صندوق العراق للتنمية أداة لإصلاح اقتصادي وبوابة لمستقبل مزدهر
تاريخ النشر: 25th, February 2025 GMT
عندما نتحدث عن العراق، فإننا لا نتحدث عن بلد عادي، بل عن دولة تمتلك من الموارد والتاريخ ما يؤهلها لتكون في مصاف الدول المتقدمة اقتصاديا، لولا التحديات التي واجهها الاقتصاد العراقي على مدى عقود.
ولطالما كان الاعتماد على النفط المحرك الأساسي للاقتصاد، ما جعله عرضة لتقلبات الأسعار والأزمات المالية المتكررة، وهو ما انعكس على ضعف القطاعات الإنتاجية الأخرى، وتراجع الاستثمار، وتعطل العديد من المشاريع التنموية.
ومع تزايد الحاجة إلى إصلاحات جذرية، ظهر صندوق العراق للتنمية كمبادرة حيوية تهدف إلى إعادة رسم ملامح الاقتصاد العراقي، ووضع أسس جديدة للنمو المستدام، والاستثمار في مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.
صندوق العراق للتنميةصندوق العراق للتنمية إحدى الأدوات الاقتصادية الحديثة التي تمثل نقلة نوعية في آليات التمويل التنموي داخل البلاد. وقد تم تأسيسه في عام 2023 ليكون بمثابة مؤسسة مالية تهدف إلى دعم مشاريع التنمية المستدامة، وتعزيز القطاعات غير النفطية، وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية، بما يسهم في تنويع الاقتصاد العراقي وتقليل اعتماده على العائدات النفطية.
يعمل الصندوق على تقديم التمويل للمشاريع الإستراتيجية في مجالات حيوية مثل التعليم، والصناعة، والزراعة، والبنية التحتية، والإسكان، بهدف تحسين جودة الحياة للمواطنين، ودفع عجلة النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل جديدة.
ويعتمد في إستراتيجيته على تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، ما يجعله أداة حيوية في إعادة هيكلة الاقتصاد العراقي وفق أسس حديثة.
يحظى صندوق العراق للتنمية بإطار قانوني واضح، إذ تمت المصادقة عليه من قبل الحكومة العراقية والبرلمان، لضمان شفافية عمله واستقلاليته عن التأثيرات السياسية.
إعلانوقد تم تضمينه في الموازنة العامة لـ3 سنوات، مع تخصيص ملياري دولار سنويا كميزانية مبدئية، ما يعكس التزام الحكومة بدعم الصندوق وتعزيز دوره في إعادة بناء الاقتصاد العراقي.
ولضمان فعالية عمل الصندوق، تم وضع هيكل إداري يتمتع بدرجة عالية من الاستقلالية، بحيث تُدار موارده وفق معايير الحوكمة الرشيدة، وبإشراف لجان رقابية لضمان توجيه التمويل إلى المشاريع التنموية الحقيقية، بعيدًا عن الهدر أو الفساد المالي.
هذه الاستقلالية تجعله مختلفًا عن العديد من المبادرات السابقة التي لم تحقق أهدافها بسبب غياب الإدارة الفعالة والتخطيط بعيد المدى.
آلية العمل وأهم مصادر التمويلويعتمد الصندوق على آلية عمل تقوم على تحديد الأولويات التنموية وفق احتياجات الاقتصاد العراقي، مع التركيز على المشاريع التي تحقق أعلى قيمة مضافة وتساهم في التنمية المستدامة.
ويتم تمويل هذه المشاريع عبر مزيج من الموارد الحكومية، والشراكات الاستثمارية، والمنح والقروض التنموية، والإيرادات الناتجة عن المشاريع المدعومة من الصندوق.
ومن أهم مصادر موارده:
المخصصات الحكومية التي تُقر سنويا في الموازنة العامة للدولة. العائدات الاستثمارية الناتجة عن المشاريع المدعومة من الصندوق، والتي تعزز من قدرته على تمويل مشاريع جديدة. التمويل الأجنبي والمساعدات الدولية، من خلال اتفاقيات التعاون مع المؤسسات المالية العالمية. المساهمة من القطاع الخاص عبر شراكات تنموية واستثمارات مباشرة في المشاريع الممولة من الصندوق.يعمل الصندوق على تمويل مشاريع ذات بُعد إستراتيجي تهدف إلى تعزيز الاقتصاد العراقي على المدى البعيد. ومن بين أهم القطاعات التي يركز عليها:
التعليم.. مشروع "إيدوبا" نموذجًايعتبر التعليم من أبرز المجالات التي يوليها الصندوق اهتمامًا كبيرًا، إدراكًا لأهمية الاستثمار في رأس المال البشري لتحقيق التنمية المستدامة.
إعلانومن هذا المنطلق، تم إطلاق مشروع "إيدوبا" للمدارس، الذي يهدف إلى تحديث النظام التعليمي في العراق، وتوفير بيئة تعليمية متطورة تواكب التطورات التكنولوجية العالمية.
واستلهم اسم المشروع من أول مدرسة عرفها التاريخ في العراق القديم، ليكون رمزًا لعودة العراق إلى دوره الريادي في نشر المعرفة.
يقوم المشروع على إنشاء مدارس حديثة مجهزة بأحدث الوسائل التعليمية، مع إدماج التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية، مما يساعد في سد الفجوة بين التعليم ومتطلبات سوق العمل.
الإسكان.. مشروع "أجر وتملك"في ظل تفاقم أزمة السكن في العراق، جاء مشروع "أجر وتملك" كأحد الحلول المبتكرة التي يوفرها الصندوق.
يقوم هذا المشروع على مبدأ الإيجار التمليكي، حيث يُتاح للمواطنين استئجار العقارات مع إمكانية تحويل الإيجار تدريجيا إلى ملكية، مما يسهّل على ذوي الدخل المحدود امتلاك مساكن دون الحاجة إلى قروض طويلة الأجل.
ويساهم هذا النموذج في توفير حلول سكنية مستدامة، وتحفيز قطاع البناء، وتشجيع الاستثمار في العقارات، مما يعزز النشاط الاقتصادي ويفتح فرصًا جديدة في سوق العمل.
تنويع الاقتصاد.. دعم القطاعات الإنتاجيةيهدف الصندوق إلى الحد من الاعتماد على النفط عبر دعم القطاعات الاقتصادية الأخرى، مثل الزراعة، والصناعة، والسياحة، والتكنولوجيا. ومن خلال تمويل المشاريع الزراعية الحديثة، يتم تحسين الإنتاج الزراعي وتأمين الأمن الغذائي.
في حين أن دعم المشاريع الصناعية يسهم في خلق فرص عمل جديدة، ويقلل من الاعتماد على الاستيراد، ويعزز القدرة التنافسية للمنتجات العراقية في الأسواق العالمية.
على الرغم من الفرص الواعدة التي يوفرها الصندوق، يواجه تحديات متعددة، منها البيروقراطية، والفساد الإداري، وغياب الاستقرار السياسي، وصعوبة استقطاب المستثمرين الأجانب في بيئة عمل غير مستقرة.
كما أن نجاح الصندوق يتطلب التزامًا طويل الأمد من الحكومة، ووجود سياسات داعمة تضمن استمراريته وفعاليته على مدى السنوات المقبلة.
إعلان كيف يمكن للمستثمرين المحليين والأجانب المشاركة في الصندوق؟يعتبر الصندوق فرصة كبيرة للمستثمرين المحليين والأجانب الذين يرغبون في المساهمة في مشاريع تنموية مربحة. ويتيح للمستثمرين عدة طرق للمشاركة، مثل:
الشراكة مع الحكومة في تنفيذ المشاريع الإستراتيجية، من خلال نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص. الاستثمار المباشر في المشاريع التي يمولها الصندوق، خاصة في قطاعات مثل الطاقة المتجددة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا. تقديم التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر برامج الإقراض المدعومة من الصندوق، ما يتيح فرصة لتنمية القطاع الخاص. الدخول في برامج الاستثمارات طويلة الأجل التي يطلقها الصندوق، والتي توفر عوائد مستقرة ومضمونة للمستثمرين. نحو مستقبل اقتصادي أكثر استقرارًاومع استمرار عمل الصندوق وتمويله للمشاريع التنموية، يصبح الأمل بتحقيق نهضة اقتصادية حقيقية في العراق أقرب إلى الواقع.
فبدلًا من الاعتماد على الحلول قصيرة الأمد، يعمل الصندوق على تأسيس اقتصاد متنوع ومستدام، يضمن للأجيال المقبلة فرصًا أفضل للحياة الكريمة.
العراق، بفضل موارده وكفاءاته، قادر على استعادة مكانته الاقتصادية، وصندوق العراق للتنمية قد يكون المفتاح الأساسي لتحقيق هذا الهدف.
لكن نجاح هذا الصندوق مرهون بمدى الالتزام بالشفافية، وحسن الإدارة، وضمان الاستقلالية بعيدًا عن التجاذبات السياسية، ليكون بالفعل أداة للإصلاح الاقتصادي، وبوابة لمستقبل أكثر ازدهارًا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قمة الويب صندوق العراق للتنمیة الاقتصاد العراقی الاعتماد على الصندوق على عمل الصندوق من الصندوق فی العراق
إقرأ أيضاً:
صندوق النقد يرفع توقعاته بـ نمو الاقتصادي العالمي بنسبة 3% في عام 2025 و2026
رفع صندوق النقد الدولي اليوم الثلاثاء، توقعاته للنمو العالمي لعامي 2025 و2026 بشكل طفيف، مدفوعًا بزيادة غير متوقعة في المشتريات قبيل بدء تنفيذ زيادات الرسوم الجمركية الأمريكية في الأول من أغسطس، إلى جانب تراجع معدل الرسوم الجمركية الفعلي في الولايات المتحدة إلى 17.3% بدلًا من 24.4%.
ورغم هذا التفاؤل المحدود، حذر الصندوق من أن الاقتصاد العالمي لا يزال يواجه مخاطر كبيرة، من بينها احتمال عودة تصاعد الرسوم الجمركية، واستمرار التوترات الجيوسياسية، وارتفاع العجز المالي في العديد من الدول، ما قد يؤدي إلى زيادة أسعار الفائدة وتشديد الأوضاع المالية على المستوى العالمي.
وقال كبير اقتصادي الصندوق، بيير-أوليفييه جورينشاس: «الاقتصاد العالمي لا يزال يعاني، وسيواصل المعاناة مع بقاء الرسوم عند هذا المستوى، حتى وإن كانت الأوضاع أفضل مما كان متوقعًا»، بحسب ما نقلته منصة «إنفيستنج» الاقتصادية.
نمو الاقتصاد العالميووفقًا للتقرير، رفع الصندوق توقعاته للنمو العالمي إلى 3.0% في 2025، بزيادة 0.2%، وإلى 3.1% في 2026 بزيادة 0.1%، وهي أرقام لا تزال دون تقديراته السابقة البالغة 3.3% في يناير الماضي، وأقل بكثير من المتوسط التاريخي لفترة ما قبل جائحة كورونا البالغ 3.7%.
وأوضح الصندوق أن التضخم العالمي العام من المتوقع أن يتراجع إلى 4.2% في 2024، ثم إلى 3.6% في 2026، لكنه لفت إلى أن التضخم سيظل فوق المستوى المستهدف في الولايات المتحدة، بفعل انتقال أثر الرسوم الجمركية إلى المستهلكين الأمريكيين في النصف الثاني من العام.
وأشار إلى أن معدل الرسوم الفعلي في الولايات المتحدة، والذي يُقاس كنسبة من إيرادات الجمارك إلى إجمالي الواردات، انخفض منذ أبريل الماضي، لكنه لا يزال أعلى بكثير من مستواه المُقدّر في يناير البالغ 2.5%، أما في بقية دول العالم بلغ المعدل 3.5% مقارنة بـ 4.1% في أبريل.
يذكر أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسومًا جمركية شاملة بنسبة 10% على معظم الدول منذ أبريل، مع تهديدات بزيادات أكبر في الرسوم اعتبارًا من يوم الجمعة المقبل، وتم تعليق رسوم الرد بالمثل بين الولايات المتحدة والصين حتى 12 أغسطس، في ظل محادثات جارية في ستوكهولم قد تُفضي إلى تمديد آخر، كما أعلنت الولايات المتحدة فرض رسوم تتراوح بين 25% و50% على السيارات والصلب والمعادن الأخرى، مع رسوم مرتقبة أعلى على الأدوية والأخشاب والرقائق الإلكترونية.
وأكد صندوق النقد الدولي أن التوقعات الحالية لا تتضمن هذه الزيادات المستقبلية المحتملة، والتي قد ترفع معدلات الرسوم الفعلية بشكل أكبر، وتؤدي إلى اختناقات في سلاسل الإمداد، وتفاقم تأثير السياسات الحمائية على الاقتصاد العالمي.
وفيما يتعلق بالولايات المتحدة، رفع الصندوق توقعاته للنمو إلى 1.9% في 2025 (بزيادة 0.1%)، وإلى 2.0% في 2026، لافتًا إلى أن قانون التخفيضات الضريبية والإنفاق الجديد سيزيد العجز المالي الأمريكي بنحو 1.5%، على أن تُعوّض نصفها عائدات الرسوم الجديدة.
صندوق النقد ونمو اقتصاد اليوروكما رفع توقعاته لمنطقة اليورو بـ 0.2% إلى 1.0% في 2025، وأبقاها عند 1.2% في 2026، مشيرًا إلى أن الزيادة ترجع إلى قفزة كبيرة في صادرات الأدوية الإيرلندية إلى الولايات المتحدة، لولاها لكانت الزيادة نصف هذا الحجم فقط.
الصينأما الصين، فقد حظيت بأكبر تعديل إيجابي في التوقعات، بزيادة 0.8%، بسبب الأداء القوي في النصف الأول من العام، وتراجع الرسوم الجمركية بعد هدنة مؤقتة مع الولايات المتحدة.. كما رفع الصندوق توقعاته للنمو الصيني في 2026 بـ 0.2% إلى 4.2%.
وعدل الصندوق توقعاته لنمو التجارة العالمية في 2025 صعودًا بـ 0.9% إلى 2.6%، لكنه خفض توقعاته للعام 2026 بـ 0.6% إلى 1.9%، فيما توقع أن يبلغ معدل النمو في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية 4.1% في 2025 و4.0% في 2026.
ونوه الصندوق عن أن الاتفاقات التجارية الجديدة التي أبرمتها واشنطن مؤخرًا مع الاتحاد الأوروبي واليابان جاءت متأخرة جدًا، بحيث لم تُدرج في تحديث يوليو، مشيرًا إلى أن تطبيق الحد الأقصى من الرسوم المعلنة في أبريل ويوليو قد يؤدي إلى خفض النمو العالمي بنحو 0.2 نقطة مئوية في 2025.
وتسببت هذه الرسوم المتقلبة في خلق حالة من عدم اليقين أثرت على تدفقات الاستثمار، وأبقت الأسواق في حالة توتر، على الرغم من أن الاتفاقين الأخيرين اللذين أبرمتهما واشنطن مع طوكيو وبروكسل بشأن رسوم نسبتها 15% أضافا شيئًا من الوضوح على جزء كبير من التجارة العالمية.
وأكد الصندوق أن الاقتصاد العالمي يُظهر بعض مظاهر الصمود، لكن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، لافتا إلى أن نمط النشاط الاقتصادي يعكس «تشوهات ناتجة عن السياسات التجارية، وليس قوة أساسية حقيقية».
وقال جورينشاس إن التوقعات للعام الجاري استفادت من «موجة كبيرة من الشراء المسبق» من قبل الشركات لتجنب الرسوم، لكنها لن تستمر طويلًا، مضيفًا: «هذه الدفعة ستتلاشى، وسيكون لذلك أثر سلبي على النشاط الاقتصادي في النصف الثاني من 2025 وحتى 2026.. هذا أحد المخاطر التي نواجهها».
وتوقع جورينشاس أن تبقى الرسوم عند مستويات مرتفعة، وقال إن هناك مؤشرات على ارتفاع الأسعار على المستهلك الأمريكي بالفعل، مشيرًا إلى أن «الرسوم الحالية أعلى بكثير من مستويات يناير وفبراير، وإذا استقرت عند هذه المستويات، فستُشكّل عبئًا على النمو في المستقبل، ما سيسهم في أداء عالمي باهت».
وذكر أن من العوامل غير المعتادة في هذه الأزمة تراجع قيمة الدولار، على عكس ما حدث في أزمات تجارية سابقة، وهو ما أضاف عبئًا على دول أخرى، لكنه خفف من تشدد الأوضاع المالية في الوقت ذاته.
اقرأ أيضاًأيمن العشري: نسعى لخفض أسعار الحديد لأقل ربحية والإعلان عن قائمة محدثة قريبا
استطلاع لـ «رويترز» يتوقع نمو الاقتصاد المصري 4.6% وتراجع التضخم لـ 7.3%
سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في نهاية تعاملات اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025