قاسية لشبكات تهريب الكبتاغون، لا يزال العراق يواجه تحديًا داخليًا يتمثل في تفكيك المعامل السرية التي استوطنت أراضيه. وإذا تمكنت السلطات العراقية من استثمار هذه الفرصة بالشكل الصحيح، فقد يكون العراق قادرًا على إنهاء أحد أخطر ملفات الجريمة المنظمة التي تهدد أمنه واستقراره.


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: داخل العراق

إقرأ أيضاً:

فضيحة أمنية في أمريكا.. تسريب بيانات 86 مليون عميل بشركة اتصالات عملاقة

كشف تقرير أمني عن تسريب قاعدة بيانات ضخمة تضم معلومات شخصية لنحو 86 مليون عميل لشركة الاتصالات الأميركية العملاقة “إيه تي آند تي”، في واحدة من أكبر عمليات الاختراق التي شهدها القطاع خلال السنوات الأخيرة.

وبحسب موقع “Hack Read” المتخصص في أخبار الأمن السيبراني، فإن القراصنة الذين يقفون وراء الهجوم هم على الأرجح مجموعة “ShinyHunters”، المعروفة بسلسلة من الهجمات المماثلة، والتي كانت قد استولت على البيانات في أبريل 2024 من خلال اختراق منصة “Snowflake” السحابية.

البيانات التي تم تسريبها تتضمن معلومات شديدة الحساسية، من بينها: الأسماء الكاملة للعملاء، تواريخ الميلاد، أرقام الهواتف، عناوين البريد الإلكتروني والمنازل، 44 مليون رقم ضمان اجتماعي.

ووفقًا للتقارير، فإن أرقام الضمان الاجتماعي وتواريخ الميلاد كانت مشفرة في النسخة الأصلية من البيانات المسروقة، لكن القراصنة تمكنوا لاحقًا من فك تشفيرها، مما يزيد من خطورة التسريب ويفتح الباب أمام عمليات احتيال وانتحال محتملة على نطاق واسع.

بدورها، علقت شركة “إيه تي آند تي” على الحادث بالقول إن البيانات المعروضة للبيع على منتديات الويب المظلم قد تكون مرتبطة باختراق سابق، مؤكدة في تصريح لموقع “Mashable” أنها تجري تحقيقًا شاملاً للتأكد من مدى صحة المزاعم وحداثة البيانات.

وقال متحدث باسم الشركة: “ليس من غير المألوف أن يُعيد مجرمو الإنترنت تداول بيانات قديمة لتحقيق مكاسب مالية، لكننا نتعامل مع الأمر بجدية ونتابع كل التفاصيل المرتبطة بالتسريب”.

ويُنظر إلى هذا التسريب على أنه تطور مقلق في سياق تصاعد الهجمات الإلكترونية التي تستهدف شركات كبرى في الولايات المتحدة، خصوصًا تلك التي تحتفظ بكميات ضخمة من بيانات المستخدمين، ويرجّح خبراء الأمن أن فك تشفير بيانات الضمان الاجتماعي قد يؤدي إلى موجة جديدة من سرقات الهوية والاحتيال المالي.

وتأتي هذه الواقعة في وقت تتزايد فيه المخاوف بشأن أمن البيانات السحابية، بعد أن تكررت الثغرات في منصات شهيرة مثل “Snowflake”، التي تُستخدم من قبل عدد من الشركات الكبرى لتخزين وتحليل البيانات.

مقالات مشابهة

  • انفصال جزئي بالطبان الترابي بطريق «إسنا - الأقصر».. وتدخل عاجل من النقل
  • النور التخصصي.. تدخل عاجل ينقذ حاجة هندية من مضاعفات فشل كلوي حاد
  • سوريا.. أكثر من 7 آلاف قتيل منذ انهيار نظام الأسد
  • موقع عبري ينشر تقريرا عن معركة إسرائيل المقبلة مع سوريا الشرع وعن دور ملتبس لبلدين أحدهما عربي
  • بعد إصابته برصاصتين في الرأس.. تدخل جراحي عاجل لإنقاذ مرشح رئاسي كولومبي
  • والدة جندي إسرائيلي قتيل : جثة ابني تلاشت وكذلك القوة التي كانت معه
  • والدة جندي إسرائيلي قتل بكمين خان يونس: جثة ابني تلاشت وكذلك القوة التي كانت معه
  • فضيحة أمنية في أمريكا.. تسريب بيانات 86 مليون عميل بشركة اتصالات عملاقة
  • 140 تريليون دينار تدخل خزينة العراق في عام.. 91% منها من النفط
  • العراق يطالب ببقاء قوات التحالف الدولي في سوريا